في عيد الفطر السعيد... سيبقى اسماً فقط يمر كل عام دون بسمة ولا ضحكة! والمواطن العربي لن يستطيع كعادته المعايدة في مثل هذه الأجواء ولا على أصدقائه ولا حتى أقاربه! لماذا؟
بسبب كثرة توابيت الشهداء واختلاط أشلاء القتلى حيث يدفنون دون معرفة شخوصهم لا بسبب اللون ولا الشكل ولا الرائحة بل بسبب المعتقد، لقد قطعوا أوصال الأطفال كما قطعوا جميع أوصال الوطن العربي من شرقه إلى غربه أو من النهر إلى البحر كما يقطع القصاب ذبيحته قطعة قطعه ثم يعرضها للبيع حتى سادت الفكرة التشائمية والنظرة السلبية لدى الأجيال الواعدة، فراح العالم يحشد ويضع بعض الدول العربية في قائمة الأرهاب أويصنفهها «دول متخلفة «عن ركبه وراسبة أو عليها دوائر أوعلامات حمراء كثيرة في»المواد العلمية والمالية والسياسية والاقتصادية وعلى رأسهم الدستورية بسبب الفساد المستشري بأنواعه حتى وصل سرطانه إلى الحكم فتراكمت الديون والفواتير كجبل أبوقبيس مسبباً خللاً تداعى إلى أنظمتها، حينها صدقت النظرية الغربية القاسية أي «نظرية الإرهاب»، ولو أنني لا أميل لهذه النظرية الغربية التي شوهت سمعة هذه الدول إلا أنني أخيراً رضخت لها حينما شاهدت كسوف الشمس وخسوف القمر ليلاً ونهاراً في هذه الدول!
فالسودان يتقاتل مع إثيوبيا ومصر على مصب النيل كي يشرب الماء ناقلاً معركته إلى شماله المنفصل عنه كي يستخدم الوقود، مع العلم أن السودان يكفي مخزونها الحيواني والنباتي والطبيعي لإشباع الدول العربية، أما اليمن السعيد الخارج من قبضة حاكم جديد ليقع في مطب غزير يتباهى بصورقديمة مألوفة وقد ألفها الشعب اليمني... فالماء والغذاء همهم اليومي الذي لايزال ينقل من مكان إلى آخر بالحمير والبغال عبر الجبال للمدن والقرى التي لاتزال تغط في ظلام حالك رغم مرور أكثر من 50 عاماً على استقلالها تماماً يشبه تناقل الأجيال الواعدة قصصاً عن آبائهم كظاهرة اجترار مادة القات اجتراراً وزواج آبائهم من قاصرات صغيرات!
أما في لبنان فما يميزها التطاحن اليومي على تشكيل الحكومة والنسب والمحاصصة رغم أن الذئاب الصهيونية تتربص بهم الدوائر وتفصلهم عنها بضع كيلومترات، أما في العراق فصور القتلى تملأ الشوارع جراء العمليات الإجرامية والمركبات المفخخة وإن نجوت من هذه التفجيرات ستشاهد أطفالاً يغسلون أواني الطبخ المعدنية في المقاهي وهم يرددون أغنية خضر «عزاز عدنه عزاز» وأي عزاز بقي يا عرب، ولا يسرك الحال في سورية فأصوات المدافع المدمرة وهي تطلق نيرانها من فوق دبابات في شهر رمضان لا لإفطار الصائمين بل لقتلهم وقتل لغة الحوار بسبب حرب تجاوزت نيرانها لبنان! وأما مصر التي كانت أم الدنيا وحلالة المشاكل للخلافات العربية العربية وقلبها النابض أصبحت تبحث عن حل لمعضلة دستورية وأخرى قانونية لمن يجلس على كرسي الحكم، فأي بطاقة معايدة تجدي أو أي واتس آب ينفع في يوم عيد دام، وإذا ما حالفك الحظ يوم العيد ستجد بطاقاتك المعايدة تتدلى على إحدى الجثث العراقية تذروها الرياح يمنة ويسرى أو تجد تلفون تظهر على شاشته رسالة قصيرة معايدة مرسلة من ولد يدرس في السويد لوالدته المصرية وقد قضت بالموت ظلماً.
مهدي خليل
أسعد الله صباحكم... أسعد الله مساءكم
كل عام وأنتم بخير... كل عام وأنتم معنا
بيوم العيد تعلو البسمة وجوهنا
بيوم العيد تغمر السعادة قلوبنا
حقيقة تعجز كل الأقلام على ملامسة الورق لوصف تلك الفرحة التي تكمن في ابتسامة هادئة وبريئة، لن يدوم هذا الهدوء طويلاً لأن كل الأطفال تستطيع أن تعبر عن فرحة لا يوجد طفل عاجز عن ذلك.
طفلي تحدث... قل لي ما الذي يفرحك؟
العيد أمي، لقد حل العيد ولبست أجمل الثياب وزرت الأهل والأحباب وجعلتني عمتي أتذوق شيئاً حلو المذاق وحصلت على عيدية من أبي وخالي والأجداد كل هذا لأنه حل العيد وكتبتها (أجل حل العيد) وطبعتها على كل الأوراق وذهبت مع والدي لأداء صلاة العيد كان هناك أناس كثر وقد سألني شيخ كبير ما اسمك أيها الأمير كنت أخشى أخبره اسمي ويعرفك حاملة للعيد الورد والعبير...
(حمدان) هو اسمي الحمد لله على فرحة العيد... والحمد لله على رؤيتك سعيد.
كنت سأحكي المزيد... سأحكي عن فرحة العيد ولكن أخبرته إلى أجل قريب... أمي ألن تأتي معي؟
أجل صغيري ولكن بعد أن يأخذ ملاكي المسك من الدارين لتكتمل الفرحة مع الأحباب والأهل والأصحاب.
وانتهت الحكاية. عيدكم مبارك... جمعة مباركة.
يارا خلف
بعد شهور من الإفلاس الجماعي وتهافت الحشود على جانبي الوطن المهزوم، ومحاولات إنقاذ بائسة مطعون في نزاهتها، يتقدم الوطن حثيثاً نحو شفا مجهول لا يعلم إلا الله منتهاه. ورغم اقترابنا الوشيك من هلاك محقق، مازالت الحشود مرابطة في مكانها حتى تمام الهزيمة، وكل يفرج بين سبابته ووسطاه ملوحاً بخرق بائسة وموزعاً بسمات بلهاء حول سرير وطن يحتضر.
وفي سكرة البؤس المقيم، يتعالى الصخب وترتفع الجلبة داخل الميادين وخلف الميكروفونات، ويرفع حجيج الميادين أكفهم نحو سماء لم يعودوا يرونها وآفاق محدودة للغاية، وخيارات تزداد تقلصاً كلما أشرقت شمس أو مالت نحو مغربها. والكل مزهو بانتفاخات العروق حول الحناجر وتقدم الخطى نحو السقوط الأخير.
نعلم يا رب أنك غاضب منا، ونعلم أننا نستحق عقابك بما أسرفنا من اقتتال على دنيا نصيبها، ونقرّ أننا اتخذنا القرآن مهجوراً، وتركنا ما حُملنا من أمانة وراء ظهورنا، وتخلينا عن خيريتنا المشروعة ووسطيتنا المفترضة، وتفرغنا في شهر الصوم للدعاء على غرمائنا السياسيين وشيوخنا المتقاعسين، وحولنا حلق الذكر إلى ندوات سياسية وبرامج حوارية، ونسينا أن ندعوك لتلمّ شعثنا وتنقذنا من شعاب التيه التي ضل فيها بنو إسرائيل أربعين سنة كاملة حتى أبوا إليك متضرعين.
لقد صرنا يا ربنا غثاء كغثاء سيل جارف، ومُضَغاً تلوكها أفواه السباع من كل ملة ونحلة، ولم يعد ضعفنا على عدو خافياً، ونعرف أن الشرق الماكر والغرب الفاجر ينتظرون مواسم سقوطنا الربيعية في حمأة الخلاف، وأن نسماتنا الربيعية لم تكن وليدة مواسم إزهار، بل حصاد مكر الليل والنهار، وأن أميركا تسوقنا كالقطيع نحو هاوية الخلاف لا سدة الخلافة، وأن ساستها الماكرون ينظرون إلينا اليوم من طرف خفي يتحيّنون مواسم تأبيننا الخريفية.
ندرك اليوم أن عرافة البيت الأبيض السوداء التي بشرتنا بفوضاها الخلاقة كانت نية غدر، وأن آنا باترسون لم تكن تهذي حين لوّحت بأصابعها المعروقة في وجوهنا متوعدة بسقوط مدوٍّ في حجر بني صهيون، وأقسمت أن عامنا هذا خاتمة صراع تاريخي بين حقنا المختطف وباطل صهيون المحقق.
اليوم نتهارج يا ربنا كما تتهارج الحمر في البرية، فيركل المرء أخاه بين عينيه أو يرفسه بين أضلاعه، دون أن ينتصر أحدنا على أحد، لأننا جميعاً على قارعة التاريخ مهزومون ضعفاء مسحوقون. اليوم لا يسلم من همزنا ولمزنا وضربات سيوفنا وألسنتنا الحداد شيخ ولا ولي، ولا يبرأ من اتهاماتنا مفكر ولا سياسي، فالكل في ميادين صراعنا الغبي متهم وإن ثبتت براءته، والكل مدان وإن برأه تاريخه وتقواه.
نعترف يا إلهنا أننا متعبون للغاية، ومنهكون حتى النخاع، وأننا لم نعد نرى في فضاءات السياسة أبعد من أرانب أنوفنا، فالكل يكذب ويبرر الأباطيل بالأعاليل، والكل يغدر ويشرع الخيانة بالدجل. فلكل جريمة في عرفنا السياسي مبرر، ولا أحد من صفوتنا المزعومة يعترف بزلة أو يقر بذنب. لكننا ندرك أن لا مندوحة عن سقوط سجادة الوطن تحت نعال الطغاة إلا بحولك وقوتك. فالمصر مصرك، قدره منك ابتلاء، وفتنته بإذنك تمحيص، وأنك قادر على تنقيتنا من قواسم الأنانية المشتركة كما ينقي الثوب الأبيض من الروث، وأنك على كل شيء قدير. فوحد اللهم مليونياتنا، واجمع على طريق الحق أحذيتنا، واعصمنا من فتنة الميادين التي لم تترك رطباً ولا يابساً إلا وأفسدته، وباعد بيننا يا ربنا وبين التحزب المقيت كما باعدت بين رسالتنا وأفعالنا.
عبدالرازق أحمد الشاعر
كنت في أحد محلات الملابس أنتظر فراغ غرفة تبديل، خرجت امرأة احتلت التجاعيد جزءاً كبيراً منها قد يقدر عمرها بين السبعين والخامسة والسبعين، رمقتها لوهلة فأدخلت في نفسي السرور بإهدائي ابتسامة عريضة، كانت مرتدية قميصاً زيتي اللون لا يتجاوز الركبتين خاطبتني باللغة الإنجليزية (كيف يبدو على جسمي؟!) اندهشت من سؤالها (يليق بك)، اتسعت ابتسامتها وأخذت تستعرض بهدوء أمام المرآة، شكرتني بامتنان وكأنني قدمت لها خدمة جسيمة ودخلت للغرفة تستبدل.
سرقت انتباهي تلك الإنجليزية، تهتم بأدق التفاصيل وكأنها فتاة مراهقة تتقن آخر الصيحات، بعيداً كل البعد عن المرأة السبعينية في العالم العربي تختزن الموت بأوردتها، تهمل صحتها لأنها باقتناع ينمو بداخلها أن الموت سيداهمها هذه الأيام، وتنتقص من سعادتها حتى يسيطر اليأس وتزداد ظهور التجاعيد والترهلات وتكون حياتها على مضض والحديث معها يجلب البؤس، بعكس الغرب دائماً على استعداد وحب الحياة، يتمتعون بحيوية باهظة لم يكن تقدُّم مراحل الحياة العمرية سبباً في سجنها داخل منزل، بل نراهم عند الشواطئ وفي كورنيش المشي بكامل صحتهم ورشاقتهم. يقول الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بايكون: «الشيخوخة في الروح وليست في الجسد»، إذ التأخر الذي نحن نقطنه نصنعه بكلتا يدينا.
تطورات الغرب لم تأتِ بين ليلة وضحاها، بل عقلية شعوبهم ساهمت في كونها تكون الأفضل من حيث السعادة التي يختلقونها لهم، وتنظيم الوقت، والأخلاق التي يتباهون بها... لم تشغلهم المظاهر الخارجية ولا الماركات العالمية بل لكل منهم نفس طموحة ومتفائلة، كما يقول أرسطو: «من آيِسَ من الشيء استغنى عنه» فكأن أرسطو كان يقصدنا بحكمته! ولمتفرقهم عنصرية ولا ديانات بل التكاتف كان أساسهم، وهذا التوحد خلق منهم شعباً نستند عليه لا نتعلم منه.
انتبهت لأحد الفلبينيين في «ستاربكس» يلتهم الكتاب ولم يرفع بصره أبداً، وبعد ساعة إلا ربع أغلق الكتاب وارتشف القهوة التي ظننت أنها بردت، ثم أخرج من حقيبته كتاب آخر وبدأ وكأنه يتناول قطع شوكولاته. التفت لإخواني العرب، منهم من يتبادل الحديث، والبعض غارق في الضحك، لم أرَ في هذه الأثناء من أبناء العرب يحمل كتاباً ويحاول فقط قراءته، وكيف لا يكونون الغرب في رقي ونحن مازلنا بذوراً، نعيش بين أمة تخاف فتح الكتب.
كل ذلك يؤثر سلباً، فالعرب هم منبع للثقافة وأساس عِلُو الحضارة الممتدة من الشرق إلى الغرب، فلا تُفشوا روائح اليأس ولا تجعلوا النوم والتعاسة تتخلل حياتنا ويصعب بعد استيقاظها.
بتول السيدإبراهيم
العدد 3992 - الأحد 11 أغسطس 2013م الموافق 04 شوال 1434هـ
فاصلة للغرب و نقطة للعرب
هل سالنا : لماذا تشعر المراة بانتهاء حياتها مع تقدمها في العمر ؟
بمجرد ان تدخل المرأة سن الأربعين مهما تهتم بأناقتها في البيت الزوج يرى إن دورها في الطباخ و و تربية الأولاد ، في المستشفى الطبيب : ( اشفيش خالة ، السن له دور فيما تعانين ... ) ، في السوق : ( نعم ماما شنو يبي ، ويشير إلى الملابس المهلهلة ) عند المصعد : ( اتفضلي يمة ) ، في الطريق ( خلوا الحاجية اتطوف )
أتمنى استبدال هذه الكلمات بكلمة ( أختي )