سلّط تهديد هذا الشهر غير المحدد، والذي أدّى إلى إغلاق سفارة الولايات المتحدة، وعدد من ضربات الطائرات بدون طيار حول اليمن، سلط الأضواء مرة أخرى على اليمن.
ببساطة، فأنا كيمني، أخاف أن يبدو اليمن كله للعالم الخارجي جبهة في الحرب ضد القاعدة. ولكن اليمن أكثر من مجرد إرهاب وقنابل، ويتوق العديد من اليمنيين لأن يضمنوا ألا يتحول ذلك إلى سرد مهيمن حول العالم.
تعبّر الناشطة اليمنية البارزة أطياف الوزير عن إحباط جميع اليمنيين. تتكلم في مقال لـ «يور ميدل إيست» (YourMiddleEast) عن «دولة لها تاريخ طويل أشير إليه في يوم من الأيام على أنه (اليمن السعيد)، وبلاد الخير والكرم والحكمة والقهوة وأول ناطحة سحاب، وأرض العديد من الملِكات، والعمارة العظيمة»، وهو الآن تهيمن عليه «هستيريا العَقْد: الإرهاب».
لو نظر المراقبون العالميون عن كثب لرأوا دولة تملك احتمالات أن تكون أبعد ما يمكن عن كونها مرتعاً للأصولية. سوف يجدون دولةً تمر بتحوّل سياسي مثير للاهتمام، يعتبر مهماً إلى درجة هائلة للمنطقة.
اليمن قبل كل شيء واحدة من دول الربيع العربي، رئيسها مازال حياً يرزق، ليس في المنفى أو في السجن. وهي دولةٌ تختار فيها الأحزاب السياسية المختلفة بشكل عام أن تحل خلافاتها دون اللجوء إلى سفك الدماء.
لقد أسرع الناس لينسوا أنه في الثورة التي استمرت سنة كاملة في اليمن ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لم يحمل سوى عدد قليل جداً من المعارضة السلاح في محاولتهم قلب الحكومة، وكانت الاعتصامات في أنحاء البلاد مليئةً بالمتظاهرين السلميين والأحداث الثقافية والخطابات التثقيفية. وعندما قتل 52 متظاهراً يوم 18 مارس/ آذار 2011، توقّع الجميع أن تقوم القبائل اليمنية التي يُهان أفرادها أحياناً عديدة، بترك الطبيعة المسالمة للثورة والانتقام لموت بعض أبناء قبيلتهم. إلا أنهم تحدّوا التقاليد القبلية التي طالبت بالثأر والدم وتركوا بنادقهم وراءهم.
كذلك استمرت الحركة الشبابية في محاولتها تحقيق تغيير سياسي من خلال أساليب سلمية. تحدّت الأعمال الناشطة ضد ضربات الطائرات بدون طيار والإضراب عن الطعام لخوض حملات لإطلاق سراح السجناء السياسيين، أو الهيمنة المستمرة للنخبة القديمة، تحدّت الصور النمطية وتحاشَت العنف، وهو أمر، كما أحاول أن أوضّح، ليس بالغريب على هذا البلد.
حضرْتُ قبل أسبوعين تجمّعاً لرجال القبائل في منطقة الأهجار النائية جنوب العاصمة صنعاء، بدعوة من وزير الكهرباء والطاقة. كان أحد الخطباء يبحث في الديمقراطية، وكيف أن ذلك هو السبيل الأفضل للتغيير والحياة الفضلى لكل اليمنيين. صفّق جميع الحضور بشكل صاخب استحساناً. ليس هؤلاء أناساً يجب إقناعهم بالحاجة للديمقراطية، فهم يرحّبون بها بأذرع مفتوحة.
ليست جميع التحديات التي تواجهنا في اليمن تتعلق بالقاعدة والإرهاب. ديمغرافياً، يشكّل اليمن أعلى نسبة لمعدلات الولادة في العالم، وتتوقع الأمم المتحدة أن يقفز عدد السكان من 24 مليون إلى 61 مليون بحلول العام 2050. في الوقت نفسه، يتوقع أن ترزح المصادر الطبيعية مثل الماء والنفط تحت ضغوطات هائلة. وفي حالة النفط، يتوقع أن ينتهي وجوده كلياً. هذه هي التحديات التي ستؤثر بشكل مباشر على جيراننا وعلى العالم، وهي تحدياتٌ ربما نستطيع حلها معاً بشرط أن تُعطى الاهتمام الذي تستحقه.
يجب ألا يكون الإرهاب هو العنوان الرئيس عندما يعود الأمر إلى اليمن. هذا البلد أكثر بكثير من ذلك، ومن العار أن الكثيرين لا يعرفون ذلك.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 4008 - الثلثاء 27 أغسطس 2013م الموافق 20 شوال 1434هـ