تتردد هذه الأيام في تصريحات البعض وصحفهم وتلفزيوناتهم وتويتراتهم وفيسبوكاتهم ووكالات أنبائهم، ونوابهم وشورييهم، تعبير «كله بالقانون».
فبالقانون سنقتحم منازل المواطنين الآمنين، ونعتقلهم ونؤدبهم أمام أهاليهم المرعوبين، وسنعتقلهم ولن يعرفوا لأسابيع أين هم. وبالقانون سننتزع منهم اعترافات دامغة بالتآمر والخيانة، وبالقانون سنثبت ذلك كله ضدهم. وبالقانون سنجرجرهم إلى المحاكم، وبالقانون سندينهم ونحكم عليهم بسنوات طويلة من السجن كباراً وصغاراً، نساءً ورجالاً. وبالقانون سندين من يقفون خلفهم من رجال الدين وجمعيات سياسية معارضة، وزعمائهم ونشطائهم.
بالقانون سنسقط الجنسية عمّن يعارض ويصبح نكرة بلا وطن ولا هوية. وبالقانون سنسكت كل مغرّد وكل صاحب «بلوغر»، وصاحب كل موقع إلكتروني، وكل صحافي متقصٍّ للحقيقة، وكل مراسل عميل لأجهزة الإعلام الخارجية! وكل متصل بالسفارات الأجنبية المتآمرة، حتى ولو كانوا من حلفائنا!
نعم... كله بالقانون، ولكن أي قانون؟ في البدء كانت الكرامة الإنسانية حيث جاء في القرآن الكريم «وكرمنا بني آدم»، قبل أن تسن الشرائع، وتكتب القوانين. في البدء كانت الحرية «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» قالها الفاروق (رضي الله عنه)، لواليه على مصر عمرو بن العاص. ونص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «يولد الناس أحراراً متساوين في الكرامة». لذا فإن القوانين هي لضمان الكرامة والحرية والمساواة، وليس لانتهاكها أو التعدي عليها، وما بني على باطل فهو باطل.
من هنا فإنه لا يكفي أن يأتي من يأتي ليلوّح للناس بالقانون، لننصاع لما يراد فرضه على الناس. فحتى الشرائع السماوية بما تضمنته من أحكام عقابية فإنها تؤخذ في ظل الظروف وآليات الإثبات. فبالنسبة إلى الشريعة الإسلامية، وضعت مقاصد الشريعة كقاعدة لتطبيقها، أي حفظ الدماء والعرض والمال. وخلال الخلافة الراشدة لم تقطع يد سارقٍ لأنه اشترط أن يتوافر للجميع إما مصادر للرزق، أو لدعم من بيت المال تغني أي شخص عن السرقة.
ونستطيع أن نقيس على ذلك باقي الديانات السماوية والوضعية أيضاً. ومن أجل أن لا يتعسف أي حاكم ضد شعبه أو خصومه، فقد تطوّرت المنظومة الدستورية والقانونية في الدول الديمقراطية المتحضرة لكي توفر ضمانات للمواطن وللشعب وللوافدين، أي لجميع من يعيش في الدولة، لئلا تكون هناك قوانين منافية أو تحدّ من الحقوق الطبيعية والدستورية للسكان، وبحيث لا تستخدم القوانين تعسفياً. وبالطبع فالجدل مستمر والدساتير تتطور والقوانين تُعدّل، لكي تؤمّن مزيداً من الضمانات للمواطن والسكان لكي لا تنتهك حقوقهم باسم القانون.
وحتى دستور مملكة البحرين الذي سجل عليه البعض تحفظات عديدة، نصّ في المادة (31) في فقرته الأخيرة «وبحيث لا ينال التنظيم من جوهر الحقوق والحريات». لكننا اليوم نرى ترسانةً من القوانين التعسفية، والتي تجري زيادة تعسفها وتكرس جميع وزارات الدولة وأجهزتها لكي تنفذ هذه التشريعات والتوجيهات التي تتناقض تماماً مع دستور البحرين والقانون الدولي. وحتى في حالات الطوارئ والأحكام العرفية، فإنه لا يجب المس بالحقوق الأساسية. من هنا فقد عينت الأمم المتحدة مقرراً خاصاً للتأكد من حماية حقوق الإنسان في ظل مكافحة الإرهاب.
إن مملكة البحرين ملزمة باتفاقيات ومعاهدات دولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز والاتفاقيات المتعلقة بحقوق العمال والعمل وغيرها.
ولذا فإن المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين والمنظمات الحقوقية الدولية، عبّرت عن اعتراضها على الاستراتيجية القائمة للدولة لإخضاع المعارضين والحقوقيين والنقابيين، واستهداف جمهور المعارضة بمختلف السبل، وأصدرت 176 توصية لمعالجة ذلك. وبالتأكيد فإن مزيداً من التوصيات والانتقادات تنتظر حكومة البحرين في مجلس حقوق الإنسان في دورته الرابعة والعشرين في سبتمبر/ أيلول المقبل. ومن الأفضل لحكومة البحرين التراجع عن هذه السياسة الخطرة التي لن تضمن الأمن والاستقرار ولن تخضع المواطنين الذين يتطلعون إلى نيل حقوقهم الدستورية كاملةً.
من تجارب الأمم والشعوب، إن يوماً ما تبطل كل القوانين الجائرة، كما علمنا التاريخ، ويندم من انتهك حقوق غيره من الضحايا، الذين بدورهم سيغفرون لهم بكل أريحية. وحتى لو لم يتحقق ذلك، فمحكمة التاريخ لا تخطئ.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3989 - الخميس 08 أغسطس 2013م الموافق 01 شوال 1434هـ
لماذا يا بومنصور لا ترى الا بعين واحده
أشكرك يا بومنصور على هذا الموضوع ولكن |نا اتسأل وكنت أتابع مقالاتك تقريبا بالكامل لم أرى ولا كلمه من مقالاتك وقد شجبت فيها العنف الموجود على الشارع
فبركة تاايم
عاد قلنا فبركة مو هلون عاد ، القوانين كلها كانت ضد الإرهاب والي تقصدهم سلميين ، الا اذا المثل الي يقول الي على راسه بطحه يحسس عليها صحيح.
قانون محلي الصنع
باسم القانون نذبح.. باسم القانون نقتل.. باسم القانون نعلق في المشانق دون ادنى ذنب .... للاسف انه قانون محلي الصنع وضعه طائفيون.
عبدالعزيز
ليتك ذكرت التخريب في البلاد وارهاب الناس واغلاق الطرق عن الناس وتعطيل المصالح العامة والخاصة...ولوأن هذا العمل حدث في أحد الدول العريقة في الدمقراطية فماذا سيكون ردالفعل من حكوماتهم المتقدمة التي تتعامل بالديمقراطية...ولنا عبرة في أميريكا وبريطانيا ومافعلته مع المشاغبين الذين أرادوا تعطيل اقتصاد دولهم...وكله موثق بالصوت والصورة في وكالات الأنباء وفي اعلام الجمعيات في البحرين...
يا 22
ولماذا يقطعون الطرق ؟ اليس هم مهمشين بالبلد، طبعا" لا ابرر او اؤيد قطع الطرقات ونحن الذين نتأذى اكثر من غيرنا لانها تقع في مناطقنا ، التمييز الطائفي الحكومي ليس وليد اللحظة وانما زادت من 2011 ، وقانونكم يمشي على فئة واحدة لاغير ، لماذا لايطبق على المفسدين واين هم من قتل و عذب؟ بالله عليك يكشفون عن المتسبب في تفجير (وهمي) في 24 ساعة! ومن قتل الشهداء تسجل ضد مجهول ! أي قانون هذا ؟
شكرا لتعليقك
لماذا لا تقل ان لكل فعل ردة فعل سؤال واحد فقط .. ما هي ردة فعلك على ما حصل لريحانه ؟ ولو كانت إبنتك أو زوجتك في نفس مكانها ( ريحانه ) هل ستكون ردة فهلك التزام الصمت ؟ وهل دفاعك عن عرضك وشرفك هو ارهاب ؟؟ اخي .. لا تقاس الأمور هكذا ..!! رأفاً بحالكم يا من تغمضون عيونكم عن الحقائق .. غداً لا سلطة تنفع ولا جاه .. ماذا ستقول امام الله سبحانه عندما تغاضيت عن هدم المساجد وهتك الحرمات وقتل الناس و و و و ؟؟ أفق .. أفق
صح لسانك
شكرا ، على الكلام الجميل
مخالفة كل القوانين بالقانون!
مخالفة لجميع القوانين والمعاهدات الدولية بقوانين تكبل وتكمم وتقمع الناس !
ياريت ذكرت هل ارهاب الناس وقطع الطرق وتعرضهم للاذى والتاخير
ياريت ذكرت هل ارهاب الناس وقطع الطرق وتعرضهم للاذى والتاخير عن ذهابهم للعمل او المستشفى هو بالقانون
شكرآ للوسط على نشر تعليقي
شكرآ للوسط على نشر تعليقي
دولة المؤسسات و القانون, و الديمقراطية التي تنافس الديمقراطيات العالمية !؟
سلمت يداك
كل عام وانته بخير العكري .. متى صار ...ع الشعب بالقانون.!؟ .
دائع هذا المقال..... سلمت يداك
اصبت عين الحقيقه ..... استاذ عبدالنبي .. وعساك عالقوه.
هذا هو واقعنا ..... الدوله تجير كل القوانين التي وكما تعتقد انها ستخنق المعارضه والمطالبه بالحقوق الشرعيه والتي تستحقها ..
كلا والف كلا ... اشد علي يديك شعبي الكريم .... .... والمطلوب هو مواصلة المطالبه بالطرق السلميه.
ما اريكم الا ما أرى
اي والله
يسون اللي يبغون بس كله بالقانون لكن املنا بالله
اهم شي القانون
القانون لازم يطبق على الكل. مافي احد فوق القانون
قواك الله يالعكري
مقال عقلاني
بديهيات
البديهيات ضاعت بين ترسانة من القوانين ليس لحماية شعب.