اعتبر خبراء أن غالبية القادة العرب ساندوا ضمنياً تدخل الجيش المصري بقوة لفض اعتصامات أنصار الرئيس الإسلامي المخلوع محمد مرسي ورأوا في ذلك وقفاً لـ «التهديد» الذي تشكله جماعة «الإخوان المسلمين» لسلطتهم.
وحدها قطر الداعمة لجماعة «الإخوان» وتونس حيث ينتمي الحزب الحاكم إلى نفس التيار، نددتا بشكل عنيف بحمام الدم الذي أوقع نحو 600 قتيل.
ويقول الأستاذ في جامعة باريس، خطار أبودياب ان «كل دول الخليج باستثناء قطر، وكذلك الأردن ودول عربية أخرى كانت تخشى تصدير ثورة الإخوان المسلمين إلى أراضيها. لهذا السبب راهنت على العودة إلى الوضع الكلاسيكي لسلطة قوية في مصر، الدولة المحورية في العالم العربي».
وأضاف أبودياب وهو خبير في شئون العالم العربي أن غالبية الدول العربية وفي مقدمها السعودية «لم تكن مرتاحة للثقل المتزايد لتركيا وإيران في كل الملفات المتعلقة بالعالم العربي وأظهر دعمها للنظام المصري (الجديد) رغبتها في العودة لإقامة نظام إقليمي جديد يكون محض عربي على أسس كلاسيكية أكثر».
وعلى إثر الربيع العربي اكتسبت أنقرة حيث يتولى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحكم وزن قوة إقليمية عبر تدخلها في الشئون العربية. من جهتها عززت إيران دعمها لنظام دمشق وإقامة علاقات مع «الإخوان المسلمين» في مصر.
من جهته يقول الخبير في شئون الشرق الأوسط في معهد «بروكينغز» بالدوحة، شادي حميد إن «ما حصل في مصر يندرج في إطار ما يمكن تسميته (حرباً باردة) عربية ومن السهل اليوم معرفة من هو الفائز». وأضاف أن المنتصرين هما السعودية والإمارات العربية، الداعمتان للنظام المصري الجديد، على حساب قطر و «الإخوان».
ورأى هذا الخبير أن الرياض وأبوظبي «كانتا مسرورتين للانقلاب العسكري الذي يخدم مصالحهما الإقليمية ووجه ضربة لأخطر معارضين لهما، الإخوان المسلمين». والعلاقات بين السعودية و «الإخوان» التي كانت جيدة على مدى ثلاثة عقود، تدهورت مع حرب الخليج الأولى في العام 1990 حين انتقدت الجماعة المملكة لأنها قبلت استضافة قواعد أميركية على أراضيها.
وتم طرد العديد من أعضاء الجماعة لكن العلاقات توترت بشكل إضافي بعد اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة. فقد اتهمت الرياض آنذاك الجماعة بالوقوف وراء العقيدة الجهادية وأعلن وزير الداخلية في تلك الفترة الأمير نايف بوضوح أن «كل المجموعات المتطرفة منبثقة من جماعة الإخوان المسلمين».
ويرى الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس والمتخصص في شئون «الإخوان المسلمين»، ستيفان لاكروا أنه «بالنسبة للإماراتيين والسعوديين فإن (جماعة) الإخوان لديها طموح إقليمي يمكن أن يشكل خطراً على دول الخليج». وأضاف هذا الخبير «هذه الدول تعتبر أن مصالحها تكمن بوجود أنظمة دكتاتورية بدلاً من أنظمة ديمقراطية تكون غير مستقرة ولا يمكن توقع سلوكها في نظرهم».
لكن ما لا يمكن للرياض أن تتسامح معه بالنسبة لـ «الإخوان» هو إقامتها علاقات مع إيران، ابرز منافس للمملكة في الشرق الأوسط. وقال لاكروا «إن الإخوان لم يكونوا أبداً معارضين لإقامة علاقات مع إيران في حين أنه بالنسبة للسعوديين فإن ذلك يشكل خطاً أحمر... لأسباب جيوسياسية إقليمية». وأضاف أن «البلدين يتنافسان على الهيمنة على المنطقة وبالنسبة للرياض فإن طهران تشكل المنافس الأول».
ويرى أبودياب أن «الخيار الديمقراطي في العالم العربي قد توقف إلى حد ما. ما حصل في مصر يمكن أن يعطي أفكاراً لآخرين في ليبيا وتونس، وما حصل من فرض الجيش سيطرته في مصر يمكن أن يصل إلى دول أخرى».
العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ