تشير الأحداث الجارية في منطقتنا العربية إلى أنّ اللاعبين الأساسيين في مقدرات أمور المنطقة وشؤونها بلغوا حداً لا يوصف من العبثية واللاعقلانية في مجمل سلوكهم السياسي تجاه قضايا مجتمعاتهم المصيرية.
إن ما يجري من احتراب داخلي بين مختلف القوى السياسية الحكومية والأهلية في مختلف الدول العربية، وما ينتج عنه من ضحايا بشرية ومادية ومعنوية هائلة، يعتبر مؤشراً على سوء الأوضاع التي وصلنا إليها جميعاً.
لقد أثبتت حكومات المنطقة عجزاً في أجهزتها، وضعفاً في القدرة على إصلاحها، وسوءًا واضحاً في الإدارة، فضلاً عن تخبط في السياسات أدى إلى انتعاش القوى المحافظة، واندلاع الصراعات المسلحة، بالإضافة إلى انتشار العنف الاجتماعي، وتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وبدلاً من أن تستجيب هذه الحكومات لمطالب الإصلاح السياسي وتطوّر في أنظمتها بحيث تستجيب للتغيرات المحلية والدولية، إلا أنها حولت جميع أجهزتها إلى أدوات قمع ضد مواطنيها، وعملت كل ما من شأنه الإبقاء على الوضع القائم دون أي تغيير يذكر.
ويتضح جلياً تسخير بعض هذه الأنظمة لمختلف الإمكانيات المالية والسياسية والعسكرية بهدف تأزيم الأوضاع في دول أخرى كانت في أمس الحاجة إلى من يساهم في تعزيز التفاهم بين قواها السياسية، ودعم مسيرة التغيير السلمي فيها. بل إنّ الدفع باتجاه التوتر الطائفي في المنطقة العربية بشكل عام استخدم كأداة كبح لمطالب الإصلاح والتغيير.
واقعاً... لم يتمكن النظام السياسي العربي من تشكيل رؤية لمشروع نهضوي فاعل تجاه مختلف التحديات التي تمر بها المنطقة، مما جعله ضعيفاً ومتلكئاً ومتردداً وبطيئاً في طرح المبادرات المناسبة.
ومن ناحية أخرى، فإنّ الجماعات السياسية في المنطقة العربية بدورها أثبتت في المواقع التي تسلمتها، أنها غير ناضجةٍ في التعاطي مع الأوضاع السائدة، فهي لم تتمكن من استيعاب حالة التنوع والتعددية في مجتمعاتها، ولم تستوعب أبعاد الحراك السياسي المتنامي.
كشفت التطورات المتلاحقة أن الجماعات السياسية الجديدة لم تكن تملك مشروعاً وطنياً إصلاحياً متكاملاً يمكن أن يكون بديلاً أفضل عن النظم التي حلت محلها، كما أنها لم تتمكن من صياغة وتطوير مشاريع وبرامج عمل توافقية.
لقد انجر الكثير من هذه الجماعات إلى صراعات داخلية، وتحوّلت إلى أطراف في النزاعات الدائرة، ووجهت قدراتها وإمكانياتها في محاربة وإضعاف القوى المنافسة لها لإسقاطها، دون أن تعير اهتماماً كبيراً بالمصلحة الوطنية المشتركة.
وعلى صعيد شعوب المنطقة، فإنّها أثبتت قابليتها للاندفاع نحو أجندات معدّة لها، وأكدت استعدادها للدخول في صراعات وصدامات داخلية حول قضايا هامشية، متناسيةً أولوياتها في هذه المرحلة.
إنّ متابعة الشارع تعكس انسياق قطاعات كبيرة من الناس وراء شعارات براقة ووهمية لا تمت إلى الواقع بصلة، وتردد مفردات ومصطلحات وتتناقلها دون أن تعي أبعادها ومضامينها، وتساهم بصورةٍ أو بأخرى في تدمير بناها الاجتماعية تبعاً لمواقف معينة.
أمام هذه الأوضاع المضطربة، والضعف الحاصل لدى اللاعبين والفاعلين في الشأن السياسي، أولئك الذين أثبتت الأحداث عجزهم جميعاً عن التعاطي معها، فإنّ الباب يفتح على مصراعيه أمام تدخل القوى الخارجية والاستفادة من الضعف القائم في المنطقة لتحقيق مصالحها.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"العدد 4001 - الثلثاء 20 أغسطس 2013م الموافق 13 شوال 1434هـ
رغم التخلف في اجهزة الدول العربية الا ان الحكومات تقاوم التغيير
التغيير سنة حتمية وقد بدأت بالدول الغربية ومن لحقها من بعض الدول الا ان الدول العربية وبدل ان تأخذ العظة من ذلك تحاول ان تقف ضد التيار وصده وهذه محاولات فاشلة 100% ولكن المشكلة في الكلفة التي ستدفعها الشعوب مقابل جنون البعض ومحاولة بقائه اطول فترة ممكنة فهؤلاء اشخاص يعدون على الاصابع ولكنهم يتحكمون في مفاصل دول بأكملها والتغيير يتطلب ازاحة هؤلاء والتي بذاتها تكلف الدول اموالا ودماء وويلات ولكن هم بعد يصرون على بقائهم ويش نسوي