قيّض اللهُ للإمام علي (ع) أحد أحفاده، الشاعر المعروف الشريف الرضي، ليحفظ تراثه الأدبي من الضياع، فاختار جمعه بين دفتي «نهج البلاغة».
كان قبل ذلك متفرقاً في الكتب وصدور الناس، فجمعه وبوّبه بين خطب ورسائل وكلمات قصار. واهتم به الباحثون والأدباء والمفكرون عبر العصور، وصدرت عنه الكثير من الشروحات، أشهرها شرح ابن ابي الحديد. ومع ذلك لم يسلم هذا التراث الثمين من محاولات التطاول والتطفل والتشويه.
كان قمةً في البلاغة والفصاحة والبيان، وتكلّم عن نفسه قائلاً: «وعلينا تهدلت أغصانه». وكان الناس يحفظون كلامه لطلاوته، وبعضهم يدوّنه أولاً بأول، وهي المادة التي اعتمد عليها الرضي في الجمع، ليقوم بأعظم خدمةٍ للتاريخ. مع ذلك جاء أقوامٌ حاولوا أن ينسبوا للإمام ما لم يقله، ويلصقوا به كلاماً لا يتسق مع مدرسته أو فكره وحتى منهجه في الخطاب. ويتوقّف المرء كثيراً عند الخطبة الخالية من الألف، والخطبة الخالية من النقطة، اللتين تنسبان للإمام (وهما غير مذكورتين في النهج).
ومن يتأمل في سيرة جهاده الطويل، يستبعد تماماً نسبتها إليه (ع)، وهي بكتّاب العصور الوسطى أنسب وأليق، حيث سيطر البديع على الأدب العربي، وسادت الصنعة والتكلف على أساليب الكتابة. كما أن من له معرفةً بتاريخ الخط العربي يدرك أن النقاط لم تدخل على الخط العربي إلا بعد رحيل الإمام بعدة عقود.
إذاً... وكما وقع للأحاديث النبوية الشريفة من تشويه، وحذّر منه النبي (ص) بقوله: «ستكثر الكذابة علي»، نشاهد الظاهرة نفسها مع أقوال وأحاديث الإمام علي (ع)، من محاولات إلصاق ما لم يقله به، من قبل أشخاصٍ مجهولين، متواضعي البضاعة الأدبية. وهو ما يسهّل كشفهم لمن كان له بعض الخبرة والدراية بأدب الإمام وبلاغته.
في الماضي يأتي شخص مجهول نصف أديب، فيفبرك خطبةً أو يصيغ كلمة ويلصقها بالإمام، وقد تأخذ طريقها فتستقر ففي بطون بعض الكتب القديمة. أما اليوم، فهناك من يكتب عبارة من بضع كلمات، ويذيّلها باسم الإمام علي (ع)، ويرسلها عبر «الواتس أب» أو «التويتر». وفي غفلةٍ من الناس المستقبِلين، يتم إعادة إرسالها للأصدقاء، لتتوزع على أكبر عددٍ من الحسابات.
ومن المسئولية الأدبية والأخلاقية، أن ينبّه الكاتب لعدم المشاركة في عملية التزوير هذه، خصوصاً أنها أصبحت ظاهرةً وصلت إلى الدائرة الأقرب من المعارف والأصدقاء. ولكي لا نتكلم في العموميات، تستلم عبارات من قبيل «لا تقلق أبداً مهما بلغت الهموم»، «عش في بساطة مهما علا شانك»، «ابتسم ولو القلب يقطر دماً»، ويعتبرها صاحبها أسس السعادة وينسبها للإمام علي!
ويأتي ثرثار آخر لينسب لسيد البلاغة والفصاحة، كلمات ركيكة اخرى مثل: «عندما تحب عدوك يحس بتفاهته»، «يوجد دائما من هو أشقى منك فابتسم»، «أقدام متعبة وضمير مستريح خير من ضمير متعب وأقدام مستريحة»، «لا تعتمد على الحب فهو نادر، ولا على الانسان لأنه مغادر، ولكن اعتمد على الله فهو القادر»، و«لا تحاول أن تجعل من ملابسك أغلى شيء فيك، حتى لا تجد نفسك يوماً ارخص مما ترتده». وما أبعد هذا الكلام الركيك والعبارات الإنشائية الفارغة من بلاغة الإمام وقاموسه الأدبي وأجوائه الفكرية المحلّقة.
احتراماً للأدب والبلاغة والفكر... وتاريخ الإمام العظيم.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3982 - الخميس 01 أغسطس 2013م الموافق 23 رمضان 1434هـ
المصلي
من كلام له عليه السلام في نهج البلاغة في توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال وتوحيد الأثار ( أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفه أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفات فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ومن جهله فقد أشار اليه ومن أشار اليه فقد حده ومن حده فقد عده 0 الخ تعالى الله علواً كبيرا ) اللهم ثبتنا على ولايتك ياسيدي ومولاي
بالضبط
حتى الديوان المنسوب للإمام فيه من الشعر ما هو ساذج لا يليق بفصاحة الإمام عليه السلام
فعلا كلام ركيك
لا تحاول أن تجعل من ملابسك أغلى شيء فيك، حتى لا تجد نفسك يوماً ارخص مما ترتديه والأكثر رداءة منه: اقدام متعبة!!!! كلام مال دفتر تعبير بصف السادس ابتدائي.
مسؤولية عامة
هذه مسؤولية كل شخص بعدم تداول مثل هذه الخرابيط التي تنسب زوراً لسيد البلاغة.
تصحيح 2
إضافة أخرى ان الشريف الرضي رحمه الله لم يضمن كتاب النهج الكثير من الأدعية المشهورة من قبيل دعاء الصباح ودعاء كميل والمناجاة الشعبانية وغيرها من الأدعية.
عل كل حال أشكرك شكرا جزيلا على إلقاء الضوء على تراث الأمير الذي يحاول الكثير من المسلمين إلغاؤه مإقصاؤه ومحيه من التراث الإنساني والإسلامي.
تحياتي
احسنت
فعلا عبارات انشائية بعيدة كل البعد عن بلاغة الامام عليه السلام
نقل الأحاديث المكذوبة يعتبر من الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم والكثير مما يتناقله البعض كما ذكر الكاتب، مجرد نقولات من هنا وهناك لا أصل لها.
تصحيح
نهج البلاغة كما تستوحي من إسمه أن الشريف الرضي رضي الله عنه جمع فيه أبلغ خطب وكتب وحكم أمير المؤمنين عليه السلام وليس جميع ما دون وحفظ في الصدور من تراثه عليه السلام. بعض الخطب والكتب في النهج ليست كاملة أيضا لكنه يظل الأشهر في حفظ تراث الأمير مع التركيز على البلاغة.
هناك كتب أخرى اهتمت بحفظ تراث الأمير عليه السلام مثل تمام نهج البلاغة،و نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، ومصادر نهج البلاغة وأسانيده، وبهج الصباغة وكذلك كتاب إتمام نهج البلاغة.
وتراث كثير مفقود
هناك أيضا ديوان شعر منسوب للإمام علي عليه السلام. في بعض الكتب التاريخية مثل الغارات، وصفين وغيرها من كتب التاريخ بها كلمات ومراسلات وغيرها لا أدري هل هي مشمولة داخل الكتب المختصة بتراثه عليه السلام أم ï»».
الواتساب ساهم بذلك
بعض البسطاء تستهويهم كوبي بست وينشر بسذاجة دون علم مع الاسف وقبل ايام كنت اتحدث مع ولدي بهذا الامر فمن يقرأ هذه الكلمات حتى دون علم ويطابقها مع خطب واقوال الامام علي يجد الفرق كبير ويعرف انها نسبت كذبا له .. سلام الله عليه يوم ولد في الكعبة المشرفه ويوم استشهد في مسجد الكوفه ..
أحسنت
أحسنت سيد نورتني الله ينور عليك