القانون أو «القوانين» لا تعني فقط القوانين المكتوبة التي تصدرها السلطة التشريعية، إنما هي كل النصوص المتصلة بالدستور والقوانين واللوائح المنفذة لأحكام القوانين.
والمعروف أن الدستور والقوانين واللوائح كلها تحمل نصوصاً، وهذه النصوص تسمى قواعد أو أحكام. وهذه القواعد إما أنها قواعد تنظيمية (شكلية) وتسمى «القواعد الإجرائية»، وإما قواعد موضوعية.
والقواعد الموضوعية إما أنها تُقرر أحكاماً آمرة، وإما أنها تُقرر أحكاماً تنهى عن ارتكاب فعل غير مشروع، وكلها واجبة التطبيق والتنفيذ، وهذه وتلك ترتب حقوقاً والتزامات وواجبات على الأفراد والهيئات العامة والخاصة وعلى الدولة.
وإذا ما نظرنا إلى القوانين ذات الاتصال بالعلاقات أو المعاملات المدنية والتجارية والعمالية ومن في حكمها نجد أنها تغلب عليها الأحكام الموضوعية الآمرة التي تُلزم المعنيين بها بأداء عمل معين في إطار الموضوع المتصلة به.
في حين نجد القانون الجنائي (وبالأخص القسم الخاص منه) تغلب عليه الأحكام «الناهية» التي تلزم الأشخاص بالامتناع عن الأعمال غير المشروعة في صيغة تحذير وتهديد بالعقاب الجنائي. مثال ذلك ما يلي:
- الامتناع عن التعدي على إحدى الملل المعترف بها أو التحقير من شعائرها (المادة 309)
- الامتناع عن إهانة رمز أو شخص يكون موضع تمجيد أو تقديس لدى أهل ملة (المادة 310/2).
- الامتناع عن التشويش على المآتم بالعنف أو بالتهديد (المادة 315).
- الامتناع عن إتلاف أو تشويه أو تدنيس بناء معدٍ للعبادة أو لإقامة شعائر ملة معترف بها (المادة 311/2).
- الامتناع عن التعرض أو الاعتداء على عرض شخص، أو التعرض لأنثى على نحو يخدش حياءها بالقول أو بالفعل (المادة 351). إلى غير ذلك من مئات الأحكام الناهية (أو الآمرة بالامتناع) عن ارتكاب الأعمال غير المشروعة باعتبارها جرائم منهي عنها ومعاقب عليها.
بيد أن المطلوب ليس هو فقط تشريع الأحكام وكتابة النصوص، إنما الأهم هو احترام هذه الأحكام والتقيد بها مع حسن التنفيذ والتطبيق.
وفي إطار التنفيذ أو التطبيق كثيراً ما نقع في إحدى السلبيات الثلاث الآتية:
الأولى: مخالفة النصوص، أو ما يسمى «التطبيق المخالف»، حيث نجد هناك من يقوم بتطبيق القانون بشكل يخالف القانون إما عن عمد، أو عن خطأ غير مقصود، أو عن جهل بالقانون.
الثانية: الامتناع كلية عن التنفيذ، أي عدم الامتثال بأحكام القانون عن عمد وسبق إصرار.
الثالثة: تطبيق القانون على فئة دون أخرى، أو على طرف دون آخر.
وعلى رغم أن كل سلبية من السلبيات الثلاث السابقة لها أثرها السيئ على الدولة وعلى المجتمع بأسره، إلاّ أن السلبية الأخيرة هي أخطر السلبيات على الإطلاق... لماذا؟
لأننا لو وقعنا فقط في السلبية الأولى أو الثانية فإن الأمر سينحصر في دائرة الاستخفاف بالقانون والاستهانة به، وهو ما سيؤثر على الضوابط التي تسود التعامل وانتظام الحياة الاجتماعية، وسيؤدي حتماً إلى انهيار حوافظ الحقوق وإحداث فوضى في العلاقات المدنية، وهو أمر له تداعياته وخطورته بلا شك على المجتمع المدني.
أما إذا وقعنا في السلبية الثالث (تطبيق القانون على فئة دون أخرى، أو على طرف دون آخر) فإن الأمر سيتعدى الاستخفاف أو الاستهانة بالقانون وسيتعدى أيضاً الآثار السابق ذكرها ليوصلنا إلى ما هو أسوأ من ذلك وهو الإخلال بمبادئ العدالة والإنصاف من حيث عدم المساواة في المعاملة، والإخلال بميزان التكافؤ في الالتزامات والواجبات، ما يؤدي إلى إثارة الفتنة وخلق الشقاق والعداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع، والإسهام في تقويض النسيج الاجتماعي. وهذه مجتمعة تحملنا إلى الانزلاق في منحدر بالغ الخطورة.
فلو تصورنا مثلاً أن شخصاً أو جماعة ارتكبت واحدة من الجرائم السابقة وأفلت ذلك الشخص أو هذه الجماعة من العقاب، أو عندما يُغض الطرف عن سارقٍ أو متعدٍ على غيره لأي سبب كان، أو لأن المعتدى عليه أو عليهم من فئة لا تحظى بالاستحسان من لدن الجهة القائمة أو المسئولة عن استتباب النظام وتطبيق القانون، فإن هذا لا يمكن أن نصفه ظلماً وغبناً وحسب، إنما هو فوق ذلك تصرف سيؤدي إلى انقسام المجتمع وتفتيته، وزعزعة الثوابت التي يقوم عليها الوطن، وإضعاف أسس الدولة.
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ
لا لا لا انت غلطان القانون في البحرين يطبق على طائفة بس
القانون في البحرين سلعة تباع وتشترى ويتلاعب بها ذات اليمين وذات الشمال
ولا يطال في النهاية الا الطائفة المغضوب عليها فقط
مقال رائع
العدالة و الانصاف هو ما نرتجيه و لكن الطمع و الجشع يحولان دون ذلك. نسأل الله الفرج
قانون له سياده - سيد القوم خادم لهم وخادم القوم لا يجعل ناس أسياد والآخرين عبيد
في قريش أو في الجاهليه مثلاً لم يكن للقانون سيادة، بل كانت العصبيه والقبليه وحمية الجاهليه غالبه وأسياد قريش يعثون في الأرض كما يحلو لهم. بينما سيد القوم قانون يحكم - كما في خادم القوم سيدهم بوظيفه ودور وغاية وجوده حماية الناس من الإعتداء على بعضهم. ولكي تكون المعاملة يالحسنى وليست بالمثل أو بالسوء. فربط المجتمع بقانون منظم للعلاقه بحدود وقواعد ومباديء للتعامل وليسهل الفصل ولو حضر الشيطان وحصل شجار أو نزاع فيما بينهم. فهل يرضى الجميع كما الكل والواحد كما الفرد أن يحكم القانون العلاقات وتنظيمها