العدد 3977 - السبت 27 يوليو 2013م الموافق 18 رمضان 1434هـ

عزب ورحال حذرا من انفلات الخطاب الديني والخروج عن منهج الاعتدال

ندوة «التسامح السياسي في الإسلام» انتقدت استخدام الدين للمصالح السياسية

الحضور يتابعون أوراق الندوة - تصوير : أحمد آل حيدر
الحضور يتابعون أوراق الندوة - تصوير : أحمد آل حيدر

انتقدت ندوة «التسامح السياسي في الإسلام» ظاهرة استخدام الدين لتحقيق مصالح سياسية لخطورتها الكبرى في الإساءة إلى الدين الإسلامي وتشويهه، فيما حذرت أيضاً من مخاطر انفلات الخطاب الديني وخروجه عن منهج الوسطية والاعتدال.

وفي الندوة التي نظمها معهد التنمية السياسية مساء يوم الخميس (25 يوليو/ تموز 2013) بقاعة الرفاع بفندق الريجنسي، تحدث كل من مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار من جمهورية مصر العربية محمود عزب، وقاضي المحكمة الجعفرية في الجمهورية اللبنانية الشيخ معروف رحال، وتناول المحاضران جوانب مهمة شملت في مجملها التحذير الشديد من الخلافات الحادة والنزاعات التي تشهدها المجتمعات العربية والإسلامية وعلى رأسها التكفير والقمع والطائفية والإرهاب.

إبعاد الخلافات والنزاعات

وتطرق الشيخ معروف رحال في ورقته الى موارد استخدام كلمة «التسامح» في اللغة، لكنه أشار إلى أنها تقابل التشدد والتطرف، مؤكداً أن هذه الصيغة، أي التسامح، هي صيغة منبثقة عن تعاليم اسلامية عامة لبناء الإنسان المسلم الذي تنشأ منه الجماعة والمجتمع، مستشهداً بالآيات القرآنية الكريمة الدالة على هذا المعنى، ومنها في مجتمع المدينة المنورة حيث أخذ التسامح حيزاً مهماً في الشريعة السمحاء وظهر الاهتمام الجلي بعنصر سلامة العلاقات الداخلية بين أفراد المجتمع واصلاح ذات البين، وطرح كذلك مثالين على عناوين النهضة التي قامت على العلم والتسامح ومنها مؤاخاة النبي محمد «ص» بين الأوس والخزرج، وبين المهاجرين والأنصار، باعتبار أن إبعاد الخلافات الحادة والنزاعات تمثل صوناً للمجتمع الإسلامي بكل اتجاهاته الدينية والعرقية والسياسية، كما أن المستفاد من النصوص القرآنية الكريمة هو أن الحوار مع الرأي الآخر ونشر التسامح وعدم التجاوز على الحقوق والحرمات استحوذ على مساحة واسعة في الإسلام دون إخراج أصحاب الأفكار والآراء المخالفة من حقها بالتعصب والتشدد والقمع الفكري، وارتكز ذلك على الوسطية والاعتدال في إبداء الرأي والالتزام بالموعظة الحسنة.

خطيئة الأحزاب الدينية

وساق نماذج من التاريخ الإسلامي ومنها مرحلة الخوارج متسائلاً بعد شرح وجيز لتلك المرحلة: «لماذا لا تقبل بعض الأحزاب السياسية بمن لا يتفق معهم؟ فالطبيعي هو عدم قمع الناس بسبب أفكارهم، والتسامح مطلوب في مثل هذه الحالات وليس التشدد، لذلك، ارى ضرورة أن تصدر المرجعيات بياناً للتصدي للتشدد ولممارسات قمع الأفكار المخالفة ولمن يروج للتكفير والتفسيق، ولا يحق لجماعة أن ترمي غيرها بالكفر والانحراف... هذه خطيئة وقعت فيها جملة من الجماعات الدينية التي تتهم الناس بالكفر والإلحاد متجاوزة سلطة الحكم».

وأشار إلى أن من أهم الأسباب لولادة هذه الظاهرة هو تحول تلك الاحزاب الدينية عن النهج الذي درج عليه السلف الصالح إلى نهج آخر يستخدم العمل الديني للوصول إلى السلطة، ونرى صراعات دموية بين تيارات إسلامية على الحكم حيث تحولوا إلى طلاب سلطة.

تشويه الدين الإسلامي

وانعكاساً لممارسات التشدد والعنف والقمع على صورة الإسلام، استهل مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار محمود عزب بالقول انه حين يتشدد ويتطرف ويستخدم أي مكون يزعم اتباعه للدين الإسلامي هذا السلوك، فإن ذلك هو منشأ «الإسلامفوبيا» لتتصدر المقولة المعروفة: «الإسلام دين عنف»، منوهاً إلى اختياره محور أثر الخطاب الديني في تفعيل قيم التسامح على الأصعدة الدينية والاجتماعية والسياسية، مع التفريق بين الخطاب الديني والخطاب السياسي، والوضع في الاعتبار اشكالية المصطلحات التي يتم (تمييعها) في الفكر وفي الإعلام وهذه واحدة من اشكاليات الخطاب الديني.

وبعبارة مباشرة قال شارحاً فكرته: «في الربيع العربي، وأنا أسميه الإعصار العربي... نسمع هتافات مؤيدة للديمقراطية وأخرى تحمل شتم الديمقراطية القادمة من الغرب، لكن أتباع الإسلام السياسي يزجون بالدين لأهداف سياسية ولا يصح استخدام التام الكامل (الدين الإسلامي)، من أجل المؤقت المنقوص (الأهداف السياسية)، وخصوصاً أن الخطاب الديني أصبح منفلتاً في ظل انحسار البحث والمطالعة والكتاب أمام الثقافة السمعية والبصرية التي أضعفت البحث العلمي».

وشدد على أن الخطاب المذهبي والمؤدلج يهدف إلى فرض مذهب واحد كأنه الحقيقة المطلقة، وهذا يعتبر تحويل الدين لخدمة أهداف سياسية نسبية متغيرة، أما الخطاب الديني فهو ذلك الذي يستوعب التنوع والاختلاف والسلمية والموضوعية فالسلمية هي أصل الإسلام، وزاد: «الخطاب الديني المستخدم للدين من أجل مصالح سياسية يخالف تعاليم وسماحة الإسلام... في مصر، لدينا مشروع بيت العائلة المصرية تحت مظلة الأزهر ويضم ثلاث كنائس وعلماء... فالإسلام رحمة، والمسيحية محبة، وأردنا أن ندمج الرحمة والمحبة».

وخلصت الندوة إلى نتيجة وهي الاتفاق على الخطر الشديد الذي يمثله الخطاب الديني المنفلت أياً كانت جهات دعمه، ووضع آلية عمل يتبناها الأزهر الشريف لتصحيح المسار، وتأسيس الخطاب الإسلامي الصحيح من جديد.

العدد 3977 - السبت 27 يوليو 2013م الموافق 18 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:38 م

      أمس التغطية غير واليوم غير

      قرأت الصحيفة أمس وكان الخبر من بنا.. يختلف تماماً عن الخبر المنشور اليوم، اشكر جريدة الوسط لأن التغطية اليوم واضحة ومعتدلة وعميقة وارجو ان ما تنشرون اي شيء يأتي من بنا لأنني حضرت الندوة وقارنت بين التغطيتين فوجدت تغطية الوسط أكثر حرفية ودقة.. شكراً لكم والشكر للدكتور محمود عزب على صراحته أما مدير الندوة كان فاشلاً بمعنى الكلمة ويتلعثم ويهتز ويطعطع ما يصلح أبداً.

    • زائر 4 | 7:20 ص

      بارك الله فيكم

      الامة الاسلامية بخير مادام فيها علماء على قدر المسؤلية امثالكم بوركتم وبوركت مساعيكم

اقرأ ايضاً