دلمون تاريخيّاً هي امتداد لحضارات عريقة هي الأشورية والبابلية والساسانية وذات حضارة فرعية تدعى دلمون، حيث جاء في أسطورة غلغامش أنها البلد الذي لا ينعق فيه الغراب ولا يبلى التراب.
تلقت أليس دعوة من بلاد العجائب دلمون لحضور مؤتمر عالمي لحوار الحضارات، وأثارت الدعوة فضول أليس، فقامت تفتش في خارطة العالم عن دلمون، ووجدتها مجموعة صغيرة متناثرة في وسط الخليج العربي، ثم عمدت إلى محاولة الحصول على أكبر قدر من المعلومات عن دلمون ومبررات عقد المؤتمر العالمي لحوار الحضارات في هذا البلد الصغير. وبالفعل لم يخُب ظنها فتدفقت المعلومات من «غوغل» و»الوكيبيديا» وغيرهما عن أن دلمون تاريخيّاً هي امتداد لحضارات عريقة هي الأشورية والبابلية والساسانية وذات حضارة فرعية تدعى دلمون، حيث جاء في أسطورة غلغامش أنها البلد الذي لا ينعق فيه الغراب ولا يبلى التراب، وأن دلمون تبوأت مكانة مقدسة في هذه الحضارات بحيث كان يدفن فيها علية القوم، بحيث احتوت على أكبر مقبرة في التاريخ، لايزال ما تبقى من آثارها شاخصاً إلى اليوم.
وجدت أليس أن بلاد دلمون من خلال تاريخها الممتد آلاف السنين، عكست تفاعل الحضارات بشكل خلاق، حيث كانت نقطة التقاء للحضارات المنتشرة من الهند حتى بلاد الرافدين، وبالطبع الحضارات المطلة على ضفتي الخليج. كما اكتشفت أليس أن دلمون احتضنت مختلف الديانات الوضعية والسماوية.
فبعد أن احتضنت الديانات البابلية والزرادشتية وآثار معابدها لاتزال موجودة في باربار مثلاً، فقد وجد فيها المسيحيون المطاردون ملاذاً، وكان هناك دير للرهبان المسيحيين في قرية الدير بجزيرة المحرق. وعندما انطلقت الدعوة المحمدية، دخل أهلها الإسلام طوعاً.وكانت بداية لازدهار العلوم الإسلامية من مختلف المدارس.
كما وجدت أليس أنه على رغم تقلب الحكام والدول التي احتلت دلمون وموجات الهجرة التي استقبلتها، فقد هضمت كل الوافدين الذين اندمجوا وهم المنتمون إلى مختلف الأعراق والديانات، حيث تجاورت المساجد والكنائس والمعابد.
اطمأنت أليس إلى أن دلمون هي فعلاً المكان المناسب لعقد المؤتمر الدولي لحوار الحضارات. وهكذا استقلت أليس الطائرة وحطت رحالها في مطار البحرين الدولي، حيث استقبلت بماء الورد والبخور وقلادة من الياسمين. ركبت أليس سيارة المراسيم الفاخرة وكان يقودها مواطن دمث بلباسه العربي المبهر. على الطريق من المطار إلى الفندق الفاخر فوجئت أليس بمشاهد لم تكن تتوقعها. فقد شاهدت شاخصات ضخمة لصور أناس تدل سحنتهم على أنهم من أصحاب البلاد وكذلك عرب، وعبارات ومشاهد تطالب بشنقهم أو اعدامهم.
لكن ما صدم أليس هو العربات العسكرية الزرقاء على مفترق الطرق والجنود على أهبة الاستعداد وهم في ملابس قتالية، كما فوجئت بحاجز عسكري يدقق في هوية المارين، وعلى رغم أنه لم يجرِ إيقاف سيارتها بعد تبادل إشارات بين السائق ومسئول النقطة، فإنها لحظت طابوراً طويلاً من السيارات بانتظار التفتيش.
وصلت أليس إلى الفندق، وفي اليوم التالي، وبعد الاسترخاء ليلاً، ذهبت أليس إلى قاعة المؤتمر فوجدت عدداً كبيراً من الناس وغالبيتهم بلباس عربي فاخر والبخور يفوح في المكان، لكن ما لفت انتباهها هو الإجراءات الأمنية المشددة التي وصلت إلى حد التفتيش الشخصي. لكن أليس تجاوزت ذلك باعتباره عاديّاً. توقعت أليس أن تقدم في المؤتمر عروض لأبرز الحضارات القائمة في العالم كالحضارة الإسلامية والبوذية والهندوسية والمسيحية وغيرها، وكذلك تجليات الحضارات في الإنجاز البشري كما في اليابان والهند والصين وأوروبا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية، ولا بأس بعرض إنجازات العرب الحضارية ولو أنها في الزمن الغابر كحضارة الأندلس مثلاً. توقعت أليس أن تقدم بحوث عن تجليات حوار الحضارات وتفاعلها في الفنون والآداب والعلوم والدين والفلسفة والتجارة. كما توقعت أليس أن تقدم بحوث عن التجليات السلبية لدعاة صراع الحضارات، وصراع الأديان، ومروجي الكراهية باعتبارها إشكالات واقعية.
لكن مع تتالي الخطابات وجدت أن هناك منولوجاً وليس دايلوجاً.
وقالت أليس: لأخرج من الفندق لأرى ما يجرى في الحياة الحقيقة. وقد وجدت أليس العجب العجاب. وجدت استنفاراً أمنيّاً كاملاً في البلاد ونقاط التفتيش في كل مكان والدوريات العسكرية تنهب الشوارع نهباً والأسلاك الشائكة ممتدة وبلوكات الأسمنت المسلح تقطع الطرق. وجدت الخوف يبرق في العيون وكلما حاولت الحديث مع أحد يهرب معها.
وجدت الشعارات تغطي الشوارع وعلى رغم أنها لم تفهمها تماماً فإنها استنتجت أن هناك حرب شعارات بين فريقين، وفهمت أليس أن هناك مشكلة في البلد وأن الحوار مفقود بين أبناء البلد.
رجعت أليس إلى فندقها حائرة فيما كانت الوفود أثناء الاستراحة تتبادل الابتسامات.
فتحت أليس الحديث مع أحد المسئولين حول ما رأت في الشارع، وهنا استنفر في حديث لم يتوقف عن المتآمرين والخونة والإرهابيين، وأنهم شرذمة قليلة لكن البلد بخير كله عال العال، والدليل ها أنتِ ترين في المؤتمر بحرينيين من مختلف الديانات مسلمين ومسيحيين ويهوداً وهندوساً وبهائيين وكلهم يبتسمون مع بعضهم بعضاً. لم تطمأن أليس، فقالت لماذا لا أشاهد التلفزيون، وأرى، ووقفت حيث القناة باللغة الإنجليزية التي تتحدثها، لكنها فوجئت بخطاب الكراهية والازدراء والتخوين من ناحية أخرى، فكيف يكون ذلك لأبناء البلد الواحد إن لم تكن هناك مشكلة.
وعندما قرأت الصحف وجدت العجب العجاب، صحف مليئة بالسباب والتهجم والازدراء مع صور لأناس آخرين. وتعليقات مليئة بالحقد والضغينة. وتأكدت أن هناك مشكلة فعلاً.
دخلت أليس في دوامة... من تصدق؟ ولم يخرجها من حيرتها سواء إنسان حلق في الخيال بعيداً وفسر لها الوضع بأن الحوار هذا هو حوار الجدران الصماء... فهل تتحاور الجدران؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3997 - الجمعة 16 أغسطس 2013م الموافق 09 شوال 1434هـ
مرحلة ما بعد الحرب على الإرهاب إستأجروا أو إستجاروا بقوي أمين؟
كتب الكثير من التقارير والمقالات وقد لا ينقصها أدله ولا براهين عن دول المنطقه التي لا تعمل بالمنطق ولكن يبدوا منطقها السلاح والتسلح والقوه وسلطة وتسلط على مقدرات الشعوب. فقد قيل عنها بأنها جلبت إستثمارات بينما صدرت النفط ومال النفط الى البنوك السويسريه. كما إستفادة من المستشارين الأجانب وتعاملت مع جهات أجنبيه. أليست من المتناقضات ...وأين ذهبت صادرات النفط أو البترول – دولار؟
إسلامي أو مهني؟
من بعض حقت حقائقها يقال أن المال من وسخ الدنيا كما إنه فتنه والشهوات من الفتن والشيطان عدو لا تتابعه وإبليس رجيم .. ، بينما الناس ساهون أو ما يدرون من يتبعون ضن أو عرفا مقلدون؟ تقليد أعمى بعض الشعوب أو بعض وسائل الاعلام تنشر دعايه واعلان وتبيع وتروج فكر وبضائع وأفكار تلموذيه بس يقولون مطوره أو محسنه حتى أنها في إحدى الوزارات ظهر نظام سمي بالتلمذه عاد أضيف اليه مهني...
أين الخلل في السكان أو في المعموره؟
ليس بسر أو من الأسرار اليوم أن الإشاعات والكذب وقول الزور ونشر الحقد والبغض والكراهية بين الناس من الأسلحة التي إستخدمت لنشر فتن وإضعاف المجتمع – تشتيت الناس وتفتيتهم وخلق أو صناعة فوضى لإشغال الناس عن مسائل ترتبط وتتصل بالحقيقة ولها علاقه وطيده بالانسان. فتصطدم البشريه اليوم بإنفجار معرفي في المعلومة كما في بعض الدول إنفجار سكاني. الانفجار هنا بمعنى الزيادة عن الحد. وما زاد عن حده ينقلب ضده. فالانفتاح على المعلومه والبحث العلمي أضعف اليهود فلا سلاح لديهم الا صناعة الحروب وزرع الفتن بين الناس.
مقال جدا جميل وبارع يحكي حياة البحرين التاريخي الجميل والمزدهر والحاضر المر الحزين.
أنا في الوقت الذي أضحم صوتي مع الكاتب للمأساء التي نعيشها في البلد
فإنني أحب أن أعبر عن أعجابي بقدرات الكاتب الابداعية المتميزة التي ألاحظها في كتابته.
أنا حقيقة حديث القراءة للكاتب، حيث أقرأ له من خلال هذا العامود فقط. لكن فعلا، الاساليب التي يتبعها جميلة ومعبرة ومبدعة.
في البحرين
قرأت انه في البحرين يعقد قريبا مؤتمر حول حوار الحضارات وكتبت حول ذلك اذا كانت البحرين تعقد هذا الحوار ومستعدة للحوار مع الكل فلماذا تستثني شعبها ومعارضتها من ان تحاورهم حوارا جادا مثمرا؟ بهذا يكون حوار الحضارات على ارض دلمون اما نفاق وتلميع فقط وهم لا يؤمنون بالحوار اصلا ولهذا هذا المؤتمر مثمر لمن يتحاورون باستثناء البحرين
شكرا لكم
لقد اختصر الكاتب ما يحدث في البحرين على طريقته الخاصه وكأنها قصه من ألف ليله وما أدراك بعد عقد من الزمن تدخل هذه الازمه كقصه تدرس للأجيال القادمه فشكرا لك أيها الكاتب الأستاذ عبدالنبي العكري
بلد لا ينعق فيها غراب ولا اسد ينقض على فريسة
هي اوال الطيبه والكرم الذي احتضن ترابه كل اطياف البشر هي امان والطمانينه ونتمنى ترجع المياه لمجاريها ويرجع الحق لكل صاحب حق
هكذا هم دخلوا البلد واصبح اهل البلد دخلاء
لذلك ولهذه الاسباب لن يهدأ البلد وهم يريدون ان يصوروا اهل البلد واصله وفصله يريدون ان يصوروهم خونة ومجوس وعملاء وأدعيا وغير ذلك من الفاظ الشتم التي تدل على ان يتفوه بها يعاني من عقدة نقص فيه هو لان المثل يقول وكل اناء بالذي فيه ينضح وصاحب الحق لا يحتاج الى مثل هذه الكلمات والالفاظ ومقتنيات قاموس الشتم والسبّ.
صاحب الحق فقط يقول هذا وقفي وهذا حقي اما الطرف الآخر فيحاول السب والشتم لأن موقفه غير سليم وغير صحيح
تعليق اعجبني
خصوصا عبارة (صاحب الحق فقط يقول هذا وقفي وهذا حقي اما الطرف الآخر فيحاول السب والشتم لأن موقفه غير سليم وغير صحيح )