أصبح من شبه المؤكد أن العالم النامي قد فشل إلى حد كبير في بلوغ واحد من الأهداف الإنمائية للألفية الأساسية للأمم المتحدة، أي تقليص عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة الفقر المدقع والجوع إلى النصف بحلول عام 2015.
فعلى رغم التقدم المحدود المحرز حتى الآن، لايزال هناك أكثر من 1.4 مليار شخص - من أصل سبعة مليارات نسمة يسكنون كوكب الأرض - يعيشون تحت خط الفقر (1.25 دولار في اليوم) وعلى حافة المجاعة الحادة.
وأفادت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة، أن 16 دولة على الأقل حققت بالفعل هدف مؤتمر قمة الغذاء العالمي المنعقد في عام 1996، وذلك بخفض العدد الإجمالي للأهالي الذين يعانون من نقص التغذية، وهي أرمينيا، أذربيجان، شيلي، كوبا، فيجي، جورجيا، غانا، غيانا، نيكاراغوا، بيرو، ساموا، سان تومي وبرينسيبي، تايلند، أوروغواي، فنزويلا، وفيتنام.
في هذا الشأن، صرح مدير عام منظمة الأغذية والزراعة، جوسيه غرازيانو دا سيلفا، أن ذلك كان ممكناً بفضل الأولوية التي علقتها الحكومات على ضمان الحق في الغذاء والسياسات التي نفذتها لهذا الغرض.
وفي الوقت نفسه، توقعت لجنة رفيعة المستوى مكونة من شخصيات بارزة في تقرير لها في الشهر الماضي، موعداً نهائياً - عام 2030 - لاستئصال الفقر المدقع والجوع من وجه الأرض.
ولكن، ما مدى واقعية هذا الموعد النهائي الجديد؟
أجاب إرنست ويث كوريا، الذي عمل لمدة ما يقرب من 19 عاماً في أمانة البنك الدولي، في إطار المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية - قائلاً إن «التنبؤات تشكل خطراً في رمال التنمية المتحركة». ومع ذلك، فمن الأفضل التطلع إلى هدف جدير بالاهتمام من عدم القيام بأي شيء على الإطلاق»، وفقاً لويث كوريا، الذي سبق وأن شغل منصب سفير سري لانكا لدي الولايات المتحدة وغيرها من الدول.
وذّكر ويث كوريا، بأن «الجوع هو آفة قاسية ومنهكة، وسوء التغذية تتسبب في وفاة ثلاثة ملايين طفل سنوياً، ومن ثم يعتبر عكس هذا الوضع المأساوي هدفاً يستحق السعي من أجل تحقيقه».
ومن جانبها، قالت جوان روساو، من «مشروع بحوث الامتثال العالمي» ومقره كندا، إن أحد الأسباب التي أدت إلى فشل تحقيق أهداف ألفية التنمية (لاسيما الخاص بالجوع)، ربما كان استخدام مصطلح «بمقدار النصف»، «فكان لابد أن يركز هذا الهدف على القضاء على الفقر المدقع والجوع ومن ثم على الوسائل الجذرية لتحقيق هذه الغاية».
وأضافت هذه الناشطة صاحبة الخبرة الطويلة في مجالات السلام والتنمية، أن ذلك سيكون ممكناً بحلول عام 2030 فقط إذا غير المجتمع الدولي - وبشكل جذري - الممارسات الحالية.
ويشمل هذا «حظر صفقات الاستيلاء على الأراضي لإنتاج المحروقات الزراعية (المسماة بالوقود الحيوي) في جميع أنحاء العالم، وفرض حظر عالمي على الأغذية والمحاصيل المعدلة، وتشجيع الزراعة العضوية، وتأسيس مرحلة انتقالية نزيهة وعادلة للمزارعين والمجتمعات المحلية المتضررة...».
وشرحت جوان روساو: أن «هناك أيضاً قضايا ملحة أخرى يجب حلها من أجل القضاء على الجوع بحلول عام 2030، بما في ذلك التغير المناخي».
وشددت: على ضرورة إجراء تخفيضات كبيرة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في المقام الأول عن طريق حفظ بالوعات الكربون، وإنهاء الدعم لصناعات الوقود الأحفوري، والتخلص بجدية من إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري، والتخلي عن النظام الغذائي القائم على منتجات الحيوان لصالح اتباع نظام غذائي نباتي.
كما دعت الى إجراء تخفيضات كبيرة في الموازنات العسكرية العالمية، والاستثمار في وسائل نقل منصفة اجتماعياً وسليمة بيئياً، وفي الطاقة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية.
بالإضافة إلى ذلك، شددت الخبيرة على ضرورة إلغاء «الديون المدمرة للدول النامية»، والتخلي عن برامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي، والقضاء على مشاريع البنك الدولي المرتجلة.
من جهته، قال مدير السياسات في معهد سان فرانسيسكو المستقل ومقره اوكلاند فريدريك موسو «إن أزمة أسعار الغذاء في الفترة 2007-2008 أدت في الغالب إلى التفكير في التمني بإمكان تحقيق الأمن الغذائي العالمي في اجتماعات المؤتمرات الدولية».
ومع ذلك، فالحلول المطروحة ومنها مثلاً أن الاستثمار الأجنبي في الزراعة سيؤدي إلى تحقيق الأمن الغذائي - عادة ما تتجاهل ظاهرة الاندفاع على الأرض (الاستيلاء على الأراضي) التي لم يسبق لها مثيلاً على مدى السنوات الخمس الماضية، بغية الاستيلاء على الموارد الطبيعية - الأراضي والمياه والغابات التي يعتمد عليها أفقر الفقراء لضمان العيش.
وأضاف: «نحن نعرف أن هناك ما يكفي من الموارد لإطعام الجميع، وبالتالي فمن الممكن للقضاء على الجوع بحلول عام 2030، لكن ذلك يتطلب إجراء إصلاحات جذرية لسياسات الأمن الغذائي والتنمية الحالية، التي يجب أن تركز على دعم سبل معيشة فقراء الريف في البلدان النامية، وحماية حقوقهم في الأرض، والحصول على الموارد الطبيعية، وتشجيع أساليب الإنتاج المستدامة».
العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ