«هل تشعر، أصلاً، أن لك بيتاً؟... سؤال وجّهه إلى كلٍّ من إدوارد سعيد ودانيال بارينبويم، صديقهما المشترك آرا غوزليميان، في حوار خاص صدر عن «دار الآداب» في بيروت بعنوان: «نظائر ومفارقات». (هل البيت فاتحة المنفى)... «رأس اللغة جسم الصحراء» أدونيس.
هل بيتك هندسة سهرتَ على تفاصيلها؟ في مربعات ومستطيلات ودائري المكان؟ في الأفقي والعمودي؟ هل بيتك حيّزك الخاص فحسب؟ ماذا بعد البيت؟ ألاَّ بيت لك؟
هل بيتك أفقك الخاص؟ حيّزك الذي تأوي إليه؟ ماذا لو انتفى القلب في ذلك البيت وذلك الحيّز؟ هل يعود بيتاً؟ أم هندسة متقنة من الغربة والوحشة؟
ما بعد ذلك الأفق الضروري، يبرز ما هو أكثر ضرورة منه وجدوى. البشر الذين ألِفْتَ وكانوا مهبط ومستودع أسرارك. الحيّز الذي تتحرك فيه خارج أفقك الخاص، ولصق أفق البشر، أولئك هم بيتك المفتوح على خيارات مشتركة معهم وأفراح وآلام وآمال وإحباط أيضاً. الإحباط المشترك خير من الإحباط الخاص. خير من بيتك الخاص الذي تلوذ به فيخذلك!
ثم إنه لا دفء لبيتك حين لا تجد بيتك الفسيح المعافى في الخارج (الوطن). الوطن بيتك الذي تلوذ وتأوي إليه. إذا تساويت فيه مع بشره سترى بيتك جنة ولو كان خرِبَة. سترى الخَرِبة ممعنة في هندستها. ستتغاضى عن النقص في بيتك الخاص حين يكون الوطن ساهراً على كماله واكتماله بكَ وبهم وبهن. لا بيت لك حين لا تجد الوطن خارج بابك. ذلك أبسط ما يمكن أن يتوصّل إليه البشري في إحساسه بمحيطه/ بيته الخاص، ومحيطه/ بيته المفتوح على الناس وما وُجدوا من أجله.
قيمة بيتك، حين تشعر بعد أن تتجاوز بابه أنه يبدأ في الخارج. هناك، بعيداً من الخوف على حياتك من القنص والاستهداف، وقريباً من قلب/ بيت هذا الموزاييك الجميل والعظيم الذي يراد تفتيته وتفريقه ودق الأسافين فيه. هناك بيتك، في الخارج، في رحم الأرض/ الوطن الذي لا يحاكمك سياسيوه بحسب لونك ومذهبك ومعتقدك وميولك ومزاجك؛ وبحسب جهنم: مع/ ضد! هنالك يكمن بيتك الفسيح الرحب المضيء.
بعد ذلك يمكنك أن تتعامل وتتخذ من العالم، كل العالم، بيتاً لك وهو محصّن مما يشوّه الوجود والقيمة التي هي عنوانك ورحابتك في الحياة أيضاً!
بالعودة إلى جواب بارينبويم، وهو عازف بيانو وقائد أوركسترا، «إنه يجد بيته حيثما يسافر، ويعزف الموسيقى». من قال إن الوطن بعيدٌ من السفر؟ الوطن سفر دائم كما البيت. أنت لا تقيم في البيت، تسافر فيه. أنت لا تقيم في الوطن، تسافر فيه. تسافر فيه بمعنى، قدرتك على التحرك والتشكُّل والإبداع والاحتجاج والصراخ والصمت أيضاً. ذلك هو بيتك، ذلك هو وطنك، وذلك هو سفرك الذي يحييك!
***
لن نتوب عن حب الأوطان التي سهرنا عليها؛ وإن تغافلتْ عنا وتنكَّرت لنا. ولدنا لنحب من دون إعلام أسود وأصفر يدل علينا. ولدنا لنكون نحن الإعلام بذلك الوجد والحب. غيرنا مهووس بحضور وإعلام كطويَّة نفسه. مثل أولئك لا يحبُّون، إلا بحسب التحشيد والطلب وقوائم الدفع الشهرية والدورية، ولا يمكن لأوطان أن تتشرف بهم. هم عارٌ على الحياة وعلى أنفسهم وعلى الأوطان.
***
كل الائتلافات التي ترعاها دولٌ تتحسّس من رخاوة أوضاعها مآلها الفشل؛ لأنها قامت باستدعاء، وبرزت بفعل صوت المصالح والأطماع الصارخة والفاضحة. الائتلافات التي تبرز بتحريضٍ من متورطين لا يُعوّل عليها، وكلما تدافعت الأطماع وبرز البون في توزيع الغنائم والحصص؛ عُلّقت الأوطان وقضاياها حتى إشعار تحشيد مدفوع الثمن وله استحقاقاته المخزية!
***
الأمة تأتلف ممثلة برموزها وكبارها؛ حين تكون مستهدفة من أي كائن كان؛ داخلياً أو خارجياً. لا تنتظر أوامر لتلتحم إرادتها وقناعتها ليلتقيا على موضوع واحد: الخلاص من الكوابيس والعبث والقهر والمصادرة واستملاك البشر واستعبادهم.
مثل ذلك الائتلاف ينطلق من وحيّ الضمير، وصوت الحق، ونداء الوجود الذي لابد أن يكون على توافق مع قيمة الإنسان وشرفه وتكريمه من خالق الخلق.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 3964 - الأحد 14 يوليو 2013م الموافق 05 رمضان 1434هـ
البرنس
الضرب
من الأماكن التي قد يسقر بها مستقر في .. أو في والجنه
ليس من ألأسرار لكن لا يوجد وطن للبشر الا كوكب الأرض. منها خلق الناس واليها يعيدهم تارة أخرى. هنا يمكن ألقول أن الأرض وطن عام وفيه مشترك لجميع البشر من بني آدم وكذلك الأمم الأخرى مثل الطيور والدواب على الأربع والزواحف والهوام... فلا يختلف إثنان على أن العيش على الأرض ليس فيه مقر دائم وإنما مرور للانتقال الى دار غير الدار التي بنى فيها بيت (منزل يسكن فيه) على قطعة من الارض في مكان ما على كوكب الأرض، ليسكن فيه مع صاحبته في دار الدنيا وأولاده. وكما يقال المرأة في الغربه وطن. فهل الوطن سكن أومستقر؟
الاستيطان والأوطان ودار ومنزل وبيت ومقام
يقال أن لك دار كما يقال أن لك منزلا أو منزلة كما يقال ان فلان ذا شأن أو مقام رفيع. فالمنزله تقرن بالمقام عند الناس بينما السكن والوطن قد يكون لها مدخل آخر. فقد يسكن الفؤآد الحب وقد يسكنه الخوف.. فالقلب أصبح بيتا للحب أو بيتا للخوف. وهذا قريب من حياة الناس التي تعيش وتسكن في منازل أو بيوت تبنيها لتسكن فيها وترحل عنها بعد إنقضاء مدة حياتها على كوكب الأرض فترحل من الدنيا مخلفة ورائها مكان فارغ في ما بنته وسكنته. كوكب الأرض وطن مشترك وعام لجميع البشر من بني آدم. أليس كذلك؟ لكن لما يضن البعض غير
مقال جميل
الوطن يعني لي براءة اطفالها وحماسة شبابها والاقتداء بكبار سنها