بما أن الرسالة قد وصلت إلى البحرين من البصرة في مطلع الخمسينات من القرن العشرين، كان لابد من عرضها على «حضرة الأجل الأفخم صاحب السعادة مستشار حكومة البحرين المفخم»، كما وصفته الرسالة الصادرة من رئيسي ناديّ العروبة والأهلي، وكان ذلك بتاريخ 3 مارس 1951م. لكن ما حكاية الرسالة القادمة من البصرة في ذاك الوقت؟

على خطى التعاون الرياضي العربي في تلك الحقب القومية الجميلة قرر نادي الاتحاد الرياضي في البصرة بالعراق زيارة إمارة البحرين بوفد رياضي مكون من 30 عضواً. فأرسل رسالة مطولة بتاريخ 18 فبراير/ شباط من عام 1951، باسم رئيس نادي العروبة، وكان آنذاك (محمد دويغر)، يوضح فيها طلبه ويطلب منه أيضاً إرسال صورة منها لرئيس النادي الأهلي للغرض نفسه، كما يطلب من العروبة أن يتصل بلجنة الألعاب بشركة النفط العربية الأميركية في الظهران لإقامة مباراة أو اثنتين معها وإعلامهم بالموافقة. لكن ما بعث الاستغراب لدى رئيسي الناديين البحرينيين هو وجود بعض الممثلين المسرحين مصاحبين للفريق الرياضي! فتعالوا نقرأ وثيقة هذا الأسبوع لنفهم الحكاية ومدى تقبل الناديين لها.

نادي الاتحاد الرياضي في البصرة

البصرة - العراق

رقم التلفون - عشار- 642- 02

صندوق البريد 60

العدد 64

التاريخ 18/ 2/ 1951

حضرة الفاضل رئيس نادي العروبة بالبحرين المحترم

تحية واحتراماً.

من دواعي الغبطة والسرور أن تتوثق عرى المودة والصداقة والأخوة بين أبناء البلاد العربية عامة وبين أعضاء هذا النادي ونوادي البلدان العربية خاصة، وفي سبيل إيجاد هذه الروابط وتوثيقها قررت إدارة هذا النادي أن تقبلوا زيارة وفد رياضى لها مؤلف من ثلاثين عضواً إلى البحرين ليتبارى مع النوادي هناك في ألعاب كرة القدم والسلة وسيصحبهم بعض الممثلين المسرحيين.

وقد ارتأينا أن يكون منهاج السباق إقامة ثلاث مباريات في كرة القدم بين فريقنا ومنتخبات المنامة والمحرق والبحرين.

كما نرجو تفضلكم بالاتصال بلجنة الألعاب في الظهران شركة النفط العربية الأميركية لإقامة مباراة أو اثنتين معها وإعلامنا بالموافقة حول ما مر اأعلاه وسيكون موعد زيارتنا أواخر شهر مارت 1951.

وختاماً نرجو لكم أسعد الأوقات ودمتم خير عون للرياضة والرياضيين راجين الإجابة بسرعة ودمتم سالمين.

صورة منه إلى - رئيس النادي الأهلي المحترم

للغرض نفسه

الرئيس سامي الهلالي

بصرة-عراق».

هذا هو فحوى الطلب البصراوي العراقي الرياضي الذي تم توجيهه أساساً لنادي العروبة لما له من شهرة ثقافية واسعة آنذاك في الوطن العربي. ولكن الرسالة لم توضح لماذا سيتم اصطحاب ممثلين عراقيين مع الرياضيين، وماذا سيقدمون في البحرين، وكم عددهم، ومن هم؟ إلا أن هذا يدل على أن الفن العراقي كان محبوباً ومعروفاً في إمارات الخليج آنذاك وبالذات البحرين. كما إن الجمهور كان يتشوق لرؤية الفنانين العراقيين وجهاً لوجه في تلك الفترة لعدم وجود أجهزة اتصال مرئية سوى السينما المسجلة التي كان يظهر فيها هؤلاء الفنانون فأضحوا معروفين لدى جمهورهم في البحرين.

لذا فقد اجتمعت إدارة الناديين البحرينيين المعنيين بالرسالة وقررتا إعلام مستشار حكومة البحرين (تشارلز بلغريف) بمضمون تلك الرسالة وطلبها، عن طريق تحرير رسالة مشتركة بتوقيع رئيسيهما، فجاءت كالتالي:

«25 جماد أول 1370،

3 مارس 1951.

حضرة الأجل الأفخم صاحب السعادة مستشار حكومة البحرين المفخم

تحية وسلاماً

بعده نتشرف بأن نخبركم أننا استلمنا بتاريخ 26 فبراير 51 رسالة من نادي الاتحاد الرياضي في البصرة مفادها أن فرقتهم الرياضية التي تتألف من ثلاثين عضواً تقريباً تود أن تزور البحرين لإجراء مباريات في بعض الألعاب الرياضية كلعبة، الكرة، والسلة، مع فرق أنديتنا وكذلك بين أعضاء فرقتهم هذه بعض الممثلين المسرحيين.

فحيث إن مالية أنديتنا لا تتحمل المصاريف الخارجية لضاءلتها نلتمس من حكومتنا الجليلة مساعدة هذا المشروع بمبلغ مالي يغطي هذه المصروفات وما يتطلبه من تسهيلات أخرى.

إذا ترون في ذلك صلاحاً يعود على الأندية والبلاد.

هذا وختاماً تفضلوا بقبول الشكر وخالص الاحترام.

ملحوظة:- بطيه تجدون نسخة من الرسالة

رئيس نادي العروبة رئيس النادي الأهلي».

ولا نعلم كيف كان رد المستشار الذي خاطبته الرسالة بـ «حكومتنا الجليلة»، ولا مقدار المساعدة التي قررتها تلك الحكومة الجليلة للناديين. كما يتضح من الرسالة، دون تعليق آخر، مدى ما كانت تعانيه الأندية الرياضية بل وحراكها الرياضي في البلد من «قلة» الموازنة المقررة لها من تلك الحكومة في برامجها الداخلية، فما بالك بالاستضافة الخارجية لمثل ذاك العدد الكبير من الرياضيين العرب. ولذا ترك الناديان الأمر بيد مسئول تلك الحكومة الجليلة في رؤية إن كان في الأمر «صلاحاً يعود على الأندية والبلاد» ليساعدهما أو يرفض المشروع والزيارة جملة وتفصيلاً.