تدرس في المرحلة الثانوية مواد حول الإسلام والقضايا المعاصرة والنظم الإسلامية، أهمها كتاب «الإسلام والقضايا المعاصرة» للمرحلة الثانوية – ط 3 – إدارة المناهج (2003)، المؤلفون: يوسف محمود العلوي – عبداللطيف المحمود – خالد أحمد السخي – ناصر الفايز – بلقاسم ونيس عدالة – نجوى عبداللطيف جناحي (أنثى)، ومراجعة يوسف محمود العلوي الاختصاصي الأول لمناهج التربية الإسلامية. ويحتوي الكتاب على المواضيع التالية: تكريم الإنسان في الإسلام – حقوق الإنسان في الإسلام – الإسلام والعولمة – الانفتاح الإعلامي وخطر الغزو الثقافي – قضايا طبية معاصرة (نقل الأعضاء وزرعها – أطفال الأنابيب- الاستنساخ) – القلق والشك والصراع النفسي – المخدرات – الإرهاب وموقف الإسلام منه – الوسطية ونبذ المغالاة – الإسلام سبيل الحضارة المثلى والمجتمع الأفضل – الإسلام والبيئة – التربية الجنسية في الإسلام – الإسلام والديمقراطية – الانتماء للوطن والأمة.
وتحتوي جميع هذه المحاور على نصائح والدعوة للمساواة بين الناس وحفظ كرامة الإنسان واعتبار عمله في الخير والصلاح هو المقياس، بجانب علاقة المسلمين مع غيرهم من أهل الكتاب على أساس من التسامح والتراحم، والتأكيد على حقوق الإنسان من مساواة في الحقوق والواجبات، وحق الحياة وحق التعلم، ومنح الحرية في التعبير والتفكير وحق التملك والتصرف. غير أن ضمن هذا المحتوى من الأهمية الإشارة إلى بعض المفاهيم والأفكار ذات العلاقة بقيم التسامح والتعددية والعدالة وأهمها:
1 - الكتاب يؤكد على ضرورة القصاص وتطبيق عقوبة قطع اليد للسارق وعقوبة الجلد للزاني والزانية وعقوبة الجلد لشارب الخمر، وهي دعوة تتعارض مع الكثير من الأنظمة الوضعية التي بدأت الدول العربية والإسلامية بتطبيقها والتي تحاول التوفيق مع مواثيق حقوق الإنسان وتطبيق العقاب دون المساس بآدمية الإنسان وكرامته وجسده.
2 - يعرف الكتاب العولمة بشكل من التحليل الغيبي، فابتداء يقول بأن تعريف العولمة في السياسة هو «عولمة السياسة بمعنى إخضاع الجميع لسياسة القوة العظمى والقطب الأوحد في العالم (أميركا)»، وهو تعريف يشوبه عدم الدقة وينحاز نحو خلق موقف سلبي من العولمة الإيجابية الداعية إلى التحاور بين الحضارات.
وبعد سرد لمرحلة الصراع بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي يقول الكتاب «كان اختلاف الأقوياء رحمة للضعفاء»، وهنا ينحرف التحليل نحو الغيبيات حيث يقول أن هذا الاختلاف بين الأقوياء «جعل بعض علماء أمتنا قديماً يدعون الله قائلين «اللهم اشغل الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين»، وهو ما يوحي بأن جميع شعوب العالم من المعسكرين هم من فئة الظالمين! ويواصل الكتاب «ولكن الخطر على الصغار يكمن فيما إذا اتفق الكبار عليهم، فاتفاقهم نقمة، كما إن اختلافهم رحمة، ولكن من سنة الله تعالى ألا يتفقوا، وإذا اتفقوا حيناً فسرعان ما ينفض اتفاقهم لتناقض المصالح فيما بينهم». وأعتقد بأن مثل هذا التحليل لا يخدم قيم السلام العالمي والتعاون الدولي والحرص على البشرية وحمايتها عبر الدفع نحو المزيد من التعاون والاتفاق الدولي.
أما العولمة الاقتصادية فجميع التعريفات والتحليلات في هذا الكتاب تركّز على سلبيات هذه العولمة على الدول النامية، ووجود منظمات دولية تعتمد عليها العولمة الاقتصادية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومؤسسات الأمم المتحدة والشركات متعددة الجنسيات، ويصل إلى نتائج بأن العولمة الاقتصادية نتائجها الاستغلال وبالأخص استغلال موارد الدول النامية، والإسراف في الاستهلاك، وسكرة الإعلانات الدعائية، وكل هذا الإسراف «محرم في ديننا الذي لا يحبه الله تعالى ويدفعنا بأساليبه الخطيرة إلى شراء مالا نحتاج إليه»، بجانب أن هذا الاقتصاد المعولم يكون لحساب القلة من الأقوياء من الأفراد والدول.
ويبدو واضحاً من هذا التحليل السطحي للعولمة الاقتصادية بأنه قد أبرز العولمة المتوحشة دون أن يحاول إبراز الجوانب الإيجابية للعولمة الاقتصادية والتي تخدم اقتصاديات الدول العربية والإسلامية، وتؤدي إلى المزيد من التشاركية والتنافسية والحوكمة وجذب الاستثمارات وتوفير المزيد من فرص العمل وغيرها من المخرجات التي تحتاج إلى تفهم شامل لإيجابيات وسلبيات العولمة الاقتصادية.
وعلى صعيد عولمة الثقافة فإن الكتاب يعتبر هذا النوع من العولمة من أشد الأنواع خطراً وأبعدها أثراً «حيث فرض ثقافة أمة معينة على سائر الأمم، أو ثقافة الأمة القوية الغالبة على العالم كله، وإن العولمة الثقافية أخطر من العولمة الاقتصادية، فهي التي تمهد للاختراق وتغيير السلوكيات... وإن العولمة الثقافية تريد أن تسلخ الشعوب من أصالتها، وأن تنتزعها من هويتها أو تنزع منها هويتها». والحل الذي يركز عليه الكتاب لمواجهة العولمة الثقافية هو انه «لا يمكن مقاومة العولمة الثقافية إلا إذا اعتصمنا بإيماننا وقيمنا وأخلاقياتنا وشريعتنا وتراثنا الثقافي العريق، وإصرارنا على تميّزنا وتمسكنا بصراطنا المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين».
ودون الدخول في تفاصيل مدى صحة هذا التحليل لابد من التأكيد بأن العولمة الثقافية قد استفادت منها شعوب العالم عبر زيادة المعارف والحصول عليها والوصول إليها واستيعاب ثقافات العالم وتفهمها.
ولقد اجتهد المؤلفون حيث أضافوا نوعاً جديداً من العولمة هو عولمة الدين! رغم إنهم لم يتوسعوا فيها كثيراً حيث أشاروا فقط إلى أن «هناك سعي حثيث لعولمة الدين، عن طريق نشر العقيدة المسيحية في العالم (تنصير العالم)... وبهذا يفرض الغرب «إمبريالية دينية» على العالم بعد أن ولى عهد الإمبريالية الاستعمارية والعسكرية والسياسية القديمة التي لم تعد مقبولة اليوم».
ورغم عدم دقة النتائج حيث ما يزال هناك احتلال أجنبي وإمبريالية عسكرية وسياسية، إلا أن مسألة عولمة الدين والتركيز على تنصير العالم دون تحليل الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المتخلف في معظم الدول النامية والذي يؤدي إلى اختراقات عديدة، ومع ذلك لابد من الإشارة بأن مثل هذه الأطروحات لا تنسجم مع قيم حرية الأديان والتعبير والتفكير والتسامح، ولا تنسجم مع واقع جديد يتمثل في قدرة الإسلام على الانتشار في أوروبا وأميركا واستفادته من العولمة بشتى أنواعها للتعريف بالإسلام.
وينتهي الكتاب في محور العولمة بمقارنة بين هذه العولمة بأنواعها الثلاث والتي تمثل الإمبريالية والاستغلالية وبين مفهوم العالمية كما في الإسلام وذلك عبر الإتيان ببعض الآيات الكريمة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» (الأنبياء، 107)، «تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً» (الفرقان، 1) ومن ثم تعريف معنى العالمية في الإسلام باعتبارها تقوم على تكريم بني آدم جميعاً، وعلى أساس المساواة بين الناس في الكرامة الإنسانية، متجاهلاً بأن هذا المفهوم والتعريف موجود في جميع مواثيق حقوق الإنسان العالمية أيضاً.
وفي ختام هذا الفصل يؤكد الكتاب أن واجب المسلمين نحو العولمة هو «لا ينبغي تقبلها كما هي، والاستسلام لها، فالموقف اللائق هو الموقف الوسط، الذي يجتهد أن يستفيد من إيجابيات هذه العولمة وانفتاحها، ويؤخذ خير ما فيها، وأن يجتنب سلبياتها المادية والمعنوية... وضرورة الاعتماد على الذات اقتصادياً وتنموياً لنأخذ دورنا في العالم». وهي خاتمة سليمة وصحيحة، إلا أن ما يؤخذ عليها أن في متن الفصل وأثناء تحليله وشرحه للعولمة لم يركز سوى على سلبيات العولمة دون ذكر أو شرح أو توضيح لإيجابياتها العديدة والتي تدفع الناشئة نحو التقبل بقيم الاختلاف والآخر والتنوع والتعاون والتسامح.
3 - في فصل قضايا طبية معاصرة من المفيد مقارنة ما ورد فيه من تحليل مع قيمة التسامح العلمي إن جاز التعبير، وأهمية التعامل بإيجابية كبيرة مع الاكتشافات العلمية التي تخدم الإنسان وصحته والابتعاد عن تأويل الآيات وربطها بالاكتشافات والاختراعات العلمية.
ففي مجال نقل الأعضاء البشرية وزرعها انحاز الفصل لآراء العلماء الذين أجازوا نقل الأعضاء وزرعها وذلك «الضرورة العلاجية لأن في ذلك حفظاً لحياة الإنسان وتحقيقاً لمبدأ الإيثار والتعاون بين المسلمين»، كما انحاز الفصل لرأي عدم إجازة بيع الأعضاء في حال حياته ولا بعد وفاته حيث يعتبر ذلك امتهاناً للإنسان «ويؤدي إلى انتشار عصابات لسرقة الناس بقصد بيع أعضائهم، فيحرم ذلك سداً للذرائع». وأعتقد بأن الأحرى أن يشير الفصل إلى حق التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لمن يرغب بذلك، وذلك لإنقاذ حياة الآخرين، وهي إشارة قد تعزّز قيمة حب الآخرين ومساعدتهم.
وفي مجال أطفال الأنابيب، أجاز الكتاب ذلك وهو انحياز إيجابي وتحرر نحو القبول بمثل هذه الاختراعات التي كانت مرفوضة ومحرمة في بداياتها لدى بعض رجال الدين المتزمتين، ولقد وضع الكتاب شروطاً لهذه الإجازة هي: أن تكون الزوجية قائمة بين الزوجين؛ إجراء هذه العملية برضا الزوجين؛ أن يؤمن عدم اختلاط الأنساب بعدم استعمال بويضة الزوجة أو غير ماء الزوج؛ أن يقوم بإجراء هذه العملية من يوثق بدينه وعلمه من الأطباء في مركز طبي موثوق.
ودون الدخول في مدى فعالية وقدرة هذه الشروط والقيود إلا أن انحياز الكتاب لإجازة الاستفادة من أطفال الأنابيب هو انحياز إيجابي حيث لم يحرمه.
وفي مجال الاستنساخ أشار الكتاب إلى أن الحكم الشرعي بإباحته في النبات والحيوان بشرط البعد عن العبث وتغيير خلق الله، كما لذلك من فوائد اقتصادية للبشرية، أما على صعيد البشر فأشار الكتاب بأنه «لا مانع شرعاً من تعديل بعض الصفات الوراثية المرضية أو المعيبة بعيب ما مثل السرطان أو التشوه الشديد، وتعدد العاهات والتخلف العقلي أو العمى أو المرض الوراثي الخطير الذي يؤثر في حياة الإنسان. أما إذا كان المرض غير خطير فلا يلجأ لعملية التعديل، منعاً من المجازفة أو المخاطرة في عمليات غير مضمونة النتائج».
أما بالنسبة إلى تحسين النسل فيشير الكتاب إلى أن «إذا كان تعديل الصفات الوراثية من أجل تحسين النسل كزيادة الذكاء أو الحس أو الانتباه، وأما في الأعضاء كإطالة القامة أو اليدين، أما في الألوان كتغيير لون البشرة أو العين أو نحو ذلك فلا يجوز شرعاً، لأنه تغيير لخلق الله، والله خلق الإنسان في أحسن تقويم، ولكن لحكمة معينة فقد يخلق البليد والقبيح والمجنون والمعتوه والقزم والأسمر والأبيض وغير ذلك». وأعتقد بان هذا التبرير ضعيف لا ينسجم وقيم الحرية والتسامح.
4 - في قسم الإرهاب في الإسلام صنف الكتاب الإرهاب إلى نوعين:
- استعمال العنف ضد القوى الأجنبية المحتلة، سعياً إلى الحرية والمساواة ونيل الاستقلال، وأشار إلى قرارات الأمم المتحدة باعتبار أن هذا الأسلوب الذي تقوم به الشعوب أو حركات التحرير الوطنية في كفاحها المسلح من أجل الاستقلال وتقرير المصير وإزالة الاستعمار أو أي شكل من أشكال السيطرة والهيمنة، ولذا استبعدت تلك الأعمال من تعريف الإرهاب باعتبارها أعمالاً مشروعة.
- ما يهدف إلى إكراه العناصر الثورية على العدول عن نشاطها وخططها ومثاله أساليب العنف والبطش التي استخدمتها الحركة الفاشية في إيطاليا، والحركة النازية في ألمانيا قبل الوصول إلى الحكم وبعده، والحركة الصهيونية مع شعب فلسطين منذ احتلالها إلى الآن، فقد اعتبره إرهاباً.
ورغم أن الكتاب سرد تاريخ الإرهاب منذ القدم عالمياً إلا أن خلط الكثير من الثورات واعتبرها إرهاباً حيث زج بالثورة الروسية (1917) ضمن الإرهاب، وعلى صعيد التاريخ الإسلامي اعتبر الحشاشين والقرامطة والزنج حركات إرهابية رغم أن مفكرين عديدين يعتبرون حركة القرامطة والزنج حركات شعبية ومقاومة ضد الاستبداد، ومع ذلك لم يشر الكتاب نهائياً إلى التطرف والإرهاب الذين تمارسه بعض الحركات الإسلامية المتطرفة كالقاعدة وأشباهها.
وينتهي هذا القسم من الكتاب في تحديد المواقف التالية: الإسلام دين الرحمة والتسامح، يدعو إلى العدل والسلام، ودعا مقابلة السيئة بالحسنة، وقد عفا النبي (ص) عن أهل مكة عند فتحها، وهناك تطابق تام بين الإسلام والسلام، وأن السلام هدف رئيسي لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان. وحرّم الإسلام الاعتداء على الآخرين بأي شكل، لدرجة أنه جعل الاعتداء على فرد واحد من أفراد الإنسانية كأنه اعتداء على البشرية كلها... وهي مواقف إيجابية تعزز قيم التسامح والمحبة والسلام. (يتبع).
إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ
ماشيه الوزارة بالبركة وليس بالعلم يعملون
ليس غريب على أن كل المحاسن التي ذكرت عن محتوى كتاب كعينه وما أشار لاكاتب اليه فلا يبين إلا أن واضعوها لا يفرقون بين المنهج والمحتوى والفرق بين كتاب مدرسي ومرجع. هذا ليس لكونهم متخصصين ولا إستشاريين وإنما إختصاصيو مناهج بالترقيه. وهذا وضع غيرقانوني وغير شرعي ولا دستوري بعد. وما النتيجه التي توصل اليها الكاتب الا فيض من غيض. فليراجع كوادر الادارة المعنيه باعاد الكتب التي لا يوجد عليها رقيب أو حسيب في صرف المكافئات الماليه عن تأليف كتب مثل هذه النوعيه من الكتب التي ذكرت في المقال.