طرح رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري أفكاراً أولية عن متطلبات الانتقال الديمقراطي في ورقة قدمها في مؤتمر التغيير الديمقراطي في البحرين المنعقد أمس (السبت).
وذكر الجمري أن «المقصود من التغيير الديمقراطي لعله الانتقال إلى نظام سياسي أكثر ديمقراطية، مع اختلاف في تحديد طبيعة النظام السياسي الحالي، وطبيعة النظام الديمقراطي المراد الوصول إليه».
وأردف أن «النظم السياسية غير الديمقراطية هي تلك التي تتسم بالتسلط أو السلطوية، وتختلف درجة التسلط من بلد إلى آخر، بين تلك الدول الشمولية التي تتسلط فيها الدولة على كل معالم الحياة العامة والخاصة، إلى نظم شبه سلطوية ينحصر تسلطها في المقدار الذي يفسح لمن بيده السلطة أن يفعل ما يشاء من دون حساب حقيقي من أية جهة كانت».
وواصل الجمري «هناك «الدول الاستبدادية» وهي دول قد تكون متطورة في مستواها المعيشي على أساس امتلاكها اقتصاداً متطوراً أو اقتصاداً ريعيّاً، لكنها مستبدة، وهذه الدول تسعى إلى الحديث عن خصوصيتها، وأنها يجب أن تستثنى من أيِّ تطور تاريخي له علاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، (بحسب المعايير والمواثيق الدولية). الدول الاستبدادية قد تبحث عن أعذار ومبررات غير الخصوصية، إذ يمكنها أن تشغل أجندتها السياسية بأطروحات أيديولوجية ثورية، أو عنصرية، أو اجتثاثية لا تعترف بوجود الآخر».
وتابع «هناك «الدول الديمقراطية»، وهي التي توازن بين متطلبات التنمية وحقوق شعبها والتزاماتها الدولية، وتسعى نحو «راحة الضمير» فيما يتعلق بشأنها الداخلي وعلاقاتها الخارجية. ومثل هذه الدولة تتناغم مع بيئة عالمية مفتوحة ومتداخلة اقتصاديّاً وسياسيّاً وبيئيّاً، وعلاقاتها الدولية والإقليمية لا تكون على حساب شعبها، وهي تخضع داخليّاً لعملية سياسية تداولية بين مكوناتها». وواصل «هناك تفرع للتصنيف المذكور، إذ إن هناك دولاً في «طور الانتقال نحو الدولة الديمقراطية».
وأشار إلى أن «من الأفكار المتداولة حول متطلبات الانتقال نحو الديمقراطية، أن الأنظمة يزداد أو يقل تسلطها بمقدار ما يتوافر من كوابح وقوى توازن أفعالها، ويأتي في مقدمة ذلك ما يأتي: مستوى التنمية الاقتصادية، إذ ارتبطت الممارسات الديمقراطية الناجحة بوجود طبقة متوسطة تعتمد على نشاط اقتصادي إنتاجي، وبصورة عامة، فقد تطورت النظم الديمقراطية بعد الثورة الصناعية في بريطانيا والغرب».
وأوضح أن «هناك من يطرح علاقة مباشرة بين إمكانية التحول نحو الديمقراطية مع وجود «اقتصاد السوق»، وهذا الاعتقاد يرتكز على فكرة أن الديمقراطية واقتصاد السوق مكملان لبعضهما بعضاً في إرساء مبادئ وممارسات الحرية، إذ إن ثقافة اقتصاد السوق تقوم على النزعة والمسئولية الفردية، والمفاوضات والتسوية، واحترام القانون، والمساواة أمام القانون، وهذه جميعاً تعتبر من متطلبات التحول الديمقراطي».
وبيّن أن «نوعية الموارد الطبيعية، وما إذا كانت تمثل لعنة، مثل النفط؛ لأن النخبة النافذة يمكنها أن تعيش على الموارد الطبيعية بدلاً من الاعتماد على الدعم الشعبي لعائدات الضرائب. وهناك أيضاً نوعية الطبقة الرأسمالية التي قد تلجأ الى استثمار أموالها في الخارج، خوفاً من أن استثماراتهم يمكن أن تتلف أو تتأثر بسهولة في حالة حدوث اضطرابات أو ثورة، وبالتالي فإنهم غير مضطرين إلى تقديم تنازلات مقابل الانتقال إلى الديمقراطية».
ولفت إلى أن «مستوى التعليم، ونوعية مخرجات التعليم، بحيث يمكن للجمهور التعرف على السياسيين والبرامج المطروحة لكي لا يقع ضحية للشعبويين الذين يتخلون عن الديمقراطية، ويتحولون إلى طغاة حتى لو كان وصولهم إلى السلطة عبر انتخابات حرة».
وتابع «حجم البلد، وموقعه الجيو - استراتيجي، وقدرته على استيعاب الممارسة الديمقراطية، كما أن من المهم النظر الى محيط الجوار، وما اذا كان يوفر بيئة حميمية للتسلط أو للديمقراطية».
وشدد على «الثقافة السائدة لدى النخب النافذة، ولدى قطاعات المجتمع المختلفة، إذ إن الثقافة الدينية أو القبيلة أو الطائفية أو العرقية أو القومية ترسم خارطة قوى سياسية واقتصادية واجتماعية على الأرض، وهذه تحدد مدى إمكانية الانتقال نحو الديمقراطية، أو تحبذ تسيير الأمور عبر التسلط بحسب معادلات تتناسب مع الثقافة المعمول بها، الديمقراطية تنتعش في المجتمعات التي تؤمن بالتنازلات ما بين الأطراف والفئات المختلفة، كما أن المجتمعات التي تنتشر فيها القيم التحررية تمهد الطريق للناس للقبول والمطالبة بحرية التعبير وتكافؤ الفرص والانخراط في الأعمال الجماعية التي تنشد البيئة الديمقراطية».
وواصل «تاريخ العلاقات الاجتماعية وطريقة حل الخلافات، أي مجتمع يتكون من طبقات وفئات وانتماءات وتشكيلات تقليدية أو حديثة، وطبيعة العلاقات والتراتبية بين كل هذه المكونات تحدد مدى إمكانية الانتقال إلى الديمقراطية، أو البقاء على أنماط التسلط بدرجات مختلفة والإبقاء على الانقسامات المذهبية أو العرقية».
وتابع «هناك وجهات نظر مترسخة داخل المجتمعات، وهذه تحدد مدى الإيمان، مثلاً، بالمساواة الاجتماعية، الناس لديهم حوافز أقل للثورة في مجتمع قائم على المساواة، كما أن هناك فارقاً بين المجتمعات المتجانسة والتي تتشكل من مجموعة عرقية، أو مذهبية، أو ذات لغة واحدة، والمجتمعات المتنوعة، كل ذلك يؤثر على إمكانية التحول الديمقراطي».
وأردف «تاريخ العلاقة بين النخبة الحاكمة وفئات المجتمع، وما إذا كانت قائمة على اتفاقات والتزامات واضحة، أو إذا كانت قائمة على منطق القوة وحكم الواقع، كل ذلك يؤثر في طريقة التعامل مع التحديات التي يواجهها أي بلد، ويؤثر بصورة مباشرة على إمكانية الاتفاق على الانتقال نحو الديمقراطية».
وشرح أن «طبيعة علاقات البلد بالدول الكبرى، وبالمنظومة الدولية سياسيّاً واقتصاديّاً، إذ إن هذه العلاقات تلعب دوراً محوريّاً في التأثير على مدى إمكانية الانتقال نحو الديمقراطية، أو الإمساك بزمام الأمور عبر التسلط، كما أن التدخل الأجنبي قد يفرض الديمقراطية، وقد يرفض الديمقراطية».
وبيّن أن «مقدار تفاعل البلد مع الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ولاسيما مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة، وما إذا اعتمدت الحكومة الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وأدخلتها في القانون المحلي ووضعت آليات لتفعيلها وإلغاء القوانين والإجراءات التي تخالفها، ووجود مؤسسات دستورية تلتزم بالضوابط الديمقراطية المعترف بها عالميّاً، ويأتي في مقدمة ذلك وجود برلمان منتخب بصورة صحيحة يمثل من خلاله المجتمع، ولديه صلاحيات تشريعية ورقابية تستطيع توجيه السلطة التنفيذية ومحاسبتها، كما أن الخبرات السابقة مع الممارسات الديمقراطية مهمة جدّاً؛ لأن وجود أو غياب الديمقراطية في الماضي له تأثير كبير على إمكانية الانتقال إلى الديمقراطية في وقت لاحق».
العدد 4012 - السبت 31 أغسطس 2013م الموافق 24 شوال 1434هـ
فارس النور أنت يا منصور
أنا كنت خايف إنك بعد المرض تضعف قدراتك الذهنية، لكن كعادتك تثبت بقراءاتك الحصيفة أنك كنت ولا زلت راس حربة الاصلاح والتطوير والتحديث والتنوير يا دكتور يا منصور، وانشالله انت منصور وشعبك ومنصور والوطن منصور يا منصور