رفض محامون التحريض المتصاعد من بعض المسئولين الرسميين، وبعض الأطراف السياسية ضد جهات وشخصيات معارضة، باتهامها جزافاً بالتحريض على حادثة التفجير الآثم الذي وقع في منطقة الرفاع مساء الأربعاء (17 يوليو/ تموز 2013)، بزعم أن هذه الجريمة وقعت بناء على ذلك التحريض.
وقال المحامون حسن رضي، جليلة السيد، عبدالله الشملاوي، محمد التاجر: «تابعنا بصورة دقيقة مجريات الأحداث بعد التفجير الآثم الذي وقع في منطقة الرفاع، مساء يوم الأربعاء 17 يوليو 2013 والذي يعتبر عملاً دخيلاً على شعب البحرين، ومرفوضاً تحت أي ظرف كان، وبغض النظر عن الجهة أو الأفراد المتورطين فيه، إلا أننا تابعنا كذلك التحريض المتصاعد من بعض المسئولين الرسميين، وبعض الأطراف السياسية ضد جهات وشخصيات معارضة وبعض المرجعيات الدينية، باتهامها بالتحريض على الحادثة المذكورة، بزعم أن هذه الجريمة وقعت بناء على ذلك التحريض، وقد تتابعت تلك التصريحات، مصرحة أو ملوحة، فيما يبدو أنه حملة تحريض وترهيب واضحة بذريعة أن العقاب لن يقف عند الجناة والفاعلين الأصليين، وإنما سيطول من ساهم أو حرض على هذه الجريمة، بحسب تعابير مطلقي تلك التصريحات.
وأضاف المحامون أنه «دون النظر لتكييف هذه التصريحات وما تنطوي عليه من مخالفات قانونية، فإن هذه التصريحات تشي بكيدية أي اتهام يوجه جزافاً إلى جهات وشخصيات معارضة وبعض القيادات الدينية، وبالانحراف في استعمال السلطة في أي إجراءات قد تتخذ بناء على حادثة التفجير، ذلك أن التصريحات وبعض التغريدات قد سارعت بصورة مباشرة فور الإعلان عن التفجير بتوجيه الاتهام إلى بعض الأشخاص، بالقول إن هذه الجريمة وقعت بناء على تحريضهم، فيما صرّح بعض المسئولين بأن مجرد التساؤل في مدى صحة الواقعة وحيثياتها يعتبر تشجيعاً وتحريضاً على ارتكاب الجرائم».
وفي الرد على ذلك، قال المحامون، لنا وقفات تستقي منطلقها من المنطق القانوني والعدالة المجردة بغض النظر عن ملابسات ذلك التفجير الأثيم بالذات:
أولاً - إن التحريض هو صورة من صور المساهمة الجنائية، والاشتراك السابق في الجريمة، والذي قد يكون بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق، إلا أن المساهمة الجنائية ليست ركناً من أركان الجرائم، فلا يفترض أن يكون في كل جريمة اشتراك سابق، فقد تقع الجريمة بفاعل أصلي يكون قد دبر الجريمة بنفسه، واتخذ الأفعال كافة المؤدية إليه، من دون أن يقع أسير تحريض معين، أو يستعين بغيره، أو تقع الجريمة بناء على اتفاق جنائي.
ثانياً - إن المساهمة الجنائية لا يمكن أن تتبين إلا بعد التحقيق في الواقعة، والتوصل إلى الفاعل الأصلي، أو إلى أدلة جنائية ملموسة توصل إلى أن الجريمة قد وقعت بناء على نوع من أنواع الاشتراك الجنائي، ولا يمكن بحسب اصول العدالة ومبادئ القانون الجنائي القول بوجود اشتراك جنائي قبل ذلك.
ثالثاً - إن القضاء العريق استقر على مفاهيم ومعان معينة في المساهمة أو الاشتراك بنحو عام، والتحريض بنحو خاص، ومن المستقر عليه في أحكام محكمة النقض المصرية «أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك» (طعن رقم 3246 لسنة 66 ق جلسة 15/2/1998)، كما قضى بأن «الأصل في القانون أن الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها، وأن تكون المساعدة سابقة أو معاصرة لها، وأن يكون وقوع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك» (مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية 1 لسنة 18 ص392، 1 لسنة 20 س591)، وأيضا قضى بأن الاشتراك لا يتحقق (إلا إذا ثبت أن الشريك قصد الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها، بأن تكون لديه نية التدخل مع الفاعل تدخلاً مقصوداً بتجاوب صداه مع فعله)، (مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية 1 لسنة 17ق ص818، 1 لسنة 20 ص 108)، وهناك العديد من الأحكام القضائية في هذا الاتجاه، فلا بد من ثبوت التحريض وأنه ترك أثراً مباشراً في نفس الفاعل الأصلي، أدى الى وقوع الجريمة بشكل مباشر بناء على هذا التحريض.
رابعاً - إن التحريض المقصود، هو التحريض الواضح المباشر على ارتكاب جريمة محددة المعالم، وليس تأويل الفاعل الأصلي، فلو نصح شخص دائناً بأن يبذل جهده للحصول على دينه من مدينه، فلجأ الدائن إلى حجز حرية مدينه، فلا محل لمساءلة الناصح، ذلك أن نصحه لم يتضمن تحريضاً على ارتكاب جريمة حجز الحرية.
وبالنظر إلى الاتهامات المثارة في ضوء ما ذكر أعلاه من مبادئ قانونية، فإن تصريحات أولئك المسئولين افترضت أن الجريمة وقعت بناء تحريض، وأن الفاعل الأصلي كان واقعاً تحت تأثيره، وكأن الجريمة لا يمكن إلا أن تقع بناء على تحريض، مستبعداً الأصل، وهو أن تقع الجريمة بواسطة فاعل أصلي من دون أية صورة من صور الاشتراك الجنائي، وهذا الافتراض من جانب اولئك المسئولين لا يقوم على سند من القانون، إلا أن يكون لغايات معينة وهي لا تخفى على متلقي تلك التصريحات التي تنطوي على وصم رموز سياسية و دينية بالعنف في تصعيد خطير لمحاولات تمزيق المجتمع على أسس طائفية. كما أن التعريض بأشخاص أو جماعة معينة تصريحاً أو لمزاً قبل التوصل حتى إلى حيثيات الواقعة المجردة، وقبل بدء التحقيق وجمع الأدلة المادية، ودون القبض على الفاعل الأصلي والتحقيق معه لا ينم عن مهنية، وإنما يكشف عن كيدية في الاتهام، وإلا فما هو الدليل الحسي المدرك الذي تسنى بناء الاتهام عليه، وخصوصاً قبل التوصل للفاعل الأصلي للجريمة؟!
فإن كان من اثر لمثل تلك التصريحات فهو إثباتها بأن أي شخص قد يوجه اليه أي اتهام في شأن هذا التفجير الأثيم لن يتاح له اي مجال لمحاكمة عادلة طالما أدين بدعوى التحريض عليها أطراف بعينهم من المعارضة السياسية وشخصيات معارضة.
من جانب ثالث، فإن التحريض أصعب أنواع المساهمة الجنائية إثباتاً، ذلك أنه لا يمكن التوصل إليه إلا بعد التحقيق مع الفاعل الأصلي، والتوصل إلى أن تحريضاً على الجريمة كان قد وقر في سمعه، واستقر في وجدانه وهو ينفذ الجريمة، فتمت الجريمة بناء على تأثير هذا التحريض، وثمرة له، وكل ذلك إنما يستخلص بصورة أولية من حقيقة ما عليه وجدان الفاعل الأصلي وقت ارتكابها، وفي الحالة الماثلة أمامنا يجب التساؤل: كيف لمن ساق الاتهامات أن يعلم بما في نفس الفاعل، قبل التوصل للفاعل الأصلي أساساً. كما أن المساهمة لا تقع بالتحريض إلا إذا كان من قام بالتحريض عالم بالجريمة قاصداً التدخل مع الفاعل فيها. ويصح التساؤل: كيف توصل من وجَّه الاتهام قبل التحقيق إلى أن المقصودين من اتهامه (من القوى السياسية و الرموز الدينية) قصدوا توجيه الفاعل بصورة مباشرة إلى الجريمة بالنحو الذي حصلت عليه.
ولا يجزي بطبيعة الحال الركون إلى مجرد خطابات هنا وهناك تلقيها بعض الجهات والشخصيات المعارضة بشأن رأيها في مسائل متعلقة بالشأن العام، بما في ذلك توجيه النقد، وتقديم تصورات معينة لحل الأزمة السياسية التي أدخلت السلطة فيها البلاد، فكما تلك الخطابات شاهدة على أنها قاطبة لم تتضمن سوى حث الناس على المطالبة بحقوقهم المشروعة في المطالبة بالديمقراطية الحقيقية بالطرق السلمية، ولن يجد من هرع إلى سوق الاتهامات جزافاً أي تحريض على اتخاذ أسلوب التفجير وسيلة لتحقيق المطالب السياسية، فضلاً عن التفجير آنف الذكر بالحيثيات التي تم عليها. وقال المحامون: «إننا نرى في التعدي بمجاوزة المفهوم القانوني للتحريض عبر سحبه على أية ملاحظات أو مجرد إثارة التساؤلات والتشكك في بعض جزئيات الجريمة والمطالبة بالتحقيق المستقل فيها هو أمر خطير يؤثر في المبدأ الدستوري المقرر بافتراض البراءة، وبأنه لا جريمة الا بقانون. فتوزيع الاتهامات جزافاً و بالمجان على الناس بتحميل اقوالهم ما لا تحتمل، يعد صورة ليس فقط من صور إساءة استعمال السلطة، بل من صور التعريض المباشر بحقوق المواطنين والهيئات السياسية، بل إنه يتعارض مع ابسط مقتضيات حق الدفاع المقرر دستوريّاً و اهم اركانه التشكيك في صحة التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية».
وأضافوا «لعلنا نذكِّر هنا بما سيق من اتهامات جزافاً في قضية الأطباء الذين اتهموا بمحاولة احتلال مستشفى السلمانية بقوة السلاح، حيث شهد العالم اجمع تهاوي وانهيار تلك المزاعم».
والحقيقة، كما يراها المحامون، أن التجاوز عبر سحب مفهوم التحريض على ما لا يندرج تحته يهدد في الصميم حق أي شخص قد يوجه إليه الاتهام في الدفاع عن نفسه فإن كان الدفاع عبر التشكيك في صحة التحقيقات التي تجري بمعرفة وزارة الداخلية هو جريمة تحريض على العنف والتفجير كما يصف بعض المسئولين، فإن ذلك يقود الى نتيجة لا يقبلها العقل. ورأى المحامون أن استمرار الحملة الضارية للتعريض بسمعة ومصداقية جهات وشخصيات معارضة وتزايد الحملة في توجيه الاتهامات إليهم لأغراض سياسية ترمي الى تحجيم دورهم في ساحة العمل السياسي والعام في استباق حتى لكلمة القضاء لهو الدليل على أن اية محاكمة لأي شخص في هذا التفجير الأثيم هي محاكمة سياسية الدوافع بالأساس، لم يقصد منها إلا إسكات الأصوات المعارضة.
العدد 3971 - الأحد 21 يوليو 2013م الموافق 12 رمضان 1434هـ
الهمز واللمز والغمز ما اكثره ان خرج ليس بدليلا عليه
سيما من افواه اصحاب الدليل والاثبات الدامغ ومدعاة الزمالة المهنية لكن المشتكي لله وحده على كل ظالم
قولوه بعدين
اقترح على السادة المحامين نشر هذه المرافعة بعد اصدار التهم ضد المعنيين بالتحريض
رحم الله والديكم وفي ميزان حسناتكم
أنتم محامون وطنيون لأبعد الحدود وكم نفتخر بكم نحن شعب البحرين لخوفكم على أمن المواطن والوطن
تسلمون يا شرفاء
مافي احسن من قول الحق ولقد أثبتم للعالم أنكم محامين شرفاء فطبتم يا شرفاء