فيلم «City By the Sea» في جوهره فيلم تلفزيوني بطاقم أفضل. إنه مقتبس بتصرف من قصة حقيقية عن أحد رجال التحري في نيويورك يكتشف أن ابنه المنفصل عنه هو المشتبه الرئيسي في جريمة قتل. وكان يمكن أن يأتي الفيلم «مدينة على البحر» داخل أفلام الموضة التي يطويها النسيان بسرعة، لولا أن طاقمه يضم ممثلين حائزين على جائزة الأوسكار، هما روبرت دي نيرو وفرانسس ماكدرمند، إضافة إلى الممثلين المساعدين ومن بينهم جيمس فرانكو الذي حاز بجائزة الكرة الذهبية هذه السنة لأدائه دور جيمس دين، وبايت لوبون التي فازت بجائزة طوني قبل 20 سنة لدورها في فيلم «افيتا». ويبدو الفيلم أنه يستحق الاحترام لا لشيء انما على الأقل لطاقمه المؤلف من ممثلين مقتدرين، إلا أن أياً من هؤلاء الذين عملوا انطلاقاً من نص سينمائي تافه لكين هيكسون وتحت الاخراج الباهت لمايكل كانتون - جونز، لا يتمتع بحضور قوي هنا. يسعى الفيلم إلى أن يكون مهماً ومميزاً غير أنه يبدو في النهاية مألوفاً إلى حد الافتقار إلى عنصر المفاجأة. انه يضم شرطياً مخضرماً بأسماء مثل «الحية» و«العنكبوت» ويتفوه بعبارات مثل «أعرف أنك قتلت شريكي أيها الوغد». وهكذا نعرف أنه عندما ينسحب فينسنت بأمر من رؤسائه لاماركا (دي نيرو) من التحقيق في الجريمة، فإنه سيظل يشارك في التحقيق على كل حال، وفقاً لشروطه. ونعرف أنه عندما يسرق ابنه جوي (فرانكو) مسدساً، ستحوم حوله الشكوك بقتل شريك لاماركا لأن بصمات أصابعه موجودة على المسدس، مع أنه لم يشد الزناد. ونعرف أيضاً أن مواجهة ستحدث بين الأب وابنه بسبب جفاء طويل بينهما ناجم عن الطلاق والهجر وبيد كل منهم مسدس. «مدينة على البحر» هو أيضاً ضحية سوء التوقيت لعدد من الأسباب. فبالنظر إلى أن تصويره تم في نيويورك في مطلع سنة 2001م يحتوي على عدة مشاهد بارزة لبرجي المركز العالمي للتجارة، مما أثار ضجة عندما أقيم عرض تجريبي أول له في مانهاتن مع اقتراب موعد الذكرى السنوية الأولى للهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر/ أيلول. إلا أن صانعي الفيلم يستحقون الثناء لإبقائهم على تلك المشاهد بدلاً من قصّها أو تغييرها رقمياً (بالكمبيوتر). لقد كان البرجان هناك في وقت من الأوقات - وكانا حقيقيين عندما جرى تصوير الفيلم. وتبدو العلاقات المبتكرة بين الأب وابنه مادة مستهلكة بعد موسم سينمائي صيفي شاهدنا فيه عدة أفلام كبيرة تناولت مادة مماثلة بينها فيلم (غولدممبر) و(Road to Perditiَُ). ومعروف أن كانتون - جونز أخرج فيلماً آخر ببطولة دي نيرو وفيه صراع بين أب وابنه، مع ليوناردو دي كابريو، وهو فيلم «This BoyU¢s Life» في العام 1993م. وفي الفيلم الأخير يطرق المخرج موضوع الخلاف العائلي بالمجاز والتورية المكررة عن لونغ بيتش، المدينة الواقعة على البحر في لونغ آيلند، وفي عنوان الفيلم (مع أن التصوير جرى في بلدة أوزبري بولاية نيوجرسي). وعندما يستعيد لاماركا ذكريات بعض الأوقات السعيدة في طفولته - حين أعدم والده لارتكابه جريمة قتل عندما كان هو في الثامنة من عمره - يكون شاطئ البحر مشمساً ومزدحماً ومزدهراً. وعندما يعود إلى الواقع الراهن الشاطئ مغيّم وخال من الناس وتالف. وبعد المرتين الأولى والثانية لتكرار المشهد نكون قد فهمنا ما يرمي إليه. إلا أن ثمّة لحظات أصغر ناجحة في الفيلم. فثمّة تناغم مريح في هذه المشاهد، ومنها مشاهد وجود دي نيرو مع ماكدرمند، التي يفشل الفيلم في استغلالها كصديقة له وجارة تقيم في الطابق السفلي من المبنى. أما جدله مع فرانكو فمشحون بالصدقية والأصالة، مع أن الممثلين يبقيان بعيدين عن بعضهما بعضاً في معظم وصلات الفيلم. «مدينة على البحر» من توزيع وورنر برذرز، وفيه لغة بذيئة واستعمال مخدرات وبعض العنف ويستغرق عرضه 105 دقائق.
العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ