المعادلة بسيطة جدًّا جدًّا: «لا ماء... لا غذاء»، وتطرح الآن مجدداً في ضوء بيانات منظمة الأغذية والزراعة التي تفيد بأن الزراعة تمثل أكثر من 70 في المئة من الاستخدام العالمي للمياه. وما هو أهم وأخطر هنا، هو أن كمية المياه اللازمة للري ستتقلص بسرعة وبنسبة عالية.
فالواقع هو أن كل شيء يأكله البشر يتطلب المياه بإنتاجه، بحسب مفارقة «المياه التي نأكلها» التي طرحها معرض أقيم أثناء مؤتمر معهد استوكهولم الدولي للمياه في العام الماضي، والذي أشار إلى أن إنتاج «همبرغر» متوسطة الحجم - شريحتين من الخبز ولحم بقر وطماطم وخس وبصل وجبن - يستهلك حوالي 2389 لتراً من المياه، مقابل 140 لتراً لكل فنجان من القهوة و135 لترا لكل بيضة واحدة.
كذلك يتطلب إنتاج وجبة متوسطة من الأرز ولحم البقر والخضراوات حوالي 4230 لتراً من الماء في حين يعتبر إنتاج «ستيك» لحم شهي بقر شهي - وهو العنصر الرئيسي بين الأغنياء في الدول الصناعية في العالم- واحداً من أكبر المأكولات استهلاكا للمياه علي الإطلاق: حوالي 7000 لتر. هذا الواقع لا يبشر بالخير. فمن المتوقع أن تنخفض حصة المياه المتاحة للزراعة إلى مجرد 40 في المئة - من 70 في المئة حاليا - وذلك بحلول العام 2050، وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة أثناء انعقاد مؤتمرها في روما في الفترة 15 إلى 22 يونيو/ حزيران الجاري، واستنادا إلى الإحصاءات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد: فيقدم توافر موارد المياه العذبة صورة مماثلة لتوافرالأرض، حيث لا يتم توزيع الموارد المائية الكافية على المستوى العالمي بشكل متساوٍ، وحيث يتزايد عدد البلدان - أو المناطق في البلدان- التي بلغت مستويات حرجة من ندرة المياه، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة.
ومما يزيد الطين بلة أن العديد من الدول التي تعاني من ندرة المياه في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، تقاسي أيضاً من نقص موارد الأراضي، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة.
كذلك فنظراً إلى هشاشتها وتعرضها للتدهور، تعتبر المناطق الساحلية في حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا، وكذلك آسيا الوسطى الجافة، مواقع يتحتم فيها النظر إلى الاستثمار في تقنيات إدارة المياه كأولوية أولى لدى الترويج لنمو الإنتاجية الزراعية.
لكن الأمر لا يتعلق بمجرد بيانات وتوقعات.
فالحقيقة أيضاً هي أن ندرة المياه هي بالفعل واقع يومي لأكثر من 760 مليون شخص في الوقت الراهن «وليس لأن المزارعين يشربون كل المياه أو يستهلكونها كلها للري»، حسبما أفاد فنسنت كيسي، مدير الدعم الفني في منظمة «ووتر إيد» ومقرها لندن.
وشرح كيسي لوكالة «إنتر بريس سيرفس»، أن ذلك يرجع إلى «الإفتقار إلى خدمات إمدادات المياه اللازمة للاستفادة من الكميات المتاحة».
وأفاد الخبير أن زراعة الري تمثل الغالبية العظمى من عمليات سحب المياه في العديد من البلدان، ويمكن فعل الكثير لتفادي ندرة المياه، وذلك بإدخال تغييرات في الممارسات الزراعية العطشى. واضاف «يمكن تغيير أنواع المحاصيل، وأساليب الري وأسعار المياه، للحد من الطلب»، وهذه الإجراءات تتطلب إلتزاماً سياسيًّا قد يصعب تحقيقه، وفقاً لهذا الخبير الذي أضاف أن تحقيق الأمن المائي يتطلب أمرين أساسيين: إدارة رشيدة للموارد المائية، وخدمات إمداد جيدة الإدارة (مضخات، أنابيب، صنابير، وصهاريج تخزين).
العدد 3990 - الجمعة 09 أغسطس 2013م الموافق 02 شوال 1434هـ