العدد 4011 - الجمعة 30 أغسطس 2013م الموافق 23 شوال 1434هـ

الروائية السعودية سارة مطر تقدِّم ثالث رواياتها «أنا سُنيَّة... وأنت شيعي»

يحكي يوميات طالبة سعودية في جامعة البحرين

«بقيت الصورة التي رأيتها... وجمهور غفير يفترش الساحة الترابية بجانب دوّار الجامعة قبل معرض نيسان للسيارات، مؤثّرةً فيّ حتى هذه اللحظة. اللافتات المتقشّفة التي كتبت بخط اليد، الصحن المعدني الذي وضعه أحد المتجمهرين أمامه في إشارة إلى أنه يريد بعض الطعام، أثارت حفيظتي وسخطي وأعادت إليّ وجعي أو حتى أوجاعي التي لم أعد أتذكّر مصدرها وهدفها.

أمازال وجهي منتفخاً كالبالون. ألازال العرق ينزّ من جسدي؟ أشعر بأني بدأت أصاب بالمرض، أيّاً يكن نوع هذا المرض، زكام، رشح أو ألم في المعدة. كل تلك الأمور تشعرني بكثير من الإرهاق.

الوضع بدا مشتعلاً في الجامعة، الأجساد المتكومة خارج قاعات المحاضرات، في الممرات، وأمام الكافتيريا وعلى المقاعد الاسمنتية. الجميع يتحدّثون عن التظاهرات، وعن أهميّة اشتعالها، وتحريك الثورة الوطنية.

رأيت زميلي جعفر الأثري يتحدّث مع أحد أصدقائه، سلّمت عليه وكأنّي أصبت بضربة شمس، تعبة، وفمي ناشف. أخبرته عمّا حدث لي هذا اليوم، أشعل السيجارة تلو الأخرى، وقال لي بعصبيّة: «سارة، لا تظاهرات سلمية بعد الآن، ولا يمكن أن ننام وهناك قرارات، على الحكومة أن تعيد اعتبارها من جديد، وما علينا سوى أن نشعل الوضع هنا».

«هل أصبت برأسك؟ لماذا تريدون أن تحطّموا البلد؟».

قلت هذه الكلمات، وأنا غاضبة من جعفر وربما من كل الأجساد التي تخيلتها تنظر إليّ وتصرعني».

كان هذا جزءا من الكتاب الذي تطرحه الروائية السعودية سارة مطر عن دار مدارك للنشر والتوزيع، وجاء تحت عنوان «أنا سُنيّة ... وأنت شيعي» يوميات طالبة سعودية في جامعة البحرين، حيث تتحدث فيه عن تجربتها في البحرين ابان دراستها في الجامعة منذ عام 2003 حتى 2007م. تعترف الروائية السعودية، والتي تسلك طريقاً مختلفاً في الكتابة، حيث انه لم يسبقها أحد من السعوديين، في تدوين اليوميات، بأن العنوان لربما يثير الشك والريبة، ولكن الحقيقة ان الكتاب يركز على الجانب الإنساني للأبطال من كلا المذهبين. وتقول: «كتابي، هو رصد لبعض الظواهر الاجتماعية سواءً في البحرين أو السعودية. إن مسألة اختلاف المذاهب لا تستحوذ على الكتاب كما يتوقع الجميع. إن كتابي هو استثمار حقيقي للإنسان ولمشاعره الحقيقية، حيث يغلب على الكتاب الطابع العاطفي في معظم أجزائه، إلى جانب التأكيد على العلاقات الجميلة التي حظيت بها من خلال وجودي في البحرين، وهو وطن يناصف محبته لي عشقي الآخر للسعودية، فالبحرين هي من شكلّت قناعاتي وثقافتي من خلال دور السينما والمكتبات التي تحظى بها وكانت هي ملاذي الآمن».

الكتاب الذي أهدته الكاتبة إلى زملائها في جامعة البحرين كلية الآداب قسم الإعلام، تقول انه جريء للغاية من حيث اللغة المكتوبة في بعض النصوص، هناك اعترافات حقيقية لمشاعر الأبطال، فزينب الشيعية التي عاشت علاقة حب مع الشاب السني السعودي ياسر، وتنتهي العلاقة دون أية خدوش أو انكسارات في مشاعر الاثنين، إنما اتخذت العلاقة مسار الاحتياج العاطفي والنفسي لأي امرأة ورجل، يريدان إشباع احتياجاتهما النفسية، ومعرفة الطرف الآخر.

أيضاً تتحدث سارة عن علاقتها باستاذها في الجامعة، وتقص حكايته منذ أن كان في فرنسا قبل أن يطلق زوجته «صوفيا» إثر اكتشافه خيانتها مع سائق التاكسي، وعودته إلى تونس، ثم عمله في الجامعة ومحبته العميقة للبحرين. كما تركز سارة في كتابها على بعض الظواهر الاجتماعية في وطنها الأم «السعودية» من خلال تسليط الضوء على أخ صديقتها «علياء» «عزيز»، الشاب ابن إمام مسجد الحي، الذي يرغب في الحب ومعرفة الطرف الآخر، دون وصايا من الأب أو الأم، ودون أي وجود أهداف لرباط اجتماعي مسبق. يقول «عزيز» أحد أبطال كتاب «أنا سُنية... وأنت شيعي»: كل هذه الأشياء تشغلني أكثر مما تشغل أي شاب في عمري. أصدقائي يبحثون عن الحبّ، من غير أن يعرفوا ما هو الحبّ. وحينما يلتقي أحدهم فتاة لأول مرة، يصبح لديه استعداد أقوى منها، ليقول لها إنه يحبّها، وكأنه يقول لها، أنا محتاج إلى قلبك وإلى مشاعرك، وعليها أن تبادله المشاعر ذاتها. إننا نملك طاقة كبيرة وعميقة، ونحتاج إلى أن نفرغها بأي طريقة مع رجل أو مع امرأة، هل تصدّقين ذلك؟

جرّبت أن أعبّر عن الحبّ كما يفعل أقراني، أن أحب لكي أحرّك روحي التي بدأت تموت. فشلت وأقنعت نفسي بالفشل. لم أفعل مثل الآخرين. أهرب من فشلي فلا أواجهه. لم أفعل مثلما يفعل أحمد وريان، في التأكيد أنهما سويّان حتى وهما يغرقان في الخطأ، وأنا حينما كررّت التجربة مع أكثر من فتاة، وجدتني ضائعاً أكثر من السابق، واجهت نفسي بالفشل، وتساءلت كيف يمكن أن أحظى بتجربة جيّدة.

سارة مطر سبق أن أصدرت كتابين هما «قبيلة تدعى سارة» و «الحب... صنيعة النساء»، وقد حققا نجاحاً كبيراً في أوساط الشباب في المملكة، وهي متأكدة أن كتابها سوف يحقق النجاح ذاته، إن لم يكن أكبر ولكنها لا تعتقد أنها ستتمكن من نشر كتابها في السعودية، ربما لأن ثمة فصول بها جرأة لغوية أكثر من اللازم، ولكن الكتاب بشكل عام، هو محاولة لرصد المشاعر الجميلة في كلا المذهبين، والتأكيد أن للمذهبين صفات تكمل أحدهما الآخر، ولا غنى عن وجودهما في الوطن.

العدد 4011 - الجمعة 30 أغسطس 2013م الموافق 23 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:22 ص

      موضوعي في تعليقي

      قرأت الكتاب للنصف تقريبا، للصفحة الـ 134.
      أسلوبٌ مشوّق جدا، استطرادات خاطفة، تليها استطرادات.
      استعرته من زميلتي لعنوانه الذي يشدّ الإنتباه، شيء جميل.
      أرادت الكاتبة التحرر من القيود الشعبية، ناسية بأنها بتخليها هذا، قد تخلت عن بعض سنن فطرة المرأة التي شرّعها لها الإسلام، الدين الفطري الرائع.

    • زائر 5 | 4:30 ص

      من محررة فضاءات

      نعم الرواية مكتوبة بأسلوب شيق وهي تحكي مشاهدات هذه الفتاة السعودية وتفاصيل يومياتها. سيتم تدشينها قريبا خلال معرض الكتاب

    • زائر 4 | 3:40 ص

      العنوان يشد الانتباه ويزيد من الفضول

      أتمنى الحصول على نسخة من الرواية واذا طرحت بالأسواق يرجى ذكر اسم المكتبة التي تتوافر بها وسعر الرواية

    • زائر 3 | 12:38 ص

      سيظهر من يقول ان هذا الكتاب بدعه

      كل بدعة ضلالة، وكل ذي ضلالة في النار". سوف يظهرون الطائفيون ويقولنها وادا ماااحد منهم تجراء وقااال سارة كفرت!!!!

    • زائر 2 | 10:34 م

      والله موضوع جميل وشيق قراته حرف خرف

      اتمنى ان اشتري كتابها
      شكرا وسط

اقرأ ايضاً