‏ في المرآة حزنٌ مّا...

يقيم الوجه فيها لحظة ويموت،

حين يغادر الوجه المكان،

كأنّ من مرّوا هنا...

في حضرة المرآة: أشباحاً

فلا هم طيّبون ومؤمنون

لأنهم لم يقرأوا الترحال في حزن المسافر...

متعبون من السحاب يظلهم؛

هم واثقون بأنهم لن ينتهوا من لعبة الترحال

فيما يكرهون ويشتهون...

يا حزن لا تحزن عليهم

إنهم في معجم الترحال،

جزء من نكاية إخوة

لا يفقهون النيلَ في جريانه...

في الأبيض المنسيّ في ضرع غريب...

في البعيد...

كأنها المرآة أيضاً،

تقتفي البشرية كيما ينتهي في زهْوه...

‏يا حزن لا تفرح عليهم

لعنة المرآة في دمهم

فلم يصحوا لكي يتدبّروا أوهامهم فيها

ولم تترك لهم صفة لكي ينجوا

درس الهاوية

في الواقعي مماتهم

كانوا قريباً من ذوات الخلق

قبل قيامة المرآة

صاروا لعنة

حتى الغراب يعيرهم لوناً

لينجوا لحظة من ليلهم!

‏لم يربحوا أحداً

لم يربحوا أحداً سوى المرآة

مرآة تطلّ على النهاية فيهمُ...

يتحايل الموتى لكي يجدوا الطريق إلى الحياة

فينتهوا في النعي أيضاً...

تلكُم المرآة...

حتى القبر لم ينجُ

فلا تستعجلوا الأحياء في المرآة

فالموتى أحقُّ

لننتهي من لعبة الوجهين

والقلبين

من هذي الألوهة بيننا

في حضرة المرآة

مرآة الهبوط من النعيم

وغصّة الآثام...

آثام السؤال عن الدراية

‏مرآة الجحيم

لا لم نكن وجِلينَ...

كنا إخوة في الرعب

حتى صارت المرآة فينا... أمّنا...

أم الضياع وأهله

لم ندرس الليل الغريب

ولم نكن أسرى النبوءة...

صدَّنا عبثٌ فقلنا:

لن نكون ولن نكون!

نعيد ما استرعى من البشريّ فينا

كي نغيب عن الكناية

أمِّها المرآة

لا هذا البطيء يعيدنا

لمسالكٍ في الضوء

لا هذا السريع يحيلنا

لنجاتنا منّا...

‏لا ليل في هذي النجاة

تتألم المرآة أيضاً

حين لا يجد القبيح مكانه في ليلها...

لليل مرآة... وللمرآة ليلٌ جارح...