لا يمكن للتونسيّ أن يتابع ما يجري في مصر دون أن ينتابه إحساس ما، إحساس بالخوف ربما، أو إحساس بالفرح؟ وبحسب هذه المشاعر المتضادة انقسمت الرؤى تجاه عملية عزل الرئيس المصري المنتخب لأول مرة في تاريخ مصر الدكتور محمد مرسي.
ولقد كان السؤال المهيمن على تفكيرهم والمعلن في نقاشاتهم طيلة الأسبوع الماضي: هل يمكن أن يحصل في تونس ما حصل في مصر؟ هل أنّ موجة التمرد المصرية ستتطور إلى تسونامي يضرب غيرها من دول الربيع العربي؟ هل تنجح «تمرد التونسية» في جمع مليوني توقيع للإطاحة بالمجلس التأسيسي المنتخب، والدستور المرتقب؟ هل هي بداية النهاية للإسلام السياسي في تونس؟
نعم، لقد تابع التونسيون هذه الأيام، بكثيرٍ من الترقب بل والتخوّف أيضاً، التحولات السياسية الأخيرة التي شهدتها مصر، وأعينهم على ما تعيشه الساحة الداخلية لبلدهم من تجاذبات كبيرة بين الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها، خصوصاً مع انطلاق مناقشات قانون العزل السياسي، أو ما يصطلح عليه بقانون «تحصين الثورة» من فلول النظام السابق الموالي للرئيس المخلوع، والذي قد يشمل، إذا ما وقعت المصادقة عليه، شخصيات سياسية فاعلة في المشهد السياسي الراهن.
وتعمل بعض الأطراف في تونس على بحث سبل استنساخ ما جرى في مصر؛ حيث تشهد تونس ميلاد حركة تمرد تسعى إلى جمع مليوني توقيع محاولة بذلك إنعاش نفوس المعارضين لحكم «الإسلاميين» في تونس خصوصاً وقد بدت بعض نقاط التشابه والموازاة بين الأحداث في البلدين، لعلّ أهمّها برأيهم، وصول الإسلاميين إلى الحكم واستحواذهم على مفاصل الدولة بشكل مماثل تقريباً.
غير أنّ المقارنة المؤكدة على مظاهر التشابه قد تكون متسرعة وتحتاج إلى تريّث وتأمل؛ ذلك أنّ وصف حكم حركة النهضة بـ «الإسلاميّ» يحتاج تدقيقاً لأن حركة النهضة التونسية لم تكتف بالتحالف مع قوى سياسية ليبرالية بل وعلمانية نوعاً ما، وإنما أيضاً أكّدت في جل المناسبات أنها حزب سياسي مدني يؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة، فضلاً عن هامش التنازلات الذي قدّمته في إطار الوصول إلى توافق يحمي تماسك الثلاثي الحاكم في تونس )الترويكا(، أو في إطار تقريب وجهات النظر حتى مع خصومها السياسيين الذين اختاروا منذ البداية أن يكونوا جبهة معارضة داخل المجلس التأسيسيّ.
إنّ المقارنة بين الحالة المصرية والتونسية تستدعي استحضار عناصر مهمة تلعب دوراً في المشهد السياسيّ؛ فعلى مستوى طبيعة المكونات المجتمعية والسياسية نلاحظ اختلافاً بين الحالتين؛ إذ يتميّز المجتمع التونسي بانسجامٍ مجتمعيّ وعقائديّ واسع، حيث لم نشهد خلال العقود الأخيرة في تونس صراعات دامية، بل ربما على العكس تتقدم البلاد بمؤسساتها التعليمية والثقافية والرياضية والإعلامية في نشر ثقافة التسامح وقيم المواطنة. بينما عرفت مصر، بحكم التعدد الديني الواضح وحتى الطائفي أحياناً، أحداثاً داميةً ذهب ضحيتها أبرياء وأبرياء.
ولا يختلف عاقلان في دور المؤسسة العسكرية الذي تلعبه في مصر؛ حيث يحضر الجيش المصري في العملية السياسية بقوة، بل لعله يمثل جوهرها ومحرّكها الرئيسي طيلة العقود الستة الأخيرة، ولا يبدو مستعداً للتنازل عن مركزيته. بينما تميزت المؤسسة العسكرية في تونس بالحياد منذ استقلال البلاد، إذ هي لا تتدخل في الشأن السياسيّ، بل ربما كانت مغيّبةً عنه عمداً منذ الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
أمّا الفارق الكبير بين التجربتين فهو الموقع الجيو-استراتيجي للبلدين؛ حيث تخضع مصر ولا تزال بحكم موقعها في قلب منطقة الشرق الأوسط، إلى ضغوطاتٍ خارجيةٍ من قبل قوى إقليمية وعالمية في إطار لعبة التوازنات والمصالح المشتركة، بينما تونس قد تبدو نسبياً بحكم موقعها الجيو- استراتيجي أيضاً، في حِلٍّ من الضغوطات الإقليمية والإكراهات الدولية.
وأخيراً يمكن أن نتأمل المشهد السياسي الراهن في البلدين لنقف بوضوح على فارق كبير يُبعد التجربة التونسية عن نظيرتها المصرية أكثر ممّا يُقربها إليها؛ فتونس على مشارف إنهاء مرحلة انتقالية بإيجابياتها وسلبياتها، وتستعد من خلال حوار التوافق الوطني إلى حسم الخلاف في بعض القضايا المتعلقة بالدستور، لتضع نهايةً لأعمال المجلس التأسيسي الّذي طالت نوعاً ما مدته النيابية بحسب ما هو متفق عليه سابقاً، في حين دخلت مصر حالة الوضع الدائم منذ أكثر من سنة وسنّت دستورها منذ أشهر.
إن استحضار السيناريو المصري اليوم في تونس قد يكون صالحاً لأخذ العبرة والإلحاح على ضرورة إسراع الفاعلين السياسيين لإنهاء المرحلة الانتقالية؛ ذلك أنّ أرضية تحقيق حلم ثورة الياسمين متوفرة في تونس، وقد كانت كل القراءات والتنبؤات ترشح تونس للنجاح في ثورتها وتحقيق الانتقال الديمقراطي بأخف الأضرار الممكنة. وحتى ما شاب هذه الفترة الانتقالية في تونس من هزات اجتماعية وأمنية فإنه لا يعادل شيئاً مقارنةً مع ما يقع في بلدان عرفت مثلما عرفته تونس.
إن على التونسيين اليوم تحصين ثورة الياسمين بالعمل والتعاون وتأمين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ظروف مشابهة أو أحسن من انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011 التي بقيت ذكرى خالدةً في تاريخ الانتقال الديمقراطي في تونس، ودرساً فريداً تستلهم العبرة منه.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3958 - الإثنين 08 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ
الوضع مختلف تماما بين تنس ومصر والاستنساخ مستحيل
وتعمل بعض الأطراف في تونس على بحث سبل استنساخ ما جرى في مصر؛ حيث تشهد تونس ميلاد حركة تمرد تسعى إلى جمع مليوني توقيع محاولة بذلك إنعاش نفوس المعارضين لحكم «الإسلاميين» في تونس خصوصاً وقد بدت بعض نقاط التشابه والموازاة بين الأحداث في البلدين، لعلّ أهمّها برأيهم، وصول الإسلاميين إلى الحكم واستحواذهم على مفاصل الدولة بشكل مماثل تقريباً.
أسئلة مشروعة
كان السؤال المهيمن على تفكيرهم والمعلن في نقاشاتهم طيلة الأسبوع الماضي: هل يمكن أن يحصل في تونس ما حصل في مصر؟ هل أنّ موجة التمرد المصرية ستتطور إلى تسونامي يضرب غيرها من دول الربيع العربي؟ هل تنجح «تمرد التونسية» في جمع مليوني توقيع للإطاحة بالمجلس التأسيسي المنتخب، والدستور المرتقب؟ هل هي بداية النهاية للإسلام السياسي في تونس؟
شكرا على مقالكم الجميل
نعم بالعمل سوف نحصن الثورة
الحصن الحصين في تحصين ثورة الياسمين
عنوان جميل يوحي برقية شرعية
فكرة جميلة لو تطورها
مصر وتونس
نرجو لثورة يناير في اىلبلدين كل التوفيق
وإن شاء الله كابوس وينزاح
لقد غدروا بها
الن تشاركني عزيزي الكاتب أن تونس ومصر بأمس الحاجة لشعبها المهاجر في شتى أنحاء الدنيا ألم يحن الوقت لتقديم استقالاتنا جميعا من الدول التي استظافتنا (مع جزي الشكر) وأعطتنا مكانة في بلدانها والعودة لأوطاننا للنهوض بها وبناء المشاريع فيها واستثمار أموالنا في خدمة شعوبنا
منتخب مصري لكرة القدم ورئيس مصري منتخب - والحساب يوم الحساب
لدينا منتخبات ونخب تنتخب وأخرى لا تنتخب وإنما ترشي أو تشتري أصوات على الطريقه الأمريكيه حتى مرسي يأخذ الكرسي.. وصل مرسي الى الكرسي ولكن كل الوعود كانت فشوش.. كلام في كلام. مرسي وغيره من الساعين للكرسي قد يكون لهم في الحياة الدنيا سعادة ما فيها غير خراب قبر وغداً حساب وهذا ما وعده المرسلون بأن العذاب من القبر فلا تفرط بآخرتك وتبيع ضميرك بكرسي أو حفنة نقود لا تنقدك من عذاب مقيم. الموت أو السعاده.. من مات على الاسلام غير من مات على غيره. لا تموتن إلا وأنتم مسلمون ولكن ليس إخوان مسلمون؟ وبنوك سلف