العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ

زيت النخيل أعجوبة... لكنه يدمر الغابات ويخنق الناس

إندونيسيا وماليزيا أكبر منتجيه والهند والصين أكبر مستهلكيه

كولكاتا (الهند) - آي بي إس

المعادلة بسيطة: ولائم المناسبات في الهند وباكستان وبنغلاديش عادة ما تكون وراء الحرائق المنتشرة في جزيرة سومطرة في اندونيسيا، وسحب الضباب الدخاني المكثف الذي يتنقل عبر الحدود... واستهلاك أكثر من مليار صيني لكمية أكبر من الشعرية، يجبر أهالي ماليزيا علي الاختناق بالمزيد من الهواء الملوث.

على رغم هذا التبسيط، فالواقع هو أن هناك ارتباطا فعليا وملموسا بين كل هذه الأحداث والبلدان.

إنه زيت النخيل، الذي يطلق عليه في آسيا اسم «الذهب السائل» والذي يعتبر إقليم جنوب شرق القارة - وبالتحديد اندونيسيا وماليزيا - أكبر منتج لهذا لزيت المستخلص من ثمرة شجرة زيت النخيل في العالم، بما يعادل نحو 85 في المئة من الناتج العالمي.

وفي المقابل، تعتبر الهند والصين أكبر مستهلكي زيت النخيل في الكوكب، في حين تبرز كل من باكستان وبنغلاديش كأسواق متنامية متهافتة على استهلاكه.

وبالتحديد، تعتبر الصين ثاني أكبر مستورد لزيت النخيل في العالم، بعد الهند. ومن المتوقع أن تنمو وراداتها بنسبة 10 في المئة سنويا، ما سيجعلها أكبر سوق لزيت النخيل في عام 2015. أما الهند فقد مثلت نسبة 19 في المئة من الاستهلاك العالمي لزيت النخيل في الفترة 2011-2012، بما يتجاوز الصين (16 في المئة)، والاتحاد الأوروبي (14 في المئة).

وبالطبع، يؤثر المشترون الرئيسيون لهذا «الذهب السائل» لا على الأسعار والإنتاج فحسب، وإنما أيضا على وسائل إنتاجه المثيرة للجدل القوي في الوقت الراهن بسبب تأثيراته الضارة على البيئة.

في هذا الشأن، يوضح المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة «وايلد آسيا» الاجتماعية في كوالالمبور والناشطة في مجال السياحة والزراعة المستدامتي رضا عزمي، أن «زيت النخيل يوفر مصدرا أعلى من الدخل بالمقارنة مع المحاصيل النقدية الأخرى مثل الرز أو المطاط، فيمكن للمزارعين حصاد عناقيد من زيت ثمار النخيل مرتين في الشهر في حين يمكن حصد الرز مرتين في السنة، كما ينتج نخيل الزيت أعلى محصول في المنطقة مقارنة بالمحاصيل الأخرى».

وعلاوة على ذلك، فزيت النخيل رخيص ويستخدم في مجموعة متنوعة مذهلة من المنتجات: الغذاء، والحلوى التقليدية والمقدمة في معظم الاحتفالات في جنوب آسيا؛ وباقة واسعة من مستحضرات التجميل، من أحمر الشفاه إلى الـ «شامبو»، ناهيك عن وقود الديزل الحيوي.

لكن هذا الزيت الأعجوبة يحمل ثمنا بيئيا باهظا... فيقطع المزارعون الأشجار، ويضرمون النار في الغطاء النباتي لإفساح مساحات أكبر لزراعة نخيل الزيت، ويدمرون الغابات، ويقضون على الحياة البرية، فضلا عن سحب الدخان الملوث المتكررة أكثرا فأكثر.

وعلي سبيل المثال، في يونيو/ حزيران 2013، عانى جنوب شرق آسيا أسوأ تلوث للهواء على مدى 16 عاما، وخنق الضباب الدخاني من اندونيسيا كلا من ماليزيا وسنغافورة، وانخفضت الرؤية، وأغلقت المدارس وألغيت المناسبات العامة، وشهدت المستشفيات موجة اندفاع من المرضى الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، واندلع الخلاف الدبلوماسي بين سنغافورة وإندونيسيا بشأن من هو المذنب.

وانعقد اجتماع في كوالالمبور في يوليو/ تموز، اتفق فيه وزراء البيئة من اندونيسيا وماليزيا وبروناي وتايلند وسنغافورة على وضع نظام مشترك لرصد الضباب. ووافقت إندونيسيا على التصديق على معاهدة إقليمية لمكافحة الضباب الدخاني، لكن الحرائق مستمرة.

وهنا يمكن أن تلعب الصين والهند دورا رئيسيا من خلال الإصرار على شراء زيت النخيل المنتج فقط دون تعريض الغابات للحريق.

وقد كسبت «الحركة من أجل الإنتاج المستدام» زخما كبيرا في عام 2004 بتشكيل المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام، وهي مبادرة لإقناع المزارعين بالحفاظ على الغابات الأولية وتقليل البصمة الإنتاجية علي البيئة.

في هذا الشأن، أفاد الأمين العام لحركة من أجل الإنتاج المستدام داريل ويبر أن «هناك بلدانا التزمت بشراء زيت النخيل المستدام ليس إلا، وذلك بحلول عام 2015، ومن بينها هولندا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ومع ذلك، فأكبر المستهلكين، أي الصين والهند، لا يتبعان بعد هذا التوجه».

من جهة اخرى، صرح مدير منظمة GreenPalm الشريكة في الحركة بوب نورمان بأنه «على رغم ان الشركات في الغرب تخطو خطوات كبيرة لدعم الإنتاج المستدام لزيت النخيل، لاتزال الهند والصين لا تفعلان ذلك حتى الآن».

ويقدر المدير التنفيذي لجمعية سفط المذيبات، «في مومباي بي. في ميهتا أن «الطلب الهندي على زيت النخيل سوف يرتفع بنسبة 3 - 4 في المئة سنويا، لأنه سيستخدم أكثرا فأكثر في صناعات الأغذية وقطاع الفنادق في الهند».

وصرح الخبير بأن «الهند تدعم الاستدامة، لكن المستهلكين الفقراء في البلاد يبحثون عن الزيت الرخيص، على غير حال الناس في دول الاتحاد الأوروبي وهم الذين يمكنهم دفع سعر أعلى للزيت المنتج بأساليب مستدامة، الأمر ليس كذلك في الهند، حيث الآلاف يكافحون من أجل إطعام أنفسهم».

العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً