لا تكف مصر على أن تقدّم نفسها تجربة فريدة ورائدة للعالم العربي، وتأتي الثورة التصحيحية التي دعت إليها حركة تمرد، لتضع الأشياء في نصابها الصحيح.
الحدث المصري في كل تفاصيله يحمل أكثر من درس، أولها أن ما يجري على الأرض وفي الميادين، ويعتمل في نفوس الشباب وطبقات عريضة من الشعب ليس بالضرورة هو ما يفهمه أو يحب دائمًا أن يفهمه رأس السلطة وأعمدة الحكم. فالأماني هي غير الحقائق، وقد تأتي الأحداث سريعة بشكل مخيب لآمال وتوقعات القابضين على القرار وهم على وثير العروش.
الدرس الثاني، أن «الاخوان» برعوا حقاً طوال عقود من الزمن في العمل السري والتنظيم المعارض، لكنهم سقطوا في أول اختبار وهم في الحكم والسلطة. ففي أول انتخابات حرة في مصر قرر الرئيس محمد مرسي أن يكون رئيس جماعة وليس رئيس مصر، ضارباً بعرض الحائط أي مقترح ينادي بحكومة توافقية إلى أن سبق السيف العذل.
الدرس الثالث، أن تراث «الاخوان» الفكري والحركي وماضيهم يختلف تماماً عن حقيقة أدائهم السياسي وشعاراتهم المعلنة، فما أن استلم مرسي مفتاح القصر من المجلس العسكري حتى أقال الذين تسلم منهم «شرعيته». وما إن دانت له السلطة حتى راح يبدّد هيبة القضاء. وقد أقحم نفسه في الشأن السوري الملغم بالشبهات والدم والمكائد، لكنه التزم بالعلاقة مع «إسرائيل»، وهو رئيس الدولة العربية الوحيدة الذي خاطب شمعون بيريز بـ «صديقي العظيم».
الدرس الرابع، أن شرعية الميادين أقوى وأمضى من عبثية النصوص الدستورية الجافة، وأن حق الشعوب في اختيار الأصلح، أقدس من نصوص مفصولة عن سياقها الاجتماعي والسياسي والزمني.
الدرس الخامس، أن وصول الأخوان لسدة الحكم كان لعبة حظ سمجة، فمرسي وصل إلى الحكم بأكثرية ضئيلة، لأن المصريين لم يخرجوا لأداء واجبهم الانتخابي وتقاعسوا عن التصويت، مفوّتين بذلك فرصة كان من الممكن أن تغيّر من حاضر مصر كثيراً. وبهذا التقاعس أسقط المصريون عمرو موسى وأبعدوا محمد البرادعي. وخروج «ثورة التوابين» التصحيحية، بموج بشري ناقم قوامه ثلاثون مليون مصري، استطاع المصريون أن يعالجوا هذا الخطأ سريعاً، فكان لابد من استعادة إرادة المصريين من يد خاطفيها.
والقدر المتقين، أن تداعيات انهيار حكم الاخوان في مصر على إخوان الخليج، ستكون فادحةً بكل المقاييس، فالأخوان في الامارات في مواجهةٍ مفتوحةٍ فيما يبدو مع النظام وبيت الحكم والمؤسسة الأمنية، وفي قطر يبدو أن العهد الجديد مع وصول الأمير تميم بن حمد سيكون له تعاطٍ مختلف معهم. الاستثناء الخليجي الوحيد هو البحرين، الذي يعد فيه تيار الاخوان في شهر عسل طويل حتى الآن مع السلطة، وللتيار تغلغل واسع في مفاصل حساسة في النظام، مبرّرها الأكثر وجاهة أنهم «أفضل الموجود» في ظل الاستقطاب الطائفي الذي تمر به البلاد.
كانت أولى ثمرات التواجد الاجتماعي لأخوان البحرين عندما تأسس «نادي الطلبة» العام 1941 في مدينة المحرق، وهو الواجهة الرسمية لتنظيم الاخوان المسلمين في البحرين. ثم تحوّل العام 1948 إلى «نادي الاصلاح الخليفي»، وسرعان ما تغيّر الاسم في مطلع الثمانينيات إلى «جمعية الاصلاح»، بسبب تأثير الطلاب البحرينيين الذين كانوا يدرسون القانون المدني والإسلامي في مصر والمتأثرين بفكر الأخوان المسلمين.
كان عبد الرحمن الجودر أول طالب بحريني يلتقي بمؤسس تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ حسن البنا في مصر، عندما كان أحد أعضاء البعثة الدراسية البحرينية العام 1946. وقد أبدى الجودر إعجابه بشخصية البنا وفهمه الدعوي، فانضم على إثر ذلك إلى تنظيم الاخوان المسلمين. ثم عاد إلى البحرين حاملاً معه فكر الاخوان لنشره في المجتمع البحريني. ومن جهة أخرى كان في البحرين عددٌ من المدرسين المصريين والسوريين والفلسطينيين، المنتمين لتنظيم الأخوان، استطاعوا نشر فكر الاخوان ومبادئهم في أوساط الشباب البحريني.
ما ساعد على نشر فكر الاخوان المسلمين في البحرين، انتساب عدد من أبناء الأسرة الحاكمة إلى التنظيم، كان أبرزهم الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، فضلاً عن مجموعة من المنحدرين من أصول قبلية، منهم جاسم الفايز، وأحمد المالود، وعبد العزيز المير وآخرون من الذين أصبحوا أعضاء بارزين في نادي الاصلاح.
وقد مارسَ النادي، في مطلع الأربعينيات وحتى الستينيات، نشاطاً متواضعاً، حيث أعلن القائمون على النادي أن أهدافهم تنحصر في ممارسة النشاطات الاجتماعية والدينية، دون الاهتمام بالقضايا السياسية، وربما يرجع ذلك للعلاقات الجيدة التي تربطهم مع السلطة الحاكمة. وقد تمحورت أهداف النادي الاجتماعية والدينية حول التركيز على الاصلاح الاجتماعي من خلال التوعية والارشاد الديني. وقد اتسم خطاب النادي بالوعظية.
أصبح للنادي قاعدة جماهيرية واسعة، خصوصاً على إثر موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ومشاركته في المظاهرات التي انطلقت بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين العام 1948، وقيام النادي بتشكيل قوة رمزية من أعضائه للمشاركة في حرب فلسطين.
وعندما قابلت قبل سنوات جمال البنا شقيق الشيخ المؤسس، قال لي بأن الشيخ حسن كان ذا نزعةٍ صوفيةٍ، لكنني قرأت مؤخراً أن موقفه من الصوفية تغيّر بعد نشوء علاقة وطيدة مع العربية السعودية، فقد كان الشيخ البنا في بداية تكوينه الفكري متأثراً بشكل كبير بالفكر الصوفي، وبرز ذلك بشكل واضح بعد انتمائه إلى الطريقة «الحصافية»، غير أن هذا التعلق والتأثر بالفكر الصوفي سرعان ما تغيّر بعد توثق ارتباط البنا بالفكر السلفي الذي يحرم جميع أشكال الطرائق الصوفية. فبدأ يهاجم الصوفية ويتهمهم بالخروج على الإسلام وتضليل المسلمين!
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 3958 - الإثنين 08 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ
أحرقوا مكتبة ألكسندر الأكبر وحافضوا على كتب السحر والشعوذه مع الجهل
كما أرسل إدريس الى الهند ورفع .. أرسل بعد موسى عيسى ورفع .. وقبل عيسى موسى إبن عمران ويوسف كانوا في مصر، إلا أن الغلابه يغلب عليهم التيه على الوعي بالنسبه لهذا الشعب المطلوب على أمره أن يأتمر ليس بأوامر إسرائيل فالأوامر من الكنه عبر الفرعون المدعوم والمسند والمجلس بالكهنه بالسحر والشعوذه والخداع والحيل و.. و... هل قوى الظلام من الكهنوت واللاهوت في مصر مستعده للخروج في مظاهره مضاده بدون إستخدام قوى الكفر والشرك بالله البين والخارق من السحر وتحضير الجن والمرده؟