«هو عملية يقرر بمقتضاها كل طرف من أطرافها ماذا سيقدم للآخر، وما الذي سوف يتقاضاه منه في المقابل»... جملةٌ قالها أحد أساتذة علم الاجتماع والسياسة عن المعنى الجوهري للتفاوض السياسي، وحاول من خلالها أن يوضح المحتوى الحقيق الذي يسعى دائماً رجل السياسة لتحقيق مكاسب حقيقية يظفر بها المفاوض عبر الجلسات الصعبة التي تكون دائماً على صفيح ساخن، وليس على طريقة التفاهم الناعم الذي لا يوجد له مكان بين الأعداء والخصوم المتفاوضة، خصوصاً في المعترك السياسي الكبير.
لكن يبقى السؤال دائماً: ما هي المقومات الحقيقة للمفاوض الناجح؟ وهل يستطيع المفاوض بذكائه الخارق من كسب جولات التفاوض وانتزاع الأهداف التي جاء من أجلها من خصمه بكل سهولة أم أنه بحاجة إلى قوة إضافية تجعل من وضعه على طاوله المباحثات قوياً جداً، وهو ما يطلق عليه في علم السياسية بـ (أوراق القوة التفاوضية)؟
حينما ننطلق في الإجابة على هذا السؤال يجب علينا أولاً، أن نعرف أن أهم مقومات المفاوض الناجح هو وضوح الهدف الذي جاء من خلاله إلى طاولة المفاوضات، ويريد أن يحققه وينتزع (الهدف) من الطرف الآخر الذي يتحاور معه.
في فيتنام على سبيل المثال، في سبعينات القرن الماضي خلال مفاوضات السلام مع الأميركيين التي قادها هنري كسنجر، شاهدنا فن المفاوض الفيتنامي في التمييز بين التكتيك والاستراتيجية، حيث وضع الفيتناميون طرد الأميركيين كهدف استراتيجي وفي نفس الوقت كان ينفد عمليات عسكرية تضمن استمرار الحماس في صفوف الشعب كي لا يفقد الثقة في قيادته، وهذا جزء من التكتيك الخادم للاستراتيجية، إذن فمعرفة المفاوض للهدف هو السبيل الأهم في نجاح التفاوض لأنه في عمق التجاذبات سيحتاج للمناورة مع الطرف الآخر وتقديم ملفات وتأخير أخرى والتنازل عن أمر والإصرار في موضع آخر، لكن في الأخير هناك هدف مرسوم في عقل المفاوض يريد أن يحققه، فمتى ما عرف المفاوض ماذا يريد استطاع أن يحقق ما يسعى إليه، لكن مع اكتمال باقي المشهد في امتلاكه باقي أوراق القوة.
وهنا يأتي السؤال الآخر، وهو الأهم: ما هي حاجة المفاوض السياسي إلى أوراق القوة، وهل يستطيع من دونها أن يحقق الغاية الرئيسية في مفاوضاته؟ هنا نستحضر تجربة العراقيين مع الأميركيين حينما استطاع الشعب العراقي طرد الاحتلال من أراضيه من خلال أمرين متلازمين ولو أنفصل أحدهما عن الآخر لما تمكن العراقيون من طرد المحتل من أراضيهم، حيث كان ذكاء المفاوض السياسي مهماً جداً في كسب النقاط وعدم تمكين الأميركيين من تحقيق أي مكسب جاء من أجله من خلال احتلال العراق (وثيقة المحافظين الجدد)، وكان ذلك للمفاوض السياسي من خلال استناده على ضربات المقاومة على الأرض، وهي تواجه الجنود الأميركيين، ويسقط منها الشهيد تلو الآخر، ولولا تضحيات المقاومة لما استطاع المفاوض أن ينتزع الانتصار في معركته السياسية، ولولا فن المفاوض لضاعت جهود المقاوم في الأرض لأن الميدان يرتبط بالسياسة، ومتى ما استطاع المقاوم فرض معادلات ردع على الأرض استطاع السياسي المفاوض من تحقيق المزيد من المكتسبات السياسية.
أخيراً، يجب علينا أن نشير إلى أمر مهم جداً في التفاوضات، حيث إن هناك نظرية «الربح والخسارة»، ومن أجلها يجب أن نحلل ونوضح تجربة حركة المقاومة حماس في مفاوضاتها مع الكيان الإسرائيلي من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، حيث كان هدف الإسرائيليين هو الحصول على شاليط من دون أن تدفع ثمناً باهضاً، وكانت حماس تريد أن تشمل صفقة التبادل على إطلاق سراح البرغوثي وأحمد سعادات، حيث عجز الإسرائيلي على أن يحصل على الشرط الأقصى الذي حدده، وعجزت حماس عن الإفراج عن البرغوثي وسعادات، لكنها استطاعت أن تفرج عن أحلام التميمي المسئولة عن انفجار مطعم في العام 2001.
وقال الإسرائيليون إنه لن يفرجوا عنها، إلا حينما تنهار دوله إسرائيل، لكنهم أفرجوا عنها في التفاوضات، فالنتيجة تكون في أن الوصول إلى حل عبر التفاوض ليس كالحصول على مغانم الحرب، مثلاً لو استطاعت حماس أن تحرر الأسرى عبر الهجوم على السجون ليس كحصولها على الأسرى عبر التفاوض، وكذلك لو استطاع الإسرائيليون أن يحصلوا على شاليط بالخطف لما احتاجت للتفاوض، فالنتيجة التي نصل إليها في النهاية هي أن التفاوض يعني أن كل طرف يركز على النتائج التي كسبها ويغض النظر عن الأمور التي خسرها، لأن التفاوض كسب بالنقاط وليس بالحسم القسري، وهذا لا يحدث إلا في الحروب، وأبسط مثال حينما خسرت اليابان الحرب العالمية الثانية وقّعت وثيقة الاستسلام فقد خسرت كل شي لأن محور الحلفاء كسب الحرب، وهنا لا مجال للتفاوض من الطرف الخاسر.
سيد أحمد حيدر إبراهيم
ثلاث كلمات قليلة في مقامك...
الكلمة الأولى
كيف يجرؤ قلمي على ذكرك يا كبير وقلمي صغير! أم كيف يخط ما خط أفضل مني وأكبر مني!
أيها الكبير... لست وجيهاً حتى تتناقل أخبارك الصحف اليومية ولم تكن سيداً يفرش لك سماط البطن ولم تكن تاجراً تتفسح لك المجالس! بل كنت أعظم من ذلك... كنت كبيراً في كل شيء، فالبشاشة في وجهك والابتسامة عنوانك والعمل شعارك والإخلاص هدفك والتربية منهجك، آنسك الصغير ورافقك الكبير.
الكلمة الثانية
أبا ياسر... عشت أستاذاً موقراً في منتدياتك العلمية والإسلامية وتنقلاتك اليومية وحين رحلت، رحلت خالداً مخلداً على ألسنة الناس ومحبيك! أنرت الليل لطلابك بدروسك ومفاهيمك، وأطلت النهار بجهودك الدؤوبة حتى رحلت عنا سريعا كسرعة البرق تاركاً بصماتك بين أيدينا! كتبك ومؤلفاتك تتناقلها الأجيال الشابة.
الكلمة الثالثة
أيها الأستاذ أحمد الإسكافي... حين نستذكرك، نستذكر فيك الكثير الكثير من النبل والعطاء والنشاط والحياة والجمال! لم أكن قريباً جداً منك كباقي الزملاء والمدرسين بما فيه الكفاية حتى أفهمك فقد كنت يومها صفرا على الشمال وأنت جبلاً في أعين الطلاب! تقلب الحروف في حديثك وتبسط الأمور على طلابك وتؤلف السطور في كتبك وتسطر الملاحم في زياراتك! لكنني حظيت بمجالستك بين الفنية والأخرى فأنست لك كثيراً ولمحاضراتك إن في العمل الإسلامي أو المراهقة الكبيرة قبل الصغيرة والتي ابتليت بها الناس في ذلك الوقت وبأصناف من السلوكيات والعادات السيئة!
كنت رجل قلم وعلم لا ثرثرة ولا كلام، ثابتاً صلباً في مواقفك! سنظل نتذكر فيك الصبر والشموخ والإباء والعطف والحنان والإرادة!
مهدي خليل
(1)
مَرِيْضْ اِلْحُبْ أَنا قَلْبِي وَلا طابْ
عِشَقْ رِيْحَةْ هَلِهْ وَأَرْضَهْ وُلَحْبابْ
أَنا مُغْرَمْ وُعاشِقْ لِبِلادِي
جُبَرْني الشُوْقْ يُبَهْ وِالشُوْقْ غَلابْ
(2)
خَلِيْجْ اِلخِيْرْ مِثْلْ إِعْضاي فِيْنِي
لُوْ يِنْصابْ اِلْعِضُوْ جِسْمِي يا ذِيْنِي
آحِبِّكْ وَأعْشَقْ إِتْرابُكْ وُبَحْرِكْ
وَأضُمُّكْ في وُسُطْ قَلْبِي وُعِيْنِي
(3)
خَلِيْجْ اِلْوِدْ وُدِّي لَهْ مَعَزِّهْ
أَنا اْحِبِّهْ وَاحِبْ إِللي يِعِزِّهْ
إِذا سافَرْتْ وُرِحْتْ إِبْعِيْدْ عَنِّهْ
آحِنْ وَأشْتاقْ لَهْ فِي كِلْ حَزِّهْ
(4)
دِيْرَةْ اِلأحْبابْ يا أَحْلَى وَطَنْ
فَرْحَةْ اِلْمِشْتاقْ وُيِنْبُوْعْ اِلْشَجَنْ
دارْ أَمْنْ وُأَرْضْ خيْرْ وُنَبْعْ حُبْ
أَحْلَى غِنْوَهْ دِيْرِتِي وَأْحْلَى لَحَنْ
(5)
مَعَزَّتْنِهْ وُكَرامَتْنِهْ بِالاوْطانْ
وُأرْواحْنِهْ فِداكُمْ يا بُوسَلْمانْ
وُتامُرْنِهْ وُكِلْ مِنّا يِلَبِّي
وُيَنْصِرْنِهْ عَظِيْمْ اِلْمَنْ وِالشانْ
(6)
سُواحِلْ دِيْرِتِي تَغْرِي فُؤادِي
وُبَحْرْ اِلسِيْفْ عِنْدِي غِيْرْ عادِي
وُنَسْماتْ اِلْهَوَا إِتْهِبْ عَلِيْنِهْ
بِرِيحَةْ طِيْبْ مِنْ زَهْرَةْ بِلادِي
(7)
شِعِرْكُمْ يا دُعاةْ اِلْعِشْقْ خايِبْ
شِعِرْ لَحْرارْ في الأزْماتْ صايِبْ
تِذِيْعُوْنْ اِلغَزَلْ في وَقْتْ لِحْرُوْبْ
عَجايِبْ يا عَرَبْ وَالله عَجايِبْ
(8)
صَباحْ اِلْخيْرْ يا صَبْحَا هَلا بِجْ
أَلِفْ مَرْحَبْ وُمَلْيُوْنْ لِلِّي يابَجْ
تَبارَكْ هَالبَحَرْ بِقْدُوْمْ صَبْحَا
وُقَرَّتْ عِيْنْ كِلْ مِنْ إِلْتِقابِجْ
(9)
عَزِيْزِهْ وُغالْيِهْ إِبْلادْنِهْ عَلِيْنِهْ
حَبِيْبَتْنِهْ وُعَنْهِهْ ما سِلِيْنِهْ
تَعَلَّمْنِهْ وُعِشْنِهْ في حِماهَهْ
وُفُوْقْ إِتْرابَهَهْ حِنِّهْ رُبِيْنِهْ
(10)
في وُسْطْ اِلْعِيْنْ وِنْحافُظْ عَلِيْهِهْ
وُكِلْ اِلزيْنْ وِالمَحْبُوبْ فِيْهِهْ
وَنا لُوْ خَيِّروني غِيْرْ أَرْضِي
غِيْرْ البحرين لُوْ جَنِّهْ ما بِيْهِهْ
(11)
فِرِيْجْ اِلْبُوْ خَمِيْسْ نِعْمْ اِلْرِجاجِيْلْ
عَرَبْ أَجْوادْ وُتِشْرَبْ مِنْ فَناجِيْلْ
دُواعِيْسْ اِلْفِرِيْجْ تِحْلِهْ بَهَلْهِهْ
يِسامِرْها اِلْكَمَرْ لِيْلَةْ مُواوِيْلْ
(12)
فِرِيْجْ إلْبِنْعَلي مِنْ أَهْلْ لَيْوادْ
عَرِيْبِيْنْ اِلأصُلْ مِنْ نَسْلْ لَجْدادْ
نُواخْذِهْ لِلْبَحَرْ في الغُوْصْ وُلَسْفارْ
مِنْ أَشْرافْ اِلْعَرَبْ أَجْدادْ وَأحْفادْ
خليفة العيسى
أهدي هذه القصيدة للصديق مهدي عبدالله:
داعب بأقلامك... عساها تسعد أيامك
داعب بأقلامك على الصفحة... يا طير سعدي يا مهدي
عساها اتنور أحلامك
محلاك وأنت تترجم... محلى القصص والترجمة
علمهم أشلون يكتبون... خل يسمعون وخل يسمعون
أنت فنان من زمان... تعجبني كل كتاباتك... وتعجبني كل حكاياتك
واصل في الكتابة... واصعد فوق المنصه
خلنا نسمع ترجمه وقصه
اصعد فوق السحابه... واصعد فوق فوق
خلنا نفرح كلنا... بعد ياخذني الشوق
أنثر إلك هذي القصيدة على صدر الجريدة
من الأعماق أكتب عليك ابدع ابفنك في الجرايد يا طير سعدي
جميل صلاح
العدد 4017 - الخميس 05 سبتمبر 2013م الموافق 29 شوال 1434هـ