قال الناشط يعقوب سيادي ان «التوسع في الحل الأمني والتجاوزات يسد باب التواصل والحوار المجتمعي للخروج من الأزمات السياسية في البحرين».
وأضاف في ندوة قدمها في مقر جمعية العمل الوطني في أم الحصم مساء الأربعاء (21 أغسطس/ آب 2013) عن «توصيات المجلس الوطني» أن «التوصيات في جلها، لم تخرج عن تخويل السلطة التنفيذية، فرض العقوبات أو تشديدها، أو استحداث جديدها وقاسيها، في استمرار لنهج السلطات، بإغفال الإصلاح والتأهيل والتطوير بالاستجابة للمطالب الشعبية، لحساب العقوبات الانتقامية، وبإغفال لمسببات الأزمة».
وتابع سيادي «فقد جاء في التوصية الأولى، يوصي المجلس الوطني بموجب المادة رقم (38) من الدستور، بإصدار مراسيم بقوانين في فترة غياب البرلمان لتشديد العقوبات في قانون الإرهاب، ولتنفيذ هذه التوصيات إذا تطلب الأمر، ولمواجهة ما يستجد من تداعيات تتطلب اتخاذ إجراءات لا تحتمل التأخير للحفاظ على أمن الوطن واستقراره»، هنا إشارة إلى المادة الدستورية رقم (38)، بإنفاذها، في حيز محدد وهو تشديد العقوبات في قانون، «الإرهاب» مع أنه ليس هناك قانون بهذه العنونة، بل هناك قانون رقم 58 لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية».
وأكمل «أما التوصية الثانية، «إسقاط الجنسية البحرينية عن كل مرتكبي الجرائم الإرهابية والمحرضين عليها»، تبدأ التوصية بإسقاط الجنسية، وكأن الجنسية منحة، يمنحها ويسقطها من يشاء، وما كأنها حق لا يمس، إلا من صاحبها في الاختيار، فما عقلوا فقه العقوبات، وليست إسقاط الجنسية لأي سبب كان من بينها، ففي العهود الدولية لا يعيش إنسان دون جنسية من اختياره، وفي تقديري حتى الخيانة العظمى، فلها ما يجب من العقوبات، ما هو أشد من إسقاط الجنسية، إلى مثلاً الحكم بالسجن المؤبد، والحرمان من الحقوق السياسية، طوال الحياة، والخزي والعار في المجتمع أثناء الحبس وبعده، شرط أن تكون العقوبة شخصية لا تطال غير الجاني».
ولفت إلى أن «الملاحظ في مرسوم التعديل للقانون 58 والصادرة بالمرسوم رقم 20 لسنة 2013 مؤخراً في المادة 24 مكرر (مضافة) ونصها «بالإضافة إلى العقوبة المكررة، يُحكم بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 5 الى 9 و12 و17، ولا ينفذ الحكم الصادر بإسقاط الجنسية إلا بعد موافقة ملك البلاد» وكمثال لعدم الإطالة، المادة 17 المعدلة في القانون تنص على انه «يعاقب بالسجن كل من حرض غيره على ارتكاب جريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، ولو لم يترتب على فعله أثر»، إلا أن اشتراط إسقاط الجنسية بموافقة الملك، فلها احتمالات عدة ليس هنا مجالها».
وتساءل «التوصية الثالثة نصت على «المعاقبة على التحريض، وتشديد العقوبة على المحرضين»، فما جديد المعاقبة على التحريض؟ فهناك قانون مختص، فما معنى التوصية بذلك، فهل كان القانون المعني مركونا أو مجمدا؟ أما تشديد العقوبة في إطلاقها العام، فهو أمر بالغ الخطورة، ومن واجب النواب أن يمتهنوه بدلا من إيكاله للسلطة التنفيذية، ويسقطون بذلك واجبهم الدستوري في محاسبتها بما يحفظ للمواطنين حقوقهم».
وبيّن أن «التوصية الرابعة، «فرض عقوبات مشددة»، ما هي إلا تكرار للتوصيتين الأولى والثالثة، أما التوصية الخامسة، «تجفيف كافة مصادر تمويل الإرهاب»، فعبارة غير قانونية، فالعقوبة تطبق على المال المستخدم في الجريمة وهو أمر احتواه القانون في المادة 34، فما جديده؟».
وذكر سيادي أن «التوصية السادسة، «منع الاعتصامات والمسيرات والتجمهر في العاصمة المنامة»، فهل للبحرين عاصمة أخرى غيرها المنامة، ثم ما هذا المنع الذي يتعارض مع الحق الدستوري في التجمعات والمسيرات، بالمنع العام، أي كانت مبرراته، على خلاف الدستور في المادة 28 البند ب «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة»، فالأصل الإباحة شرط ما ورد في المادة من شروط، بما يعالجه القانون».
وأردف «التوصية السابعة، «اتخاذ كافة التدابير اللازمة لفرض الأمن، وإن تطلب الأمر فرض حالة السلامة الوطنية»، ونذكر النواب، بأن التدابير لا تأتي بهوى النفس، لا بل بقانون محددة فيه الإجراءات، أما التوصية بفرض حالة السلامة الوطنية، فنذكرهم، بالبند (ب) من المادة الدستورية رقم (36)، ونصها «لا تعلن حالة السلامة الوطنية أو الأحكام العرفية إلا بمرسوم، ولا يجوز مدها إلا بموافقة المجلس الوطني بأغلبية الأعضاء الحاضرين»، أعيدوا قراءة هذا البند، فحالة السلامة الوطنية لا تعلن إلا بمرسوم ملكي، فالأمر منوط بالملك، وليس للنواب إلا النظر في مدها وبأغلبية حضور المجلس الوطني، بمعنى أنه بحسب المادة 103 من الدستور، ينعقد المجلس الوطني بحضور 21 عضوا نيابيا و21 عضوا شوريا، بمجموع 42 ويصدر قرار تمديد حالة السلامة الوطنية بموافقة 22 عضوا من المجلسين، بغض النظر عن عضويتهم في أي مجلس، الأمر الذي يطال حياة جميع الناس الطبيعية، راجع لقرار 22 عضوا من أصل ثمانين، أي ما نسبته 27.5 بالمئة، ما يشير إلى سهولة التمديد، التي تحتاج لإعلان حالة السلامة الوطنية أولاً».
وأضاف «التوصية الثامنة، «اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الجمعيات السياسية التي تحرض على أعمال العنف والإرهاب»، ما بالكم يا نواب، فجمعية أمل المرخصة، تم إيقافها بالإجراءات القانونية التي تتحدثون عنها، وشتان ما بين «الإجراءات القانونية» والقانون، بتعديها عليه، وذلك بدعوى أنها لم تعقد مؤتمرها العام بحسب المدة القانونية، وأنها عقدت مؤتمرها في صالة للفعاليات الاجتماعية والدينية، وليست مسجداً للصلاة، فاعتبرتها «الإجراءات القانونية»، دار عبادة، لتنال من الجمعية بالإغلاق، فما بالكم لو كانت التهمة هي التحريض على الإرهاب؟».
وأوضح أن «التوصية التاسعة، «تعديل القانون رقم 58 لسنة 2006م بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية لسد الثغرات».
وأشار إلى أن «التوصية العاشرة، «منح الأجهزة الأمنية الصلاحيات الضرورية والمناسبة لحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والترويج لها»، أما التوصية الحادية عشرة، «ضرورة التنبيه على سفراء الدول الأجنبية وممثليها بعدم التدخل في الشئون الداخلية للبحرين»، كيف ذلك والسفراء ممثلون لمواقف دولهم، في القضايا الدولية، وفي علاقة دولهم بالبحرين؟ ويحكم ذلك كما جزئية في توصيتكم، القانون الدولي والأعراف الدولية، ولا شأن لتوصيتكم بها».
وتابع أما «التوصية الثانية عشرة، «تشديد العقوبات ضد كل من يثبت تورطه في زج الأطفال واستغلالهم في الأعمال الإرهابية وتخريب المنشآت العامة والخاصة» فما علاقة الأطفال دون العاشرة فيما تدّعون من أعمال إرهابية، أم ان سقف الطفولة عندكم هو ما دون الواحدة والعشرين من العمر».
وأكمل «التوصية الثالثة عشرة طالبت بـ «الالتزام التام والكافي بتطبيق كافة القوانين العقابية»، فهل لزوم تطبيق القانون للعقاب فقط، أليس القانون مانحاً للحقوق أيضاً؟، فيما دعت التوصية الرابعة عشرة إلى «انتهاج خطاب وسطي معتدل للمحافظة على النسيج الاجتماعي للمجتمع البحريني».
وأردف سيادي «أما التوصية الخامسة عشرة فدعت إلى «توجيه الأجهزة المعنية في الدولة بتفعيل الإجراءات القانونية ضد كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بصورة غير قانونية، وتشديد العقوبات ضد كل من يستخدم هذه المواقع لترويج معلومات خاطئة لجهات خارجية تتربص بأمن البلاد واستقرارها».
وواصل «فيما جاءت التوصية السادسة عشرة، بـ «التأكيد على عدم المساس بالحريات الأساسية، وخاصة حرية الرأي بشكل يوازن بين تطبيق القانون والمحافظة على حقوق الإنسان»، يبدو أنها جاءت بخطأ غير مقصود، في تناقض محتواها مع باقي توصياتكم، أو انها استدراك حقوقي».
وشدد على أن «التوصية السابعة عشرة، «النظر في السياسة التعليمية والتربوية، وإعادة مراجعة المناهج التعليمية وتنقيحها بما يكفل وقاية المجتمع من العنف والأعمال الإرهابية وتقويم سلوك أبناء الوطن»، هذا كل ما ارتأيتموه من أهداف التربية والتعليم، أليس منها تعميق الأخلاق الحميدة ومفهوم المواطنة والعدل والمساواة وحفظ كرامة الإنسان واحترام الآخر».
وأشار إلى أن «التوصية الثامنة عشرة دعت إلى «تسليط الضوء إعلامياً على خطورة الإرهاب وتأثيره على استقرار الوطن واقتصاده، ونبذ كل ما يمت للإرهاب ووسائله بصلة» سنضع أيدينا في أيديكم، لو استبدلتم هذه التوصية بقانون تصدرونه، نصوصه موصولة بالعنف والإرهاب من جميع الأطراف بما في ذلك السلطات».
وأضاف «التوصية التاسعة عشرة «مساندة الجهود المخلصة لجلالة الملك بتشجيع الحوار الوطني الجاد»، وتوصيتكم هنا بالانتقال بالحوار الوطني إلى الجدية وبما يلبي مطالب الشعب سيدكم وسيد جميع السلطات».
ولفت إلى أن «التوصية العشرين، «عدم شمول المتورطين في الأعمال الإرهابية بالعفو الملكي عن العقوبات» ، وتوصيتكم هذه بالمعمم بالإرهاب، الذي يقضي على حياة الأبرياء دونما ذنب، في بعضه، وفي حرق إطار أو إغلاق شارع لبضع دقائق، أو في الرد على تجاوزات الأمن على حقوق الإنسان، في بعضه الآخر، كما تصفونه أنتم بالإرهاب، يجعل من التوصية، سدا لباب التواصل والحوار المجتمعي للخروج من الأزمات السياسية، بالسير في تأزيمها بما يطال الهدم السياسي والمطلبي».
وتابع «التوصية الحادية والعشرون، «وضع استراتيجية شاملة للمنظومة الأمنية في المملكة، بما يكفل لها مواجهة كافة المستجدات ودعم جهود القائمين عليها وحمايتهم»، أليس الأجدر أن تقيدوا إجراءات المنظومة الأمنية، بالقانون والمساواة، والالتزام بعهود ومواثيق حقوق الإنسان، لتنتفي الحاجة إلى الإجراء الأمني جراء الاحترام المتبادل ما بين القائمين عليه والمواطنين».
العدد 4003 - الخميس 22 أغسطس 2013م الموافق 15 شوال 1434هـ