مضى على انتهاء أحداث 14 أغسطس الجاري قرابة أسبوع، ونحمد الله رغم كل ما حدث فيه من تصعيد وانتهاكات، أن هذا اليوم مرّ دون ضحايا من البحرينيين وغير البحرينيين، خصوصاً أن هذا اليوم كان قد سبّب توتراً سياسياً وأمنياً واضحاً خلال الأسابيع التي سبقته، تحسباً لما قد تؤول إليه الأمور في ذلك اليوم.
انتهى 14 أغسطس، لكن الأزمة في البلاد ما تزال قائمة، والتوتر السياسي والأمني ما يزال يرتفع ويتصاعد بوتيرة مستمرة ودون توقف، ولا نعتقد أن الحل الأمني الذي يُنتهج منذ بداية الأزمة في البلاد قادرٌ على أن يقدّم حلولاً ناجحةً لمشكلات هذا الوطن وأهله.
نعم، انتهى 14 أغسطس وأصبحت أحداثه ذكرى أخرى تضاف إلى كاهل هذا البلد، ولكن بقيت حالة الشد والجذب بين مختلف الأطراف السياسية على حالها، فلا الانتهاكات يبدو أنها ستتوقف قريباً، ولا الدعوات الوطنية نحو الديمقراطية والحرية والشراكة الحقيقية في إدارة ثروات البلد انخفض حراكها، ويبقى أن فاتورة هذه الأزمة تستنزف البلاد والعباد يوماً بعد آخر.
كل الحلول في البحرين جُرّبت لوأد هذه الأزمة المستفحلة في البلاد منذ عقود، إلا الحل السياسي فما يزال مغيّباً بشكلٍ قسري عن المشهد الوطني. البحرينيون منذ عشرينيات القرن الماضي كانوا يطالبون بمجلس تشريعي كامل الصلاحيات، ووقف التمييز والتعديات على الأراضي والثروات الوطنية، ومحاربة الفساد، وتحقيق الأمن للجميع، وها نحن بعد قرابة مئة عام من ذلك، نجد أحفاد أولئك البحرينيين يطالبون بذات المطالب التي لو استجيب لها لما وصل الحال بالبحرين إلى كل هذه المآسي التي تعيشها اليوم.
تغييب الحل السياسي عن المشهد الوطني، يعني بشكل تلقائي أن المخرج للأزمة البحرينية سيطول، ولا نجد مستفيداً واحداً من إطالة هذه الأزمة، إلا من الذين يجدون أن أمنهم يبدأ من سلب أمن الآخرين، وغناهم يأتي من إفقار غيرهم، وسعادتهم تتأتى من عذابات وجراح الناس، وان حملات الكراهية هي التي يجب أن تسود في البحرين حتى يتفرق البحرينيون بأية وسيلة كانت، بالدين، بالسياسة، بالإعلام... وبغيرها، المهم أن يتفرق الناس ولا يصلوا إلى كلمةٍ سواء بينهم.
الحرية والكرامة والعدالة والمساواة مطالب فطرية لدى البشر، وليست مطالب مختصةً بطائفةٍ دون أخرى، ولا أصحاب عقيدة دون أخرى، ولا منتحلي دين دون آخر، ومحاولة تصوير المطالبة بهذه الحقوق على أنها دعوات طائفية، استغفالٌ للقيم الإنسانية قبل الدينية، ولا يوجد دينٌ أو ملةٌ تحارب هذه القيم، ولا يوجد شعبٌ في كل بقاع الأرض لا يطمح لنيل الحرية والكرامة والعدالة والخير للجميع.
نسأل بعد انتهاء دعوات 14 أغسطس الجاري، ماذا يمكن أن يحدث حتى 14 أغسطس 2014، أي بعد عام من الآن، هل ستبقى البحرين أسيرة الحل الأمني، ويظل البحرينيون يحبسون أنفاسهم أمام كل حراك أو دعوة مجهولة المصدر أو معلومة، ويترقبون مآل الأمور وأيديهم على قلوبهم خشية أن يقع المزيد من الضحايا؟ أم سنكون وقتها مع بحرين جديدة يتنفس فيها البحرينيون جميعاً الحرية والكرامة والعدل؟
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 4002 - الأربعاء 21 أغسطس 2013م الموافق 14 شوال 1434هـ
الله كريم
الله كريم ساصبر حتى يعجز الصبر عن صبري واصبر حتى حكم الله في امري واصبر حتى يعلم الصبر انني صبرت على شئ امر من الصبري. صابرين والفرج قريب
شكرا
شكرا على الموضوع .. يشاطرك الجميع على ما كتبت من هواجس