في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك افتتحت مسابقة الشيخ الجمري الثقافية الرمضانية الخامسة، التي شارك فيها مختلف الفئات الثقافية من الأطباء والمحامين والصحافيين والحقوقيين والمعلمين والطلبة الجامعيين. وقد قدمت المسابقة بثوب جديد ومتطور تقنياً وتنظيمياً وديكوراً، وتميزت هذا العام بكثرة عدد الفرق المشاركة فيها، حيث جاءت من 60 منطقة من مناطق البلاد.
ولا شك أن اختيار اسم الشيخ الجمري كعنوان للمسابقة، كان له دور كبير في مشاركة هذا العدد الكبير من الفرق أولاً، والإصرار الكبير من شباب قرية جدعلى والقرى المجاورة لها على إقامتها في كل عام بأفضل صورة ثانياً. فلقد كان لسماحته حضور بارز ومتميز في أوساط المجتمع البحريني، وتواصله الدائم مع مختلف مكونات الوطن، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، وثباته الوطني ونبذه للطائفية البغيضة بكل مسمياتها وأشكالها، وحرصه الكبير على وحدة الشعب وتلاحمه، جعل شخصيته القوية وسجاياه الحميدة ومواقفه الوطنية تترسخ في ذاكرة أبناء الوطن.
وأكثر من هذا وذاك، كان الخطيب البارع والشاعر والكاتب الناقد والسياسي المصلح والباحث التاريخي المتعمق. والأسف كل الأسف أن نشاهد شباب هذه القرية وأقرانهم في بقية القرى والمناطق الواقعة في الدائرة الأولى من المحافظة الوسطى، يعيشون الحرمان من أبسط متطلبات هذا العصر، فلا يجدون عندهم مراكز شبابية يبرزون فيها طاقاتهم وإمكانياتهم الثقافية والرياضية، ويمارسون فيها هواياتهم المتنوعة، ولا ملاعب وصالات تفي باحتياجاتهم الرياضية الأساسية، ولا مراكز نسائية تعنى بمتطلبات المرأة الضرورية، ولا مراكز ثقافية يلجأ إليها شبابها ورجالها ونساؤها، ولا مشاريع تعليمية وإسكانية قائمة حتى الآن، على رغم أنها من أكبر المحافظات الخمس جغرافياً وسكانياً.
إن الكثير من أبناء هذه المحافظة مايزالون يعيشون في بيوت ضيقة مع عوائلهم، بعضها لا يصلح سكناً للآدميين، وليس في مناطقهم مدارس إعدادية للبنين والبنات، ولا مدارس ثانوية للبنات أيضاً، ولا حدائق تلبّي احتياجات أطفالهم، ولا سواحل يذهبون إليها للترويح عن أنفسهم، رغم أن المنطقة بأكملها تطل على ساحل عريض يمتد من منطقة توبلي إلى منطقة سند مروراً بقرى الكَوَرَة وجدعلي وجرداب.
لقد كان ومايزال الفساد والمصالح الشخصية وغياب المحاسبة السبب الرئيس في ضياع حقوق هؤلاء الاهالي، في الاستفادة من سواحلهم، ومنذ زمن بعيد وهي تعاني من مشكلة مرور الصهاريج التي تحمل في جوفها مياه المجاري من مختلف المناطق، لتفرغها في محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، التي تنبعث منها الروائح الكريهة طوال 24 ساعة، التي قالت عنها الدراسات الصحية أنها تؤثر بصورةٍ مباشرةٍ على صحة الإنسان وتؤدي إلى تلوث بيئته، فيما تعاني بعض مجمعاتها من عدم وجود مجاري أصلاً.
إن ما رأيناه من إبداعات في مسابقة الشيخ الجمري، أوجد في داخلنا الفخر والاعتزاز بشباب هذه المنطقة المحرومة، ولا شك أن أكثر قرى ومدن وطننا الغالي الزاخرة بالكفاءات الشبابية المتميزة تعاني بنسب متفاوتة من نقص شديد في المتطلبات الأساسية. ونحن نؤكد أن تقديرها والاعتناء بها مادياً ومعنوياً، والاعتراف بقدراتها وإمكانياتها العلمية والثقافية والمعرفية والفنية والرياضية المتنوعة، والعمل على تحقيق طموحاتها في مختلف المجالات، وإتاحة الفرص لها لخدمة وطنها من دون تمييز، سينعكس إيجابياً على مستقبل الوطن في جميع الاتجاهات.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3984 - السبت 03 أغسطس 2013م الموافق 25 رمضان 1434هـ