هناك جزء من حكايات هذا الزمان، بشر يعتقدون أن إعطاء الرهبان قوالب الحلوى والبسكويت والسكاكر سيجلب لهم السعادة في هذه الدنيا ولمحبيهم الذين فارقوا الحياة! بينما تشدد تعليمات وزارة الصحة في بلدهم على ضرورة تناول الرهبان للخضار والفواكه والتخفيف من استهلاك السكر والملح. إلا أن قوالب الحلوى والبسكويت والسكاكر بدل أن تجلب السعادة لهؤلاء الرهبان البوذيين وللآخرين، تحوّل تأثيرها لإصدار فتاوى تكفيرية متوحشة ضد المسلمين تحديداً.
وهنا كل حكايات هذا الزمان، فالعالم الحضاري المتمدّن من حولنا يصنع كل شيء، ويصدّر كل ما هو مفيد ومهم لتطور وتقدم البشرية، وبعض العرب المسلمين منشغلون ليل ونهار بكتابة كلمات وصياغة أنغام النوتة التكفيرية التي باتت لا تُعزف، بدعم وارتياح تام من قبل الممولين للجوقة؛ إلا على أجساد طائفة واحدة من العالم الإسلامي وهم الشيعة. أضف إلى ذلك، التفنن بصنع أجساد مفخخة، وقودها كل حثالة العالم المصدرة لنا، لتقتل الناس في الشوارع والمباني والمقاهي والأزقة والأسواق والبيوت، والأهم في المساجد والحسينيات، ولا يهم إن كان ذبح هؤلاء الأبرياء وقت الصلاة أو الصيام أو العيد أو في مأتم تعزية أم وهم نيام؛ المهم أن يُقتل كل إنسان يتحرك في تلك الأمكنة حتى يهنأ بعدها القتلة بتناول طعامهم، خالي الدسم، مع الأنبياء في السموات العُلى التي أرسلهم لها أصحاب الفكر والبرامج التكفيرية والتفخيخية الفضائية.
فما هي العلاقة بين هذه الحكايات، حسب نظرية المنطق الأرسطي؟
لنقرأ سوياً تلك العلاقة، فأولئك النباتيون البوذيون في أقصى الجنوب الآسيوي أو شرقه، لم نكن نسمع عن تعصبهم ضد المساجد الإسلامية أو الكنائس من الأخبار المعتادة قبل سنوات، باستثناء ما يحدث بين الهندوس والمسلمين في الهند، إلا بالكاد. ولكن منذ انطلق المخطط التكفيري الاقصائي للآخر؛ صارت هذه الأخبار عادية بعدما تشجعت كل الطوائف المنحرفة في كل دين وملة أن تتطاول على كل مذهب وعقيدة في أمة الإسلام، بل وفي المسيحية، ما عدا اليهودية التي لا تُمس عادةً، وهذا ما يضع علامات استفهام مريبة فيما يحدث، ليقفز سؤال مهم وهو: هل التكفير أصله مبدأ يهودي متشدّد ضد كل الأديان؟
فما يحدث اليوم من حفلات الزار للذبح العلني للمسلم في العراق وسورية ولبنان على يد أخيه المسلم أمام شاشات الفضاء المفتوح، أو المسلم أو المسيحي في مصر من قتل وسحل وتمثيل في الجثث على يد نفس المسلم؛ ومن تدمير لمساجد وكنائس وإحراقها أو إزالتها عنوة، ليس له إلا مصدر واحد، وهو هؤلاء الناس من ذوي الثقافة الفضائية الفتنوية الجاهزة في علب من خل الحقد وعلقم الانتقام الطائفي البغيض بلا معنى سوى تفريج كُرب وهموم الحركة الصهيونية والغرب الذي يدفع بأجندة هؤلاء وبأموالهم كذلك نحو الاقتتال الداخلي بعيداً عن الاتهامات الدولية للغرب نفسه بالعمل ضد الإنسانية أو إبادة الطوائف والملل الإسلامية.
إلا أن ما يحدثه هؤلاء من ظلم وذبح لإخوانهم المسلمين بين ظهرانيكم يُنتج في مناطق أخرى بنفس الأسلوب ضد اخوانهم من عموم المسلمين وعلى يد مجموعات تتعلم الدروس من هؤلاء التكفيريين. وإلا ما الذي شجع حشداً من البوذيين لمهاجمة مسجد في العاصمة السريلانكية كولومبو؟ وإلقاء الحجارة عليه بينما كان الناس يؤدون صلاة العشاء داخله ما أدى لوقوع صدام بين البوذيين والمسلمين. ألا تتصورون أن هؤلاء البوذيين وبعد أن شاهدوا ما يفعل التكفيريون في مساجدنا ودور عبادتنا والمصلين بها؛ قاموا بنفس العمل! كما صعدت الجماعات البوذية المتشدّدة في الأشهر الأخيرة حملتها ضد أهداف مسلمة ومسيحية. وكان هؤلاء البوذيون، المتشبهون بالتكفيريين في العالم الإسلامي، قد أمهلوا المسلمين لمواصلة الصلاة حتى نهاية شهر رمضان فقط، وعندما جاء العيد هجموا على المسجد بمن فيه، كما فعلوا في العام الماضي ضد مساجد ومتاجر المسلمين وكذلك الكنائس.
كما ساروا على نسق منهج الفتاوى التكفيرية الطيارة فضائياً في آخر الزمان؛ فأصدرت واحدةٌ من المجموعات البوذية التكفيرية، فتوى بوذية دعت فيها إلي تحريم استخراج شهادات تؤكد أن المنتجات المعروضة للبيع حلال! مع العلم بأن المسلمين يمثلون 9 في المئة من سكان سريلانكا، وهم الأقلية الثالثة من حيث الحجم بعد السنهاليين والتاميل، بينما يشكل البوذيون ثلاثة أرباع السكان البالغ عددهم 20 مليون نسمة.
وبما أن المشكلة دائماً في المنهجية والدعوة لدين الله بالحسنى وليس بالتكفير، فقد طردت الحكومة السريلانكية 161 داعيةً إسلامياً أجنبياً من بنغلاديش وباكستان والهند والدول العربية بسبب مخالفتهم لشروط الإقامة، لأن هؤلاء من «جماعة التبليغ» ولا يحق لهم العمل كدعاة، فتأشيرة الدخول الممنوحة لهم هي لأغراض سياحية! وليس للعمل في مجال الدعوة الإسلامية ونشر الأفكار المتطرفة.
أما أغرب حكاية من حكايات الفتن الطائفية وتصدير التكفير الفضائي لأقصى الشرق الآسيوي؛ فهو ما قاله أحد المسئولين في ماليزيا بأن دستور بلاده لا يستمد عقيدته من قرآن الله العظيم الذي هو صالح لكل زمان ومكان؛ بل بحسب ما يقول: «ان دستور ماليزيا يصف البلاد بأنها دولة إسلامية تستمد عقيدتها من السنة والجماعة».
وخرج مسئول آخر ليقول بأن ولايته تسعى حالياً لإصدار «فتوى» شرعية تحرم فيها التحوّل بين مذاهب المسلمين باعتباره انحرافاً وارتداداً على الطريق القويم! وكل هذا يعني في محصلته فتح باب آخر للذبح على المعتقد في أقصى الأرض.
ليبقى السؤال: من وراء زرع هذه المفاهيم والمناهج الدينية في عقول هؤلاء الناس عن أحد أجنحة الإسلام العقيدية الأساسية؟ في البحث عن هذه الإجابة وإعادة الأمور إلى نصابها، يكمن الحل وعودة السلام والمحبة بين الأخوة في الدين الواحد.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 4000 - الإثنين 19 أغسطس 2013م الموافق 12 شوال 1434هـ
فكر رجعي متخلف
يبدو ان الفكر التكفيري الطارئ على الساحة الاسلامية المسالمة المحبة للعدل و التسامح،يبدو انه قد اخذ في الانكماش السريع ،والدليل هو رفض المجمعات العربية والاسلامية هذا النهج الغرائزي المنحط والثقافة المستمدة من الغابات ومجاهل افريقياواسيا،ان سنة الحياة هي البقاء للاصلح المحب لا للنحروالذبح واكل لحوم و اكباد البشرو التفخيخ و التفجير ,والكراهية و الغدر وممارسة الجنس مع الفتيات المغرر بهن تحت مسمى نكاح الجهاد ضد المسلمين ،الحمد لله الذي كشف بواطن هؤلاء خوارج العصر.
السيد قاس
£
الله ينتقم من اللي كفرو المسلمين واستباحو اعراضهم ودمائهم
وما ربك بغافل