رغم السياسات النظرية لحكومة مملكة البحرين ووزارة التربية والتعليم خصوصاً، والتي تؤكد على نشر قيم التسامح والتعددية وحقوق الإنسان، إلا أن الواقع العملي يقول ويؤكد عكس ذلك.
وتجلى هذا التناقض بشكل فاضح ومؤلم بل ومخيف في التعامل القمعي مع الحركة الشعبية التي انطلقت في الرابع عشر من فبراير 2011، وما تلاها من انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث تم التعامل مع المحتجين ومن خيرة أبناء الشعب والذين يمثلون الثروة البشرية المتخصصة من سياسيين مرموقين وأطباء ومعلمين وأساتذة الجامعات والطلبة والعمال والموظفين والنساء والشباب. وكان التعامل بحق هؤلاء وحشياً وانتقامياً، وتجلى التمييز الواضح على أساس انتماءاتهم المذهبية ومواقفهم السياسية، حيث زج في السجون آلاف المعتقلين من هذه الثروة البشرية ومورس بحقهم أصناف التعذيب الجسدي والنفسي، وسقط منهم حوالي خمسة قتلى من جراء التعذيب في السجون، وأكثر من أربعين شهيداً إضافيين من جراء إطلاق الرصاص (الشوزن) والرصاص المطاطي وقنابل مسيل الدموع.
وعلى صعيد وزارة التربية والتعليم موضوع هذه الدراسة فقد تم فصل مئات الموظفين والمعلمين، وفصل عشرات الطلبة من مدارسهم وجامعاتهم والتوقيف عن العمل لشهور، وتشكيل لجان التأديب والتحقيق معهم واعتقال كثرة من المعلمين وموظفي الوزارة والطلبة.
وكشف تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كل هذه الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان، وأوصت اللجنة بالعديد من التوصيات الداعية إلى خلق ثقافة التسامح وعدم التمييز، وأهم التوصيات ذات العلاقة بوزارة التربية والتعليم هي:
إعادة كل الطلاب المفصولين الذين لم يتم اتهامهم جنائياً بارتكاب عمل من أعمال العنف إلى وضعهم السابق، مع ضرورة إيجاد آلية تسمح للطلاب الذين فصلوا لأسباب مشروعة أن يتقدّموا بطلب لإعادتهم إلى الجامعة بعد انقضاء فترة معقولة مع اعتماد معايير واضحة وعادلة للإجراءات التأديبية ضد الطلاب وضمان أن تطبق هذه المعايير بطريقة منصفة ومحايدة.
وأوصت اللجنة فيما يتعلق بالفهم الأفضل واحترام حقوق الإنسان بما في ذلك احترام التنوع العرقي، بوضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي، علاوةً على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.
ودون الدخول في تفاصيل هذا التقرير المهم والذي تعهد الحكم في البحرين بتنفيذ جميع توصياته، فقد كشف التشخيص الوارد في التقرير إضافة لتوصياته، أن المنظومة التعليمية والتربوية في البحرين تحتاج إلى تغيير جذري بما فيها مناهج التربية الوطنية لتحقيق وتعزيز قيم التسامح والتنوع وحقوق الإنسان، حيث كشفت الأحداث الأمنية والسياسية منذ فبراير 2011 أن الممارسات الرسمية بعيدة جداً عن خلق مثل هذه الثقافة وعدم القدرة في تشريب الأجيال الصاعدة بثقافة التسامح تشريباً قادراً على سد منيع يمنع انفجار الأحقاد والكراهية الطائفية، وأن تكون كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية خطاً أحمر يجب أن لا تمس ولا تنتهك. وإن ما هو موجود من مناهج ومواد تعليمية وتربوية ذات العلاقة بحقوق الإنسان والتسامح هي مناهج هشة وسطحية وغير قادرة على تحقيق الأهداف المنشودة منها.
مضامين مادة «التربية المواطنة»
في ضوء الرؤية والخطوات والإجراءات التي نفذتها وزارة التربية والتعليم في مجال إنجاح أهداف مادة «التربية المواطنة»، سنركز في دراستنا هذه على مضامين الكتب الصادرة لهذه المادة.
كتاب «التربية المواطنة – النظام السياسي في مملكة البحرين» المرحلة الثانوية (أجا 104). إصدار وزارة التربية – إدارة المناهج – الطبعة الثانية 2010. المؤلفون: خالد الخاجة – رئيس قسم اللغات والعلوم الإنسانية؛ محمد أحمد عبدالله – قسم العلوم الاجتماعية – جامعة البحرين (سابقاً)؛ زياد عبدالعزيز المدني – خبير تربوي بإدارة المناهج (سابقاً)؛ عثمان ماجد الماجد – اختصاصي مناهج المواد الاجتماعية للتعليم الثانوي بإدارة المناهج؛ عبدالعزيز سلمان ضيف – مدير مساعد بمدرسة الرفاع الشرقي الثانوية للبنين.
الإشراف: لولوة الخليفة – الوكيل المساعد للمناهج والإشراف التربوي. الإشراف العام: عبدالله يوسف المطوع – وكيل الوزارة لشؤون التعليم والمناهج.
محتويات الكتاب: أولاً: التربية للمواطنة: المواطنة وحقوق الإنسان: الوعي الوطني – وزارات المملكة مهماتها وانجازاتها. حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية في البحرين.
ثانياً: النظام السياسي: الدولة – التطور التاريخي للدولة – أنواع الدولة – الدولة الحديثة.
ثالثاً: أنظمة الحكم: النظم السياسية – الحكم الديمقراطي وأنواعه – الدستور والميثاق – أنواع السلطات ووظائفها.
رابعاً: النظام السياسي في البحرين: النظام السياسي والإداري في البحرين قبل الاستقلال، النظام الأساسي والإداري في البحرين بعد الاستقلال – السياسة الخارجية للبحرين.
وتتضح من عناوين الكتاب مضامينه، إذ لا داعي لتبيانها بحكم عمومية ووضوح هذه العناوين التي تندرج تحتها تعريفات وتقسيمات لنظم الحكم المعروفة. بجانب هذه الشروحات العامة، ترى في كل صفحة من صفحات الكتاب تقريباً فقرات من الكلمات الرسمية التي ألقيت في المناسبات الوطنية، بجانب شرح لهذه الكلمات ومما تحتويه من وعي لأهمية الانتماء الوطني. كما يوضح الكتاب السياسة القمعية للوجود الأجنبي قبل الاستقلال ولو بشكل مختصر جداً، ويسرد الكتاب دور المواطن وحقوقه وواجباته بما فيها مسئوليات القوى المعارضة الوطنية، الأمر الذي يعني الاعتراف الضمني بهذه القوى السياسية وذلك بعد أن صدر قانون الجمعيات السياسية، والذي أدى إلى تأسيس العديد من الجمعيات السياسية، ومنها جمعيات معارضة. ويدفع الكتاب نحو أهمية الولاء الوطني وارتباطه بالانتماء الوطني لتراب الوطن.
وفي قسم الأسئلة التي على الطالب الإجابة عنها فهي تنسجم مع مضامين هذه المحاور والعناوين وتعطي أهمية للدور الوطني للحكم. وعلى صعيد مفاهيم حقوق الإنسان فقد شرح الكتاب تاريخية مفهوم حقوق الإنسان، والمواثيق العالمية، وقدم نماذج من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، بجانب مواثيق رفض التمييز ضد المرأة وحقوق الطفل. كما سرد بعض مواد إعلان الاستقلال الأميركي والإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن. وفي قسم حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية في البحرين، ركّز الكتاب على الحقوق المنصوص عليها في الدستور ومنها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمدنية والسياسية. كما سرد الواجبات المنصوص عليها في الدستور وحقوق المرأة ودورها والمجتمع المدني. ولذا كان الكتاب منصفاً فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي وبحقوق الفئات الاجتماعية كالطفل والمرأة.
وفي قسم الحقوق العامة سرد الكتاب شرحاً لحق الاختلاف والاعتراف بالآخرين وقبول التعايش، وممارسة الحوار والتخلي عن فكرة الصراع والعنف، واحترام القانون وحقوق الإنسان وحقوق المشاركة السياسية من الانتخاب والتصويت والترشيح للجنسين. وفي قسم أركان الدولة شرح الكتاب معنى الشعب من حيث اعتباره تجمعات سكانية تشترك بروابط الدين واللغة والتاريخ ويخضعون لقانون واحد يحكمهم نظام سياسي واحد. وفي قسم خصائص النظام الديمقراطي ركز الكتاب على أهم هذه الخصائص كالحرية وتعزيزها، وحقوق الإنسان – التعددية وصيانتها – المساواة – العمل السياسي الذي يقوم على التسامح والتوافق بين أطرافه سواء كانت الحكومة أو المعارضة.
هذا نموذجٌ من كتاب خاص بمادة «التربية للمواطنة» تتكرر مضامينها في باقي الكتب، ومن تحليلها يستشف المرء بأن هناك محاولة لتبسيط مفاهيم المواطنة كالحقوق والواجبات ومبادئ حقوق الإنسان والنظم السياسية وغيرها. ورغم أن الكتاب قد سرد تاريخ البحرين السياسي قبل وبعد الاستقلال وركز على دور الحكم، إلا أنه أهمل المحطات السياسية الكبرى والانتفاضات الشعبية التي اندلعت إبان الانتداب البريطاني وبعد الاستقلال، والتي كانت تطالب إما برحيل الاستعمار أو المطالبة بإصلاحات سياسية وإدارية نحو المزيد من الديمقراطية والمشاركة الشعبية في صناعة القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. (يتبع).
إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"العدد 3960 - الأربعاء 10 يوليو 2013م الموافق 01 رمضان 1434هـ
أيها المنافقون اتقوا الله
هاهي المناهج تنادي بالتسامح فلم يغيب من ألسنتكم لم نجد النفاق اللاسع لفئة دون أخرى ممن يعمل معكم فيب ردهات المدرسة لم نجد الهش والبش حين حاجتكم وتختفي دون ذلك تمرون دون سلام أو سؤال مالنا يا مديرات المدارس - البعض - لا نجد سؤالكم عنا حينما نتغيب لفترة طويلة عندما نعود المدرسة من إجازة مرضية أو وفاة ماذا فعلت يالتربية مالهاالمناهج في وادي وسياستكم النكراء في وادي
نرجو إعادة النظر وتقدم دروس في فن الاتكيت
أي تسامح تتكلمون عنه ؟؟؟؟؟؟
وبعض الإدارات تحتضن الطائفية على قدم وساق أي تسامح والتميييز العنصري الطائفي لا عب لعبته بالحقل التربوي أنظروا لنظام الحوافز والمكافآت أنظروا لبعض الإدارات لاسيما النسائية منها وابحث عن سياسة المديرات اشلون ما عندهم ثقافة السلام على معلماتهمك وإذا صار تسلم كأنه العجب العجاب رغم المناداة بالتسامح وأنها من قيم المدرسة للأسف مناهج في صوب والتطبيق من قبل بعض الإدارت في صوب ثاني كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته