العدد 3966 - الثلثاء 16 يوليو 2013م الموافق 07 رمضان 1434هـ

أيهما الفاشي... الإسلاميون أم الليبراليون؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

بغض النظر عن تصنيف ما حصل في مصر هل هو انقلاب على الشرعية أم هو ثورة استجاب لها الجيش بغية لم الشمل وتوحيد المصريين على هدف واحد أو خطة طريق كما سماها الفريق السيسي، فإن النتائج تؤكد إن ما حدث يصب في مصلحة الجيش وفي مصلحة النظام السابق الذي ثار المصريون عليه، والتعيينات تدل بوضوح على ما أشرت إليه.

إقصاء الرئيس محمد مرسي والأخوان بدأ -كما أفهم- من أول يوم تعين فيه، واستمرت وتيرة الخروج عليه تتزايد يوماً بعد آخر، وبوسائل متنوعة ومدروسة بدقة حتى اكتملت حلقات الاقصاء بإعلان وزير الدفاع عزل الرئيس مرسي، ووضع خارطة طريق لمستقبل إدارة البلاد. وكان من أكثر ما اتهم فيه الرئيس المعزول أنه إقصائي فاشي حوّل البلاد كلها إلى مزرعة للإخوان المسلمين، مستبعداً كل التيارات الأخرى. قالوا: إنه سلم الإعلام للإخوان، وبعضهم قال: إنه أخون الجيش، وكذلك المحافظات والوزارات، إلى غير ذلك من التهم التي ما فتئ الإعلام يلصقها به وبجماعته. حتى الإعلام الرسمي الذي من المفترض أن يكون محايداً هذا إذا لم يكن مصطفاً إلى جانب الرئيس وحكومته، لم يتوقف عن نقد الرئيس بصورة بشعة وكاذبة وعلى مدى عام كامل منذ توليه وحتى عزله.

إن الذي حدث بعد الانقلاب مباشرة وحتى كتابة هذا المقال، يؤكّد أن الفاشية بكل أنواعها تمثلت في أفعال الانقلابيين، وأنهم لم ينفّذوا شيئاً من وعودهم للقوى الإسلامية ومن وقف معها، بل إن أفعالهم زاد هذه القوى تمسكاً بموقفها خشيةً من قدوم الأسوأ والذي تعودوه من حكم العسكر.

بعد أن أكمل الفريق السيسي كلمته التي عزل بموجبها الرئيس مرسي، كان هناك مجموعةٌ جاهزةٌ اتجهت إلى مدينة الإعلام، وأوقفت كل القنوات الموسومة بـ «الإسلامية». كما إن هذا القرار شمل قناة «الجزيرة» التي أوقف بثها مباشرة، وحوصرت مكاتبها وسُجن مجموعة من موظفيها! واستمر مسلسل التضييق في اليوم التالي وما تلاه من أيام، فتم إغلاق صحيفة حزب الحرية والعدالة، وكذلك تم القبض على مجموعة من قادة الإخوان بمن فيهم مرشدهم، ومجموعة من الصحافيين الموالين للرئيس المعزول. وكان الهدف من كل ذلك التعتيم الإعلامي الكامل على ما قد يقوم به مناصرو الرئيس ضد ما اعتبروه انقلاباً على الشرعية.

ولم يتوقف المسلسل عند هذا الحد، فتم فتح السجون وبأمر النائب العام لتشمل أبرز مناصري الرئيس المعزول، مثل الشيخ صلاح أبو إسماعيل، والمطالبة بالقبض على مجموعة أخرى، والهدف كما هو واضح، القضاء على كل أنصار دعاة الشريعة، تجميد حسابات البعض، والمنع من السفر وتجييش الإعلام بصورة غير مسبوقة حتى في عهد مبارك كان ضمن مشروع الانقلاب -كما يسميه الثوار الجدد- كل ذلك كان يصب في إطار القضاء السريع على كل أنصار الرئيس المعزول.

الذي يقارن بين ما فعله العسكر خلال أيام وبين ما فعله الرئيس المعزول خلال سنة، يدرك الفارق الهائل بين الفريقين، فمرسي لم يسجن أحداً ولم يمنع أحداً من السفر، فقد كان أشد أعدائه يخرجون من مصر لتحقيق أغراض خاصة ثم يعودون دون مساءلة أو منع من السفر. كما كنا نسمع ألد خصومه الإعلاميين يشتمونه ببذاءة شديدة لا يتحملها عامة الناس فضلاً عن رئيس الدولة، ومع هذا كان يتركهم يقولون ما يشاءون دون محاسبة، لم يغلق قناةً أو صحيفةً، ولم يسجن كاتباً أو مذيعاً. ومع هذا كله كانوا يصفونه بـ «الفاشي»، ولو أنصفوا لكان هذا الوصف منطبقاً عليهم بامتياز، لكنهم وبكل أطيافهم الفكرية والسياسية تعاموا عن أفعال ثورتهم، بل ومن المخجل أنهم برّروا كل تلك الاعتقالات وكتم الحريات بحجج مخجلة يترفع عنها الصغار، فضلاً عن الذين يوصفون بالكتاب أو السياسيين!

ثار الليبراليون في مصر وفي بعض البلاد العربية الأخرى عندما تم التحقيق مع باسم يوسف، الذي أساء للرئيس بصورةٍ لا يقبلها عقل، لكنهم سارعوا لتبرير إغلاق القنوات وسجن العديد من الأشخاص وكتم الحريات بصورة غير مسبوقة. كما أنهم طالبوا بمنع المظاهرات لأنها حسب زعمهم تعطّل الحياة اليومية كما تعطل المسيرة الديمقراطية! لكن مظاهراتهم التي كان يتم فيها الحرق والقتل وتعطيل الحياة العامة كان مبرراً لديهم! هذه هي الديمقراطية التي يفهمها معظم الليبراليين في مصر وفي عالمنا العربي، فالديمقراطية إذا حققت مصالحهم فهم معها وإلا فهم ضدها.

يقول هؤلاء الليبراليون إن الذي حدث كان ثورةً شعبيةً انطلقت بعفوية تامة! ويحار المرء هل إغلاق كل منافذ الإعلام المعارض تم بعفوية تامة؟ وهل توفير الكهرباء والبنزين في اليوم التالي كان بعفوية تامة؟ وهل التضييق على المظاهرات بوسائل متعددة هو أيضاً يتم بعفوية؟

أسئلة كثيرة تثار حول نوعية تصرفات الحكومة التي تلت عزل الرئيس مرسي ومسبباتها، لكن كل ما تم يؤكد الفارق الكبير بين ديمقراطية مرسي وحكومته وفاشية الليبراليين الذين جاءوا بعده.

مد الأيدي للآخرين لا يتم بتلك الطريقة التي لا توحي بالثقة على الإطلاق، إن الذي يدعي مد الأيدي لكل الأطياف عليه أن يمدّها بطريقة مقبولة وعادلة، وإلا فعليه ألا يتوقع أن يجد قبولاً من الطرف الآخر.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3966 - الثلثاء 16 يوليو 2013م الموافق 07 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 2:24 م

      اهل مصر ضيعوا مصر

      جيل جديد بعقليه امريكيه و التي يعتقدون انها هي العصرين و الحضاريه ، ( يخربون بيوتهم بأيديهم) تحت شعار مصاحة مصر و شعب مصر . أما كان لهم أن انتظروا انتهاء ولايه مرسي و خوض إنتخابات جديد و ان كانت بعد أربعة سنوات بدلاً من تعريض البلاد و العباد للفتن و القتل العشوائي من المؤيدين او المعارضين و السقوط في هاوية ليس لها قاع

    • زائر 10 | 1:10 م

      القائد المدني

      مرسي اول قائد لمصر مدني ولكن لم ينجح في مصر لانه استلمها فقيره ولا توجد موارد ماليه كثيره ولكن مرسي عمل القمح في مصر ورفع سعر الغاز الطبيعي على اسرائيل عكس مبارك الذي كان يعطيهم بدون مقابل ولكن اذا صحيح ان ارادة الشعب هي من اسقطت مرسي فذلك يعطينا انطباع على الشباب الثوري وانهم يريدون رئيس عسكري يبطش بالشعب واذا اسقط اعلاميا وبمباركة خليجية فذلك يعطي انطباع ان الشعب ليس له ارادة حقيقه وجادة تجاه السلطه في مصر ... وادعوا الله ان يبعد الفتن ما ظهر منها وما بطن عن الشعب الشقيق المصري

    • زائر 11 زائر 10 | 2:07 م

      الخطأ الوحيد للرئيس مرسي

      في اعتقادي ان خطأ الرئيس مرسي في كل ماحصل.. هو تعطيل آية حد الحرابة.. (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض..)

    • زائر 9 | 1:09 م

      كلن يغني على ليلاه

      شباب مصر لم يتعلموا من الثوره الاولى ولم يتعلموا من هذه الثوره. عجائز مصر اليوم همهم تصفية الحسابات بين بعضهم وفي كلا الحكومتين تم اقصاء الشباب. فمتى سوف يقوم الشباب بإقصاء عجائز مصر ويبنوا مصر الشباب. كما قال عمر استعينوا بحكمة الكهول وقوة الشباب.

    • زائر 7 | 4:27 م

      .. من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعا..

      جحا والأعداد وجحا وقطيع الغنم وكذلك جحا وجنون البقر. شبه جحا وأشباه بن لادن في كل مكان منتشرين على كوكب الارض لنصرة اسلام بحرب وتهاجم وتقتل ولا تعتدي على أمريكا أو إسرائيل. لم يعد خفيا أن أصل بن لادن من يهود اليمن يعني من عبد شمس. أي مثل الذين كانوا مع بلقيس يعبدون الشمس من دون الله. أما مشايخ وقادة يقودون الناس الى جنة نار جهنم على طريقة أبناء ...وبخرائط طريق لا تقل ولا تزيد على خرائط سلب ونهب الشعوب كما الشعب فلسطين. أووا ليس القتل والفنتة أشد سوى كانت في مصر أو أي مكان في العالم جرائم

    • زائر 6 | 7:35 ص

      كل له مقدار او نسبة من الفاشية

      مرسي الرئيس له نسبة من الفاشية والحكومة المصرية الجديدة بعد مرسي ايضا والكاتب نقسه ايضا له مقدار من الفاشية وربما كاتب اخر نظر الى حكومة مرسي بعين غير عينك وفكر غير فكرك وراه فاشيا بامتياز وعلى رغم ان الفاشية مقرونة بالدكتاتورية الا انها احيانا افضل من الفوضى والارهاب والتكفير والذبح والشق وهذا شرح ل لابد للناس من امير بر او فاجر

    • زائر 5 | 5:48 ص

      مقال يعارض الواقع كالعادة

      حنث مرسي بوعده بانه لن يترشح للرئاسة وسيدخل من ساندوه إلى مفاصل الدولة،ولكنه اول من استلم الحكم اقصاهم وعمل دستورا ليخنق الجميع عدا عصابته المدعية للإسلام. أتى بمدعي عام اخوانجي و قرر إحالة الآف القضاة للتقاعد وإحلال الاخوانجية مكانهم حتى يسيطر على القضاء في كل شؤون البلاد بما فيها ترتيبهم للانتخابات القادمة،طرد كل رؤساء المحافظات والبلديات وأحل أصحاب اللحى محلهم،فمن هو الفاشي يا رجل!!؟....كل من يتخذ الدين ذريعة للحكم سيخسر.

    • زائر 4 | 4:25 ص

      احلى كلمه واصدق ما قاله الرئيس الامريكى الابن جورج دبليو بش

      عن هائولاء الفاشيه اسلامك فاشيسش لا يصلحون لبناء اى دوله عصريه كانت او اسلاميه وما ابعدهم عن دين الله وعن اخلاق رسوله محمد (ص) والقيم والعدل والمساوه سنه ونصف من حكم الاخوان اين وصلت مصر مصر الحضاره مصر ام الدنيا مصر لايحكمها اخوان المنحرفين اخوان الرجعيين المتخلفين مصر يحكمها عضماء الرجال امثال جمال عبد الناصر ومن يسير فى نهجه

    • زائر 13 زائر 4 | 5:11 ص

      مرسي

      مصر لاتستحق مرسي فهي كا السبرنق لابد من ضغطها والبقا عليها مضغوطه حتى لا تتمغط .فأذا تمغطت تمزقت . عجبا لقوما ينتخبون ثم يتهمون . البلد خربت في زمن مرسي .هو مسكها عشان تخرب .

    • زائر 3 | 1:23 ص

      الموضوع مليئ بالمغالطات

      مرسي هو من فرض دستور على مقاس الاخوان واما القول بأن مرسي لم يسجن فهو مجانب للحقيقة وما قضية باسم يوسف الا نموذج و لم ينسى احد فرض مرسي لشخصيات كالنائب العام وتدخله المباشر في القضاء المصري وعزل قادة عسكرين .
      وعموما فمرسي نفسه اعترف بارتكاب الاخطاء وطلب فرصة لتعديلها .
      والسؤال الذي نتمنى من صاحب المقال ان يجيب عليه ما هو سر خروج الملايين ضد حكم مرسي

    • زائر 2 | 12:37 ص

      مرسي مهد الطريق لذلك

      لم يمتلك مرسي مقومات القائد وهو مهد الطريق لذلك بسبب إعطاء نفسه معضم الصلاحيات وتسرعه لاصدار البيان الدستوري في بداية ايامه وعندما أحس بالخطر اعترف إنه إرتكب أخطاء ومستعد لتصحيحها ؟؟وعدم خضوعه واستماعه للعقلاء ولم يرد على بيانات المتطرفيين دينيا والذين يتكلمون باسمه ولم يستنكر لمقتل حسن شحاته بهذه الصورة البشعة ولم يولي إهتماما بالشباب وغيره من الامور التي ارتكبها فمهدت لما يحدث في مصر

    • زائر 1 | 12:16 ص

      عزل مرسي في صالح مصر

      كما كنا نسمع ألد خصومه الإعلاميين يشتمونه ببذاءة شديدة لا يتحملها عامة الناس فضلاً عن رئيس الدولة، ومع هذا كان يتركهم يقولون ما يشاءون دون محاسبة، لم يغلق قناةً أو صحيفةً، ولم يسجن كاتباً أو مذيعاً.
      وهذا سببا وجيه لعزله لأنه كان مغيبا عن الساحة المصرية وما يدور فيها من أحداث ، كان همه الأول أخونة مفاصل الدولة وإغناء أهله وجماعته بقدر ما يستطيع واعتبر الإعلام والقنوات شيئا سطحيا سيفتكره فيما بعد وقال في نفسه دعهم يقولون ما يشاءون ودعني أفعل ما اريد لكن لو امتد حكمه لسنة أخرى لنكل بهم أشد تنكيل.

اقرأ ايضاً