العدد 3969 - الجمعة 19 يوليو 2013م الموافق 10 رمضان 1434هـ

من علي في بومبي إلى المخرق في البحرين

الحاج عبدالمحسن المخرق
الحاج عبدالمحسن المخرق

المنامة - محمد حميد السلمان 

19 يوليو 2013

كثيرة ومتعددة هي وثائق زمن اللؤلؤ في البحرين والخليج، ومنها هذه الوثيقة التي أمامنا الآن وهي تحكي عن علاقة أحد رموز أعمدة تجارة اللؤلؤ في البحرين في القرن العشرين. هو الحاج عبدالمحسن بن الحاج يوسف المخرق، سليل عائلة عملت بتجارة اللؤلؤ أباً عن جد وكانت لها مكانتها الاجتماعية والاقتصادية في بحرين القرن العشرين. فقد كان والده الحاج يوسف المخرق من طبقة ملاك الأراضي والطواويش في المنامة مع زملائه في المهنة أمثال منصور العريض، وحسن المديفع، وعبدعلي بن رجب، وبن زبر، وبن خلف، وغيرهم كثير.
الوثيقة من مجموعة «وثائق المخرق»، وهي عبارة عن رسالة من أحد تجار البحرين المتواجدين في الهند، لم نتبيّن اسمه بشكل واضح في نهاية الرسالة، وأُرسلت للحاج عبدالمحسن المخرق في 10 يناير/ كانون الثاني العام 1948 في أواخر زمن اللؤلؤ في البحرين، ولذا فأهميتها تأتي من هذا الجانب الحيوي والموثق تاريخياً عبرها وعبر غيرها من وثائق تلك المرحلة الاقتصادية التاريخية في البحرين.
ونص الوثيقة يقول:
«بسم الله من بومبائي 27 صفر 1367
لحضرة جناب الأكرم الأمجد الأخ المكرم عبدالمحسن بن المرحوم الحاج يوسف المخرق المحترم دام محروساً.
وبعد السلام واشرف التحية والاكرام والسؤال عن صحتكم محبكم بخير لا زلتم بخير وعافية.
كتابكم الكريم تشرفنا به واسرنا بدوام سلامتكم لا زلتم بدوام الصحة والسرور الدايم ذكرتم عن وصولكم الوطن وذلك بحال الصحة والسلامة نحمد الله على ذلك ثم ذكرتم بان سلمتون الزنجفرات الى الاولاد.. احسنتم شكر الله سعيكم ثم ذكرتم من قبل الحصباه لقد سبق لكم التعريف عنها وذلك بكتاب الاخ الحاج عبدالله على ان ما تستقام الا بقصور عن سومها الاولي حال الوقت الحاظر نستقام في 90/85 ربيه وحدود جنابك 120 ربيه ولهذا باقي ما ابتاعة واما (النميرو؟؟) عرفناك بان وزناه على بابا لال، الـﭽو في 3/8 ربيه بون صار عدد (؟؟) والدراهم مواعدنا بعد اربعة ايام بيسلم واذا قبضناها انشاء الله نسلمها الى الاخ الحاج عبدالله بموجب امركم ثم نعرف جنابك من قبل السوق اما القلوات والبدلات كما فارقت وكذلك اليكات واما نواعم الجيون والبند ونواعم الخام والبوكه لا زال فى ترقي اما ناعم الجيون في 250/200 ربيه الطيب والبند في 150/100 الطيب نواعم الخام في 70/65 ربيه الطيب والبوكه في 45/35 ربيه، سليمان بن عيسي باع البوكه في 44 ربيه الفين وخمسماية مثقال والدان في لا زال مطلوب ولاكن ما هنا زيادة عن موجب ما فارقت، في مدة كم يوم طلع خبر ان اللؤلؤ الوارد في العالي بيسمحون اليه ان يدخل الى الهند ولاكن بليسن ولهذا صار في السوق بعض الانخفاع ليكون لديك معلوم ثم نعرف جنابك في قبل عبيدك الولد يوسف تذكر اليه كيف ما يكتب لنا خطى ويعرفنا عن احوالهم وارجوك تاخد منه جواب وترسله في جوف خطك جزيت خيراً واحسان وتذكر اليه الزنجفرات الذي بيدك
الى خواته والى امه العوده وانشاء الله دايماً تفيدنا عن صحتكم مع ما يبدي لكم في لازم محبك
يتشرف وابلاغ السلام الاولاد والاخوان الحاج محمد وحميد وعبدعلي وفي لديكم عزيز كما منا الحاج محمود والحاج جعفر والحاج عبدالله التاجر ويوسف بن عبدالعال والجماعة كافة يهدونكم السلام وابلاغ السلام رضي العريض والسلام ودم سالماً ومحروساً ومالك من محبك منير علي محبوب ؟؟»
هذه الرسالة التي صدرت من بومبي الهند إلى البحرين، جاءت في أيام اللؤلؤ الأخيرة في منتصف الأربعينات، حيث حلت كارثة على رؤوس تجار اللؤلؤ والطواويش في الخليج والبحرين. ففي العام 1946 قررت الحكومة الهندية فرض حظر على دخول اللؤلؤ الطبيعي إلى أراضيها عبر موانئها. وبما أن الهند هي السوق الرئيسية لتصريف لؤلؤ الخليج؛ فقد كان هذا القرار بمثابة الضربة القاضية لصناعة وتجارة اللؤلؤ العريقة.
أما تعليقاً على الرسالة نفسها وهي طويلة نوعاً ما، فسنقف عند أهم فقراتها ليس بينها ما ذُكر في طياتها عن (سلمتون الزنجفرات الى الاولاد)، ولا عن السلام للأهل وعدد من الشخصيات المنامية؛ بل عن أهم موضوعين تناولتهما وهما حركة بيع اللؤلؤ في بومبي العام 1948، وقرار الحكومة الهندية إعادة النظر في قرار منع دخول اللؤلؤ الخليجي إلى لهند.
وأنواع اللؤلؤ المذكورة في الرسالة لم يكن بينها دانات، بل هي من أنواع الحصابي ومفردها «حصباه»، وهذه توزن كل واحدة منها منفردة عادة لقيمتها العالية، و «اليكة» وهي لؤلؤة مستديرة الشكل وخالية من العيوب ويكون من ضمنها الجيون والشيرين. وكذلك «القولوه او جولواه»، وهي اللؤلؤة شبه المستديرة بما فيه البطن والسجني. وذُكرت أيضاً «البدلة» وهو اللؤلؤ غير المنتظم أو بالعامية البحرينية «مفعص». كما ذكرت «الجيون» و «البوكه»، و «النواعم» أو «السحتيت» وهو الناعم جداً من اللؤلؤ، وضربوا به مثلاً على الأشياء الضئيلة الحجم.
أما ما تردد في الوثيقة عن مصطلح (الﭽو) «Chowe»؛ فهو وحدة بيع اللؤلؤ، وثمنه لا يحسب على الوزن بل على وحدة هي «الﭽو» لبعض الأنواع. هو ليس وزناً وإنما معيار للتقييم يأتي بعد الوزن أي مقاس متفق عليه بين الممتهنين لتجارة اللؤلؤ ويعتمد في حسابه على تحديد قيمة اللؤلؤ بالمبالغ. ويعتمد «الطواشون» وخبراء اللؤلؤ في استخراج عدد «الأﭽواء» على كتيبات خاصة بذلك أشبه ما تكون بالقواميس.
وقد ذكرت الوثيقة أسعار كل نوع من أنواع اللؤلؤ البحريني في الهند العام 1948 ويبدو أنها كانت في انخفاض بالنسبة للحصباه من 120 روبيه «للﭽو» الذي ما بين 85 و90 روبيه فقط.
أضف إلى ذلك، ما ذكره كاتب الرسالة أن الحكومة الهندية قررت السماح بدخول اللؤلؤ الثمين من دانات وغيرها للسوق تخفيفاً لقرارها السابق العام 1946، ولكن بشرط أن يكون بتصريح مسبق من قبل السلطات الهندية.

العدد 3969 - الجمعة 19 يوليو 2013م الموافق 10 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً