ذات صباح قام جحا بلفّ بيضة في منديل، وذهب إلى ميدان يقع في وسط مدينته، ووقف أمام المارة ليعلن قائلاً: ستقام اليوم مسابقة مهمة فمن يكتشف ما بداخل هذا المنديل، سيحصل على البيضة كجائزة له!
نظر الحاضرون بعضهم إلى بعض في حيرة وتساءلوا: كيف لنا أن نعلم ذلك، فليس أحدنا بمنجم أو عراف! وواصل جحا حديثه قائلاً: إن ما بداخل المنديل له قلب أصفر بلون صفار البيض، ويحيط به سائل كلون بياض البيض الذي يوجد داخل قشرة يمكن تحطيمها بسهولة، وهو رمز للخصوبة، ويذكّرنا بالعصافير التي تطير باتجاه أعشاشها. والآن من يستطيع إخباري بما أخفيه؟
فكّر الحاضرون بأن جحا يمسك ببيضةٍ بين يديه، ولكن جلاء الإجابة وبديهيتها حال دون أن يُعرّض أحدهم نفسه للخجل أمام الآخرين؛ فماذا لو لم تكن بيضة وكانت شيئاً آخر أكثر أهمية وأغلى ثمناً، أنتجه الخيال الخصب للحكماء؟
فالنواة الصفراء يمكن أن تكون الشمس، والسائل المحيط بها لربما يكون مستحضراً كيميائياً! لكن جحا قطع أفكارهم بإلقاء السؤال عليهم مرتين أخريين، دون أن يرد عليه أحد. عندئذ رفع المنديل بنفسه، وأظهر البيضة للجميع قائلاً: كان جميعكم يعرف الإجابة، ولكن أياً منكم لم يجرؤ على التعبير عن ذلك بالكلمات.
وهكذا هي حياة من لا يملك القدرة على المخاطرة، فقد منحنا الله عز وجل الحلول بكل كرمٍ من عنده، لتتناسب وقدراتنا العقلية والجسدية، ولكن أولئك الذين اعتادوا البحث عن حلول أكثر تعقيداً ينتهي بهم الحال دون فعل أي شيء!
ما قام به جحا وما قاله، هو تماماً ما يحدث لنا في بعض الأوقات حين تعترضنا المشكلات وتقف أمامنا أحجار عثرة؛ فكثيراً ما تكون الحلول سهلةً وأمام أعيننا وفي متناول أيدينا، ولكن رغبتنا في فلسفة الأشياء أحياناً من غير قصد أو بقصد، تفسد علينا فرحة حل المعضلات بأسلوب سهل لا يتطلب الكثير من الوقت والجهد. وهو ذاته ما يحدث أحياناً حين نجد أنفسنا محاطين بكثير من الواجبات التي علينا القيام بها في الحياة الاجتماعية أو العملية والعلمية.
يقول بيل غيتس: حين يوجد عمل ما يحتاج إلى جهد كبير ألجأ إلى أحد الكسالى؛ لأنه سيحاول أداءه بأبسط الأساليب ومن غير جهدٍ كبير. وكذلك هم الأطفال أيضاً، ببساطتهم وعفويتهم يبدعون أحياناً في حلّ المشكلات وأداء بعض الأعمال بشكل يسير وسهل من غير تعقيد، فتبهرنا حلولهم وردودهم في كثير من الأحيان، وهو ما حدث ذات يوم في بيت العائلة حين أقفل أحد الأطفال باب الحمام على نفسه من الداخل وكنا في حيرةٍ من أمرنا؛ إذ أراد بعضنا الذهاب لأقرب نجّار، وبعضنا فكّر بكسر الباب قبل أن يدخل طفل ذو سبعة أعوام من النافذة ويفتح له الباب من الداخل بكل بساطة، وهو ما لم يفكر به أيٌّ منا على الرغم من وجود النافذة في الطرف الآخر من الباب!
هكذا تكون بداية الحلول، أن نحاول البحث من حولنا وفي دواخلنا عن إجابات وحلول وطرق يسيرة تجنّبنا إضاعة المال والوقت والجهد، وكثير من التركيز والراحة والاطمئنان. ولهذا نحن بحاجةٍ إلى البساطة والعفوية، كحاجتنا إلى التعقل والفلسفة وربما أكثر، كما أننا بحاجةٍ إلى القدر الكافي من التمتع بالطفولة الداخلية التي يجب ألا يسرقها منا الزمن مهما كبرنا؛ فهي متنفسنا عند الشدائد، وفي أوقات الهم والحزن، لتحيل أوقاتنا راحة وسعادة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3971 - الأحد 21 يوليو 2013م الموافق 12 رمضان 1434هـ
صراحه
ليش الحكومة مصممة علا اذاء الشعب والله شعب البحرين من اطيب الشعوب والكل يشهد ليش ماتفكر فى حل لهاده البلد الايام تمضى واحنه لازلنه فى هادى المحنه ويش اصير لو يامر ملك البلاد بحكومة منتخبه وافراج عن جميع المعتقلين ويش راح نخسر خلنه انجرب حكومة منتخبه وبعدين نحكم
رائع
تسلمين يا استاذه على المقال الرائع وربطه بالقصه
شكرا لكم
مقال جميل يستحق الوقوف عليه للتأمل فنحن نعيش في زمن معقد عقدنا فيه حتى السهل ، شكراً استاذة وفقك الله
شكرا
شكرا على عمق التفكير. يوفقك الله.
صباح الخبر
اليوم بس صدقت عبارة أبلغ الشعر اكذبه
حلللو
مقال حلو.. اعرف من يالف القصص لنوايا خبيثة دنيوية ويبتكر شخصيات وهمية وأرقام وعبارات وسيناريوهات وحتما هو من يتعب نفسه بنفسه
عجبي
صدقت!!!!! نحن في زمن يتباهى فيه البعض بعفويتهم وبساطتهم في حين أن شخصياتهم غاية في التعقيد ووكأنما أرواحهم بلاستيكية وفوق هذا يشترون التعاطف والشفقة بتزييف العواطف والخداع ولا يخجلون من انتشار كذباتهم واصفرار ضحكاتهم