العدد 3970 - السبت 20 يوليو 2013م الموافق 11 رمضان 1434هـ

إدارة وزارة الصحة من «نوع خاص»

أحمد سالم العريض comments [at] alwasatnews.com

استشاري أمراض وزراعة الكلى

لدينا تجربة يجب دراستها وإخراج إيجابياتها ومعرفة سلبياتها... ففكرة إنشاء مستشفى الملك حمد قد بدأت أوائل التسعينيات من القرن الماضي في وزارة الصحة، وقد تم إنشاء فريق متخصص إداري وطبي لوضع استراتيجيات تطبيق هذه الفكرة. وتبلورت الفكرة ودرست هذه الاستراتيجيات من قبل أطقم مدنية. وبعد 10 سنوات تقريباً تم رصد الميزانيات لها على أن يكون المستشفى مدنياً وعاماً، يقدّم خدماته لجميع مواطني مملكة البحرين. وخلال إنشائه الذي استمر لسنوات اكتشف الكثير من الفساد المالي والاداري، وارتفعت ميزانيته من 30 مليون دينار إلى مبلغ جاوز المئة وثلاثين مليوناً، وقد بين النائب الدوسري أحد أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية آنذاك أن «حجم التجاوزات كبير جداً وفاق توقعات أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية». فكيف عولج هذا الإعوجاج وإصلاحه؟

صدر مرسوم رقم 31 لسنة 2010، ووضع هذا المستشفى تحت قيادة منتسبي المستشفى العسكري على أن يتولى وزير الدولة لشئون الدفاع الإشراف على الغرض الذي أنشئ من أجله. والسبب في إسناد إدارته لمنتسبي المستشفى العسكري لما وجد في إدارييه من اقتدار وانضباط لازمين لتحقيق الأهداف المنشودة من هذا المشروع المهم، والمتمثلة في التالي:

1 - التنسيق بين مستشفى الملك حمد ووزارة الصحة في أمور المراكز الصحية ذات العلاقة بالمستشفى وفي نظام الإسعاف والطوارئ.

2 - يباشر المستشفى عمله كمستشفى جامعي.

3 - يباشر المستشفى عمله كمركز للحوادث.

4 - يباشر المستشفى عمله كمركز لزراعة الأعضاء.

عندما طالب أحد النواب قبل سنوات بفتح المستشفى العسكري أبوابه لاستقبال المرضى المدنيين وأن تصبح خدماته الطبية متاحةً للجميع، رُفض طلبه هذا لكون المستشفى العسكري وحدة عسكرية، وأن مهمته الأساسية تأمين الرعاية الصحية والطبية والميدانية للتشكيلات العسكرية ووحدات الأسلحة خلال العمليات العسكرية والتدريب والإسعاف ومعالجة وتأهيل الجرحى، وقد افتتح منذ العام 1980. ونحمد الله إننا منذ تلك الفترة وحتى الآن لم ندخل في أية عمليات عسكرية مع أية دولة وذلك لحكمة قيادتنا السياسية.

ربما المستشفى العسكري لديه تضخم وظيفي في كوادره الطبية وإدارييه، وسعى المسئولون فيه لإيجاد مخرج لهؤلاء وإيجاد وظائف عليا لإدارييه وأطبائه وقوى عاملة أخرى لديه، وربما لم يكن أمامهم إلا إحلال هؤلاء في مفاصل وزارة الصحة. وربما هذا هو السبب بعد تحويل مستشفى الملك حمد لإدارة المستشفى العسكري إدارياً ومالياً، فيما نشاهد اليوم وبعد الأحداث المؤلمة التي مرت بمملكة البحرين خلال العامين الأخيرين، من إبعاد الطواقم المدنية الطبية والإدارية من مفاصل الإدارة في وزارة الصحة ومستشفياتها والمراكز الصحية والبرامج العلاجية مثل العناية بمرضى السرطانات وزراعة الأعضاء البشرية، حيث أخضعت كلها لمنتسبي المستشفى العسكري.

إننا نتساءل بصدق وإنصاف لتاريخ البحرين الطبي: هل عقمت وزارة الصحة وعدد منتسبيها أكثر من 10 آلاف موظف، عن إيجاد كوادر إدارية وطبية وتمريضية، وتاريخ تقديم الخدمات الطبية قد بدأ منذ قرن تقريباً في دولة البحرين منذ عهد المغفور لهم الشيخ عيسى بن علي والشيخ حمد بن عيسى، وبدأ رحلات البانوش أو الجالبوت الطبي، والذي يرافق سفن الغوص في هيرات اللؤلؤ وبحار الخليج مقدماً لهؤلاء الغواصين الخدمات الطبية الضرورية وهم في وسط مياه الخليج، وخلال القيام بأعمالهم على ظهر بوانيشهم وأبوامهم. ولحق ذلك اكتشاف النفط، فانتقل تقديم الخدمات منذ منتصف القرن إلى المستشفيات التي أمر بإنشائها المغفور له الشيخ سلمان بن حمد كمستشفى النعيم الصحي في المنامة، ومستشفى الولادة في المحرق، ومستشفى السلمانية. ومنذ الستينيات والسبعينيات انتشرت المراكز الصحية في مدن وقرى البحرين، وكان كل ذلك تحت إشراف وإدارة وعمل أطباء وإداريين وأجهزة تمريض بحرينية ومدنية بامتياز.

وبعد الأحداث التي عصفت بالبحرين خلال العامين الماضيين، زحفت كوادر المستشفى العسكري على جميع المفاصل القيادية في وزارة الصحة وليس مستشفى الملك حمد فقط. فرئيس المجلس الأعلى للخدمات الصحية وزير الدولة لشئون الدفاع ووكيله وزارة الصحة ورئيس الهيئة العامة للتراخيص الطبية كلهم من منتسبي المستشفى العسكري، ويستلمون المراكز القيادية في وزارة الصحة، وهكذا أصبحنا نقاد من منتسبيه وهم الذين يطبقون استراتيجيات منظمة الصحة العالمية لمكافحة التدخين ومحاربة المخدرات ومعالجة مدمنيها.

إذاً هي التجربة الوحيدة التي يجب دراستها في دول منظمة الصحة العالمية التي تدار بها مرافق الصحة بهذا الأسلوب، والتي أرجو أن تقدم هذه التجربة ونتائجها للمؤتمرات القادمة لمنظمة الصحة العالمية لدراسة فرادتها بعد أن تثبت نجاحاتها لتعمم على دول العالم المنضوية تحت هذه المنظمة.

هذه التجربة الفريدة لإدارة وزارات الصحة ووضع استراتيجياتها لم يجري تطبيقها حتى خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، فجميع مستشفيات ومصحات ووزارات الصحة في الدول الأوروبية جميعها كانت تدار بإدارات وكوادر من أطباء وممرضين مدنيين فقط خلال تلك الحروب العالمية.

وفي الختام إن معظم منتسبي المستشفى العسكري والذين يديرون مفاصل وزارة الصحة ومستشفى الملك حمد لازالوا يحملون رتبهم العسكرية ويتبعون العقيدة الانضباطية العسكرية في معاملاتهم مع منتسبيهم من ذوي الرتب الدنيا والآخرين. وهي عقيدة «نفّذ ثم ناقش»، وهي عقيدة لا يمكن أن تدار بها مؤسسات ووزارات مدنية. فالعقيدة هنا والتي تطبق في جميع أنحاء العالم هي «ناقش ثم ناقش»، حتى تتضح الخطة المرسومة ويقتنع بها الجميع ثم يتم التنفيذ.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سالم العريض"

العدد 3970 - السبت 20 يوليو 2013م الموافق 11 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 12:58 م

      السكلر مثال في كل مجال

      حقيقة الأمر بعد استلامهم لمناصب وزارة الصحة تغير العقيدة لديهم إلى ( نفّذ ولا تناقش ) وأبسط مثال قرارات وزارة الصحة التى طبّقت ضدّ مرضى السكلر رحمهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته ،، أصدروا القرار وطبّقوه ولا ألغوا لغة العقل حتى عن كيفية تنفيذه

    • زائر 10 | 7:03 ص

      لخف علينا الكلام بالعربي

      حسب علمي الدكتور على رأسه عمله وهو وعائلته معروفين ومن باب النصيحة ذكر بان مايحدث لم يحدث في أي دولة ولتقديم تجربتنا وذكر بأن مركز زراعة الاعضاء قضى عليه واسبابه سياسية وطائفية وذكر بأن العسكري عقيدته نفد ثم ناقش يعني بالعامية مايصلحون لإدارة مستشفى مدني وأخيرا قال لك بأن فائض في القوة العاملة العسكرية كبير لذلك عملت شواغر لهم في وزارة الصحة بعد ماتم عمله بالكفاءات من تهميش وفصل وأخيرا شكلك عسكري لن تخرج عن نطاق حاضر سيدي

    • زائر 8 | 6:36 ص

      شكرا

      شكرا على صراحتك التي تعكس حرقتك على وزارة الصحة ومصيرها واحيي فيك الشجاعة والجرأة

    • زائر 6 | 4:10 ص

      ليش زعلان

      وليش لا ! كوادر المستشفى العسكري بحرينيون وهم يلتزمون بالضوابط الانسانية للطب وعدم تسييسه . هناك ايضا من خرج من جحره وبدا يعوي بعد ان عاث دهرا فساد , ياريت يخف علينا بينوله ثواب في رمضان الكريم

    • زائر 7 زائر 6 | 6:29 ص

      ليش يسكت

      الساكت عن الحق شيطان اخرس.واللا عاجبتكم حالت السلمانية الحين.

    • A.Zahra AlZaki | 3:59 ص

      مقال رائع

      شكراً دكتور على هذا المقال الرائع والذي ينم عن تجربة وخبرة في المجال
      شكراً لكم

    • زائر 4 | 3:37 ص

      معاملة مرضى السكلر

      مثال لتطبيق العقيدة العسكريه حيث حكم على مرضى السكلر انهم جميعهم مدمنين مورفين ويجب ايقاف هذا العلاج بجرة قلم فتساقط مرضى السكلر كما يتساقط الكرز عند نفض الشجره هل هذه الطريقه تحل مشكله مرضى السكلر فعدد ضحايا هذا القرار الجائر بلغت في سنه ما يعادل الوفيات في 4 سنوات في العهود السابقة ولان الضحايا من الفئه المغضوب عليها فلا عزاء لهم سلمت يداك دكتور

    • زائر 3 | 3:03 ص

      خف علينا

      اين كنت حينما كنت في الخدمه الم تكن مثالا للاساليب الفوقيه ؟

    • زائر 2 | 1:01 ص

      الله يساعدكم

      بكرة مو بعيد يقيدونكم مثل العسكريين وين رايح وين جاي ولا تسافر بدون اذن ولاتتزوج بدون اذن ويمكن بعد لا تعالج احد بدون اذن

    • زائر 1 | 10:38 م

      دولة عسكرجية

      نفد وإلا الرشاش على هامتك وزارة التربية معسكرة وزيرها عسكري .

اقرأ ايضاً