أبلغت السفارة الأميركية في العاصمة الجزائر وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم أن عملية الملاحقة القانونية للصحف على النحو الجاري - والذي يأخذ شكل تصفية حسابات شخصية بين رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية وبين عدد معين من الصحف - من شأنه أن يسيء إلى سمعة البلاد في الخارج. كما ان استعمال هذا السلاح المناقض لحرية التعبير سينعكس حتماً وبسرعة على رأس السلطة في الجزائر. فالمحاور الأميركي - الذي يقوم منذ إنهاء السفيرة جانيت ساندرسون لمهماتها منذ نحو شهرين بتأمين القناة الموازية بين الإدارة الأميركية ومختلف أعمدة السلطة في الجزائر - نصح بوضع حد للملاحقات الجارية البعيدة كل البعد عن روح القوانين والديمقراطية. وعلمت «الوسط» أن الدبلوماسي الأميركي نفسه أوضح خلال عشاء خاص - دعا إليه صناعياً جزائرياً كبيراً وحضره عدد من المحامين ورجال الأعمال وممثلي جمعيات حقوق الانسان والمجتمع المدني الجزائري - أن جنرالات الجيش أظهروا هذه المرة حكمة في التعاطي مع هذه القضية، عالماً انهم كانوا على الدوام في دائرة الاتهام لناحية قيام بعض أجهزتهم بعمليات قمع وضغط من كل الأنواع. وأضاف الدبلوماسي أن قادة الجيش يعملون على تهدئة الأجواء عبر إقناع رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة بأن الذهاب أبعد من ذلك باستفزاز الصحافة يمكن أن يتجاوز الخطوط الحمراء غير المسموح بها، مذكرين بتجربة الجنرال محمد بتشين إبان حكم الرئيس السابق الأمين زروال.

من جهة أخرى تحاول فرنسا الدخول على هذا الخط من خلال التأثير على الرئيس الجزائري، وإبداء الاستعداد للعب دور من شأنه إيجاد مخرج يرضي الجميع، يخرج منه بوتفليقة والمقربون منه بشكل مشرف، مع ضمان عدم لجوء الصحافة إلى حملات انتقامية. ولقد بدأت حملات التضامن من قبل وسائل الإعلام القريبة تتضاعف وتأخذ منحنى يزعج السلطات في الجزائر ما يؤثر مجدداً على سمعتها وهي التي حاولت طوال أكثر من سنتين العمل على تجميلها.

ومن المتوقع أن يواجه الرئيس الجزائري حملة خلال زيارته المرتقبة في بدايات شهر سبتمبر/أيلول لباريس لاختتام «عام الجزائر في فرنسا». وعلمت «الوسط» أن هيئات وجمعيات وصحفاً ووسائل إعلام أخرى بدأت تستعد لشن حملة منتظمة على الملاحقين للصحافة بالجزائر والمعتدين على حرية التعبير