لا يمكن تصور كيف يمكن أن تولد الحرية من رحم ملوث بألوان الطائفية والتحيّز والتمييز. وكيف يمكن أن يقود ربيع الحرية العربي المزعوم إلى وصول حركات مناهضة للحرية، وقامعة للتعددية، ونافية للاختلاف.
حَمَلَة لواء الحرية والمطالبون بها في بعض الأصقاع طائفيون، لا يرون إلا ذواتهم، ولا يسمعون سوى صوت أفكارهم، ومع ذلك لهم أن يتشدّقوا بالصراع لأجل الحرية، تلك التي تُغتال مع وصولهم لكرسي الرئاسة، تماماً كما حدث في معظم الدول التي طالها موسم حصاد السلطات المهترئة.
الربيع العربي عباءة فضفاضة، اجتمع تحت ظلمتها صاحب الحق ومدّعي الأحقية، فضاعت الحقيقة وتزاحم القوم المطالبون حتى ضاع الحق أيضاً. لم يعد الربيع العربي عبثياً كما بدا في أول الأمر، وكما ظنّ البعض أن الرياح حملت لقاحات الثورة من بلدٍ لآخر. لقد هرمت السلطات، ونما لحمها فوق كرسي الحكم، وكان لابد من التغيير، ولابد من تغطية العجز الاقتصادي للدول الكبرى عبر صفقات مهولة للأسلحة التي لن تسمن ولن تغني من جوع لو حلّت الحرب لا قدر الله، وعبر مساعدة على التخلص من الديكتاتور مقابل إعادة الاستعمار بشكل ألطف وأكثر حضارية كما هو الحال في ليبيا اليوم.
في سورية يبدو الأمر حرب طوائف خارجة من عمق التاريخ الاسلامي المشبع بالاختلاف، يتم الأمر انتصاراً لطائفةٍ لا تغليباً للإنسان. سورية لن تحتضن الجميع بالتساوي مع وصول هؤلاء للحكم، ولن تنتصر للمواطنة بل للطائفة وفق معطيات الواقع اليوم.
الربيع الطائفي الذي أخرج أسوأ ما في العرب، اختلافهم ليس الفكري بل الديني والقبلي والتاريخي لن ينتج مع الوقت دولةً مدنية جامعة للمواطنين بل دول الطوائف، تحكمها الطائفة التي تفرض نفسها، وتفرض على الآخرين أفكارها وخيباتها التي اكتسبتها عبر أفكارها الملوّثة عن الاسلام.
في مصر شكَّلت سياسة الإقصاء التي مارسها الأخوان ضد باقي الفصائل سبباً للإطاحة بحكمهم، ذلك أن دولةً بحجم مصر مع كل تقسيماتها، لا يستقيم بها الحكم إلا في إطار دولةٍ مدنيةٍ جامعة، لا يتخللها وجود أفراد يحملون حلم إعادة فرض الجزية على المسيح، كما عبّر عن ذلك بعض أتباع الأخوان المسلمين. الطائفية التي مورست بعهد الرئيس المخلوع محمد مرسي واختُتم بها عهده من تكفير للشيعة وأعقب ذلك قتل لعددٍ من المواطنين الشيعة أثناء احتفالهم بمناسبة دينية، كل ذلك يثير مخاوف من وصول الجماعات الدينية للحكم التي تعتبر أن كل من هو خارج دائرتها مواطن من الدرجة الثانية، كما هو الحال في دول عربية وإسلامية تمارس الحكم الاسلامي وإن كان ظاهرياً.
الطائفية التي بدأت بالظهور للسطح بشكل رسمي وعلني مع أحداث البحرين وتفاقمت بشكل فاقع مع أحداث سورية شاطرةً العالم العربي بين مؤيد ومعارض وفق الطائفة، مع وضد وفق المذهب، متجاوزين قيمة الإنسان العليا بعيداً عن أفكاره ومذاهبه.
ها هو رمضان يطرق الأبواب قادماً، سأحلم أن نرى الخطب فوق المنابر تتجه إلى التسامح والحب والوحدة الإسلامية، لكن نعرف يقيناً أن بعض دعاة الدين لا يستقيم إيمانهم إلا بتكفير الآخرين ونعتهم بالمشركين والخوارج، والدعاء عليهم في إنهاءٍ تامٍ لبقايا التعايش والحب الذي يُعتبر من مخلفات العقود الغابرة.
في رمضان لا تنتظر من شيخ أو داعية أن يدعوك للحب والتسامح. طهّر نفسك طواعيةً فليس الكره طريقاً يوصلنا لله. يحب الله عباده دون تفرقةٍ، حتى العاصين منهم، فلم علينا الاختلاف وحبّ الله يحتوينا جميعاً.
رمضان مبارك لكل القراء.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3958 - الإثنين 08 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ
اهلا بدعاة الطأفنة.
صباح الخير وأشكرك على هذا المقال الطيب الذي عبرت به كما انه على لسان الكثيرين من هذا العالم المغبون ، فالحكام في هذا الزمن جعلوا الدين غطاءا لحكمهم الظالم وكأن كرسي الحكم ملكهم الموروث وكما وصفهم ابو الاحرار الامام الحسين ع حينما قال : الدين لعق على ألسنتهم يديرونه ما درت مصالحم فإذا محصوا قل الديانون . ( بحريني أصيل. ).
الكريم أكرم الناس وأعطاهم كرامة، لكن في بعض الناس رمضان عندهم كريم
من أفول الشباب حين يتذكر الانسان ليس ما سعى ولكن بما فعل المشيب. فأحيانا نشاطات كان يقوم بها أيام الصبا يتذكرها وبقول ليت الشباب يعود يوما .. يعني بس يوم واحدا ثم يرحل. اليوم الناس من زود فعل وأفعال الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس صاروا من نوادر جحا وأشعب أن تلقي إنسان صدره غير مليء بشحنات من الغضب والحسد والحقد والغيره... يعني مخازن أسلحه غير سلميه ويصعب عليه التأسلم والمسالمه بأن الدين إسلام يعني معامله حسنه وسلام للجميع.. ويش مو أحسن الناس تقول وما أحلى أن نعيش في حب وسلام ...