كشف مدير إدارة الأوقاف الجعفرية علي الحداد لـ «الوسط»، عن «تعيين شركة استشارية ذات خبرة لتثبيت وثائق 655 أرضاً موقوفة غير مسجلة رسميّاً، وذلك بالعودة إلى سجل السيد عدنان الموسوي المعروف واستسقاء المعلومات منه وتنقيحها وإصدار الأوراق الثبوتية والمستندات على أساسها لتقديمها من أجل التوثيق».

وتحدث الحداد عن «وعود من جهات رسمية أكدت مساعيها بالتعاون مع الأوقاف لإنهاء ملف الأراضي غير المسجلة».

وقد شغل السيد عدنان منصب القضاء الجعفري في أيامه، ومنصب رئاسة الأوقاف الجعفرية، وأموال القاصرين، وخلال هذه الفترة بذل جهداً كبيراً في حفظ الأوقاف المعروفة ضمن فترة توليه الأوقاف بين العامين 1927 و 1928، إذ قام بعملية مسح كاملة وشاملة لجميع الأوقاف في جميع قرى ومدن البحرين، وتحديد حدودها وذكر الواقفين لها، وبيان أوجه الصرف لها، حيث قام بتدوينها في دفتر سمي باسمه «سجل السيد عدنان» الذي يعتبر بمثابة وثيقة تاريخية ومرجعاً أساسيّاً تستند إليه إدارة الأوقاف في تسجيل أراضيها وأملاكها غير الموثقة.

الإدارة تشتري برجاً بقيمة تصل لـ 10 ملايين وتستثمر في فندق إسلامي بضاحية السيف

«الجعفرية»: 7 ملايين دينار ديون لصالح «الأوقاف»... ونمو الإيرادات بـ 4 ملايين سنوياً

المنامة - صادق الحلواجي

قال مدير إدارة الأوقاف الجعفرية علي الحداد إن «حجم الديون والخسائر لصالح الإدارة تبلغ 7 ملايين دينار، وإنها استأنفت مؤخراً الإجراءات القانونية لتحصيل الديون المستحقة على مستأجرين ممتنعين عن تسديد المبالغ المترتبة عليهم»، مضيفاً بأن «الأوقاف لا تعاني من أي عجز على صعيد الوقفيات، وأن السيولة المادية والإيرادات في نمو مستمر وبواقع 4 ملايين دينار سنوياً».

وأفاد الحداد بأن «الإدارة في صدد الانتقال قريباً إلى برج ستشتريه في منطقة ضاحية السيف بكلفة تتراوح بين 8 و10 ملايين دينار، على أن تستثمر أرضاً أخرى في المنطقة نفسها لبناء فندق إسلامي رفيع المستوى تكون إيراداته لصالح المآتم والمساجد».

وفيما يلي نص اللقاء الذي أجرته «الوسط» مع مدير إدارة الأوقاف الجعفرية علي الحداد:

بعيداً عن الأمور ذات المنحى المتعلق بالسياسة وعلاقات الإدارة بالشأن الخارجي وتحديداً الرأي العام، نرغب في التطرق إلى الشأن المالي والاستثماري للأوقاف؟

- بدايةً، لدينا مشكلة العقود المعطلة التي نعتبرها أبرز العقبات، حيث يزيد عددها عن 800 عقد معطل، وهي عقود الإيجارات التي مازال المستأجرون متمسكين بالأراضي والعقارات ويستثمرونها ويحصلون على إيراداتها من دون تسديد مبالغ الإيجارات لصالح الأوقاف مع عدم الرغبة في تجديد العقود والتواصل مع الإدارة. وخسائر الإدارة حتى هذا اليوم من العقود المعطلة تزيد عن 7 ملايين دينار، وقد قرر الرئيس الجديد بأن تحال كل العقود إلى الجهاز التنفيذي من أجل حسمها وتوقيعها، في حين الإدارة السابقة منعتنا من ذلك.

ولدينا رؤية لبناء 300 مسجد بالتعاون مع شركة الحاج حسن العالي للمقاولات، وهي تشمل المساجد الآيلة للسقوط والأخرى التي لا تمتلك الموازنة الكافية وفقاً للرؤية الشرعية، والتمويل سيكون إما من موازنة المساجد التي لديها فائض أو من خلال فكرة صندوق الإنماء الوقفي. فقد كانت لدينا فكرة بإنشاء صندوق الإنماء الوقفي كما ذكرت سابقاً، وقد تعطلت بسبب عدم رغبة المجلس السابق. ويعتمد على مصدرين الأول الإيرادات الناتج عن الإيداعات الثابتة للمساجد، والتي تصل لنحو 660 ألف دينار، والمصدر الثاني التبرعات (صكوك وقفية إيمانية) تعرض على الشركات والمتبرعين لدفع المبالغ، وقيمتها تبلغ من ألف إلى 10 آلاف أو 100 ألف دينار.

والمشروع الآخر الذي نسعى إليه الآن لتعزيز مدخول وإيرادات الإدارة هو بناء سوق الخميس بجوار مسجد الخميس التاريخي بالتعاون مع وزارة الثقافة ليستقطب كل الصناعات التقليدية القديمة فيه بكلفة تصل لـ 500 ألف دينار، حيث اجتمعنا مع وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة الأسبوع الماضي، والمشروع يشمل تطوير مسجد الخميس الذي ينضوي تحت مظلة إدارة الأوقاف الجعفرية على أن يُعاد رفع صوت الأذان منه وفتحه للصلاة.

كما لدينا أرض ملك للأوقاف الجعفرية في منطقة ضاحية السيف، وبقيت طوال عهد الإدارات السابقة مركونة بصورة مهملة ومؤجرة بقيمة 6 آلاف دينار في السنة، وتم تأجيرها مؤخراً بقيمة 120 ألف دينار سنوياً بعد جهود من رئيس مجلس الإدارة السابقة سيدحسين العلوي. وهذه الأرض سيتم إنشاء فندق إسلامي عليها يكلف نحو 5 ملايين دينار، وريعه سيكون للمساجد والمآتم.

الحداد: نعاني عجزاً إدارياً فقط

في ظل العديد من المشروعات التي أفصحتم عنها خلال وقت سابق، والتي تكلف الإدارة ملايين الدنانير، لماذا إذاً الفكرة السائدة لدى الأغلبية من الناس بشأن وجود عجز في موازنة الإدارة؟

- هذا الكلام يصح عند الحديث عن العجز الإداري، أي موازنة الإدارة وليس المساجد والمآتم. وأنا قمت بالتعاون مع مجلس الإدارة السابقة لرفع موازنة دخل المساجد والمآتم، فنحن في وضع ممتاز جداً.

حين نسمع عن العجز الإداري والذي يقصد به العجز في موازنة الرواتب، وهذه المشكلة تتلخص في مكافآت الأئمة والمؤذنين، والذي جزء منهم على الكادر وتخصص لهم الوزارة مليوني دينار، بينما بقية الأئمة والمؤذنين ممن غير مدرجين في الكادر تصرف لهم مكافأة تكلف الإدارة 3 ملايين و500 ألف دينار. والآن نسعى مع الوزارة لوقف تخصيص المليوني دينار للكادر وتحويل كل الأئمة والمؤذنين على ديوان الخدمة المدنية أو وزارة العدل والشئون الإسلامية، أو أن يتم زيادة الموازنة السنوية من أجل توقف العجز.

وما وضعية إيرادات واستثمارات الوقفيات؟ هل فعلاً تواجه خطر العجز أيضاً؟

- الإدارة كما أشرت سالفاً لا تعاني من أي عجز على مستوى الوقفيات، فوضعها بخير وهي تنمو باستمرار. وعلى سبيل المثال، زادت إيرادات الإدارة خلال نحو عام لنحو 4 ملايين دينار عن السابق، وهذا المبلغ سيزداد بعون الله خلال الفترة المقبلة أيضاً.

علمنا بأن الإدارة تنوي شراء مبنى جديد في منطقة ضاحية السيف للانتقال إليه، هذا صحيح؟ وما هي التفاصيل؟

- فعلاً، نخطط حالياً لشراء برج في منطقة ضاحية السيف على أن ننتقل إليه لاحقاً، وتتراوح قيمته من 8 إلى 10 ملايين دينار، ولدينا السيولة النقدية الممتازة ولا نعاني منها.

الإدارة قامت خلال الفترة الماضية بإعادة دراسة قيمة بعض عقود الإيجارات للأوقاف التابعة لها المؤجرة، وتحدث البعض عن هذا ببقاء وقفيات من دون مستأجرين حالياً بسبب ارتفاع قيمة العقود دفعة واحدة، وحدوث نوع من العزوف عن استثمار العقارات التابعة للأوقاف بسبب المبالغ الكبيرة المطلوبة لقاء الاستفادة من الوقف؟ كيف تفندون هذه المعلومات؟

- هذه المعلومات غير صحيحة، فلدينا عدد كبير من المستثمرين من داخل وخارج البحرين يرغبون في استثمار عقارات وأراضي الأوقاف. وعلى سبيل المثال، لدينا الجامعة الأهلية التي سنوقع معهم قريباً عقداً لبناء فرع لها بمنطقة الشاخورة، وكذلك في قرية كرزكان أرض بمساحة 100 ألف متر مربع لإنشاء مصنع للعصائر والمشروبات، بالإضافة إلى جامعة سعودية ستنشئ مبنى لها في البحرين على أرض تابعة للأوقاف، كما لدينا أرض على سبيل المثال في منطقة الهملة تم تأجيرها بقيمة 200 ألف دينار وسيبنى فيها 24 فيلا ضخمة.

الحقيقة هي بعكس ما يتصوره الناس، لأن لدينا مشروعات كبيرة في أراضينا، وسنصل واقعاً إلى حد الإشباع ولن تكون لدينا أراضٍ وقفية شاغرة.

655 أرضاً غير مسجلة

توجد الكثير من الأراضي الوقفية غير المسجلة رسمياً، كم عددها؟ وماذا حدث بشأن تسجيلها وتوثيقها حتى الآن مع الأخذ في الاعتبار الوعود الرسمية المتكررة طوال الأعوام الماضية بإنهاء هذا الملف وتسجيل كل العقارات؟

- هذا الملف لم يغلق بعد، ولم تتجاهله الإدارة بل تعمل على قدم وساق بشأنه. والجديد في الأمر أننا عيّنا شركة من بيوت الخبرة في البحرين بالتعاون مع التسجيل العقاري. وهناك أوامر صدرت من عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ويتابعها وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وكذلك نائب رئيس مجلس الوزراء خالد بن عبدالله آل خليفة، وغيره من المسئولين.

العدد الإجمالي للأراضي الوقفية غير المسجلة هو 655 أرضاً، وتلقينا وعوداً من هؤلاء المسئولين بأن يتم تسجيل سنوياً 55 أرضاً حتى الانتهاء منها جميعاً. علماً أن هناك بعض الأراضي التي لا وثائق ولا ثبوتيات إليها.

860 مسجداً تحت مظلة «الأوقاف»

هناك بعض الجزئيات التي قد يراها الناس أنها مكملة للمشروعات الكبيرة ولأداء الإدارة الكلي، مثل أمور الصيانة والخدمات البسيطة للمساجد والوقفيات وكذلك المقابر وغيرها، كيف تديرونها؟

- تحت مظلة الإدارة 860 مسجداً، صرفنا على صيانتها خلال عام واحد أكثر من مليونين و500 دينار، وفي المقابل نقوم بمشروعات الصيانة ضمن برامج مطبقة للصيانة ولهدم وبناء المساجد بصورة مستمرة.

ماذا حدث بشأن المساجد التي هدمت خلال فترة السلامة الوطنية والتي صدرت بشأنها توجيهات من عاهل البلاد بإعادة بنائها، والتي يبلغ عددها نحو 38 مسجداً، فالبعض تم إعادة بنائه وأخرى مازالت بين تحديد الأرض وتغير الموقع أو المساحة وغيرها، ما هي آخر التفاصيل في هذا الموضوع؟

- لاشك أنه تم الانتهاء من بناء 5 مساجد، واستلمنا حتى الآن 3 وبقي 2 سنتسلمهم قريباً. وإضافة إلى ذلك، تم تخصيص موازنة قيمتها 811 ألف دينار لبناء أيضاً 5 مساجد بمختلف مناطق البحرين، مع العلم أنه تلقينا وعود ببناء بقية المساجد الأخرى، حيث أكد مسئولون أنه تم مخاطبة مقاولين لإعادة بناء مساجد مهدمة بعد أن طلبت إدارة الأوقاف الجعفرية من وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف أن تصرف الموازنة للإدارة على أن تتكفل ببناء المساجد جميعاً.

بالحديث عن المساجد، متى سيتم تطوير بعض المساجد التاريخية مثل مسجد ومقام الشيخ عبدالعزيز في السهلة، وكذلك صعصعة بن صوحان والشيخ إبراهيم بن مالك الأشتر؟

- مشروع تطوير مسجد الشيخ عبدالعزيز نعمل حالياً على قدمٍ وساق لإعادة بنائه ضمن تصور أفضل من الآخر الأولي، حيث يوجد توجه حالياً لبنائه على شكل صالة كبيرة معلقة بحيث تسمح لمرور السيارات تحته. ونعد المجتمع والمواطنين بإنجاز المشروع في أسرع وقت ممكن.

كما نسعى حالياً لدى الجهات الرسمية لتطوير مسجد ومقام الشيخ إبراهيم بن مالك الأشتر الذي يقع وسط البحر ضمن جزيرة صغيرة مطلة على ساحل البحرين الجنوبي، وكذلك مسجد ومقام الشيخ صعصعة بن صوحان في منطقة عسكر.

7 ملايين دينار ديون غير محصلة

في الشأن المالي، كم حجم الديوان لصالح الإدارة وغير المحصلة؟

- لدينا ديوان لصالح الإدارة، فنحن كجهة اقتصادية نعمل كما البنك، فأكثر أعمالنا تصب في الجانب المالي والاقتصادي والاستثماري، وقيمة الديون تصل لأكثر من 5 ملايين دينار موروثة وتعاقبت عليها الإدارة السابقة ومس هذا الجانب نوعاً من الإهمال. ولذلك نحن قمنا اليوم بنشر إشعار في الصحافة لجميع من لديهم عقود غير مجددة مع الإدارة أو لم يسددوا مبالغ إيجارات مستحقة الدفع عليهم، على أن نتخذ الإجراءات القانونية بالمخاطبة مع علم الوصول بريدياً للمستأجر ثم إحالة الأمر للمحكمة لصدور حكم بالإخلاء لاحقاً.

هذا الأمر له علاقة بخسائر الإدارة التي تبلغ نحو 7 ملايين دينار، من ضمنها الخمسة ملايين المستحق على مستأجرين، لأن 800 عقد أصحابها مازالوا محتفظين بالأراضي من دون أي تسديد بعد أن رفعت الإدارة قيمة الإيجار.

تحدثت عن خسائر تبلغ 7 ملايين، وكذلك عن عقود إيجارات معطلة، هل من مزيد من التفاصيل في هذا الشأن؟

- العقود المعطلة التي لدينا يزيد عددها عن 800 عقد معطل، وهي عقود الإيجارات التي مازال المستأجرون متمسكين بالأراضي والعقارات ويستثمرونها ويحصلون على إيراداتها من دون تسديد مبالغ الإيجارات لصالح الأوقاف مع عدم الرغبة في تجديد العقود والتواصل مع الإدارة. وخسائر الإدارة حتى هذا اليوم من العقود المعطلة تزيد عن 7 ملايين دينار بما فيها الديون غير المحصلة الأخرى من الأوقاف، وقد قرر الرئيس الجديد بأن تحال كل العقود إلى الجهاز التنفيذي من أجل حسمها وتوقيعها، في حين الإدارة السابقة منعتنا من ذلك.

في موضوع آخر، نحن مقبلون بعد أكثر من شهرين على موسم عاشوراء، ما هي استعداداتكم مع المآتم لاسيما في موضوع استقدام الخطباء لبعض المآتم من الخارج؟

- تربطنا علاقة ودية تماماً مع المساجد والمآتم، وعلى تواصل معهم بصورة يومية، وقد تسلمنا حتى الآن مجموعة من الطلبات لجلب بعض الخطباء والرواديد من الخارج، على أن نجمعهم جميعاً حالياً من أجل مخاطبة وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف لإتمام إجراءاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، قمنا بحصر المضائف على أن نصدر إليهم إجازات من البلدية على صعيد المنامة تحديداً، حيث تقدم عدد منهم بطلب إجازات. وسنقوم في موضوع آخر بالتواصل مع الديوان الملكي بشأن الترتيبات للمنحة السنوية للمآتم.

كيف بالإمكان تعزيز ثقة الناس إذاً في إدارة الأوقاف الجعفرية بعد تكوُّن صورة سلبية تجاهها بفعل تراكمات كثيرة؟

- أود أن أطمئنكم بوضعية إدارة الأوقاف الجعفرية، لاسيما مع المجلس الجديد، فالرئيس الشيخ محسن العصفور لديه جانب إيجابي ممتاز هو إمكانية وصوله لمراكز اتخاذ القرار. وبشأن موضوع الثقة، نحن لا يمكننا أن نتحكم في رأي الناس، لكن موضوعات الأوقاف تعد مورثاً قديماً وللأسف الشديد الإدارات التي تعاقبت على الأوقاف لم تلتفت إلى هذا الجانب في تعزيز الثقة مع المجتمع والتواصل معه، لكن أنا اليوم تربطني علاقات جيدة وقمت بزيارة عدد كبير من المآتم والمساجد والفعاليات بصرف النظر عن أي مواقف سياسية وغيرها، وذلك من أجل إطلاعهم على توجه وسياسة الإدارة.

أرغب في النهاية أن أبعث برسالة حب ووئام وسلام إلى كل من يختلف أو يتفق معنا، فنحن في خدمتهم، وفي خدمة بيوت الله والمآتم والمجتمع ككل، ولا نرغب في ربط العلاقة بأي أمور سياسية، لأن مهمتنا دينية اقتصادية استثمارية اجتماعية تنموية. كما أننا نصرّ على نيل الثقة ومستعدون لتقبل وتبني أي مقترح.