دعا نقابيان في الاتحاد العام لعمال البحرين إلى تنظيم حملات توعية بحقوق العمالة الوافدة في البلاد، مشددين على أنه «دون العمل النقابي لن يحصل العمال المهاجرون، ولا حتى الوطنيين على حقوقهم الأكثر أهمية مثل الأجور وساعات العمل والقوانين غير القانونية».
وقال الأمين المساعد للتنظيم النقابي بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين محمد عبدالرحمن، في ندوة عقدت في مقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (28 أغسطس/ آب 2013)، إن «العديد من العمال المهاجرين يُهددون بالفصل والتسفير عندما ينضمون على النقابات العمالية، وهذا ضد الاتفاقية التي وقعت عليها البحرين».
وأضاف أن «هناك قرابة 190 اتفاقية دولية تعنى بالعمالة الوطنية والمهاجرة، والمصطلح الصحيح لهذا النوع من العمالة هو المهاجرة وليس الأجنبية، وهذه التسمية جاءت من نصوص الاتفاقيات الدولية على أساس أنه وجد هذا المصطلح في أفقيات منظمة العمل الدولي، لكن الجانب التشريعي المحلي ألقى بظلاله على هذه العمالة».
وأردف «هذه العمالة تدرس حالتها من أجل الوصول إلى تنظيم أكثر لها، وآخر اتفاقية هي اتفاقية العمالة المنزلية في العام 2011».
وذكر أن «قانون العمل الجديد رقم 36 أعطى نفوذاً واسعاً لأصحاب الأعمال في التعامل مع العمالة المهاجرة، وهذا سينعكس بشكل سريع على العمالة فيما يتعلق بالفصل التعسفي والفصل الاقتصادي».
وأفاد أن «الأرقام تبين أن أكثر العمالة المهاجرة موجودة في قطاع البناء ولكن أين أرقام المهاجرين في القطاع العام كوزارة الداخلية؟».
وتابع «إذا كان خط الفقر الرسمي في البحرين هو 350 ديناراً، ولا يمكن واقعاً العيش فيه، فكيف يعيش من يستلم 60 أو 100 دينار؟، ولماذا الاستغراب من انتحار العديد من العمالة المهاجرة بينما يستلم العامل 60 ديناراً، وقد يتأخر راتبه أيضاً؟».
وأشار عبدالرحمن إلى أن «مفتشي وزارة العمل لا يمكنهم الدخول للشركات الكبيرة، ولا في شركات المتنفدين في البلد وهم أصلاً عددهم غير كافٍ لعدد الشركات، وكل ما يقوم به الوكيل ومن تحته هو فقط متابعة تطبيق قرار منع العمل في الخارج وقت الظهيرة في الصيف وتركوا باقي الأمور المهمة».
وختم عبدالرحمن «هناك فئة صغيرة متنفذة هي السبب في انتهاك حقوق العمالة المهاجرة والوطنية وسبب وجود آلاف العاطلين عن العمل من الشباب البحريني».
ومن جهته، أفاد الأمين العام المساعد لشئون القطاع الخاص بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كريم رضي بأن «المصطلح الصحيح إنسانياً للعمالة هي العمالة المهاجرة وليس الأجنبية، لأنه في الخليج والعالم العربي بشكل عام مازلنا نستخدم هذا المصطلح، ومنظمة العمل الدولية أخبرتنا أنها ذهبت إلى العديد من الدول في الخليج، ولم يوافقوا على تنظيم ورش عن العمالة المهاجرة، أو حتى التطرق إلى هذا الملف».
وذكر أن «هناك العديد من الدول ما تزال تستخدم مصطلح العمالة الأجنبية أو الوافدة، وهو مصطلح مرفوض إنسانياً، لأنه يكرس الخوف من الأجانب».
وأكمل «حسب تعريف الأمم المتحدة للعامل المهاجر، هو العامل المنخرط في عمل مدفوع الأجر في بلد ليس مواطناً فيها».
وتابع «يهاجر العمال لأسباب متعددة منها الحروب كما يحدث في سورية أو لبنان والعراق مثلاً، أو الاضطهاد أو التمييز أو الفقر المدقع أو تفاوت مستوى التنمية الاقتصادية في العالم، أو حاجة دفينة في تغيير واقع حالهم».
وأضاف «يموت المئات كل عام أثناء محاولتهم الوصول إلى دول أخرى ويقع الكثير منهم فريسة خداع عصابات التهريب والاتجار بالبشر، ونسمع سنوياً عن العمال المغاربة الذين يموتون في البحار من أجل الهجرة إلى إيطاليا».
وواصل «النساء يتعرضون أيضاً للاستغلال والعنف الجنسي، لأن المرأة تتعرض أكثر للاستغلال، ويمكن ملاحظة ذلك في مصانع الملابس التي تتعرض المئات منهن لذلك، واللاتي يعشن في أوضاع لا إنسانية».
وأردف رضي «الأطفال يتعرضون أيضاً للاستغلال، ومنظمة الأمم المتحدة والعمل الدولية يحاولان التصدي لذلك».
وأوضح أن «السياسيين والإعلام يتحدثون عن الجرائم التي يقوم بها غير المواطنين ويذكرون جنسياتهم، لأن في ذلك تكريس للكراهية تجاه الأجانب، وهذا أمر غير صحيح، خاصة عندما نتحدث مثلاً عن البحرين، التي تشكل العمالة المهاجرة فيها 70 في المئة من إجمالي العمالة».
وتابع «لو نقارن عدد الحوادث التي تجري منهم مقارنة بالبحرينيين، لا نجد مدلولاً على أنهم المصدر الأكبر للمشاكل».
وأكمل «دائماً ما نسمع بأن الأجانب يخرجون مبالغ ضخمة لبلدانهم، ولكننا لا نسمع عن إسهاماتهم في تنمية البلد، لكننا لا نسمع في المقابل عن دور هذه العمالة في التنمية، فمثلاً من قام ببناء مدننا الإسكانية والمباني، في دول يقوم 80 في المئة من اعتقادها على الاستثمار العقاري، فلم يكن بالإمكان أن تتم هذه الأمور لولا مساهمة هذه العمالة فيها».
وبيّن رضي أنه «حسب إحصائيات العام 2013 لمنظمة الأمم المتحدة، فإن أغلبية هذه العمالة تتواجد في الدول المتقدمة، وهذا يعطي مؤشراً على أن سبب الهجرة سبب اقتصادي، وهناك 59 في المئة من مواليد العمالة المهاجرة يعيشون في هذه البلدان المتقدمة والأكثر نمواً».
وواصل «يمكن أن نلاحظ الطابع الشبابي لغالبية العمالة المهاجرة، والطابع الذكوري لها خاصة أن 90 في المئة من العمالة المهاجرة في الخليج من هذه الفئة، بسبب الاقتصاد العنيف مثل قطاع الإنشاءات والعقارات».
وشدد رضي على أن «الهجرة كانت حيوية لاقتصاد دول الخليج، ولا يمكن الحديث عن اقتصاد دول الخليج دون الحديث عن هذه الفئة، يمثل العمال المهاجرين نحو 70 في المئة من العمالة في البحرين، ويمكن أن تكون النسبة أكبر، لأن البحرينيين يشكلون قرابة 24 في المئة من مجموع العمالة، وأقل من ذلك في السعودية وعمان، وأكثر من 80 في المئة في الكويت، وأكثر من 90 في المئة في ا?مارات وقطر، التي يعمل عدد كبير منهم في الإنشاءات التي تعد لاستضافة كأس العالم، وهناك ضغوط دولية عليها للسماح بحرية أكبر للعمالة الوافدة».
ونبّه إلى أن «قانون البحرين يسمح للعمال المهاجرين بالانضمام للنقابات العمالية للشركات، ومن ضمن اهتماماتنا في الاتحاد العام للنقابات أننا أصرينا في عضويتنا في هيئة تنظيم سوق العمل على تعديل عدة أمور تتعلق بهم، وعندما جاءت مسألة حرية انتقال العمالة أخذناها من منطلق إنساني، لأننا ننظر إلى نظام الكفالة على أنه نظام لا إنساني، لذلك أقرينا حرية انتقال العمالة، وفي تلك الفترة تمت معارضتنا من قبل الناس وأصحاب العمل، ولكن مع الزمن ثبت أن هذا الأمر هو الذي أعطى البحرين سمعة طيبة، بأنها أول بلد يفكك نظام الكفالة، ولكن بعد أحداث العام 2011 وفي إطار مجاملة الحكومة لأصحاب العمل، قامت الحكومة بتقييد هذه المادة».
وأردف «كذلك عندما جئنا لمناقشة اتفاقية 189 الخاصة بالعمالة المهاجرة المنزلية، دول الخليج كلها جاءت بموقف موحد، رافضين لهذه الاتفاقية وتحالفت معهم دول أخرى، ولكننا ضغطنا من أجل إقرار هذه الاتفاقية عندما كانت هناك مناقشات بشأن مسودة الاتفاقية في العام 2010، وبعدها بعام تمت الموافقة على هذه الاتفاقية».
وبيّن أن «إحصائية هيئة تنظيم سوق العمل إلى الربع الأول من العام 2013 تذكر أن هناك 499 ألف من العمالة المهاجرة في البحرين، من مجموع 647 ألفاً، بينما العمالة البحرينية تشكل 147 ألفاً، وهذا يعكس حجم مساهمة هذه العمالة في التنمية في البحرين».
وواصل «نلاحظ من خلال الإحصائيات أن توظيف العمالة المهاجرة في صعود، أما توظيف العمالة الوطنية فهو في انخفاض، وهذا دليل أن المشاريع الموجودة لدينا تستقطب هذا النوع من العمالة بشكل أكبر».
وأفاد أن «أكثر القطاعات استقطابا للعمالة في البحرين هو قطاع الإنشاءات، وهذا يؤشر إلى أن اقتصادنا يمشي في هذا النوع من الاستثمارات، وفي المرتبة الثانية تحتلها تجارة البيع بالتجزئة والجملة، أما القطاع الصناعي فمنخفض».
وذكر أن «العمالة المنزلية من العام 2002 إلى 2012 بلغت نحو 100 ألف، وهذا القطاع فقط هو الذي يتميز أكثر بالعمالة الأنثوية».
وأكمل «من أكبر مشاكل العمال المهاجرين هو غياب التنظيم النقابي، خاصة في القطاعات المهمشة مثل الإنشاءات، وانخفاض الأجور وسوء ظروف المعيشة».
وأفاد أنه «من العام 2006 إلى 2013 قتل أكثر من 40 عاملاً، خاصة من الهند وبنغلادش بسبب حرائق في المساكن فقط، وذلك بحسب إحصائيات الجهات الأمنية، ومرد ذلك إلى انخفاض الوعي لديهم، وبسبب تفشي ظاهرة (الفري فيزا)، التي تقدرهم هيئة تنظيم العمل بنحو 52 ألف عامل».
ولفت إلى أن «النزاع السياسي في البحرين أثر على العمالة الوافدة، وقد أثر ادعاء الحكومة بأن المحتجين يستهدفون العمالة المهاجرة في البحرين على سمعة البحرين أكثر في الناحية العمالية مع أن السفارات المعنية تنفي ذلك».
وواصل «نحتاج إلى إطلاق حملات توعية بحقوق العمال الوافدين، بالذات في دول الإرسال وأيضاً في البحرين، وتحذير المهاجرين من الوقوع في شباك اتحادات (الغونغو)، وشن حملة تضامنية دولية مع الاتحاد العام للنقابات للوقوف ضد هذه النوعية من الاتحادات، والاستفادة من الاتحاد العربي الذي أنشيء حديثاً، والقيام بحملة للتصديق على الاتفاقيات التي تعنى بهذا النوع من العمالة مثل اتفاقية 97 و 143 و 189». وختم رضي «هناك توجه شعبي لزيادة الوعي بمعاناة العمال المهاجرين، ونلاحظ الحملات الشعبية التي يقوم بها العديد من المواطنين».
العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ