شدد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (9 أغسطس/ آب 2013) على أن «الاستقرار الأمني مطلب حكومات وشعوب»، ونبه إلى أنه «لا يُحفَظ أمن بلد ولا يسعد أهل بلد ولا تتمتّن الثقة بين أبناء بلد بمثل ما تنتجه سياسة العدل والإصلاح والإنصاف، ولا هادم ولا معول أشدّ فتكاً بأمن الأوطان وسعادة الناس وأخوّتهم من معول الظلم والعدوان».
وتحت عنوان «الاستقرار الأمنيّ:»، قال قاسم: «الاستقرار الأمنيّ مطلب حكوماتٍ وشعوب، والأمن أمن أديان ومذاهب وأبدانٍ وأعراض وأموال وشرف وعزّة وكرامة ومال ومعيشة وحقوق، ممّا يجب أن يتمتّع به كلّ إنسان من حيث هو إنسان، وكل مواطن بما هو مواطن، والمعروف في كلّ الدنيا أنّ من يعيشون تحت سقف واحد ومن يركبون سفينةً واحدة لا يتجزّأ أمنهم عملاً، فما خاف بعضهم من بعضٍ إلا خاف من أخيه الآخر، وما غدر بعضهم ببعضٍ إلّا توقّع الغدر منه؛ فأمنهم جميعاً ينتقض بنقض طرف وينهدم بهدمه من طرف، فما أحسن لنفسه وقد أساء إليها من قوّض أمن أخيه وشركائه الذين هم في البيت الذي يؤويه، وما يفعل ذلك فاعلٌ إلّا في غير تدبُّر، إنّه بغضّ النظر عن الدين والقيم والضمير والأخلاق والشيم والحقوق يتحتّم من باب المصلحة المشتركة والضرورة ودفع الضرر أن يجتنب أهل السقف الواحد عن اللعب بأمن بعضهم البعض، والوطن الواحد الذي يضمّ شعباً واحداً وحكومةً واحدة في حكم السقف الواحد، وحكم أهله جميعاً حكم أهل بيتٍ واحد وسفينة واحدة، أمنهم غير قابل للتجزئة، أمنهم واحد، وخوفهم واحد، جاءهم الخوف من الخارج أو جاءهم من عند أنفسهم، حقيقة قد لا يختلف عليها اثنان من الناحية النظريّة، لكنّ الحكومات التي تضرب بها عرض الحائط ليست من القليل، ولا يعالج هذا الأمر إلّا التدبّر والتفكّر والتعقّل».
وأضاف «حين تتحدّث عن الاشتراك في أمن البيت الواحد والسفينة الواحدة والوطن الواحد وتصدّعه وتدهوره وتضرّر جميع الأطراف بتعدّي طرفٍ عليه لابدّ أنْ نفرّق بين ما عليه وضع البيت ووضع السفينة ووضع الوطن، فأمن البيت تدهوره يكون سريعاً وتضرّر الأطراف كلّها ربّما يكون عاجلاً بهذا التعدّي، وأمن السفينة أسرع فقداً بصورةٍ جامعة، أمّا أمن الأوطان فقد يغري طرفاً عدم تضرّره لمدىً زمنيٍّ معيّن بتعدّيه عليه وعدم وجود ردّات فعلٍ سلبيّة قريبةٍ أو متوسّطة مؤذيةٍ بالنسبة له إلّا أنّه المقطوع به أنّه أسّس لانتقاض أمن الوطن كلّه وأساء إلى من لا يحبّ ومن يحبّ وحتّى لنفسه فإنّ الأوطان لا يمكن أن يُحفَظ أمنها وعزّتها وكرامتها وثرواتها بمثل هذا».
ونبه إلى أنه «لا يُحفَظ أمن بلد ولا يسعد أهل بلد ولا تتمتّن الثقة بين أبناء بلد بمثل ما تنتجه سياسة العدل والإصلاح والإنصاف، ولا هادم ولا معول أشدّ فتكاً بأمن الأوطان وسعادة الناس وأخوّتهم من معول الظلم والعدوان، وإذا كان أهل السفينة الواحدة أمنهم مشترك وخوفهم مشترك فإنّ أهل الحقل الواحد والمزرعة الواحدة يشتركون شبعاً وجوعاً ويسراً وفقراً وغنىً وحاجة، ولا يصحّ لهذا أنْ يشبع وذاك يأكله جوعه ولا العكس، فلابدّ من عدلٍ ولابدّ من إنصافٍ وإلّا اختلّ وضع الجميع وساءت حياة المجتمع كلّه، وهذا واضح كذلك عند كلّ الناس على المستوى الذهنيّ والمخالفون له كثيرون في مقام العمل، ووطن كلّ قومٍ مزرعتهم المشتركة التي لا يصحّ أنْ يشبع فيها طرفٌ ويجوع آخر، ولا يستقيم لهم أنْ يستمرّ لهم الوضع مع ذلك».
وتحت عنوان «الإصلاح»، تحدث قاسم عن أنه «قد يقدّر للإصلاح وزنه وقيمته أناس ولا يقدّرها أناس، وقد يحسّ بالحاجة إليه أناس دون آخرين، وقد يلمس ضرورته العمليّة قومٌ دون قوم، وقد تختلف عليه المصالح فيما تراه الأطراف المتعدّدة كلٌّ من جانبه وحسب ما عليه واقعه وظرفه، ولكن قد تصل أوضاع أيّ ساحة من الساحات إلى الحدّ الذي يفرض حتميّته، ويجعله الخيار الذي لا بديل له ولا محيص منه ولا يوقف عنه طوفانٌ ولا نارٌ ولا حديد ويجعله المنطق الأقوى واللغة العمليّة الأنسب بل القدر الذي لا تحول بينه وبين أنْ يكون كلّ المحاولات».
وأوضح قاسم أن «كلّ الساحات قد تختلف فيها لغة الإعلام عن عطاءات الواقع وتحاول أنْ تعطّلها إلّا أنّ أيّ لغة إعلاميّة مكابرة لابدّ أن تنهزم أمام لغة الواقع والضرورة الملحّة، ولا شيء بعد اليوم في كلّ ساحاتنا العربيّة يمكن أنْ ينسف فكرة الإصلاح أو يعطّلها أو يقاومها طويلاً بعد أنْ أصبحت القضيّة في لغة الواقع ضرورية، وستجد الأصوات المنادية بغير ذلك نفسها شاذّة ومعزولة ومهزومة ومنحدرة أمام صراحة إلحاح الواقع ودفع الضرورة والإحساس العام المتوسّع جداً في كلّ الساحة العربيّة والعالميّة بحاجة الإصلاح وتسريعه».
وفي عنوان «أمّتنا إلى أين؟»، ذكر قاسم أن «لهذه الأمّة ماضٍ مضيءٌ بعيدٌ عاشته في ظلّ الإسلام وحاكميّته العادلة الراقية وصناعته المجيدة للإنسان وأوضاع الإنسان التي تأتي على يده، وماضٍ أقرب منه ظلّ ممتدّاً إلى يومها هذا فيه بؤسٌ وظلمة وتخلّف وتفكك وشتات وقد دخلت في نفقه المظلم البئيس المخزي منذ بدأت رحلتها تشطُ عن خطّ الإسلام واستمرّت تتوغّل فيه وتطبق عليها ظلماته وتلفّ وجودها وحشته كلّما زادت بعداً عن دين الله».
وأشار إلى أن «الأمّة اليوم مازالت في معاناتها المرّة من النفق الذي أدخلها فيه تخلّيها عن دين ربّها، تعيش حالةً من الحنين والتطلّع والشوق للإسلام الذي ينقذها من المأساة، ولكنّ العودة للإسلام لا يكفي فيها الشوق والتطلّع والحنين، ولا استرخاص النفوس والسخاء الكبير بالتضحيات من دون فهمٍ سديدٍ للإسلام ودرجة عالية من رشده واستيعابٍ واعٍ لحقيقته وارتفاعٍ في مستوى النفوس والمشاعر والسلوك لأفق أهدافه وأخلاقه وطهره وانفتاحه ورحمته ورأفته ورسالته البريئة من الهوى ومطامع الدنيا وعصبيّة الأرض والجاهليّة، ومن كلّ ما يتنافى مع جلاله وقدسيّته وعدله وإحسانه».
وبيّن أن «المسافة اليوم من قياداتٍ كثيرةٍ متعدّدة تنتشر في الساحة العربيّة والإسلاميّة وتحمل شعار الإسلام والانتصار إليه وعودته لقيادة الأمّة وبين الإسلام مسافةٌ شاسعةٌ فهماً ورؤيةً وفقهاً واستيعاباً وهدفاً وتوجُّهاً وتقديراً للإنسان وانفتاحاً وعدلاً وإحساناً وتسامحاً ونأياً عن الضيق والعصبيّة الجاهليّة من قوميِّةٍ وجغرافيِّةٍ وغيرهما وتعالياً خلقيّاً ورفعةً وتسامياً، قياداتٌ تخطئ فهم الإسلام، وتقيم من عصبيّتها ودمويّتها وعدوانيّتها وإساءتها لعدل الإسلام وانفتاحه ورحمته وإحسانه نماذج عمليَّةً وشواهد زورٍ على الأرض تسلبه قوّته وصدقيّته وجلاله وجماله، وبهذا تكون المسافة بين الأمّة وبين العودة للإسلام العودة الحقيقيّة التي تظهر عظمته وتعيد لها قوّتها وعزّتها وكرامتها وموقفها الرياديّ الذي يصبّ في مصلحة الإنسانيّة كلّها ليست قصيرة، ويومها ليس بذلك القريب، ولكنّ عمليّة التخلص والانعتاق من واقع النكسة في تاريخ الأمّة بدأت بلا ريب، وبدأت الهجرة للإسلام بعد هجرانه تتنامى في أوساط الأمّة ومختلف مستوياتها ولن يكون مستقبلها من جنس الماضي الذي عاشته طوال العمر الطويل لانتكاستها، ولن تستقرّ على شيءٍ في مستقبلها رغم الاستمرار على خطّ التجارب المتعثّرة غير ما هو من خطّ ماضيها المجيد وتاريخها المشرق الكبير حتّى تلتحم حياتها بأكمل صورةٍ حيّة للإسلام على الأرض التحاماً كاملاً على يد القيادة الإلهيّة الرشيدة التي أعدّتها العناية الإلهية وبشّر بها الإسلام لإنقاذ الناس».
وقال قاسم: «إنّ صفحة الماضي البئيس الكئيب المذلّ الذي عاشته الأمّة زمن انحدارتها وبعدها عن الإسلام إلى انطواء، وهيهات أنْ تردّ المحاولات الأرضيّة قوافل النور إلى الوراء أو تعطّل حركة الركب الصاعد. ولكن يبقى في الطريق طول، وفيه متاعب ومشاقّ ومتحدياتٌ ضخام ويبقى على الأمّة أنْ تبذل الكثير وتعاني الكثير وتصبر على الكثير وأن تشهد انتكاساتٍ وعثرات وتخبّطات من بعض التجارب والمحاولات».
وتساءل قاسم «كيف تكون قويّاً، كيف تكون قويّاً أمام كلّ الدنيا بإغراءاتها وتوعّداتها وكلّ تحدّياتها، أمام فقرها وغناها وهزائمها وانتصاراتها ومخوفها ومرجوّها وصغارها وكبارها؟ وكيف تكون قويّاً أمام أكاذيب أهلها وعبيدها وافتراءاتهم وأراجيفهم، فلا ينالون من نفسك ثلمة، ولا تمسّها من حربهم هزيمة، ولا تهتزّ من محاولاتهم بنفسك ثقتك، ويستحيل على أباطيلهم أنْ تنال من عزّتك؟».
وأشار إلى أن «الطريق واضح، ولا يحتاج إلى بحث، والنتيجة مضمونةٌ لا تخلّف فيها ولها: لا عليك إلّا أنْ توحّد الله الواحد الأحد ربوبيَّةً وألوهيَّة، وألّا ترى نافعاً ولا ضارّاً غيره، وأنْ تحسن التوكّل عليه وتفويض الأمر إليه، وعندئذٍ دع الدنيا كلّها تجتمع عليك، وتضادّك، وتفتري عليك، وتمكر بك ولا تبالي، وما هدّد عبدٌ من عبيد الله عبداً آخر له سبحانه بأشدّ وأخطر من الموت، ويبطل هذا التهديد في النفس المؤمنة أمورٌ ثلاثة وأكثر: أنّ الموت قدرٌ لابدّ منه ومن لم يمت اليوم مات غداً، وأنّ الموت مظلوماً يحمّل القاتل الكثير من آثام المقتول، وأنْ لا نفس تملك أنْ تنقص من أجل نفسٍ شيئاً، وكما ينقذ الإيمان الحقّ بالله سبحانه العباد من خوف العباد؛ فكذلك ما كفّ يداً عن العدوان وما حبس لساناً عن الفحش والبغي، وما عصم كلّ الجوارح عن القبيح، وما نقى القلب من نيّة الشرّ وقصد الآثام وصدّ عن فعل السوء وأوجد إنساناً نفَّاعاً محبّاً للخير كالإيمان، فكن مؤمناً تكن قويّاً مطمئن النفس، نظيف القلب، نزيه اليد، غير آثمٍ ولا ظالم، لا يُرتَقَب منك شرٌّ، فعَّالاً للخير».
العدد 3990 - الجمعة 09 أغسطس 2013م الموافق 02 شوال 1434هـ
شكرا شيخنا
شكرا شيخنا علي خوفك علي كل شعب البحرين من كل الاطياف اقبلو التراب من تحت قدميك
( الأستقرار الأمني مطلب حكومات وشعوب) هذه الكلمات العظيمة له مغزه الذكي من يستوعبها ويفسرها
فارس الغربية
إلّا أنّ أيّ لغة إعلاميّة مكابرة لابدّ أن تنهزم أمام لغة الواقع والضرورة الملحّة.. الفقيه قاسم "حفظه الله).
خدوا بكلام الشيخ
خدوا بكلام سماحة الشيخ ففي كلامه العقل والحكمه والصواب
رأي
كل الاحترام والتقدير لسماحة الشيخ عيسى قاسم، ولكن اتمنى ولو لمرة واحدة ان يطالب الفئة التي ترهب وتحرق الوطن من أجل تعطيل وانهيار الاقتصاد الوطني
رحم الله والديك ابا سامي
أنّ الموت قدرٌ لابدّ منه ومن لم يمت اليوم مات غداً، وأنّ الموت مظلوماً يحمّل القاتل الكثير من آثام المقتول، فكن مؤمناً تكن قويّاً مطمئن النفس، نظيف القلب، نزيه اليد، غير آثمٍ ولا ظالم، لا يُرتَقَب منك شرٌّ، فعَّالاً للخير
و الله كلامك عين الصواب
كلام منطلق ممن هو خائف علي دينه و شعبه و وطنه و لكن يراد له اذن صاغيه لتسمعه و تفقه
سلمت يا ابا سامي
سلمت لنا ايها الاب الحكيم المنصف الناصح التمين ويأليت قومي يستجيبون لمطالبك العقلانية الداعية للانقاذ
ههههههههه
بس كل كلام
الله يحفظك
ماحال شعب البحرين بدونك شيخنا الوفيء وصدقت مقولة رجل بقامت وطن