جثثٌ محترقة، جثثٌ ممثل بها، جثثٌ تئن وأخرى يئن بقربها من نجا من الموت... بيوت هدمها الغل والحقد، فلم يبقَ منها غير أشلاء تضح بأرواح من سكنوها يوماً، وغدوا ركاماً وذاكرة... هذا هو حال العالم العربي اليوم.
منظر الأطفال وهم مضرجون بدمائهم والنساء وهن يتباكين ويندبن رجالهن، والشيوخ وهم يُساقون عنوة للذبح أو الأسر، والبيوت وهي تهدم على رؤوس أصحابها ودمى أطفالها، كل هذه المناظر كانت توحي لي دائماً بالأراضي الفلسطينية المحتلة، لأنني لا أتذكر أنني شاهدتها في طفولتي في مكانٍ ما غير تلك المنطقة التي حرم عليها العدو الصهيوني الفرح، وأبى إلا أن يدمي أعين أهلها بين فترة وأخرى. لكننا اليوم نراها في الدول العربية وكأنها منظر عادي وبديهي ويجب أن نتعايش معه كما تعايشت معه الأنظمة العربية التي يستعذبها ما تراه من تناحرٍ بين شعوبها ويعجبها أن تكون هي احد الأطراف المتنازعة وإحدى آلات القتل والدمار التي تسهم في زيادة مظاهر العنف من غير شعورٍ بالخجل، أو تأنيب الضمير.
ما يزيد من قرف هذا المشهد هو مباركة هذه الأنظمة العربية لبعضها في هذا القمع والقتل، وكأنها تأبى إلا أن تكون مشاركة في كل مجزرة بحق الشعوب والإنسانية، فبرقيات الشكر والمساندة، ورسائل غرام الدماء تعج بها الأجواء الإعلامية من حولنا، لدرجة أن بعض الشعوب صارت تكتب في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقالاتها في صحافتها أنها براء من هذه المباركات والبيانات التي تصدرها أنظمة أوطانها، فهل نحن بحاجة لكي نقول ونكتب دائماً ما هو منطقي وبديهي وكأنه هو الاستثناء؟
فمهما اختلفت الأنظمة مع شعوبها ومهما اختلفت الأقطاب السياسية مع بعضها، ومهما اختلفت الأديان والمذاهب عن بعضها، لا يجب أن يصل الأمر إلى الإبادة ابداً، إبادة البشر وإبادة المقدسات الدينية كهدم المساجد وهدم الكنائس وهدم الحسينيات، وهدم التسامح وهي القيمة التي طالما عُرف بها المسلم وعُرف بها العربي الذي بات ارهابياً في نظر الغرب لما يرتكبه بعض المنتسبين إلى العروبة والإسلام من جرائم ومجازر.
مناظر الدماء التي تسفك على الاسفلت كل يوم تذكرنا بأن بعض القلوب لا تختلف عن هذا الاسفلت في سوادها وتحجرها وتصلبها أمام الإنسانية، قلوب آثرت إلا أن تكون ميتة أمام الحق وميتة أمام الحب وميتة إلا في سعيها لارتكاب الجرائم أو مباركتها باسم الدين وباسم الأمن وباسم الاستقرار.
والغريب هو المثقف ورجل الدين والكاتب والشاعر والفنان الذي انجر وراء هذه اللا إنسانية المقيتة؛ فبات يبارك للأنظمة طغيانها ويبارك للتكفيريين نجاحاتهم في القتل باسم الدين، ويحرض على ذلك وكأن رسالته تحولت من مقاومة الظلم ومناصرة الإنسانية إلى سحق البشرية ومباركة الدمار. هؤلاء المثقفون وقادة الرأي ينسون انسانيتهم حين يتعلق الأمر بأوطانهم وما يخالف قناعاتهم فيعطلون عقولهم وعقول مريديهم ويدعون للدمار ويتبنونه.
فهل نجد دعوات صادقة وحقيقية تفند كل هذه الصورة التي باتت واقعاً مزرياً، وترجع الحق والسلام في الدول العربية؟
وهل تقوم الأنظمة العربية يوماً بشن حملات واسعة لاجتثاث التكفير والتخوين والقتل والحقد وكل من يدعو إلى ما دون حقن الدماء عندما ينتصر الربيع وتكون الشعوب هي سيدة القرارات وهي صاحبة السلطة؟
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3997 - الجمعة 16 أغسطس 2013م الموافق 09 شوال 1434هـ
سيندمون
سيندم هؤلاء الجهلة يوم لا ينفع الندم
النار مثواهم
لايجوز حتى قتل غير المسلمين والدليل ان اليهود والنصارى كانو يعيشون في المدينة المنورة في عهد الرسول ص. والخلفاء الراشدين رض فكيف بقتل المسلمين فمن يقوم بهذا العمل مثواه النار لا محال
هل هناك امل لو واحد في المليون ان يدخل القتلة الجنة؟
من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ومن يقتل نفسا متعمدا بغير نفس فجزاءه جهنم خالدا فيها.
كم من الانفس البريئة من الاطفال والنساء والشيوخ والابرياء يسقطون قتلى
فهل يعقل انسان ذي لبّ وفكر سليم ان الله سيدخل من يقتل هؤلاء الابرياء الجنة ؟
قتل نفس واحدة بغير حق يقتضي الخلود في النار حسب الآيات الواضحات فكيف بمن يقتل العشرات من الابرياء! اي مبرر يمكن ان يدخل عقل الانسان بأن من يقتل هؤلاء يدخل الجنة وهل الجنة لعبة وعبث
ضعوا احتمال ولو 1% ان هذا الشخص سيخلد في النار الا يحث ذلك على التدبر