سعى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى طمأنة الأميركيين بعد التحذيرات من اعتداءات على مصالح للولايات المتحدة التي أجلت أمس الأول موظفيها في السفارة في صنعاء في خطوة رأى اليمن أنها «تخدم مصالح المتطرفين».
ففي مقابلة تلفزيونية ليل الثلثاء الأربعاء، أكد الرئيس أوباما أن إدارته «تتخذ كل الاحتياطات اللازمة»، داعياً الأميركيين إلى عدم الشعور بالهلع.
وقال أوباما «إذا عمل الأميركيون بحذر وتشاوروا مع وزارة الخارجية والسفارة واطلعوا على الموقع قبل أن يسافروا وبحثوا عن الاحتياطات التي يجب عليهم اتخاذها، فأعتقد أنه يمكنهم الذهاب في عطلهم».
وأضاف أن «كل ما عليهم القيام به هو التأكد من أنهم يتصرفون بحذر».
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أمس أنها قامت بإجلاء عشرات الموظفين في سفارتها من اليمن ودعت رعاياها إلى مغادرة البلاد فوراً محذرة من «هجوم وشيك» بعد اعتراض مراسلات لتنظيم «القاعدة».
وأكد مسئول أميركي لـ «فرانس برس» طالباً عدم كشف هويته إجلاء 75 من موظفي السفارة صباح الثلثاء على متن طائرة عسكرية أميركية أقلتهم بمواكبة طائرة أخرى إلى قاعدة رامشتاين بألمانيا.
وردت الحكومة اليمنية بشدة على إجلاء الموظفين، موضحة أنها لا تنكر وجود مخاوف أمنية لكن مثل هذا الإجراء «يخدم مصالح المتطرفين».
وقالت وزارة الخارجية في صنعاء إن خطوة كهذه «تقوض التعاون الاستثنائي بين اليمن والتحالف الدولي ضد الإرهاب»، مؤكدة أن السلطات المحلية «اتخذت كل الإجراءات لضمان أمن وسلامة البعثات الأجنبية».
واتخذت واشنطن هذا القرار بعد إغلاقها نحو 20 سفارة وقنصلية أميركية في الشرق الأوسط وإفريقيا حتى السبت بسبب «تهديدات موثوقة».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جنيفير بساكي إن 19 مكتباً أغلق أمام المراجعين لكنها ما زالت تقدم خدمات للرعايا الأميركيين للحالات الطارئة.
وأضافت أنهم «تلقوا تعليمات بالإغلاق أمام المعاملات العادية حتى السبت العاشر من أغسطس/ آب»، مشيرة إلى أن بعض الموظفين سيبقون في مواقعهم.
وتابعت أن «هذا القرار والإعلان صباح (الثلثاء) تستند إلى رد على تهديد محدد».
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن لديها «طاقماً على الأرض» «لمساندة وزارة الخارجية ومراقبة الوضع على الصعيد الأمني».
وحذت لندن حذو واشنطن بإجلاء جميع العاملين في سفارتها في صنعاء مؤقتاً ووضعت البحرية التجارية في حالة تأهب قصوى، مؤكدة أن السفارة «ستبقى مغلقة إلى أن يتمكن الموظفون من العودة إليها».
وأغلقت فرنسا وألمانيا سفارتيهما في اليمن. كما نصحت هولندا وبلجيكا رعاياهما بالمغادرة «في أسرع وقت ممكن». وحذرت إيطاليا من وجود تهديد بتعرض الإيطاليين للخطف، كما أعلنت المفوضية العليا للاجئين تعزيز أمن مقارها.
وفي حادث منفصل، تم إخلاء القنصلية الأميركية في مدينة ميلانو الإيطالية بعد تهديد كاذب بوجود قنبلة.
وقال مراسل وكالة «فرانس برس» في صنعاء إن حواجز أسمنتية تحيط بالسفارة البريطانية عادة، تمت زيادة ارتفاعها في إطار الإجراءات الأمنية في العاصمة.
وفي حادث مرتبط بالاضطرابات في البلاد، أعلن مسئول قبلي يمني أن عناصر قبلية أسقطت مروحية للجيش اليمني الثلثاء ما أدى إلى مقتل ثمانية جنود. وأضاف المصدر نفسه أن العميد حسن مشعبة المكلف حماية المنشآت النفطية كان على متن المروحية التي أسقطت خلال اشتباكات بين الجيش وعناصر قبلية كانت تمنع إصلاح أنبوب للنفط في محافظة مأرب تعرض لتفجير الأسبوع الماضي.
وجاء إجلاء الموظفين بعد مقتل أربعة عناصر يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «القاعدة» قبيل فجر الثلثاء في غارة شنتها طائرة أميركية بدون طيار في منطقة مأرب شرق صنعاء.
وأوضح مسئول قبلي لـ «فرانس برس» أن الطائرة بدون طيار أطلقت أربعة صواريخ دمرت السيارة التي كان الرجال الأربعة على متنها، موضحاً أنه تم التعرف على اثنين من القتلى الاول يدعى صالح التيس (الوائلي) والثاني صالح علي قوطي.
وصالح التيس ورد اسمه ضمن قائمة من 25 مطلوباً ينتمون إلى «القاعدة»، أعلنتها السلطات اليمنية ليل الإثنين الثلثاء موضحة إنهم يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان وأيام عطلة عيد الفطر.
وأصدرت بريطانيا أيضاً تحذيراً إلى السفن العاملة في مكافحة القرصنة في خليج عدن.
وكانت وسائل إعلام أميركية ذكرت أن رسائل تم اعتراضها بين زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري وزعيم فرع التنظيم في اليمن ناصر الوحيشي هي التي حملت واشنطن على اتخاذ قرار غلاق البعثات.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الإثنين عن مسئولين أميركيين أن إدارة أوباما اتخذت القرار إثر اعتراض اتصالات إلكترونية الأسبوع الماضي بين الظواهري والوحيشي زعيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» التي تتمركز في اليمن.
وبحسب الصحيفة فإن الظواهري أمر الوحيشي بتنفيذ اعتداء الأحد الماضي.
غير أن شبكة «سي إن إن» التلفزيونية نقلت أن الظواهري طلب من الوحيشي «تنفيذ شيء ما»، الأمر الذي أثار مخاوف لدى المسئولين في واشنطن واليمن من هجوم وشيك.
لكن وزارة الخارجية رفضت تأكيد هذه المعلومات.
وقال رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، مايكل ماكول إن المعلومات التي تم جمعها «قد تكون الأكثر وضوحاً ومصداقية التي رأيتها ربما منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول» 2001. من جهته، أكد نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، ساكسبي شامليس أن مستوى المبادلات بين الإرهابيين «يذكر كثيراً بما شهدناه قبل اعتداءات 11 سبتمبر». ونقلت «إيه بي سي نيوز» عن مسئولين أميركيين لم تحدد هوياتهم أن ثمة مخاوف من أن تقوم «القاعدة» بنشر انتحاريين يحملون قنابل زرعت جراحياً في أجسادهم للإفلات من الإجراءات الأمنية.
العدد 3988 - الأربعاء 07 أغسطس 2013م الموافق 29 رمضان 1434هـ