العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ

«إسلام» الداخلين إلى الإسلام!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في غير مَرَّة، تَصلني مقاطع فيديو، تُصوِّر اللحظات الأولى (أو ما تلاها) لدخول أشخاص إلى الإسلام توَّاً. لا ضير في ذلك بكل تأكيد، ما دامت الأمور عبارةً عن قناعات مُستجِدَّة، وحِكمة مأخوذة، أو حتى طمعاً في الاستكشاف (كما يحبه الغربيون عادة). فهذه أشياء متروكة لأصحابها ولحريتهم في الاعتقاد بما يرون أنه الحق والسبيل القويم.

إلاَّ أن مدعاة الكلام الاستفهامي الذي سنتحدث عنه، هو لأننا نعيش دراما اللعب بالمفردات والعناوين، التي تُسَمِّي نَشرَ المسيحية في إفريقيا وجنوب شرق آسيا «تبشيراً» والإسلام فيها «دعوة»، والتشيِيع «مَدَّاً» والتسنين «دعوة». ثم إعادة وصف اعتناق المسيحية بأنه «خلاصٌ» والإسلام «هدايةٌ». ثم وصف اعتناق التشيُّع على أنه «استبصارٌ» والتسنُّن «نعمةٌ»!

تلك التصنيفات، والحدود القسرية ما بين الأديان، ثم نرجسية المذاهب، التي يدَّعي كلٌّ منها وصلاً بالحقيقة النهائية، بتنا نراها أمراً طبيعياً مع الأسف، وهي تُشكِّل الهالة الكرنفالية، التي تصاحِب لحظة دخول «الداخلين إلى الإسلام»، فيُصبح دخولهم «دُخُوليْن»، واحدٌ للإسلام، والثاني إلى مذهبٍ من مذاهبه، تشيعاً كان أم تسنناً.

بل وفي أحيان كثيرة، لا تُصدَّر تلك المشاهد ولا تُذيَّل، بالإشارة إلى دخول هذا الفرد إلى الإسلام، بقدر ما يُركَّز على تشيُّعه أو تسنُّنِه. وهو أمرٌ غريبٌ حقاً، حين نجِد أن دخول الآخرين للإسلام (عبر دعوتهم إليه)، بات يتأسس ويقوم على معادلة معقوفة، وخلاف المنطق، بحيث يُصبح المُحفز والدافع هو الدخول إلى المذهب، هو الأوْلَى والأكثر أهمية من الدخول إلى الإسلام كـ «دين»، على الرغم من أن هذا الأخير هو الجامع لكل المذاهب والمدارس الإسلامية منذ الأزَل.

ليس ذلك فحسب، بل إنه وبعد الدخول إلى المذهب «أولاً» والإسلام «ثانياً»، تبدأ رحلة جديدة من الشقاء لدى الداخلين (عبر مَنْ أخذوا بأيديهم) ليس لاكتشاف جوهر الدِّين الإٍسلامي، ولا للدراسة المقارِنة بينه وبين غيره من الأديان الإبراهيمية المُوحِّدة، ولا لاستلهام ما يزخر به من معنويات، بل رحلة لِجِهَويَّة الانتماء والهوية الدينية، بحيث إن أصبح شيعياً، عَلَّموه معنى «النَّواصب»، وإن أصبح سُنياً، علَّموه معنى «الروافض»!

نعم، هناك استثناءات، ربما تكون كثيرة، لكننا نتحدث هنا عن مشاهدات، وعن وقائع، يقوم بها موتورون، وقاصِرو نَظَر. أناسٌ ملأهم الحقد، وأعمَت قلوبهم الضغينة، وتضييق العالَم على أهله، بحيث لا يرونه إلاَّ في أفكارهم ومذهبهم وذواتهم، وكأن كلَّ شيء مُسَخَّرٌ لهم دون غيرهم، من الذين (وحسب فهم) لن يكونوا سوى وقودَ جهنم خالدين فيها. ألَيسَ في ذلك هراءٌ، وتِيْهٌ في النرجسية والأنانية القاتلة؟

ما ذنب هذا المسكين، الذي رامَ الدخول إلى دينٍ جديد، طمعاً في الحصول على ما لم يحصل عليه من روحانيات، ومعنويات في دين آخر، أن يُلَقَّن وبِجَهل، بأن تلك الملايين من المسلمين، هم ليسوا مسلمين، بل هم روافض، مجوس، خوارج، نواصب، خونة، عملاء، ظلاميون، جهلة، وضَّاعون، مُبتدِعون، إلى غيرها من النعوت التي لا تحكم على أصحابها إلاَّ بالهلاك، ثم يُزَج بذلك المسكين، في أتون تلك الخلافات، ليكون راية في معركة عَدَميَّة.

ما ذنب هذا المسكين، حين يُفهِمَه هؤلاء الجهلة، بأن هناك حروباً دموية في الإسلام، راحَ ضحيتها عشرات الآلاف من المسلمين، ووقعت على أيدي مسلمين، ضد مسلمين، وكان سببها (منذ ذلك التاريخ) هؤلاء أو أولئك، وأحفادهم من الفرق والمذاهب الإسلامية! هل هذا الخارج من صورة الصراع الدَّموي، ما بين الكاثوليك والبروتستانت الذي أدمى القارة الأوروبية طيلة قرون، قادرٌ على أن يستمع أو يعيش مرةً أخرى ذات الصراعات التي هَجَرَها؟

ثم وبعد كل ذلك التصنيف يبدأ مشوار آخر أكثر ضيقاً من المذهبية، حين نرى، بأن أولئك الداخلين إلى الإسلام، لا يمرُّون فقط على غربال «المذاهب»، بل يُعَرَّج بهم إلى رئاسات لزاويا في مذهبهم، فتجعلهم واحداً من مريديها وأنصارها، ليس طمعاً في هداية أحد، بقدر ما هو دعاية لأطراف دينية، الله أعلم بنواياها. أفهَل يوجد أكثر من هذه الأدلجة والحزبَنة والتيَّارية المريضة؟

لِيَعلم هؤلاء، أن الدخول إلى الإسلام، لا يكون بالضرورة ناتجاً عن «إفاضاتهم العظيمة» في الفكر، والتي لا تُحرِّك شيئاً من المشاعر. فالتجارب علمتنا أنه وفي أحيان كثيرة، يكون دخول أولئك إلى الإسلام من أبواب قد لا يتخيَّلها أحد. ألَم يدخل الدبلوماسي الألماني والمسيحي والنازي السابق، مراد ويلفريد هوفمان إلى الإسلام، بسبب إعجابه ببسالة الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي الذي دام 132 عاماً، ولِوَلَعِه بالفن الإسلامي؟

ثم كَتَبَ لنا نظرة ثاقبة عن الإسلام، كما رآها هو، بحيث امتزجت فيها التأثيرات المادية والروحية والفلسفية، التي كان مُتحصلاً عليها في نشأته الأولى. وهو ما يؤكد، أنه لم يدخل إلى هذا الدين، على أيدي هؤلاء. حيث قُدِّرَ له أن يكون دليله، هو أحد انتصارات الأمة العربية والإسلامية (الجزائر)، ضد الاحتلال والغزو الأجنبي.

خلاصة القول، أن سبب مرض هذه العقول في النظرة إلى الأديان والمذاهب، هي أنها أسيرة للعصبية الدينية، التي جَعلت من نفوسهم سقيمة، وأرواحهم عليلة، وألسنتهم لا تنطق إلاَّ بالفرقة والخصام.

وربما مناسبة جيدة هنا، أن نذكر كلاماً جميلاً للإمام علي بن طالب عليه السلام عندما قال في النهج: «إن كانَ لا بدَّ من العَصَبيَّة، فليَكُن تعصُّبكم لمكارمِ الخِصَال، ومَحَامِدِ الأفعال، ومحاسِن الأمورِ التي تفاضَلَت فيها المُجَدَاء والنُّجَداء من بيوتاتِ العربِ ويَعَاسِيبِ القبائلِ بالأخلاقِ الرَّغِيبَة، والأحلامِ العظيمة، والأخطارِ الجليلة، والآثار المحمودة. فتعصَّبوا لِخِلالِ الحَمد من الحفظ للجوارِ والوفاءِ بالذِّمام، والطاعة للبر، والمعصية للكِبْر، والأخذ بالفضل، والكف عن البغي، والإعظامِ للقتل، والإنصاف للخَلْق، والكَظم للغيظ، واجتناب المفاسد في الأرض».

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 11:48 ص

      رد على الزائر رقم 12 - لم تفهم المقال فعلقت خطأ

      لم يقصد الكاتب عدم الانتماء لأي مذهب بعد الإسلام ولكن قصد ما نعيشه من (((دراما اللعب بالمفردات والعناوين))) وكما قال في مقاله حول ما بعد الدخول للإسلام (((رحلة لِجِهَويَّة الانتماء والهوية الدينية، بحيث إن أصبح شيعياً، عَلَّموه معنى «النَّواصب»، وإن أصبح سُنياً، علَّموه معنى «الروافض»))) وكذلك حول المذاهب (((التي يدَّعي كلٌّ منها وصلاً بالحقيقة النهائية))) بحيث (((لا تُصدَّر تلك المشاهد ولا تُذيَّل، بالإشارة إلى دخول هذا الفرد إلى الإسلام، بقدر ما يُركَّز على تشيُّعه أو تسنُّنِه)))

    • زائر 16 | 11:26 ص

      جميل

      مقال جميل بس استغربت ان اليوم ماكو اسم ايران بالمقال لا يكون لا سمح الله ،،،،، تحياتي

    • زائر 13 | 7:39 ص

      دخول الاسلام

      نعم كدخولك انت في عالم التحليل في مواضيعك

    • زائر 12 | 7:28 ص

      مقال مليء بالمغالطات والشطحات

      إذا دخل هذا الشخص إلى "الإسلام" رغبة في "الروحانيات" - وليس بحثا الخالق الصانع الرازق الرحيم - إذا دخل هذا الجديد في الإسلام، ألا يريد أن يصلي؟ ألا يريد أن يحج؟ ألا يريد أن يؤدي الطاعات والواجبات ويجتنب المحرمات؟
      قل لي بالله عليك: كيف يصلي؟ كيف يؤدي هذه الطاعات؟ على أي طريقة أم يصنعها كما يشتهي ويحب كما تدعوا أنت ومن على هذا النهج؟
      فبالتالي لا بد له أن ينتمي إلى الإسلام عن طريق هذه المذاهب،
      ما تريده أنت أن يعبد الناس الله بكيفهم

    • زائر 11 | 6:45 ص

      نسوا معاني الاسلام واهتموا بالمذاهب

      كلهم خوارج الاسلام،الدين منهم براء....طبقوا مبدأ فرق تسد ليكسر عودكم كما يراد به لكم،فاصحوا أن كنتم قادرين!!

    • زائر 10 | 6:16 ص

      البحث

      الانتقال من دين لآخر يحتاج إلى بحث ودراسة ومقارنات لكي تترسخ القناعات ويتشربها المرء أما ما نشاهده اليوم فهو لا يعدوا كونه تحول في قشري له أسبابه المعلومة ولا يكون لا عن طريق الاقتناع ولا عن طريق البحث

    • زائر 9 | 5:50 ص

      حتى الغربيين

      لقد دفعوا ببريطانيين وامريكان دخلوا في الاسلام مؤخرا الى معاركهم الطائفية المقيتة

    • زائر 8 | 5:28 ص

      انا اقول وانصح رسالة الى رئيس تحرير الوسط المحترمة الدكتور منصور الجمري المحترم

      نصيحة ان الجريدة ديمقراطية اقترح ان تجعلو عمودين واحد لمحمد عبدالله و واحد لمحلل صحفي واقعي يكتب عن ايران من الاصلاحين او نشر مقالات متعدده لعطاء الله مهاجراني ولمشاء الله شمس الوعظين ولشيخ يوسف اشكوري و لشيخ محسن كديور و لأستاذ جامعة طهران المثقف الكتور عبدالكريم سروش اقترح بدل الجلد الدائر في الصحيف ضد احد يقول راي طبقه دون طبقة الاصلاحين كما قلت اباء و زعماء و شيوخ الثورة الايرانية اقتراحي عرض راي الشقين في الاعمدة والذي يعجبه من المحافظين يرى محمد عبدالله والذي يعجبه الاصلاحين يرى الثاني

    • زائر 15 زائر 8 | 10:54 ص

      الله المستغان

      اعان الله الوسط وكتابها من بعض المعلقين ممن لا لا يرون ابعد من خشومهم ويصرون اصرارا قبيحا علي اضهار جهلهم بدليل ان الكاتب في واد وهم في واد اخر . شكرا للكاتب المتميز المطلع وعلي صبره وسعة صدره .

    • زائر 5 | 4:34 ص

      تسلم

      مقال رااااااائع ...

    • زائر 4 | 4:26 ص

      استريح اخي نحنو كلنا ناس متعصبين حتى انت يا كاتبنا المحترم

      حتى انت يا اخي العزيز محمد عبدالله هل قلت في نفسك لماذا منحاز جدا لنفسك هل حاولة تدافع عن المظلومين وحقوق الانسان في ايران هل تفكر في جماعة المظلومين من اتباع السيد محمد خاتمي اذا الشعب كل واكثر من تبع فكر المحافظين زانت واحد منهم تقول عن التعصب وانت متعصب لنفسك وتخفي حقائق ولا تظهرها

    • زائر 6 زائر 4 | 4:57 ص

      يا عمي اي دفاع

      يا اخي العزيز اي دفاع هل نسى الاخ المحترم انهم سب و قال ان اية الله منتظري احد افاضل العلماء قال عنه كذاب انت تطلب المستحيل من الكاتب ان الكاتب ميوله وحبيبه التيار المحافظ من متى قال عن الظلم على تيار الاصلاحي من متى قال عن الظلومات الذي وقع بحق منتظري واية الله محمد روحاني وحفيد المرجع البروجردي والسجون والقتل والجثث المتفحمه والذي جرى عام2009م وندى سلطان بنت شابة سلمية اخترق صدرها رصاصة حاقدة ومزق جسدها قوات البسيج من سباه باسداران الحاقده الحق عند امير المومنين الامام علي ليسة عن دولة فاشلة

    • زائر 7 زائر 4 | 5:16 ص

      المسلمين اكثرهم فاشلين كتابهم وشعوبهم ومثقفينهم

      يوم يعبدون عبدالناصر ويوم يعبدون صدام ويوم يعبدون الشيوعية الماركسية والاشتراكية ويوم يعبدون السيد علي الخامنئي فاشلين فاشلين تطلب المستحيل من كاتب والاخ العزيز المنحاز لنفسه يكتب عن الحق المسلم متعصب ويعيش في القرون الوسطى بعضهم اي حقوق انسان نعرف واحد معجب في معاوية والثاني يقول خامنئي والثالث يقول البعثين من المحال ان نتبع الامام علي ع ولن تستطيع ايران ولا علي خامنئي يسير على نهج الطاهر لأهل البيت ع عليهم السلام مستحيل هو يخاف من المفوضية الساميه لحقوق الانسان يرفض زيارة سجونه و الكشف الجرائم

    • زائر 14 زائر 4 | 7:43 ص

      كلهم في الهوا سوا

      لم يقم لا خاتمي ولا منتظري ولا سروش ولا روحاني ولا نجل بروجردي ولا مهاجراني ولا كديفر ولا غيرهم بإنصاف السنة في إيران ولم يفكروا يوما في منحهم مسجدا واحدا في طهران فأي اصلاحيين هؤلاء!!!! إنه ظلم للإصلاح ولانتسابهم له فالنظام هو النظام

    • زائر 3 | 2:34 ص

      مصائب

      ربهم واحد ويتقاتلون على كيفية توحيده!!!!! هو واحد بحبكم أو ببغضكم له يا اخوة الأديان

    • زائر 2 | 10:26 م

      ابو قاسم

      مقال جريء في زمن الفتنه والفرز المذهبي ...

    • زائر 1 | 10:05 م

      الله يرحم والديك

      من احد متابعي مقالاتك وهذا المقال من اجملهم

اقرأ ايضاً