الأول جاء إلى البحرين العام 1860 صفر اليدين، لم يكن يملك إلا طموحاً تجارياً وعصاميةً في التنفيذ مع شيء من الخلق الطيب ومساعدة الغير. والثاني لم يكن بباله عندما حطت رحاله على أرض جزيرة المحرق العام 1902 مع إشراقة القرن العشرين وسكنه في كوخ مؤقت، أنه سيسكن ذات يوم فريق «المخارقة» وسط المنامة، العاصمة التجارية الحيوية آنذاك، ويُصبح من كبار تجارها، وأنه سيساهم في أكبر تجمع ديني وجد في المنامة منذ العام 1860، فهو لم تكن لديه لا تجارة ولا خبرة معينة، على عكس رفيقه في السفر الذي كان صانع حلوى من نفس قريته في وطنه.
قبل أن نكمل حكاية أخرى من «وجوه في ذاكرة الوطن» كانت هي الأساس في زرع جذور اللُحمة الوطنية، لابد من الإشارة إلى أنه خلال المئة عام الممتدة ما بين 1869- 1917؛ تشكلت تركيبة المجتمع البحريني الديموغرافية، والاجتماعية، والعقائدية، والاقتصادية، والادارية التي أفرزت في النهاية الدولة الحديثة بعد الاستقلال. وبناءً على تلك التركيبة، المختلطة والمتجانسة في الوقت ذاته، عاش أهل البحرين ونما وازدهر كيانهم السياسي الخليجي الصغير في حجمه، الكبير في عطائه على مر الأجيال، وسيبقى كذلك.
وقد تميّز مجتمع البحرين في تلك الفترة بأن ما يوحّده، لا كما يعمل المغرضون والمتآمرون اليوم، كان هو المناسبات الدينية التي تقام في المساجد والمآتم، أو كما تقول مؤلفة الكتاب الانجليزي «تاريخ المدينة والدولة في الخليج»، فإن الأسر الكبيرة في المنامة عبر رعاية المأتم ومناسباتها الدينية، كانت السبب في ربط أحياء العاصمة بكاملها، من سنية وشيعية، في وحدة واحدة. وبالتالي، فبدون هذا التجانس والتعايش السلمي لا حياة لهذا الكيان مهما حاول البعض زرع نباتات شيطانية على أرضه لتغيّر لون وشكل تلك التركيبة المجتمعية المتجانسة بشتى أطيافها وتنوعها.
ومن أمثلة تلك التركيبة المتجانسة، أصحاب حكايتنا اليوم ونحن في العشر الأواخر من شهر الرحمة والغفران الفضيل الذي حاول البعض تحويله إلى شهر للانتقام الرهيب من هذا التجانس الفريد.
حقاً، هناك رجال صنعوا أنفسهم من لا شيء، فأضحوا رقماً مهماً في تاريخ بلدهم، فالأول رجلٌ صنع نفسه بنفسه بقليلٍ من الطموح وكثيرٍ من العمل الدؤوب والمغامرات التجارية الناجحة لأنها كانت محسوبةً سلفاً. عمل حمّالاً في «فرضة» أو ميناء المنامة مباشرة بعد وصوله إلى البحرين في أوائل مارس/آذار من العام 1860، كما يذكر علي أكبر بوشهري. سكن بالإيجار جنوب فريق الفاضل في «عشة» قرب مدرسة الهداية الخليفية للبنات بالمنامة. وبعد ثمان سنوات فقط من العمل المجهد تمكن هذا الشخص من شراء بيت له في الفاضل مكوّن من سعف النخيل.
افتتح بقالة في سوق العجم العام 1872، لبيع المواد الغذائية التي كان يستوردها من بوشهر وشيراز وبومبي ومسقط ودبي والكويت والقطيف، وغيرها. وما لبث أن صار من أهم تجار السلع المنزلية وبالذات المواد الغذائية في البحرين.
رغم أميته، كان لديه محاسبون وكتبة هنود لمراسلاته التجارية الخارجية. اشترى عقارات في المنامة وغيرها، كما غدا بنكاً متنقلاً يقرض الناس أموالاً بفائدة معينة. ذاك هو الحاج علي كاظم بوشهري، رأس فرع عائلة كاظمي، وأحد رؤساء مأتم العجم الكبير بالمنامة أوائل القرن العشرين، والذي تأسّس بعد وصوله إلى العاصمة بقليل في الستينيات من القرن التاسع عشر للميلاد بعد تأسيس مأتم بن رجب كذلك بوقتٍ قصير. وقد ربطه التجانس المجتمعي عن طريق المصاهرة بعائلات عربية من أصول المنامة. وكما حصل هو على مساعدات ممن سبقه؛ فقد مدّ يده هو أيضاً لأحمد بوشهري رأس فرع أسرة منيري الذي وصل البحرين العام 1890 وأصبح تحت حماية علي كاظم بوشهري الذي شغل ابن أحمد، عبدالنبي بوشهري، في متجره بسوق المنامة. وفي العام 1906 أصبح عبدالنبي شريك علي كاظم في العمل في نطاق مقاولات البناء، ثم تولى إدارة مأتم العجم في العام 1927.
أما صاحب حكايتنا الثاني، فقد عاش مع صديقه في كوخٍ مؤقتٍ في المحرق، وعملا في سوقها لصناعة الحلويات. لكن المحرق لا يوجد بها عزاء في أيام عاشوراء كما تعوّدوا، فنزحوا إلى المنامة للانضمام لجماعة مأتم العجم الكبير في العاصمة آنذاك. إنه جعفر محمد قناطي، الذي أضحى بعد سنوات من أكابر الطبقة التجارية، بل الأرستقراطية إن جاز التعبير، في عاصمة المال والتجارة والحكم «المنامة»، ومع الزمن صار واحداً من أهم جماعة مأتم العجم الكبير.
وبسبب هذا المعلم الديني البارز ازداد التجانس المجتمعي بين بيوت المنامة الأصيلة وعائلة بوشهري، كما حدث الأمر نفسه مع عبدالنبي كازروني بعد وصوله العام 1890 وسكنه في المنامة وعمله لاحقاً في المقاولات، إذ تصاهر مع أبرز وجوه البحارنة زعماء المأتم، كما غدا من أوائل رؤساء مأتم العجم الكبير، وبالتدريج، وبتأييد من السلطات الانجليزية الحاكمة، صار يمثل العجم في «المجلس العرفي» البحريني، بل أصبح قنصلاً للإيرانيين في البحرين.
وتمكّن عبد النبي بوشهري، مع تطوّر عمله، من تشييد مبنى المعتمد البريطاني السياسي في البحرين العام 1900، وتجديد بناء مسجد الخميس العام 1927. بينما ساهم كازروني في بناء مستشفى فيكتوريا التذكاري في 1902- 1903، وهو أول مستشفى للخدمات الطبية في البحرين. ثم أصبح الاثنان من ملاك الأراضي في المنامة في عهد الشيخين عيسي بن علي وابنه حمد بن عيسي. بينما توجّه تجار البحارنة في المنامة إلى الأراضي في القرى البحرينية، ولذا وجدنا عائلة بن رجب، مثلاً، تركّز على امتلاك الأراضي في البلاد القديم.
وضمن هذا التجانس المجتمعي ومصالحه المتنوعة، وإن اختلفت الأعراق والمذاهب، كان هناك تعاون بين المجموعات التي ذكرناها ووجهاء فريق «العوضية» أمثال يوسف لطيف خنجي ومصطفى عبداللطيف البستكي، وغيرهم. هكذا عاش المجتمع البحريني قبل الدولة وبعدها، وسيعيش وتبقى عروقه تنبض بهذه الدماء في تسامح ومحبة وانسجام.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3986 - الإثنين 05 أغسطس 2013م الموافق 27 رمضان 1434هـ
بحر المنامه
يصنعون الحلوى يسمونهم قنادي اي من ماخوذ من القند ويلفضون الدال بالتاء للتصحيح فقط قنادي وليس فناطي
يعني ربا
كما غدا بنكا متنقلا يقرض الناس أموالا بفائدة معينة
فضحتون الرجال
مقال
مقال رمضاني بامتياز
والله ما أحلاش با دبرة
عشت سنوات المدرسة صديقاتي سنة أحلهم وبحبوني بعزوني وأعزهم لبن شفنا لعضنا في أ وقة دبرتنا حصنا بعض وشمينا هوى البحرين من قلب لقلب كلنا نحب البحربن ونا يهمنا اللع على ديك اأيام الله با هل االديرة الله يلعد عنكم أصحاب الفتن
منامه القلب النابض
تلك هي المنامه مازالت قلب نابض بالعطاء والخير ولكن السمك الكبير ياكل السمك الصغير نتمنى للبحرينيين الوقوف بيداواحده في الازمات مع الشباب والشيوخ والمحتاج حتى لا نرى اهل البحرين عايش نظام طبقات
والله ما أحلاش با دبرة
عشت سنوات المدرسة صديقاتي سنة أحلهم وبحبوني بعزوني وأعزهم لبن شفنا لعضنا في أ وقة دبرتنا حصنا بعض وشمينا هوى البحرين من قلب لقلب كلنا نحب البحربن ونا يهمنا اللع على ديك اأيام الله با هل االديرة الله يلعد عنكم أصحاب الفتن