تحت عنوان: «الجميلات هنَّ...» وضمن مبادرات النسخة الخامسة لمهرجان «تاء الشباب»، تنطلق في الثامنة من مساء اليوم السبت (24 أغسطس/آب الجاري) في مجمع السيف التجاري، ندوة مفتوحة تشارك فيها نخبة من المثقفين والأدباء العرب إلى جانب جمهور التاء.
تأتي الندوة ضمن مبادرة «جدليات» وهي مبادرة جديدة تنطلق ضمن مهرجان تاء الشباب الذي يقيم نسخته الخامسة هذا العام في الفترة من (21 أغسطس/ آب) حتى (14 سبتمبر/ أيلول 2013).
مبادرة جدليات تتضمن مرحلتين تعتبر الندوة التي تنطلق مساء اليوم الثانية منهما. وتتضمن هذه المرحلة ندوة ونقاشاً مفتوحاً يشارك فيه عدد من المثقفين والأدباء العرب ممن استضافتهم المبادرة إلى جانب نخبة من جمهور التاء.
عبر حوار مفتوح يندمج المجتمعون في «الجميلات هنَّ...» لمناقشة جدليات المرأة وموقعها في نصوص الثقافة والمجتمع، وهي القضية التي تقوم مبادرة «جدليات» في أول أعوامها، بتحليلها ومناقشتها عبر مناظير ثقافيّة عديدة في السينما، والمسرح، والتمثيل، والسيكولوجيا، والميثولوجيا، والإعلام، والعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، والمصادر الدينيّة، وغيرها من القراءات والمعالجات.
حول الندوة، ومبادرة «جدليات»، أهدافهما، آلياتهما، ومراحل عملهما، تحاور «فضاءات الوسط» القائمات على «جدليات» وواضعي تصورها، وهما: رنوة العمصي وفاطمة عبدعلي سلمان.
يشار إلى أن رنوة وفاطمة وضعتا التصور الأساسي لمبادرة «جدليات» بالتعاون مع عضو مهرجان «تاء الشباب» الشاعر وفائي ليلا الذي قام بإعداد المادة العلمية لمبادرة «جدليات» .
حول عنوان الندوة المختلف نوعاً ما والمميز كثيرا تقول فاطمة: «الجميلات هن...» هو في واقع الأمر عبارة مختصرة ومقتبسة من بيت شعر للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، إذ يقول «الجميلات هن القويات... يأس يضيء ولا يحترق»، عنوان مبادرتنا في هذا العام يعتمد على أولئك الجميلات اللواتي تحدث عنهن درويش، ويحمل شعاراً له كلام ابن عربي حين قال «المكان الذي لا يْؤنّث لا يُعَوّل عليه».
وتوضح «في مبادرة جدليات نريد أن نقيم محاورات مكثفة حول الشرنقة التي تحيط بالمرأة مغلّفة كنهها وذاتها، في علاقتها بهذا الكونِ وبنصيبها من المعتقدات والأقاويل والأحداث، وفيما تصنّفه فيها الإنسانيّات بتاريخها وعلومها الإنسانيّة والاجتماعيّة».
«جدليات» تقرأ الواقع
وتلتقط رنوة الحديث لتشير إلى أن الندوة المفتوحة التي تقام مساء اليوم هي ندوة «تتجاوز فيها المبادرة المسافة بين المثقف العربي وإنسان بيئته وشارعه»، ولذلك تشارك فيها نخبة من المثقفين يندمجون مع الحضور في نقاش حول الجدلية موضوع النقاش، مستعرضين نتائج ندوة مغلقة جمعتهم ببعض جمهور التاء، حللوا فيها وناقشوا الواقع الاجتماعي والثقافي للمرأة.
تقول رنوة: «كلّ الذين غزلوا النِّصفَ الأولَ من الحكاية، كلّ الذين تفحّصوا امرأة مَّا على أرصفة الشوارع التي كانت تصل بين إنسان المجتمع وبين المثقّفين في ورشة (غزل بنات). يتجَرّدون اليوم من فكرة السرّ، ليقولوا الأفكار التي توصّلوا إليها في النقاشات السابقة، ويشرحوا في ندوة مفتوحة ما أنتجته تجربة ساعات معدودة ومكثّفة كانت قريبة من الشارع ومن أفكاره حول المرأة كما صوّرت ذلك أذهان الجمهور وروّجت لها معتقداتهم ومجتمعاتهم».
وتأتي ندوة «الجميلات هن...» لتبني على النتائج التي تم التوصل إليها عبر ورشة «غزل بنات» التي تمثل المرحلة الأولى من مبادرة «جدليات». وقد انطلقت الورشة يوم الخميس الماضي (22 سبتمبر/ أيلول الجاري) وتمثلت في ورشة تحضيرية نظمت على هيئة سيمنار ثقافي اجتماعي حلل فيه الضيوف والجمهور القضية موضوع المبادرة.
وبحسب رنوة فقد «تم تقسيم حضور الورشة المغلقة إلى سبعة مجاميع إنسانية شكلت حلقات اختصاصية مصغرة قامت بقراءة واقعية وتحليل للقضية موضوع النقاش، كما رصدت الواقع الاجتماعي عبر العديد من الحكايات والقصص والتحليلات والإحصائيات الموجودة».
أقيمت الورشة في مقهى دارسين بمتحف البحرين الوطني، وضمت الممثّل السوريّ جمال سليمان، والمخرج المصريّ خالد يوسف، والناشطة الاجتماعيّة المغربيّة جميلة حسّون، والباحثة التونسيّة آمال القرامي، والروائيّة اللبنانيّة نجوى بركات، والإعلاميّة والشاعرة البحرينيّة بروين حبيب والكاتب الصحافيّ في صحيفة «اليوم السابع» المصريّة بلال رمضان، يرافق كلَّ واحد منهم أحد المثقّفين البحرينيّين.
الجميلات... وشهرزاد
ندوة «الجميلات هن...» تمثل المرحلة الثانية على جدول أعمال مبادرة «جدليات»، وتتضمن هذه المرحلة إلى جانب الندوة، فعالية أخيرة عنوانها: «ما لم تقله شهرزاد...»، تنظم في الأسبوع الأخير من المهرجان إذ يعمل فريق المبادرة على كتيّب يوثّق كل المجريات والحكايات والنتائج التي دارت خلال فترة انعقاد ورش العمل والمناظرات.
تقول فاطمة «يمثّل الكتيب تجربة حكائية بالدرجة الأولى، وتوثيقًا إنسانيَّا ووثائقيًّا بالدرجة الثانيّة حيث يمكن إعادة توظيف الكتيّب في الاشتغالات اللاحقة على القضيّة نفسها، إلى جانب تكوين ذاكرة جماعيّة تراكميّة وعلامة حقيقيّة بالتبادل ما بين المثقّف والجمهور».
في الندوة التي تقام اليوم «الجميلات هن...» تقول فاطمة «يتوسع مختبر (غزل بنات)، بعد دراسة الواقع وتشكيل المادة العلميّة في الندوة المغلقة. اليوم يواصل الضيوف نقاشاتهم لكن في مساحات جماعية مفتوحة للجميع عبر نقاشات أعمق، تُسلّط الضوء على أهم الحكايات والمعطيات.
وتواصل «يسرد المثقفون عبر هذه الندوة المفتوحة علنًا تجربتهم الأخيرة ويقترحون من قلبِ الثقافة شكلاً ما لكائن الأنثى. نحاول معًا التفكير بصوتٍ عالٍ أو مرتفع من أجل إيجاد حلول لمعالجة المسلّمات الاجتماعيّة والإنسانيّة، ونبش إمكانيّات بوادر إيجابيّة ذات صلة بالموضوع. تنبش الندوة بأوراق العمل نتائج الحلقات ومداولاتها، ويتحوّل المثقف الزائر إلى محلّل يمرّر بفلتر الثقافة رأي الجماعات ومعايشة الأفراد الشخصيّة للقضيّة. وتحاول من خلال هذا الحدث التفكير بصوتٍ عالٍ أو مرتفع من أجل إيجاد حلول لمعالجة المسلّمات الاجتماعيّة والإنسانيّة، ونبش إمكانيّات بوادر إيجابيّة ذات صلة بالموضوع».
وتضيف «الجميلات هنّ...» خروجٌ عن شرنقة محبوكة بعناية، حيث الآن وحدها الحقيقة نافذة العبور.
تجاور العامة والنخبة
تقوم فكرة مبادرة «جدليات» كما تشير رنوة وفاطمة على نقض «الفكرة القديمة التي كانت تجعل من صوتِ العامّة منخفضًا أو مهمّشًا قبالة نخبوية المثقّف أو أروقة الفكر المعزولة، وتجعل من الخبير أو المثقّف بعيدًا، فيما لا يتجاوز هو دور التقنيّة أو الأداة العامّة للفهم، هي ما تحاول مبادرة «جدليّات» التخلّص منها».
وتوضحان على لسان رنوة «نحاول عبر هذه المبادرة دمج الثقافة بالمجتمع، هذه الفكرة لا يمكن تحقيقها باعتماد العلاقة القديمة بين الفكر والجمهور حين يكون دور الفكر هو العرض فيما ينحصر دور الجمهور في التلقّي أو الحفظ. لا يمكن صنع التغيير أو الاستيعاب إلا حينما يتم الالتفات إلى المصغي أو الرائي كما للمؤدّي».
وعن أهمية عملية تبادل الأدوار بين المثقفين والعامة تقول فاطمة: «نريد أن نتخلص من فكرة الرواق إلى مختبر إنساني حقيقي كل شيء فيه مسموع، كل شيء فيه متاح لأن يكون على طاولة التشريح، وهذا الشارع بكامله من حقّه أن يقول ويفصح عن ثقافته وفكره وهواجسه».
وتضيف «نعمل في مبادرة جدليّات على رصد الواقع الاجتماعي والإنساني والثقافي، ومن ثمّ إعادة فرز وقراءة وتحليل معطياته ونقاشاته ومعالجاته الثقافية لتلك الأوضاع والظروف والسلوكيّات في اتصال بالفكر، التنظيرات، الفلسفة، النقد والعلوم الإنسانية، الفنون، ومختلف النتاجات الثقافيّة.
لذلك تشير «تعمد المبادرة إلى تجاوز الفكرة بمتناولها الماديّ والتنظيري إلى واقعها ودلائلها المعيشيّة، بتجريدٍ وبساطة عبر التفاعل الإنسانيّ العفويّ والمدروس على حدّ سواء، ومن ثم السعي إلى إحداث أثر إيجابيّ مواز على المجتمع.
فكرة المبادرة بحسب رنوة وفاطمة تقوم على «الاشتغال على قضيّة ما يتم اختياره، بحسب النقاشات أو الجدليّات المشاعة مؤخّرًا أو تلك التي تؤرق الثقافة والاشتغالات الفكريّة، حيث يتمّ عمل رصد عام لها، ثم قراءتها وتحليلها باستخدام الأداة الثقافية أيًّا يكن نوعها، وفي ذلك ابتعاد عن تناول الثقافة كمادة إنتاجيّة منفصلة أو حالة فردية وذاتيّة، وبعيدًا عن شخصِ المثقّف، مقابل الاندماج في القضيّة أو الجدليّة عبر مختلف أطروحاتها البصريّة، التمثيليّة، السينمائيّة، الفلسفيّة، التنظيريّة، الموسيقيّة، الفنيّة، المعلوماتيّة، البحثيّة، المسرحيّة، الاجتماعيّة، النفسيّة وغيرها. هذه المجاميع والمتلازمات الثقافيّة، سيتم دمجها في إطار القضيّة، لا إطار تعدّدية المادّة أو فرادتها».
ويفيدان «اختارت جدليات لبحثها وورشها هذا العام عنوان «المرأة: هاجس في الثقافة والمجتمع»، ونحن إذ نختار هذا العنوان فإننا نعمل جادّين على الوصول للقاعدة الشعبية وتكوين نواة حقيقية للتغيير، نواة و إن كانت مؤلفة من عدد ليس كبيرًا، لكنه فاعل، ولا نعمل على زيادة المؤتمرات والندوات واحدة.
تعزز الحوار وتقلص المسافات
أهداف المبادرة تتلخص بحسب القائمتين عليها في «تقليص المسافة بين ثقافة الشارع وثقافة النخبة عبر طاولات نقاشيّة تلتئم فيها مختلف الرؤى والأبعاد الثقافيّة والاجتماعيّة، بالإضافة إلى تعزيز فكرة الحوار ما بين أنماط التفكير التي تعود وتُنسَب إلى خلفيّات وعقليّات مختلفة، عدا الإسهام في تفعيل الثقافة باعتبارها أداة للتطوير المجتمعيّ من خلال طرح الأسئلة والمناقشات، والتركيز على الجدليّات والاحتمالات المتعدّدة التي تحملها القضايا».
العدد 4004 - الجمعة 23 أغسطس 2013م الموافق 16 شوال 1434هـ