هو الإمام السادس من أئمة أهل البيت (ع)، عاش أكثر من 60 سنة وكان ذا علم ودرجة رفيعة وقال فيه الجاحظ: «جعفر بن محمد ملأ الدنيا علمه وفقهه»، وقال عنه محمود بن وهيب البغدادي الحنفي: «نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان».
فنحن أمام شخصية دينية وعلمية عظيمة لها شأنها ولو كتبنا عنها ما كتبنا لن نستطيع أن نؤدي حقها، فهو لوحده مدرسة جامعة لكل العلوم من الفقه إلى الجبر إلى الكيمياء وغيرها، حتى قالوا انه تواتر النقل على أن الرواة عن أبي عبدالله الصادق (ع) بلغوا 4000، كلٌّ يقول حدثني جعفر بن محمد (ع)، ولنقف ولو على خاصية واحدة من خصائص سيرة هذا الإمام (ع)، وهي مدرسة هذا الإمام (ع)، وهنا سأنقل ما يعبّر وبشكل واضح عن مدى الوحدة الإسلامية التي كانت في تلك المدرسة وكيف أن أئمة المذاهب الإسلامية كانوا في جلسة واحدة يأخذون العلم من بعضهم البعض وكيف أنهم وعلى رغم اختلافاتهم العلمية، إلا أنهم لم يتهموا الآخر بالكفر والضلال والخروج عن الملة، في كتابه «الإمام الصادق» لمحمد أبوزهرة يقول: «ما أجمع علماء الإسلام على اختلاف طوائفهم كما أجمعوا على فضل الإمام الصادق وعلمه، فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوا عنه وأخذوا، أخذ عنه مالك، وأخذ عنه طبقة مالك، كسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وغيرهم كثيرا، وأخذ عنه أبوحنيفة مع تقاربهما في السن واعتبره أعلم الناس، لأنه أعلم الناس باختلاف الناس...»، والشاهد الثاني ما قاله ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة: «أما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وغيرهما فأخذوا عن أبي حنيفة، وأما الشافعي فقرأ على محمد بن الحسن، فيرجع فقهه أيضاً إلى أبي حنيفة، و أما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي، فيرجع فقهه أيضاً إلى أبي حنيفة، وأبوحنيفة قرأ على جعفر بن محمد الصادق (ع)».
إذاً فمدرسة الإمام الصادق (ع) مدرسة تلاقى فيها علم وأفكار أئمة المذاهب الأخرى وامتزجت مع بعضها البعض وكانوا خير مثال للوحدة الإسلامية التي نريدها أن تكون في واجهة الأحداث عندنا، ونحن الآن في أمسّ الحاجة إليها، فيا إخواننا ارجعوا لأئمتكم وتعلموا منهم كيفية الوحدة وكيفية الثبات رغم الاختلافات المذهبية والطائفية، فهم لنا القدوة الصالحة التي لا يشك أحدٌ في نواياهم تجاه الآخر، فإذا كنا نحن نقول إننا ننتمي إلى جعفر الصادق (ع) فهذه كانت مدرسة جعفر الصادق (ع) في الوحدة والتعايش مع الآخر، وكذلك نقول هذا الكلام لإخواننا أهل السنة، فإذا كنتم تتبعون أئمة مذهبكم فكانوا مثالاً للوحدة الإسلامية والتعايش من الآخر، وهذا كله بفضل وعي هؤلاء الكبار فلنكن أتباعهم بالأفعال لا بالأقوال.
حسين علي عاشور
أكاد أجزم بأن معظم المسلمين تعبوا وملوا من السجالات والمناقشات والمجادلات الدينية المذهبية التي بثتها بعض القنوات الفضائية العربية خلال شهر رمضان الماضي، والتي حاول المشتركون والمتحاورون فيها الرجوع إلى الموروثات القديمة وكل فريق يحاول تعضيد موقفه بروايات هناك شك كبير في صحتها وإذا وافقوا على صيغة الرواية اختلفوا في تفسيرها، حيث يحاول كل فريق تفسيرها بما يتفق ومعتقداته ونفس الشيء ينطبق على الآيات القرآنية، حيث هناك إجماع على النص ولكن اختلاف في التفسير.
وعن هذا الموضوع هناك تساؤلات يطرحها المسلم المعاصر وهي: ما هو جدوى هذه السجالات والمناقشات، إذا كان كل طرف متمسكا بموقفه ولا استعداد لديه لقبول وجهة نظر الطرف الآخر؟، ألا يؤدي مثل هذا النوع من الجدال إلى تعميق الاختلافات بدلا من إزالتها؟! أليس الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون وجميع البشر أكانوا مسلمين أو غير مسلمين والمخلوقات الحية الأخرى، وهو الذي سيحاكم مخلوقاته يوم القيامة على معتقداتهم وأفعالهم وأعمالهم؟!، أليس عجيبا وغريبا أن نلاحظ أن المتشدد الذي يسمي الآخر المتغير معه فكريا بالمشرك هو من يحاول مشاركة الله في الحكم على الناس بالشرك؟... أليس هذا المتشدد الذي يتم غسل دماغه يحكم على مجاميع بريئة بالقتل ويفجر نفسه ويفجرهم ويعتبر نفسه مجاهدا في سبيل الله ومآله الجنة؟.
إذاً، وبرأيي المتواضع الحل يكمن في أن يترك كل إنسان حرا في اختيار دينه وعقيدته والا نشرك بالله في الحكم عليه بالجنة أو النار مقدما في معتقداته، فهذا حكم ليس من حق أحد إصداره إلا الله سبحانه وتعالى. هذا إلى جانب أن يكون المواطن متساويا مع جميع المواطنين في الحقوق والواجبات والا تؤثر اعتقاداته على تصرفاته في عمله وان يكون مبدأ المواطنة المتساوية مطبقا على الجميع دون استثناء، فالله سبحانه وتعالى ميز الإنسان عن بقية مخلوقاته الحية بالعقل والنطق فالواجب عليه استخدامهما وان يكون حرا في هذا الطريق شريطة أن تكون حريته محدودة بحرية الآخرين.
عبدالعزيز علي حسين
مؤسف أن أرى بعض الناس في مجتمعنا يبني جيلاً مترنحاً في التناقضات، حائراً ما بين ذينين (الحق وقلة الأدب)! عجيب أمرها الناس تراها تربي أبناءها على اتخاذ الحق سبيلاً وإعلاء راياته وقوله وإن كان على أنفسهم أو الأقربين، وعلى اتخاذ الصالح من الخلق قدوة لهم في بذلهم النفيس فداء للحق، ثم تقذفهم باتهامات هدامة: قلة أدب، طولة لسان بل وعدم تربية! إن طبق الفتى الصغير النبيل نصيحتهم ونطق بالحق - بكل أدب - على من هو أكبر منه سناً.
فيعود منكسراً مدحوراً يراجع ما قد تغذاه من الأفكار والنصائح التي تنطوي تحت راية قول الحق، مشككاً في صحتها مفضلاً الكبر بصمت على أن يُنظَر إليه بتلك النظرة الدونية مجدداً.
لا يقف بعضنا عند هذا الحد في خلق شخصية من هم أصغر سناً في أن تكون مهزوزة المبدأ والمنطق، وذلك بإيصال صورة مشوشة عن الاحترام والوقار تجعلهم يدورون في دائرة التساؤل دائماً عن كيفية احترام الذات والآخرين. فدائماً ما يُطالَب الصغار بإظهار الوقار لمن يكبرهم فقط! ناسين أو ربما متناسين أن عملية الاحترام متبادلة فكما نطالبهم باحترامنا والأخذ بكلامنا وأفعالنا يجب أن لا ننسى أننا مدينون لهم بالشيء عينه في الوقت نفسه و(فاقد الشيء لا يعطيه).
كيف نبغي منهم ذلك ونحن ما نلبث إن جاءونا في بعض المجالس جعلنا منهم فاكهة الحديث وأضحوكة المجلس... نستهزئ بهم ونناديهم بألقاب تقلل من شأنهم عوضاً عن أسمائهم الجميلة! فمن جانبنا غفور رحيم ومن جانبهم شديد العقاب، ثم وإن حاولوا بأسلوبهم الطفولي أن يردوا علينا لكانت مجدداً (قلة أدب). كل هذه التناقضات يراها الصغار بأم أعينهم في الواقع تتخايل بين الفينة والأخرى.
فلماذا يصر بعضنا على تربية أطفاله بذهنية ومبادئ مشوشة... يجعلهم لا شعورياً متوجسين من الإدلاء بالحق بدلاً من التربيت على أكفهم إن نطقوا به في محضر - أي كان - وإن خفض صدى الصوت المنادي به؟
مريم عيسى الشيخ
لا شك ولا ريب أن الإنسان على مر العصور يحتاج إلى سلطة تدافع عنه وعن حقوقه، يحتاج إلى سلطة تكفل له حرية التعبد وحرية الفكر وحرية الرأي. الإنسان في هذا العصر السريع وبين صراعات السلطة ونزاعات البلدان، لا يمكن له أن يستقر ويهدأ ويطمئن باله إلا بوجود الحكومة الديمقراطية المنتخبة من قبل الشعب.
الحكومة الإسلامية وغيرها من الحكومات الموجودة في هذا الزمان، هي الأكفأ والأصلح لأن تحفظ حقوق الناس والمواطنين، لتفرض لهم الجو المناسب والهادئ لما يحتاجه كل إنسان على وجه الأرض، فهي التي تحاسب وتضع العقوبات الشرعية الصارمة لتحد من نسبة الفساد في الوطن، الحكومة الإسلامية السباقة والأولى في رفع شعار العدالة والمساواة بين المواطنين.
الحكومة الإسلامية، التزام ووعي بقوانين السماء، حياة كريمة وعيشة هنيئة تحت ظلها وظلالها، ولنا أن نسأل؛ هل الديمقراطية المطروحة في دول الغرب، والتي تتجاوب معها بعض دول الإسلام أفضل أم الحكومة الإسلامية؟! لا شك ولا ريب أننا رأينا ما فعلت الديمقراطية التي تنادي بالحرية في بعض البلدان، فهي تعطي الصلاحية لمن يتمكن من كرسي الحكم أن يستخدمه لمصالحه، ويعارض بذلك شئون الناس والمسلمين، وقد تُسنّ القوانين بحيث تخالف روح الإسلام ورؤيته في تحقيق أهدافه الواعية والنبيلة.
الحكومة الإسلامية هي الخيار الأمثل، وهي الطريق الأكمل لصعود الأمة وضمان مستقبلها، وفي ضل هذه الظروف الحرجة والحكومات المستبدة التي لا تريد لوعي الإسلام أن ينتشر، ولا لنور الرسالة النبوية أن تأخذ حيفها في النهوض والكمال.
محمود عبدالنبي عباس
العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ