العدد 3997 - الجمعة 16 أغسطس 2013م الموافق 09 شوال 1434هـ

إميل شيبا... مسيحي قرر صوم رمضان كاملاً ليعيد ترتيب علاقته مع «الآخر»

فيديو «قطع رأس» كان المحفز... ومدربة بحرينية شجعته ليستمر

مقطع فيديو عابر أراد مروجوه إظهار قوتهم وإيمانهم بالإسلام وبالشهادة فجعل مسيحيّاً يصوم، عندما رأى رأس أخيه المسيحي مفصولاً عن جسده. مغتربون مسلمون لم يعرفوا رمضان إلا عبر برامج التلفزيون لكنهم خجلوا من صيامه. صفحته على «الفيس بوك» غيرت قناعات مسيحيين ومسلمين تجاه الإسلام والمسلمين أو حتى تجاه المسيح. تجربة صوم أولى في حياته، استشعر فيها الآخر، ورفع شعار «إن كنتُ لا أحبُّ أخي الذي أراه، فكيف أستطيع أن أحبَّ الله الذي لا أراه». هكذا يسرد المسيحي إميل شيبا تجربته الفريدة والأولى في الصوم.

إميل شيبا وليد مدينة كركوك شمال العراق، كركوك مدينة النار الأزلية، التي صقلت شخصيته ونفخت فيه روح التسامح؛ لأنها المدينة الوحيدة التي تضم أربع قوميات: الآشوريين، والعرب، والأكراد، والتركمان.

ولد من أبوين آشوريين، له خمس أخوات وثلاثة إخوة. هاجرت العائلة من كركوك إلى الأردن. هاجر بعد ذلك إلى أستراليا العام 1997 وأكمل حياته هناك مع زوجته ندى وابنته ربيكا، وابنه نيثن. عمل في منظمات اجتماعية في برامج مختلفة يهتم معظمها بالعلاقات العائلية. يعمل حاليّاً في برنامج تثقيفي يعنى بالشأن الأسري والتربوي.

أول رمضان بحياتي

يبدأ إميل الحديث عن تجربة صيام شهر رمضان الكريم فيقول: «بدأت فكرة الصوم بعد أن شاهدت مقطع فيديو لإسلاميين متشددين في سورية يقومون بذبح رجل دين مسيحي مع سائقه مع تعالي أصوات التكبير. أثناء مشاهدتي الفيديو بكيت، صليتُ وطلبتُ من الله أن يغفر لهم، وعندها تذكرت الآية التي يقول فيها السيد المسيح: من لطمك على خدّك الأيمن، فحوّل له الآخر.

معظم المسيحيين بعد مشاهدة أفلام الاضطهاد الديني كتفجير الكنائس في العراق وسورية ومصر، أصبحوا ينسون وصايا المسيح، وانجرفوا نحو العنف والقتل للدفاع عن النفس، لذلك وجدتُّ في داخلي رغبة في أن أفعل شيئاً مختلفاً فقررت أن أصوم مثل الآشوريين. نحن مسيحيون، نصوم لكن بشكل مختلف، فهناك من يصوم عن أيّ إنتاج حيواني، ويعتمد على الخضراوات لمدة 50 يوماً حتى عيد القيامة أو 25 يوماً حتى عيد الميلاد. وهناك من ينقطع عن الأكل والشرب لمدة 3 أيام وتسمى (بباعوثا دنينوى)، وهناك من يصوم لفترة معينة بوجبة عشاء واحدة. الصوم لدى المسيحيين هو التفرد مع الله، وقد علمه السيد المسيح تلاميذه.

ويضيف إميل «هذه أول مرة في حياتي أصوم فيها شهر رمضان كاملاً، لقد كانت تجربة فريدة من نوعها، ولذلك قررت أن أكتب يوميات أشجّع فيها أخي المسيحي لكي لا ينجرف إلى العنف، بل للصلاة والصوم ونترك الحكم لله. لقد بدأت كتابة يومياتي أثناء صومي وهي موجهة إلى المسيحيين، ولكن بعد أن أصبح أصدقائي المسلمون يطلعون عليها، غيرت أسلوب كتابتي لتكون رسالة إلى الإنسان، سواء مسيحيّاً أو مسلماً، علمانيّاً أوملحداً.

إميل شيبا والمدربة البحرينية

يقول إميل: «لعبت المدربة البحرينية منى حبيل دوراً مهمّاً في تجربتي، فقد تعرفت عليها الكترونيّاً عبر صديقة بحرينية تتابع صفحتها على الفيس بوك وما تحويه من عبارات تشجيعية صباحية ومواضيع حياتية قيمة. أكثر ما يعجبني فيها تشجيعها المستمر للعمل والأمل، والمحاولة، والمحبة من خلال الصور الجذابة أو العبارات المحفزة. بدأت منى تنشر يومياتي في صفحتها، وكانت تختار إحدى عباراتي وتنشرها مرفقة بصورة. استغربت من نشر هذه الفتاة المسلمة ليومياتي التي أتأمل فيها الكتاب المقدس وليس القرآن!».

ويضيف «كانت منى تتابع كتاباتي بشكل يومي، وكثيراً مّا علقت وتأملت فيما أكتب من دون نقد لنصوصي المنقولة من الكتاب المقدس. شجعتني على كتابة المزيد ومواصلة التجربة من خلال نشرها يومياتي عبر صفحتها في وقت كانت ردود فعل المحيطين بي خليطاً من الاستهزاء والترقب والانبهار. بعضهم اتهمني بأنني فقدتُّ عقلي ومنهم من أرسل إلي رسائل الكترونية يقول فيها «مبروك على الإسلام وان شاء لله تزور الكعبة قريباً». في المقابل هناك من شجعني ممن قرأوا يومياتي فغيرت أفكارهم ونظرتهم إلى الآخر ومنهم زوجتي العزيزة التي أعلمتها بقراري منذ البداية».

مسلمة غير صائمة و مسيحيّ صائم

واجهت مجموعة من التحديات أهمها سفر زوجتي إلى الخارج مع ابنتي ورعايتي ابني ومسئولية الاهتمام به وتوفير الوجبات له وأنا صائم. كذلك وقف بعض أصدقائي ومعارفي ضدي بسبب صومي، واتهمني بعض المسلمين بتشويه صورة الإسلام. عدا عن ذلك أرهقني امتناعي عن شرب القهوة طوال 30 نهاراً وأنا المدمن على شربها. من ناحية أخرى واجهت تحدياً جديداً عندما بدأتُ كتابة يومياتي ما يعني ضرورة تخصيص وقت للكتابة إلى جانب أداء واجبي المهني.

ومن المواقف الظريفة والمؤثرة التي حدثت لي مع سيدة ممن يحضرن ندواتي. هذه السيدة أحضرت لي طبقاً من الطعام أثناء استراحة الغداء فشكرتها وأخبرتها بأنني صائم، فاستغربت، وسألتني: لكنك مسيحي. قلت لها وما الضرر؟ ضحكت وقالت بخجل: أنت مسيحيٌّ وصائم وأنا مسلمة وغير صائمةٍ، ثم قررت تصوم ابتداء من ذلك اليوم.

انقضت الأيام الثلاثون من شهر رمضان بكل تحدياته وبتجربة غنية ومفيدة، اكتشفت خلالها أن الله يحب الآخر المختلف عني، وأن الآخر محتاج إلى دعم معنوي، كما أحتاج إليه أنا. اكتشفت أن أجازي الشر بالخير. اكتشفتُ أنني أستطيع أن أكوِّن علاقات صداقة مع الآخر وإن اختلفنا في المبدأ والعقيدة شرط إعطائه حرية أن يكون مختلفاً. اكتشفت أن الآخر المختلف يمكن أن يكون المحفز والدافع لكي أكون مبدعاً فشكراً للمدربة منى حبيل. اكتشفتُ أن الله يحب الآخر كما يحبني أنا.

العدد 3997 - الجمعة 16 أغسطس 2013م الموافق 09 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:04 م

      ليس لديك مكان

      أي عنف تتكلم عنه , هل قاموا المسيحين بحرق الجوامع او هم من قاموا بقطع العناق , هذه ليست تعاليم المسيح بل انتم من فسرتم التعليم المسيحي كي يخدم مصلحتكم , مبارك عليك الصوم والاسلام فنحنوا لسنا بحاجه لمن يعلمنا تعاليم المسيح . ولكن تذكر من ينسى اصلـــــــــــــــــه فلا أصل له

اقرأ ايضاً