العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ

الشعب المصري يطيح بحكم الإخوان المسلمين... لماذا؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

منذ 30 يوليو/ تموز 2013 الموعد الذي حدد من قبل حركة تمرد الشبابية التي قامت باستفتاء شعبي واسع في جميع المحافظات المصرية على حكم الإخوان المسلمين، وقد جمعوا كما ذكروا 22 مليوناً من التوقيعات، وقالوا إن جميعهم يرفضون رئاسة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين، المعارضة المصرية المتمثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، أيدت الحركة الشبابية السلمية التي تتوافق مع القانون والمواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان، وساندت وأيدت دعوتها للشعب المصري بمختلف أطيافه السياسية والدينية والاجتماعية والحقوقية والقانونية، للتواجد السلمي المكثف في ميدان التحرير وبقية الميادين في مختلف المحافظات المصرية، عاش العالم في الأيام الثلاثة التي سبقت يوم 30 يوليو في حالة ترقب حذر، هل سيستجيب الشعب المصري للدعوة أم أن المسألة إعلامية فقط؟

وكثرت التكهنات السياسية حتى الساعة الأخيرة من الموعد المحدد، بعض التحليلات السياسية ذهبت بعيداً عن الواقع؛ فكان أصحابها يتوقعون حدوث فتنة كبرى بين معارضين وموالين لحكم الإخوان، واستبعدوا في أول الأمر تدخل الجيش لحسم الأزمة السياسية التي عصفت بأركان الدولة المصرية، السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، وخصوصاً بعد حدوث القتل المفجع على الهوية لمجموع من الشيعة المصريين، التي هزت الضمير الإنساني في جميع أنحاء العالم، والتي تم التنديد بها بشدة من مختلف أطياف المجتمع المصري، وقد اتهم الرئيس المصري المعزول (مرسي) بإثارة الفتنة الطائفية في أوساط المجتمع، وأنه كان الممهد لارتكاب الجريمة النكراء، بمساعدة أعوانه ومريديه وأصحاب المنافع الضيقة الذين لم يتوقفوا طوال حكمه الذي لم يدم أكثر من سنة واحدة من التحريض الطائفي البغيض ضد الشيعة، والذين يمثلون أقلية في الشعب المصري.

وقد نقل أحد القائمين على الحملة التحريضية الطائفية عن مرسي، بأن يراقبوا كل إنسان يدعو إلى المذهب الشيعي بصورة دقيقة، ولن يترددوا عن الإبلاغ عنه في المراكز الأمنية، وحاولوا إيهام الشعب المصري بأن الشيعة هم أخطر من الصهاينة، ومقاومتهم ودحرهم والتضييق عليهم هو واجب ديني، وحاولوا بث هذه الترهات والأكاذيب في أوساط البسطاء من الناس، الذين لا يملكون حظاً وافياً من الثقافة الدينية والتاريخية. لقد أفشل الشعب المصري بوعيه مخططهم الخطير، لم تنطل عليهم كل ترهاتهم وافتراءاتهم وأكاذيبهم وتدليسهم، فراحوا يستنكرون فعلهم وخطابهم ضد الشيعة، وعرفوا أن الذهاب بمصر إلى الاحتراب الطائفي لن يكون في صالح الشعب المصري الذي عاش طوال تاريخه الإسلامي محباً لأهل بيت الرسول (ص)، ولم ينسوا نعت السيدة زينب (ع) لشعب مصر الأبية، عندما خيروها بين الشام ومصر، قالت بكل ثقة واطمئنان، هلمُّوا بنا إلى مصر فإن لنا بها أحبة. فحكم الإخوان لم يحسن التعامل مع جميع فئات الشعب المصري، ولم يترك له محطات يمكن الرجوع إليها وقت الأزمات السياسية؛ لقد أساءت علاقاته مع الأقباط والسلف والشيعة والصوفية والأزهر الشريف وجميع الأحزاب السياسية الوطنية، واصطدم مع الجيش والشرطة والقضاء والمخابرات والنيابة العامة والنقابات عندما أراد أخونتها، فلم يبق له صديق على الساحة الدينية والسياسية المصرية، لقد ساهم بتعجيل الثورة عليه وإسقاطه شعبياً، لم يكن يخطر بباله أن رحيله عن السلطة سيكون بهذه السرعة، كان يعتقد أنه سيبقى أربع سنوات في الحكم، وهي كفيلة في اعتقاده في تحويل الدولة المصرية إلى دولة إخوانية، ولم يأت في حساباته السياسية أن الشعب الذي أوصله إلى سدة الحكم بمقدوره عزله نهائياً عن حكم مصر، ولم يتذكر أنه جاء إلى الحكم بنسبة تقل عن 13 في المئة ممن يحق لهم التصويت، والذين يقدرون بـ 50 مليون ناخب، فالأنانية وسوء التدبير والقراءة الخاطئة للمشهد السياسي كانت جميعها سبباً في سرعة رحيل حكم الإخوان المسلمين.

بالتأكيد إن فشل إخوان مصر في الحكم هو صدمة إلى الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، الذين يرتبطون بهم عقائدياً وأيدلوجياً وسياسياً، ويأخذون تعليماتهم وإرشاداتهم الحزبية من المرشد العام، وأصبح وضعهم السياسي والحركي حرجاً جداً في البلدان التي ينتمون إليها مكانياً وليس سياسياً.

القارئ لأدبيات وأخلاقيات حركة الإخوان يجد أنها أسست من أجل السيطرة والهيمنة على الأنظمة السياسية ومختلف المفاصل المهمة في الدول العربية، في البداية يحاولون بكل جد التغلغل في المراكز العليا في كل وزارات الدول لإبعاد كل العناصر غير المنتمية إلى حركتهم عن المراكز المتقدمة، بشتى الطرق والوسائل الالتفافية، تارة يتعاونون مع الأنظمة السياسية، وتارة أخرى يتحالفون مرحلياً مع أتباع السلف، وإذا ما نجحوا في خططهم أداروا ظهورهم إلى من ساندهم وأوصلهم للمواقع التي يسعون الوصول إليها، وأتباع السلف في البحرين يحملون الكثير من القصص والحكايات المؤلمة مع الإخوان، الذين تحالفوا معهم إبان انتخابات 2006، ووجدوهم لا يلتزمون بالعهود والمواثيق التي قطعوها على أنفسهم، ووجدوهم يتنصلون من كل تعهداتهم بكل بساطة، وقد سمعت مباشرة أحد نواب السلف في انتخابات 2010 وهو غاضب جداً من انقلاباتهم المستمرة على العهود ينعتهم بنعوت قاسية، وقد لا يكون المقام مناسباً لذكرها من شدتها وحدية كلماتها.

لا شك أن معظم دول الخليج العربية في الفترة التي حكم الإخوان مصر، زاد توجسها من إخوان الخليج بنسبة كبيرة، لأنها تعلم أن طموحاتهم ستكبر وتتوسع وستذهب بعيداً عن الهيمنة على المراكز العليا في وزارات وتغلغل أتباعهم فيها، إلى التفكير في الاستيلاء عليها سياسياً واقتصادياً وأمنياً؛ فلهذا نجدهم فور سقوط حكمهم في مصر سارعوا بمباركة العهد الجديد، وقدموا له الدعم السياسي والاقتصادي بصورة واسعة، وقدموا له الهبات المالية والقروض الحسنة لتساعده على مشاكل مصر الاقتصادية، هذه الخطوات العملية من قبل دول الخليج العربي لم تأت من فراغ، جاءت عن علم أكيد بتحركات الإخوان المريب في محيطها السياسي، وقد تشهد في الأيام القادمة خطوات وقائية ضدهم في بعض الدول الإقليمية بسبب بعض الشواهد السياسية التي وضحت لها خلال السنة الماضية، ومن ضمنها اجتهادهم في تأزيم الأزمات السياسية والاستفادة من حالات التصعيد بين المعارضة والوطنية والأنظمة السياسية، وهذا ليس خافياً على المراقبين السياسيين، وكان جلياً لهم في الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ 14 فبراير/ شباط 2011، والدور الطائفي الخطير الذي لعبوه في إطالة أمدها وتعقيدها وإبعادها عن الحل السياسي الذي يحقق للشعب المطالب المشروعة، هذه حقيقة يعرفها الجميع، ولا أحد يستطيع إنكارها أو التغافل عنها أو تناسيها أو تجاهلها لوضوحها.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:20 م

      خطرين

      خطرين اخطر من السلفية انهم كالجن لديهم القدرة على التشكل

    • زائر 10 | 11:22 ص

      جاءو

      السلف تلف صفقة لم تمرر بالصواب فجأها المخاض وأنتهت بلا رجعه .مابني على صح فهو دائم ومابني على باطل فهو باطل.

    • زائر 9 | 6:53 ص

      هذا فقط تريد ان توصله ضرب السنه ببعض

      وأتباع السلف في البحرين يحملون الكثير من القصص والحكايات المؤلمة مع الإخوان، الذين تحالفوا معهم إبان انتخابات 2006، ووجدوهم لا يلتزمون بالعهود والمواثيق التي قطعوها على أنفسهم، ووجدوهم يتنصلون من كل تعهداتهم بكل بساطة، وقد سمعت مباشرة أحد نواب السلف في انتخابات 2010 وهو غاضب جداً من انقلاباتهم المستمرة على العهود ينعتهم بنعوت قاسية، وقد لا يكون المقام مناسباً لذكرها من شدتها وحدية كلماتها.

    • زائر 7 | 3:35 ص

      الاخوان في مصر جاءوا بصفقة ورحلوا بصفعة

      الاخوان في مصر جاءوا بصفقة ورحلوا بصفعة . الصفقة ان لا يخاطبوا روؤساء الكيان الصهيوني الا بالاخوة و الصداقة ولا يتحدثوا عن قدس محتلة او فلسطين مغصوبة مقابل ان يمكنوا في مصر و عتدما انفض المولد قال لهم صاحب الحفل بره .. بره و ارسل عليهم جيش الشعب الغاضب ليقتلعوهم بتحريض من الجند اصدقاء صاحب الحفل وسمع اردغان بالقصة فارتعش خيفة فغير قوانينه ليمنع جند الاتراك من صفعه كما صفع اخ له من قبل

    • زائر 8 زائر 7 | 6:24 ص

      التيارات الدينية فاشل

      من المعروف ان الوطن العربي بة العديد من الطوائف الدينية منها المسيحين والسنة والشيعة وقوميات مختلفة من الاكراد والمغازينين في المغرب العربي والدروز والتركمان وغيرهم يعيشون بيننا ولكن المشكلة تكمن في ان التيارات الدينية تريد ان تفرض سيطرتها بفرض اجندتها وتخلفها علي الناس بالقوة وبالتالي انت مطرا ان تجاملهم والا سوف يتهموك بالكفرلان عقلية هؤلاء متخلفة بنظرتهم الي كل ماهو ديني خارج عن الملة حتي لو يمارس عقيدتة بعيدا عنهم لدا فالحل ان يقيدالمجتمع تيار من العلمانية وتصبح المواطنة هي الاساس

    • زائر 6 | 3:13 ص

      احسنت

      هؤلاء الذين يدعون الاسلام ،هم من يسئ الى الاسلام ،والاسلام بريئا منهم

    • زائر 5 | 3:01 ص

      سنين ننتظر الاخوان وإذ هم يدعون للقتل

      وبحضور مرسي يدعون للإستئصال الاقلية ولا من معترض ويتفذون القتل ولايستنكر كما استنكر الطيبين من الشعب المصري.

    • زائر 4 | 2:58 ص

      ماهي الاسباب الموضوعية

      يجب على الاستاذ تحليل المرحلة بدقة حتى يستفيد القراء بعيدا عن الاختلافات السياسية فحكم الاخوان فشل لكثير من الاسباب حبذا لو ذكرها الكاتب اف

    • زائر 2 | 1:48 ص

      متسرعين في الحصاد

      يبون ياكلون اليابس والخضر

    • زائر 1 | 1:40 ص

      الانصاف يااستاذ

      اين الانصاف يااستاذ اكثر كلامك انشائي حتى البديل ليس افضل حالا والايام ستثبت لك ذلك

    • زائر 3 زائر 1 | 2:21 ص

      كلام الاستاذ قمة في الانصاف

      وكلامه واقعي وليس إنشائي عزيزي

اقرأ ايضاً