أجّلت المحكمة الصغرى الجنائية الخامسة برئاسة القاضي إبراهيم الجفن، وأمانة سر حمد جناحي قضية 6 متهمين، حضر منهم متهمان، في قضية تجمهر وشغب وحيازة «مولوتوف» في منطقة رأس رمان، وذلك حتى (4 سبتمبر/ أيلول 2013) لتقديم المرافعة.
وحضرت مع المتهمين المحامية دعاء العم، التي تقدمت بمرافعة وطلبت من خلالها، وقبل الفصل في الموضوع: استدعاء القائم على التحريات للوقوف على حقيقة ومضمون التحريات التي قام بها.
وفي الموضوع، أولاً: الحكم ببراءة كل من المتهم الأول والثاني ممّا هو منسوب إليهما من اتهام لقيامه على غير أساس من الواقع أو القانون.
ثانياً: إذا ارتأت عدالة المحكمة إدانة المتهمين فيما هو منسوب إليهما فعلى أن يكون باستعمال منتهى الرأفة بأن تنزل بهما إلى أدنى درجاتها أو تقضي بوقف تنفيذها.
وقد جاء في المذكرة المقدمة للمحكمة من قبل المحامية دعاء العم أن في الواقعة محل التحري فإننا نجد من أن البلاغ المقدم في مركز شرطة النعيم من قبل حارس الباب الخلفي بتاريخ (29 مارس/ آذار 2013) تفيد بوجود عدد 50 من الخارجين عن القانون، وقاموا برمي الزجاجات الحارقة على دوريات قوات حفظ النظام، ومن أنه تم التعامل معهم ولاذوا بالفرار، وهذا حسب الخطاب المؤرخ في التاريخ ذاته في تمام الساعة 03:20 الخارج من مركز شرطة النعيم إلى نيابة العاصمة، حيث إنه تم تشكيل البلاغ بتهم التجمهر والتعدي على الدوريات الأمنية وتعريض وسائل النقل الخاص للخطر عمداً، وبعد عدة أيام وبناءً على التحريات التي أمرت بها النيابة العامة، تم التحري عن 6 مشتبه بهم وضبط وإحضار 4 منهم من ضمنهم المتهم الأول، والذين أنكروا ارتكابهم لهذه الواقعة، في حين أن المتهم الأول أنكر هذه الواقعة كذلك فاعترافه الموجود في أوراق الدعوى أنصبت على واقعة أخرى، ولإنكار المجموعة وعدم وجود دليل يساند التحريات تم أخلاء سبيل ثلاثة منهم، والإبقاء على المتهم الأول مع استمرار التحريات عن مجموعة أخرى من الأشخاص، ففي البداية تم التحري عن واقعة مختلفة تماماً عن الواقعة المسندة للمتهمين حالياً، والغريب في الأمر أن التحريات أسفرت عن مشاركة هؤلاء الأشخاص من منطقة رأس رمان في واقعة في منطقة النعيم من ضمن 50 شخصاً، إلا أنها فشلت في الكشف عن المشاركين في تلك الواقعة من منطقة النعيم، والذين من المرجح أنهم هم من قاموا بارتكاب واقعة الاعتداء من ناحية المنطق والعقل، مع العلم أن المتهم الثاني لم يتم التحري عنه في هذه الواقعة، ولم يتم ذكر اسمه في التحريات التي تمت.
كما أن تحريات النيابة العامة وحتى فتح المحضر بتاريخ (23 يونيو/ حزيران 2013) وذلك لإثبات ورود محضر من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بشأن ضبط وإحضار مجموعة من المشتبه بهم، وذلك في واقعة التجمهر لارتكاب الجرائم، والتعدي على الدوريات الأمنية والاتلاف بتاريخ (29 مارس 2013) على شارع الحكومة خلف مستشفى الرازي، أي أن التحريات كان مستمرة في واقعة التعدي على الدوريات، وليس الواقعة التي اعترف بها المتهم الأول.
كما أنه وبالرجوع إلى أوراق الدعوى نجد بأنها تخلوا من أي دليل مادي، من الممكن أن يثبت اشتراك المتهم الأول والثاني بالواقعة محل الاتهام، فسبب توجيه الاتهام للمتهم الثاني بالتحديد هو التحريات التي تم إجراؤها، والتي لا تكفي وحدها لتكون دليل إدانة على المتهم.
وبخصوص أقوال شاهد الإثبات، قالت العم إنه بحسب ما ذكرنا مسبقاً من أن البلاغ الذي تم في مركز شرطة النعيم كان يتعلق بواقعة التعدي على الدوريات الأمنية الموجودة بالقرب من مركز شرطة النعيم، وهذا هو ما ورد في البلاغ المحال للنيابة العامة، في تاريخ (14 أبريل/ نيسان 2013)، إذ استمعت النيابة لشاهد الإثبات الشرطي، والذي من الممكن أن نلخص مضمون أقواله عن الواقعة بأنه وأثناء وجوده على الباب الخلفي للمركز كحارس فوجئ بخروج 50 شخصاً تقريباً من أحد الأزقة القريبة من المركز، وكانوا كلهم ملثمين، أي أن الشاهد لا يمكن أن يتعرف على أي منهم، كما أشار إلى أنهم يحملون الزجاجات الحارقة في أيديهم، وتوجهوا ناحية المركز، وبأن هذه المجموعة قامت بإلقاء الزجاجات على دوريات متوقفة بالقرب من المركز، مما أدى إلى حدوث سواد على جدار المركز وعلى جدار مركز الرازي الصحي الملاصق لمركز الشرطة، حتى تم التعامل مع هذه المجموعة وهروبها، ومن أقوال شاهد الإثبات نجد أنه لا يمكن أن نستند إليها في القضية الموجهة للمتهمين حالياً، كما أقوال الشاهد هذه لم يساندها أي دليل مادي ولا محاضر معاينة، ولا حتى تصوير لمحل الواقعة يمكن إثباتها، وعليه نطلب من عدالة المحكمة اسبتعادها.
وأضافت العم أن المتهم الثاني أنكر ما نُسب إليه عندما استدعته النيابة العامة في (7 يوليو 2013)، ولذا فإن وكما معلوم لدى المحكمة ليس من الصحة التعويل على اعتراف متهم على آخر مالم تعاضده بينة أخرى؛ ولمّا كان اعتراف متهم على آخر لا يصح بذاته أن يكون دليلاً على هذا الآخر، وإذا كان المتهم بريئاً إلى أن تثبت إدانته فإن اعتراف كل متهم على آخر ناقص إلى أن يثبت قوته.
وبخصوص التحري عن المتهم الثاني، أوضحت العم أنه وبالعودة لأوراق الدعوى نجد أن المتهم الأول أقر بأنه شاهد شخصاً، وليس المتهم الثاني حيث إنه ومن التحري في الواقعة كانت النيابة العامة تتحرى عن شخصين يحملان الاسم الأول ذاته، إلا أن الأول لم تسفر التحريات عنه إلى أية نتيجة في حين أن الثاني أفادة تحريات بأنه ذاته المتهم الثاني.
وفيما يتعلق بالتهمة الثانية، وهي حيازة المواد القابلة للاشتعال، ردت العم أنه فيما يتعلق بالاتهام الثاني الموجه للمتهمين الأول والثاني بحيازة وإحراز عبوات قابلة للاشتعال (المولوتوف) فإن التحريات وأوراق الدعوى لم تبين كيف أنه لا يوجد أي اتصال مباشر، خصوصاً بين المتهم الثاني وهذه العبوات، فبالعودة لأقوال المتهم الأول بأنه شاهد عملية صنع هذه العبوات إلا أنه لا علاقة لهم بها ولم يشارك في صنعها، في حين أن المتهم الثاني أنكرها تماماً، كما أن رجال الأمن عندما قامت بالقبض على المتهم الأول لم تضبط عنده أية عبوات قابلة للاشتعال أو أي شي يربطه بها.
كما دفعت العم بشيوع الاتهام، وأفادت أنه وبالإضافة لما سبق، وتأكيداً على براءة المتهم من التهم المنسوبة إليه، إذ أنه وبعد مطالعة أمر الإحالة وأوراق القضية الماثلة، يتضح معها أن التهم المنسوبة للمتهمين قد وردت بشكل عام غير محدد أو مفصل، إذ تم ذكرها دون تحديد ماهية الأفعال التي قام بها المتهمان أو الأفعال الإجرامية التي قاما بها بشكل محدد ودقيق، سواء للمتهم الأول أو الثاني أو الآخرين المجهولين، إذ أنه ولما كانت التهم الموجهة للمتهمين قائمة على أساس قيام مجموعة من الأفراد بالتجمهر بغرض الإخلال بالنظام العام، فإنه يفترض من مأموري الضبط القضائي تحديد الأفراد الذين قاموا بهذا الجرم، إلا أنه وبالاطلاع على أوراق القضية، وبالتحديد أمر الإحالة، نجد أنها وردت بشكل عام غير مفصل أو محدد بالأفعال التي قام بها المتهان الأول والثاني والآخرون المجهولون، إذ أسندت النيابة العامة إلى المتهمين الأول والثاني والآخرين القيام بالأفعال الإجرامية محل الاتهام دون أن تحدد دورهم في الفعل الإجرامي، الأمر الذي تكون معه التهمة الموجهة للمتهمين غير ثابتة في حقهما، وليس لها أصل في الأوراق، الأمر الذي يتعين معه الحكم ببراءتهما من التهم المنسوبة إليهما، وخصوصاً وأنه وبالنظر لأوراق القضية نجد أن البلاغ الوارد لمركز الشرطة وإفادة شاهد الإثبات نفسها تفيد بوجود ما يقارب 50 شخصاً مجهولين كانوا موجودين في وقت الواقعة، مما يشكك من صحة التهم المسندة لهم.
والتمست العم احتياطياً استعمال أقصى درجات الرأفة، وقالت مع تمسكنا ببراءة كل من المتهم الأول والثاني من التهم المسندة إليهما، فإن المادة (72) فقرة (1) من قانون العقوبات نصت على ما يلي: «إذا توافر في الجناية ظرف رأى القاضي أنه يدعو إلى الرأفة بالمتهم وجب تخفيض العقوبة».
ونجد من نص هذه المادة سالفة الذكر أن القانون أوجب على القاضي أن يخفض العقوبة إذا ما وجد ظرفاً مخففاً يستدعي استعمال الرأفة، ولم يكتفِ بحالات الظروف المخففة المنصوص عليها حصراً في القانون، وإذا كان القانون أوجب على القاضي تخفيض العقوبة في الجنايات متى ما وجد ظرفاً مخففاً يستدعي الرأفة من وجهة نظره، فإنه أوجب ذلك في الجنح، كما وأن المتهمين لم يبقَ لديهما سوى طلب الرحمة من عدالة المحكمة والقضاء ببراءتهما من التهم المسندة إليهما أو بوقف تنفيذ العقوبة، وذلك كون المتهم الأول يتيم الأب وهو الابن البكر لدى والدته فلا سند لها ولا معيل فهي غريبة عن هذه البلاد، ولا يوجد من تستند عليه سوى أبنائها، والمتهم الثاني شاب في مقتبل العمر كان عند القبض عليه في بداية حياته المهنية ولازال أمامه الكثير.
وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهمين أنهم اشتركوا مع آخرين مجهولين في تجمهر في مكان عام مؤلف من خمسة أشخاص الغرض منه الإخلال بالأمن العام وارتكاب الجرائم، واستخدموا العنف لتحقيق الغاية التي اجتمعوا من أجلها على النحو المبين بالتحقيقات، وحازوا وأحرزوا عبوات قابلة للاشتعال.
العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ