ما هو المنطق في سماح الحكومة البريطانية للبريطانيين ممارسة لعبتهم «التراشق بالبيض» في مهرجاناتهم والأهم من ذلك مباركتها للتايلنديين المقيمين في بريطانيا وتمكينهم من إجراء مسابقتهم الوطنية «التراشق بالماء» وذلك في إحدى حدائق لندن؟!
وما هو المنطق أيضاً في دلال حكومة إسبانيا لشعبها بأن يلهون في مهرجان «التراشق بالطماطم» لسنين كثيرة؟ والأغرب من هذا وذاك استمرار أغرب مسابقة جنونية «الركض أمام الثيران» في إسبانيا والتي يموت فيها من يسقط، ومن المنتظر أن يصاب فيها هذا العام أعداد كثيرة بعاهات وقد بلغ أعداد الموتى 15 شخصاً في هذه المسابقة منذ عام 1924، حيث تقام سنوياً في إسبانيا ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كادت أن تعرض إسبانيا للبيع حتى خفضت موازنة العام الجاري إلى 2.1 مليون يورو (2.7 مليون دولار) العام 2012!
وما هوالمنطق أيضاً في احتضان مدينة ديترويت بولاية ميتشيغان الأميركية ورعايتها مسابقة لأطفال في عمر الزهور وهم يمرغون أجسادهم سنوياً في الطين بمهرجان يسمى «يوم الطين» والذي تنظمه الولاية سنوياً وهو السادس والعشرون منذ تأسيسه حيث تسمح للأطفال بأن يلهون ويلعبون بالمستنقعات الممزوجة بالطين مع تعهد الولاية تكلفة هذا الاحتفال سنوياً ما قيمته 20 ألف غالون من الماء و200 طن من التراب ومضادات من البكتيريا للأطفال سنوياً بعد تنظيفهم! السؤال ما هو المنطق في استمرار هذه المسابقات والفعاليات في هذه الدول؟
المنطق هو في أن جميع هذه المسابقات التي رعتها هذه الدول هو اعترافها بالمواطن أولاً كشريك في السلطة وكمكوّن مهم في بناء الدولة وهو مصدر السلطات دون تهميشه أو إلغائه من خارطتها السياسية أو استبداله بجنسيات أخرى، إضافة إلى منحها لشعوبها مساحة كبيرة من الحرية لإدخال السعادة والفرح والبهجة على قلوب جميع شعوب هذه االدول صغاراً وكباراً رغم الكلفة المادية والروحية التي تتكبدهها الحكومات وإلا منعتها فوراً، بينما الشعوب العربية لاتزال تأخذ الإذن والرخصة في الكلام وإقامة الصلاة في بعض المساجد!
الشعوب العربية لا تريد أن تتصارع مع الثيران فيكفيها ذلك ما لديها من حكام الربيع العربي، ولا أيضاً ترغب في التراشق بالطماطم والماء ولا حتى البيض! لأنها نعم من نعم الله سبحانه وتعالى، إنما الشعوب بعض الدول العربية لا تستطيع أن تعبر عن رأيها في عن حرارة الطقس واستعدادات الحكومة وشح السمك في بحرها وسواحلها وإذا ما تعدت حدودها طاردتها طراريد الموت، فكيف ستطالب بالحقوق والعدالة والمساواة وكيف ستحصل على أماكن سياحية في بلدانها لتمارس هواياتها فسواحلها سرقت وأراضيها بيعت واستثمرتها أيدٍ متنفذة محلية وأجنبية، اللهم إلا مسابقة لعبة الكراسي وشد الحبل وسباق الحمير والتي تقام في الخفاء!
مهدي خليل
قضية متممة ركّز عليها علي (ع) وهي الفئة الظالمة ودورها السلبي في خراب المجتمعات والأمم فسلبوهم دنياهم ودينهم: «وَاللهِ لاَ يَزَالُونَ حَتَّى لاَ يَدَعُوا للهِ مُحَرَّماً إِلاَّ اسْتَحَلُّوهُ، وَلاَ عَقْداً إِلاَّ حَلُّوهُ، حَتَّى لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ وَنَبَا بِهِ سُوءُ رَعْيِهِمْ، وَحَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ: بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِهِ، وَبَاكٍ يَبْكِي لِدُنْيَاه».
هاهو علي (ع) يبين فلسفة صراعه مع مشكلات عصره والهدف نفسه: «اللَهُمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْيَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ وَلاَ التِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الحُطَامِ، وَلَكِنْ لِنَرُدَّ المَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَنُظْهِرَ الإصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ فَيَأْمَنَ المَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَتُقَامَ المُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ».
وقضية أخرى هي قضية الاستئثار بالمال لدى فئة معينة... انظره وهو يضيء عليها ويجد لها الحل: «أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ! وَاللهِ لاَ أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً! لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللهِ لَهُمْ. أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللهِ، وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلاَّ حَرَمَهُ اللهُ شُكْرَهُمْ وَكَانَ لِغَيْرِهِ وَدُّهُم».
ولا ينسى علي (ع) وهو يقيّم واقع مجتمعه تلك الفئة التي انغمست في الدنيا ونسيت دينها والآخرين... فيعطيهم في النهاية نهايتهم التي سيكونون عليها. «لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَة إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً، وَلَمْ يَلْقَ منْ سَرَّائِهَا بَطْناً إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً، وَلَمْ تَطُلَّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ السّعة إِلاَّ هَتَنَتْ عَلَيهِ مُزْنَةُ بَلاَءٍ! وَحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَة».
إنه إمام العبرة حتى أقصى غاياتها... وهل العبرة إلا علي وهل عليٌ إلا العبرة!
وتراه وهو الطبيب الدوار بطبه يعالج مرضاه برعاية وشفقة: «فَلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ، وَالْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ، وَاقْدِمُوا عَلَى اللهِ مَظْلُومِينَ، وَلاَ تَقْدِمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ، وَاتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ وَمَهَابِطَ الْعُدْوَانِ، وَلاَ تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ، فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُم الْمَعْصِيَةَ، وَسَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَة «.
إن علياً وهو يبحث عن حلول للقضايا المجتمعية الصعبة ليقدم الإنسان النموذج قدرة لكل أولئك ممن ابتلي بتلك القضايا... «من لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة».
وهاهو عليٌ ينظم العلاقة بين الراعي والرعية، فإن التجاوز في حدودها ضياع وأزمة. اسمعه وهو يقول: «ثُمَّ جَعَلَ ـ سُبْحَانَهُ ـ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا، وَيُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَلاَ يُسْتَوْجَبُ بعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ. وَأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ ـ سُبْحَانَهُ ـ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ، عَلَى الْوَالِي، فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ، وَعِزّاً لِدِينِهِمْ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّة».
عبدالغني سلمان آل طوق
ما نراه للأسف في أوضاع مجالس النواب في مختلف عالمنا العربي مواقف ونماذج سيئة وغير حضارية لنواب هم يمثلون عامة الشعب بكل الأطياف والطبقات والمذاهب، مجلس النواب في أي بلد الهدف الأساسي منه حل مشاكل المواطنين والعمل على إصدار قوانين وتشريعات تهدف لحماية مصالح وحقوق المواطنين ويكفل لهم العيش بكرامة ومن دون قيود تصعب عليهم حياتهم، وهذا ما نراه أيضاً عندما تبدأ الحملات الانتخابية لكل نائب يريد الدخول في هذا المجلس فنراه يقطع وعوداً لأفراد دائرته أو منطقته بأنه سيحل لهم مشاكلهم كلها وإذا كان ممن يريد أن يكون ذا صدقية فيقول سأحاول حل أغلب مشاكلكم، وفي كل العالم يتمنى الإنسان حل مشاكله التي تكسر ظهره والتي تجعل حياته وعيشته صعبة عليه، وعند الدخول إلى المجلس لا أقول إن كل النواب لا يعملون ويجتهدون ويحاولون العمل على حل ما يستطيعون له، لأنه بالفعل هناك من يجتهد ويحاول ويعمل بكل الطرق المشروعة والمتاحة له في القانون لحل المشاكل العالقة والصعبة وغيرها، فيما هنالك البعض منهم يتصدر منه تصرفات ومواقف سيئة مناهضة، الهدف منها خنق الشعب بعدة أمور وقوانين تحد من مسار حريته وحركته الطبيعية في إطار الحياة فترى فئة منه تجتهد وتحاول وتعمل من أجل كرامة الشعب وعيشته الكريمة فيما الآخر يتدخل من أجل كتم ومصادرة وإقصاء صوت الشعب عبر شتمهم والتشهير بهم على مرأى ومسمع الجميع.
حسين علي عاشور
تعريف التحريض: التحريض هو خلق فكرة الجريمة وخلق التصميم عليها في نفس الجاني بأي وسيلة كانت، ومن هذا التعريف يتضح:
أولاً: أن نشاط المحرض ذو طبيعة معنوية تعبيرية بمعنى انه يهدف إلى تأثير على نفس الفاعل بما يحمله بعد ذلك على ارتكاب الجريمة.
ثانياً: أنه لا يخلق فكرة الجريمة في نفس الجاني وحسب، بل يواصل الإلحاح عليها حتى يقطع على الجاني سبيل العدول عنها، فمبدأ التحريض هو بث الفكرة لكن غايته ومنتهاه ومقصده هو خلق التصميم عليها باقترافها.
ثالثاً: أن التحريض ينتمي إلى دائرة الأفكار والنوايا، لا دائرة الأفعال والنتائج ومن ثم إذاً يخاطب المحرض فكر الجاني وعقله.
وقد عين قانون العقوبات البحريني طرق الاشتراك في الجريمة وذلك في نص المادة (44) من هذا القانون والتي نصت على الآتي (يعد شريكاً في الجريمة من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض) لذلك فإن عقوبة المحرض بوصفه شريكاً في الجريمة تكون بالعقوبة المقررة للفاعل الأصلي ألا وهو الجاني ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ومعنى القول أن المحرض ينال عقوبة الجاني إذا اقترف الأخير الجريمة، أمّا إذا لم ترتكب الجريمة فلا عقاب للمحرض إلا استثناء في بعض الجرائم التي نص عليها المشرع صراحة فيها على عقاب المحرض حتى ولو لم يكن لتحريضه أثر.
وسائل التحريض: لم ينص القانون على وسائل التحريض بل تركها لمحكمة الموضوع التي تستخلص من الواقع والظروف قيام الركن المادي للجريمة، وبذلك يجوز أن يكون التحريض بهدية أو وعد بها أو وعيد أو إرهاب أو مخادعة أو دسيسة أو بإشارة أو باستعمال ما للشريك من التأثير النفسي على مرتكب الجريمة حتى إن جاءت بصيغة نصيحة أو أمر من المحرض للجاني بما لهذا المحرض من مكانة في نفس الجاني، لذلك قد يأخذ التحريض شكل الإيماءات والإشارات وقد يأخذ شكل الأقوال وقد يأخذ شكل الكتابة، المهم في كل ذلك أن يكون موحياً للفاعل بفكرة الجريمة هادفاً إلى حمله على ارتكابها قاطعاً عليه سبيل التردد فيها أو العدول عنها.
أنواع التحريض: أولاً: التحريض الخاص أو الفردي: وهو الذي يصدر من الشريك للفاعل وتقع الجريمة بناء عليه وهذا النوع هو المراد بنص الفقرة أولاً من المادة (44) من قانون العقوبات البحريني، فيجب أن يكون مباشراً وأن تقع الجريمة كنتيجة له بأن يتجه المحرض إلى نية إتمام العمل الإجرامي عن طريق الفاعل الأصلي فإذا لم تقع الجريمة فلا يعاقب المحرض.
ثانياً: التحريض العام: هو الذي يكون موجهاً إلى مجموعة من الناس أو إلى طائفة بغير تحديد للشخوص بأعينهم أي أنه يقتضي دوماً ركن العلانية.
ثالثاً: التحريض كجريمة قائمة بذاتها: ينبغي التمييز بين التحريض كطريقة من طرق الاشتراك في الجرائم وبينه كجريمة قائمة بذاتها ومثال ذلك ما نصت عليه المادة (156) من قانون العقوبات والتي جرمت التحريض وجعلت عقاباً له السجن حتى إذا لم يترتب على هذا التحريض أثر.
وبذلك خرج المشرع الجنائي على القواعد العامة بأن قرر عقوبة للمحرض حتى لو لم يكن لتحريضه أثر. وهذا الخروج كان حكمة صائبة من مشرعنا الجنائي لما لهذه الجرائم من نيل من كيان المجتمع وسلامته ذلك باعتدائها على المصالح الأساسية للبحرين والمواطنين.
فعندما يقوم شخص بتحريض مجموعة على ارتكاب جريمة الحرق التي تتفاوت فيها العقوبة من حبس أو سجن مؤقت أو سجن مؤبد أو إعدام فإن حتماً المحرض ستقع عليه نفس العقوبة لأنه في هذه الحالة لا يمكن اعتبار تحريضه مجرد حرية رأي إنما هو كلام مؤثر يطرق وبشدة على فكر ضعاف النفوس هدفه إتمام جناية الحرق، ويرى الفقه أن جرائم التحريض شديدة الخطورة تهدف إلى إشعال الفتن ببثها سموماً خبيثة تؤدي في بعض الأحيان إلى التخريب أو الحرق أو الإتلاف.
وزارة الداخلية
العدد 3991 - السبت 10 أغسطس 2013م الموافق 03 شوال 1434هـ
تغريدات
تغريدات