هل تريد أن تعرف ما الذي تفعله هوليوود بخصوص حدث 11 سبتمبر/أيلول؟ باختصار إنها تحاول أن تنتج النفايات من الأفلام المعتادة من بينها أفلام تناسب الكبار فقط. وتلقى هذه الأفلام اقبالاً كبيراً كما ترتفع أرقام مبيعاتها في دولة تسير فيها الأمور بشكل سيئ بالنسبة للقطاع التجاري. ويتساءل أوستن باورز «هل هذا بسبب الروح الجديدة التي تسودنا بعد الأحداث وبسبب تغير الحياة التي نعيشها بالكامل؟».أتجرأ وأقول بأن تصويت الغالبية في أميركا سوف يدعم الحرب ضد العراق، هذا اذا استطعنا الحصول على عدد كاف من الناس ليصوتوا، وإذا استطاع عدد كاف من الناس أن يعثروا على العراق على الخريطة ليصوتوا لمهاجمتها. كل ما أريد قوله هنا هو أن الناس في أميركا يمرون بحال من الإضطراب والقلق والشك، ولم لا، وقد تم اكتشاف ان الكثير من الشركات الرائدة والكثير من أفضل مدققي الحسابات كذبوا بشأن الوضع الاقتصادي، فقد تم إقتطاع 30 بالمئة من نفقة التقاعد للأميركان العاديين. نعم فنحن جميعاً نعرف أن مركز التجارة العالمي قد دمر ونحن حزينون لذلك تماماً كما أننا نعتقد بأنه بعد سنة من الخسارة نستطيع أن نعيش حياتنا مرة أخرى ونواصلها بشكل طبيعي فمعظمنا لا يستطيع أن يذكر أو حتى يعرف شخصاً واحداً خسره في الحادث. التجارة العالمية هي التي تلقت الضربة الأكبر تماماً مثل انتشار خوف شديد بأن كل المراكز المشابهة سوف تهاجم. أعتقد بأن الكثير من الأميركان سوف ينسون ذكرى 11 سبتمبر، ليس لأنهم لا يهتمون أو لا يحترمون الأرواح التي فقدت في تلك الكارثة، وليس لأنهم غير واعين بأنهم قد يكونون أهدافاً لهجمات أخرى، ولكن لأشن الشعب الأميركي هو شعب عنيد ومصمم ونافذ الصبر بطريقة تجعله قادراً على العيش تحت الخطر، كما أن الأميركان أذكياء بدرجة تكفي لجعلهم قادرين على تجنب المخاطر. وقد أدرك الأميركان الأخطاء والإغفالات الكثيرة التي لا تصدق في ما يفترض أن يكون نظام أمن متمكن والتي أدت لوقوع حادثة 11 سبتبمر تماماً كما أدركوا الإهمال الذي أدى لحدوث الكثير من الجرائم الإقتصادية ضد المواطنين الأميركان. هل نحن في حال حرب فعلاً؟ لا يبدو الأمر كذلك - وخصوصاً إذا عنينا بالحرب القصف المتقطع كما في فيلم Black Hawk D»wn أو مشاهدة أمواج الطائرات اليابانية في فيلم Pearl Harb»r. في الأسابيع التي تلت حادث 11 سبتمبر قامت هوليوود بكل ما تستطيع القيام به للظهور بمظهر وطني. تم الغاء عرض أفلام مثل C»llateral Damage، كما تم ازالة صورة برجي التجارة من المسلسلات التلفزيونية. وأخذت صناعة الأفلام تتساءل عما إذا كان الجمهور الأميركي سوف يرغب في مشاهدة المزيد من الأفلام التي تصور الحروب. ولكن هوليوود بطيئة جداً فحتى الآن وبعد سنة من وقوع الحادث لا يستطيع أحد أن يتوقع كم ستستغرق صناعة الأفلام لتتكيف مع الأزمة الجديدة. وسوف يفتتح فيلم The F»ur Feathers قريباً وهذه هي المرة السادسة التي تصور فيها الرواية التي كتبت في العام 1902 - والتي تصور الجنود البريطانيين وهم يقتلون كل الناس الذين يلتقون بهم. الموضوع هنا ليس شخصياً، تماماً كما هو عند الحديث عن العرب. كان الفيلم قد تقرر تصويره قبل حادث 11 سبتمبر بفترة ولذا فلقد أفلت الفيلم بالهراء العنصري الذي يمتلئ به في فترة سابقة، فما المانع من أن يحدث ذلك الآن؟ ليس هناك دليل واحد على أن هوليوود بعد الهجوم توصلت إلى قرار بخصوص الأفلام التي تشجع الحقد على الإسلام أوفهم هذا الدين وهو الأمر الذي دفع الأميركان للإنضمام للجيش أو البحرية. كان من الواجب على هوليوود أن تتحدث عن طرق اتخاذ الحذر والدبلوماسية وتعلم اللغة العربية (على الأقل لمعرفة ما يقوله المتآمرون على الإرهاب الداخلي في رسائلهم المسجلة التي تستغرق ساعات طويلة)، وبدلاً من ذلك فإن هوليوود تشددت في بؤسها وضعفها. إن مجال صناعة الأفلام هو مثل ناقلات النفط يستغرق وقتاً طويلاً ليتوقف لدرجة انك لا تستطيع أن تعتمد عليه، وهكذا فإن هوليوود تبحر بهدوء ولا مبالاة لكل الأمور التي تحدث في العالم. بالطبع إذا أردت أن تصبح ذكياً وبارعاً بخصوص هذا الموضوع فأنت تستطيع أن تجادل بأن هذه اللامبالاة قد أثرت على الشعب الأميركي وساعدته على تبرير عدم اهتمامه بأخبار العالم خارج أميركا. في الوقت نفسه فإن الكثير من الأفلام كونت الكثير من المصطلحات والأنماط بعضها واضح في فيلم The F»ur Feathers مثل إن الناس في دول العالم الثالث متوحشون وبغيضون وأن البيض اشخاص يمكن الاعتماد عليهم وأن رجالهم شجعان ونساءهم مخلصات في سبيل ذلك فإن مثل هذه الأمور تجعل الفلسطينيين والعرب عموما يشعرون بالمرارة بسبب اساءة فهمهم والحط من كرامتهم ووصمهم بالعار، ما يزيد نار العداء اشتعالا في صدورهم تجاه الغرب ويجعل عملية ايجاد حل في الشرق الأوسط بعيدة جدا. هوليوود لا تقر بهذا الأمر ولا يبدو بأنها ستقربه، وحتى هذا اليوم لم تعترف ابدا أو تعتذر عن دورها الحاسم في عمليات وضع الاشخاص على القائمة السوداء. كرسم صورة سيناتور وسيكونسين العنيد وأتباعه الخائنين الشرير دائما في افلام الميلودراما. ويبقى السؤال حول ما اذا كانت وسيلة الخيال يجب ان تبقى بعيدة عن الواقع، سؤال أعمق بكثير مما يعتقده معظم الأميركان. وأحد البدائل الواضحة لهذه الوسيلة هو قيام التلفزيون بدور الصحافة المرئية. ولكن ما حدث في اميركا هو ان البث المحلي قد خمد نشاطه بعد الهجمة التي وجهها الجمهوريون له مع انه كان يمثل صوتا ضعيفا. وبعدها لم يكن هناك أي انتقاد أو هجوم على تصرفات الطبقة الحاكمة. في الوا׀‚ع التعامل مع وسائل الاعلام هو وسيلة حكومية للدفاع عن النفس. ولكن بعدها حدث شيء أميركي بحق - وهو ظهور مايكل موور على الكاميرا وهو نفسه عين لكلً البوشيينً ولكل تصرفاتهمً البوشية. وقد قام موور بعمل فيلم وثائقي بطول الفيلم التمثيلي بعنوان لعب البولنج للكولمومبيين B»wling f»r Clumbian الذي فاز بجائزة مهرجانً كانً للافلام لهذا العام والذي سيفتتح في دور السينما في هذا الخريف. وهو فيلم غير متوقع تماما ويحمل كل جزء فيه خصوصية مثل موور نفسه. وبعرض الفيلم مرة أخرى الرعب الذي مر به الناس وهم يرون الطائرات تصطدم بمبنى مركز التجارة العالمي. لكن الفيلم يعود ليؤكد لنا أن حادث اطلاق النار في مدرسة ثانوية في ليتلتون وهي احدى ضواحي دنفر في ابريل العام 1999 أكثر دلاله على الفوضى في أميركا، وهو يستحق ان يعالج بصورة أكبر من حادث 11 سبتمبر. إن فيلم موور يمثل مقالة مثيرة للحشود تنظر إلى الحالة الوثنية للمسدسات في أميركا كطريقة لتشخيص جنون العظمة الموجود لدى الشعب الأميركي ودوره الرجعي الفظيع في العلاقات في العالم. أخيرا فإن الفيلم يعتبر ذما مهينا لجورج بوش، اذ لم يستطع اي رئيس أن يفلح في الهروب لفترة طويلة من دون نقد ساحق، وهذا الفيلم يذهب إلى ما وراء حدود الصحافة الحالية. ولكن ليست هوليودد هي التي تتحدث هنا، ناهيك عن شبكة تلفزيونية. مايكل موور هو القوة الوحيدة وهو منتج أفلام مستقل من ميتشيجين ومؤلف تحقق مؤلفاته مبيعات مرتفعة وشخصية تملك صلاحيات متزايدة بين الناس، ولكنه ليس محبوبا تماما. موور يستغل الأوضاع الاجتماعية الفاسدة لأثارة عواطف الناس على رغم كل تحذيراتها الرائعة للأميركان ليبدأوا في التفكير، وهناك تأثير آخر دقيق للفيلم وهو أنه ليس هناك أي أحد قادر على القاء خطاب سياسي مفهوم بين الناس سوى الممثل.
العدد 86 - السبت 30 نوفمبر 2002م الموافق 25 رمضان 1423هـ