العدد 3976 - الجمعة 26 يوليو 2013م الموافق 17 رمضان 1434هـ

القاهرة تطبع نسخة التحالفات الجديدة في المنطقة

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما حَدَثَ في مصر، أنتَجَ في المنطقة تحالفات جديدة. والأكيد أن استمرار الحراك السياسي المصري، لا يكتفي بتنبيهنا لتلك التحالفات وحسب، بل هو يعطينا توصيفاً لطبيعتها أيضاً. فكثيرون يعتقدون، أن لا وجود لمساحة رمادية بين الحليف والخصم. فأولئك الكثير، وخصوصاً (المؤدلجين منهم) لا يروْن في الحليف إلاَّ امتداداً، وفي الخصم إلاَّ قطعاً، وهنا المشكلة.

سَقَطَ حكم الإخوان المسلمين، فتغيَّر الكثير من ملامح المشهد الإقليمي. في الثامن من يوليو/تموز الجاري، كتبتُ مقالاً حدَّدتُ فيه الاتحاد الإفريقي، فلسطين، دول الخليج، سورية، تركيا وإيران، كنطاقات إستراتيجية للأمن القومي المصري، ثم تحدثت عن علاقة مصر بتلك النطاقات. اليوم، يُمكنني الحديث عن تحديد علاقات تلك النطاقات مع بعضها بعد الإطاحة بحكم الإخوان.

لو أتينا إلى البُعد الإفريقي، فإننا سنجِد، بأن الاتحاد الإفريقي، كان له موقف متحفظ من الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي. والحقيقة، أن ثبات ذلك الموقف، بات مرتبطاً بالعديد من العوامل الخارجية. وربما يتحوَّل إلى موقفٍ باهت، عندما يستثمر النظام المصري الجديد، علاقاته الجديدة، وبالتحديد مع دول الخليج العربية، في إعادة الدفء لعلاقته مع إفريقيا.

فالسعودية على سبيل المثال، تربطها علاقات جيدة بكل من غينيا، مالي والنيجر، والأهم مع إثيوبيا، التي تعتبر الدولة الأكثر توتراً في علاقاتها مع مصر. فالعلاقات السعودية الإثيوبية، تعود للعام 1948، عندما تم تبادل القائم بالأعمال بين البلدين، ثم توقيع الاتفاقية العامة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية والثقافية والشباب والرياضة في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2002. وهو ما يعني، قدرة مصر، على إعادة تعريف علاقتها مع أديس أبابا من خلال الرياض.

كذلك، هناك علاقة وثيقة بين السعودية وأوغندا منذ زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز إلى كمبالا في العام 1972، وهي التي ساهمت في ضم أوغندا لمنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن قيام منتدى الاستثمار الخليجي الأوغندي الذي قرّر استثمارات تزيد على الـ 850 مليون دولار، بالإضافة للاستثمارات الإماراتية كذلك. كل هذه الأمور، والمعطيات، قد تساعد مصر على إعادة علاقاتها مع القارة السمراء، وكذلك، تعيد إنتاج العلاقات الخليجية الإفريقية من البوابة المصرية.

فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، فإن المشهد يكاد يكون قد تغيَّر تماماً. فحركة «حماس»، لم تعد كالسابق. فهي خسرت مصر، بعد مراهنتها على حكم الإخوان المسلمين، ومع مجيء العسكر إلى الحكم، والقوى الليبرالية، والتي تَعتبِر حركة حماس كجهة تأزيم أمني في جزيرة شبه سيناء، فإن القضية باتت معقدةً بالنسبة للحركة، وبالتالي تأثير ذلك على أوضاعها في داخل غزة.

كما أن علاقات حماس بدمشق متوترة. وعلاقاتها بإيران متوترة، وهما الدولتان اللتان كانتا تقدّمان لها الدعم العسكري والمالي، والحيِّز المكاني. في حين، لم تعد قطر، التي كانت تربطها علاقات وثيقة بحماس، ترغب في لعب دورها السابق، مع مجيء الأمير الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. لكن، وبسبب الموقف الإيراني من مصر ما بعد مرسي، بدا أن هناك مصلحة مشتركة، في أن تعود العلاقات الإيرانية الحمساوية إلى سابق عهدها، مع حاجة حماس إلى مجال سياسي وأمني وعسكري جديد، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجي قبل أيام.

في موازاة ذلك، فإنه ومع انشغال سورية بأزمتها، وبالتالي إيران وحزب الله معها وكذلك حماس، فإن أدوار هذه الأطراف لم يعد فاعلاً كالسابق في القضية الفلسطينية، على الأقل في هذه المرحلة، وبالتالي، أخذ الأردن يلعب هذا الدور، كما نراه اليوم، عبر إعادة خيار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهو أمر، دفع بالإيرانيين، لأن يتخذوا موقفاً تصعيدياً من ذلك الخيار، وجاء على لسان كبار قادتهم السياسيين. وربما كانت عودة علاقتهم بحماس تأتي في هذا السياق.

أيضاً، انعكس هذا التبدُّل في العلاقات الخليجية التركية. فقد بدا أن هناك خلافاً تركياً خليجياً واضحاً في الملف المصري. هذا الخلاف، أثر بشكل كبير على ملفات كثيرة، منها الملف السوري. فقد رَجَحَت كفة الأطراف التي تدعمها السعودية في الائتلاف، على الأطراف الإخوانية التي كانت تدعمها قطر وتركيا، بخسارة الصباغ لصالح الجربا في رئاسة الائتلاف السوري.

هذا النفور التركي الخليجي، ولَّد تقارباً خليجياً إيرانياً في مصر إلى حد ما (راجع اتصال إيران بالإمارات في هذا الشأن)، في ظل الموقف التركي الداعم لمرسي بشكل مطلق. فالموقف الإيراني ظل داعماً للإخوان، ما خلا الجزء الخاص بتعريفهم العقائدي للعلاقة معها، لكنه في المجمل أقل حِدَّةً من الأتراك، بعد إجرائهم اتصالات مكثفة بنائب الرئيس المصري المؤقت وبوزير الخارجية.

في الجانب الآخر، تقرَّب الأتراك من الإيرانيين بهدف الاستقواء بهم في الملف المصري، كونهم أحد الأطراف التي مدَّت خيوطاً مع الإخوان منذ فترة، ومع الحكم الجديد أيضاً. وكان الهدف، هو إقامة نقطة وازنة، ما بين التأييد الخليجي المطلق لمصر، والرفض التركي المطلق لها. وهو أمرٌ انعكس أيضاً حتى على التعاون التركي الإيراني في الملف السوري. (راجع تصريحات أردوغان في ذلك).

كذلك، فإن تغيُّر بنية السلطة في مصر، قد أثر على الملف السوري، بإعلان مصر، بأنها ستعيد تعريف علاقاتها بدمشق. وكانت القاهرة، قد أسرَّت عبر قيادات عسكرية في الجيش، أنها لم تكن راضية، عن تشجيع الإخوان المسلمين، فتح باب الجهاد في سورية، خوفاً من تنامي قوة الجهاديين، في الوقت الذي تشهد فيه سيناء، معارك حقيقية على الأرض مع قوى إسلامية.

في محصلة كل هذا، فإن التغيير الذي حصل في كل التحالفات والعلاقات السابقة، لن يكون بغير ثمن. بمعنى، أن الحاجة المتبادلة، بين كل تلك الأطراف، ستقتضي منها تقدير تنازلات من نوع ما لبعضها، بهدف تمرير خيوط أخرى.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3976 - الجمعة 26 يوليو 2013م الموافق 17 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:34 ص

      للتصحيح

      متي كانت سوريا و ايران وحزب الله فاعلا" في القضية الفلسطينية كل ما نسمع مجرد هرار وكما قلت في اخر عمودك تقديم تنازلات من نوع ما اسرائيل تنازلت لمصر في حرب اكتوبر و تنازلت لحزب الله في حربهم الاخيرةوهذة هي النتيجة شعوب عربية تتقاتل و اسرائيل تتفرج و القضية الفلسطينية في خبر كان

    • زائر 2 | 4:57 ص

      شكرا

      مقال مفيد وعميق عزيزي محمد

    • زائر 1 | 4:19 ص

      القاهرة تطبع نسخة

      شكرًا على هذا الموضوع المتميز وأرجو من فضلك ان تحلق بفكرك النير وفلمك الهادف في سماء وطننا الغالي البحرين لانها اولى من غيرها بالكتابة والمناقشة والتحليل لما فيها من أزمة سياسية بامتياز فنرجو طرح الآراء من داخل الوطن وخارجه خليجيا وعربيا وإسلاميا ودوليا عله تتوصل الناس الى حل ناجع للازمة بين الحكومة والشعب المظلوم وشكرا. ً بحريني أصيل

اقرأ ايضاً