العدد 3957 - الأحد 07 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ

قيمة التسامح في مناهج التعليم للمرحلة الثانوية... كتب مادتي الدين والتربية الوطنية نموذجاً (1)

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وزارة التربية والتعليم هي الجهة الرسمية المسئولة عن إعداد المناهج التعليمية والتربوية لجميع المراحل في المدارس الحكومية، مع الإشراف والتوجيه للمدارس الخاصة في إعداد المناهج الخاصة بها وإلزامها ببعض المناهج التي تعدها الوزارة.

لا توجد أية جهة رسمية أخرى أو أهلية أو من مؤسسات المجتمع المدني تشارك وزارة التربية في إعداد المناهج أو الإشراف على تنفيذها، غير أنه في ضوء الاستراتيجيات التي أعلن عنها مجلس التنمية الاقتصادية، الجهة الرسمية المسئولة عن الاقتصاد، فقد تضمنت هذه الاستراتيجيات محاور تؤكد على ضرورة تطوير التعليم واعتباره ركناً أساسياً لإنجاح «رؤية مملكة البحرين حتى عام 2030»، ولذلك تم تشكيل «هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب» التي كانت تابعةً لمجلس التنمية الاقتصادية، ومهمتها كانت تنحصر في إعداد الامتحانات الوطنية في مواد العلوم والرياضيات، وحالياً هي تابعة لمجلس الوزراء وتوسعت مهماتها، وتشكيل فرق من المختصين تتابع وتقيّم أداء المدارس والمدرسين وتبرز الإشكالات الإدارية والتعليمية وتصدر التقارير في هذا الشأن، ولكن لا علاقة لها في إعداد المناهج.

اتفقت وزارة التربية مع مؤسسة العبيكان السعودية، وهي مؤسسة تربوية متخصصة في إعداد مناهج التعليم في الرياضيات والعلوم، كما اتفقت مع مؤسسة جيوبرتكس اللبنانية لإعداد مقررات الاجتماعيات واللغة العربية للتعليم الثانوي.

تعتمد طريقة التدريس لمادتي التربية الإسلامية والوطنية، على أسلوب التعليم المباشر والحفظ والواجبات والامتحانات، بالإضافة إلى اعتماد التربية الوطنية على التدريب عبر نقاشات مشتركة بين الطلبة في موضوعات المادة المتعلقة بتاريخ البحرين والمؤسسات الموجودة (السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية) والدستور وميثاق العمل الوطني، أو مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة والولاء للوطن وما شابه. ولذلك سنعتمد في دراستنا هذه على منهجية كشف وتحليل مضامين الموضوعات في كتب مادتي التربية الإسلامية والوطنية كنموذجين، وتبيان الأفكار التي تعزّز قيم التسامح والتعددية والحرية ومبادئ حقوق الإنسان، وتلك الأفكار التي تتعارض معها. ورغم تركيزنا على مناهج المرحلة الثانوية إلا أننا نشير سريعاً لمرحلة التعليم الأساسي (الابتدائية والإعدادية).

برامج وزارة التربية والتعليم

طرحت الوزارة في السنوات الماضية مجموعة مشروعات جيدة تهدف إلى رفع مستوى التعليم، وبغض النظر عن نتائج تطبيقها التي تحتاج إلى دراسة أخرى، فإنه من المفيد استعراضها كالتالي:

- مدارس المستقبل: تعتمد هذه المدارس على تشبيك جميع المدارس المنضوية تحت هذا النظام بشبكة داخلية موصلة بالشبكة العنكبوتية للوصول إلى أحدث المعلومات بالشبكة وتوظيفها في العملية التعليمية. وعلى الرغم من أن هذا المشروع يحتاج إلى موازنة خاصة، وتشييد صفوف إلكترونية في الكثير من المدارس وتوفير عدد كبير من الحواسيب وتطبيق متطلبات التعليم الإلكتروني، غير أن المؤشرات تكشف عن عدم مقدرة الوزارة على تكملة كافة هذه المتطلبات، لاسيما وإن ما يهمنا هو إيجاد منهج جديد يعتمد على مراجع ومصادر إلكترونية بدلاً من بقاء محتوى الكتب كما هو وتحويلها فقط إلى أقراص مدمجة يمكن تصفحها عن طريق الحاسوب، وهو الأسلوب الذي لا يعكس جوهر التعليم الإلكتروني الذي من المفترض أن يفتح فضاءات كثيرة للطلبة للإطلاع على موضوعات وآراء وثقافات تعزز التسامح والتنوع.

- نظام توحيد المسارات: نظراً لوجود مجموعة من المشكلات والاختناقات التي يعاني منها التعليم العام جاء هذا النظام لمعالجة تلك الإشكالية، بهدف مواكبة متطلبات سوق العمل والقضاء على التذمر المستمر من قبل أرباب العمل، بسبب تدني مستوى الخريج وعدم امتلاكه للمهارات المطلوبة للعمل، إلى جانب توجه معظم الطلبة للتخصصات الأدبية والتجارية على حساب المواد العلمية كالرياضيات والعلوم، فوفر هذا النظام قدراً مشتركاً من العلوم والمعارف لجميع الطلبة، ولكن رغم تطبيق هذا النظام إلا أن المناهج لم تتغير لتواكب هذا التغيير.

- إعادة تنظيم وزارة التربية: أحد أهم التطورات برزت في إعادة هيكلة الوزارة عبر مرسوم ملكي، تم فيها اعتماد وكيلين للوزارة، وسبعة وكلاء مساعدين، إضافة إلى استحداث إدارات ومراكز جديدة، غير أن إدارة المناهج التي تعني هذه الورقة لم يصبها أي تغيير في فلسفتها، إذ استحدثت إدارات جديدة فقط كالإشراف التربوي ومركز الموهوبين ومركز القياس والتقييم.

- مركز القياس والتقويم: المتوقع من هذا المركز أن يكون له دور محوري في جودة التعليم على مستوى التعليم في البحرين، غير أن أكبر المشكلات التي يعاني منها عدم وجود الكفاءات المطلوبة.

- مركز رعاية الطلبة الموهوبين: أحد أهم المراكز الذي أخذ يعمل بطاقات محدودة رغم أهميته لكشف المواهب المتنوعة لدى الطلبة.

- مركز التميز للتعليم والتدريب المهني والفني.

وزارة التربية والاستراتيجيات

دأبت الوزارة على إصدار وثائق واستراتيجيات لتكون بمثابة المرجعية في إعداد البرامج وتنفيذ السياسات، كما تستعين بالخطط التي تقرها المنظمات التعليمية الدولية والعربية والخليجية، إذ يصدر بعضها ويُعتمد على شكل قرارات، على الحكومات الموافقة عليها والالتزام بتنفيذها. وعليه أصدرت الوزارة «وثيقة التوجهات الأساسية لتطوير التعليم في المرحلة القادمة» العام 1996، وقد اشتملت على 12 محوراً، وأبرز ما تميزت به رفع مستويات التعليم، إعادة النظر في منظومة التعليم المهني والفني، تعزيز العلاقة بين التعليم وسوق العمل، النظر في الجوانب الإدارية والتربوية، دور البيت، الاستفادة من التقنية وخفض معدلات الإهدار والرسوب. لكنها لم تشتمل على أي محور يطالب بإعادة النظر في المناهج وبما يحقق التسامح والتعددية.

في أكتوبر 2001 أقر المؤتمر العام لليونسكو في دورته 31 المنعقدة في باريس الإستراتيجية المتوسطة الأجل (2002 ـ 2007) وأكدت فيها على قيام الدول الأعضاء بوضع وترويج مبادئ ومعايير عالمية تستند إلى قيم مشتركة، وتشجيع التعددية من خلال الاعتراف بالتنوع وصونه مع احترام حقوق الإنسان، بيد إن المناهج التي نحللها في دراستنا هذه لم تعكس هذه المبادئ والتنوع بالشكل المطلوب وكما يتضح ذلك لاحقاً.

في الخطة المتوسطة المدى الثالثة (1997 ـ 2002) والتي اعتمدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) تضمّنت الدعوة لتحديث مضامين النظم التربوية وتبصير قياداتها بأهم المستجدات التي فرضت نفسها على الساحة الدولية، مثل التربية من أجل الديمقراطية، من أجل السلام العادل، التربية المواجهة للتطرف والعنف، إلا إن المناهج موضوع الدراسة لم تعكس هذه المستجدات بالشكل المتوقع.

متطلبات إصلاح التعليم

وصلت العملية التعليمية في البحرين من حيث مؤشراتها الكمية إلى مستويات جيدة مقارنةً بالمؤشرات المعتمدة من قبل المنظمات الدولية، وبحسب التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع الصادر عن منظمة (اليونسكو) العام 2007، فقد بلغ ترتيب البحرين في مؤشر التعليم للجميع إلى 45 من بين دول العالم والأولى بين الدول العربية.

على صعيد التشريعات تم إصدار قانون التعليم وقانون التعليم العالي العام 2005، كما صدر كادر المعلمين الجديد، إضافةً إلى جملة من المشاريع والبرامج كمشروع مدارس المستقبل الذي تم الانتهاء من مراحله الأولى والثانية والثالثة –حسب الوزارة- فضلاً عن مشروع توحيد المسارات الأكاديمية، والإعلان عن فتح كلية للمعلمين، إضافة إلى افتتاح مراكز متعددة كمركز «القياس والتقويم»، و»التميز للتعليم والتدريب» و»رعاية الطلبة الموهوبين».

نظرياً أعلنت الوزارة عن رؤيتها التطويرية التي امتدت من 2002 – 2010، واعتمدت من مجلس الوزراء في أبريل 2003. وهناك إشارات حول ربط العملية التعليمية التعلمية باحتياجات سوق العمل وبربط المشاريع التعليمية بمبادرة الإصلاح الاقتصادي الشامل، وبرزت تصريحات بربط كافة مشاريع التعليم برؤية البحرين 2030.

حسب التصريحات الرسمية، سيشمل مشروع مدارس المستقبل جميع المدارس في 2009، وسيتم تطبيق نظام توحيد المسارات على جميع المدارس في 2009 أيضاً، لكن تحليل المؤشرات الإحصائية الأخرى يشير إلى عكس ذلك، فنصيب وزارة التربية من الميزانية العامة للحكومة محدود، علماً بأنه النصيب الذي يجب أن يعكس تكاليف هذه المشاريع والبرامج الرائدة والتي تحتاج إلى بنية تحتية راقية من مدارس نموذجية ومختبرات علمية والكترونية وصفوف ومكتبات وغيرها.

استناداً إلى تحليل ميزانية الوزارة من إجمالي الموازنة الحكومية هي «161,394» مليون دينار في 2005، أي بنسبة «%12,54» فقط، وهي نسبة لا تعكس أهمية تطوير تلك المشاريع، خصوصاً أن حوالي «%81,9» من الميزانية تصرف على الأجور، و«%13,8» على الكهرباء والماء والهاتف والباقي للصيانة، أما ميزانية المشاريع (المصروفات غير المتكررة) والمخصصة لتطوير البنية التحتية ومتطلبات مشاريع مدارس المستقبل وتوجيه المسارات وتطوير التعليم الإعدادي والابتدائي وغيرها فكان في العام 2001 في حدود 3 ملايين دينار، أي قبل الإعلان عن هذه المشاريع لتصل إلى «5,752» مليون العام 2005، وهي زيادة لا تعكس احتياجات ومتطلبات مشاريع تهدف إلى ديمومة واستدامة التطوير والإصلاح في التعليم، خصوصاً أن نسبتها من إجمالي مصروفات الوزارة هي «%3,56» فقط.

المؤشر الإحصائي الآخر يتمثل في الزيادة المطردة للمدارس الخاصة وإقبال المواطنين عليها، وهذا يعكس ثقة الناس بالتعليم الخاص وتراجع الثقة بالتعليم الحكومي، وهو مؤشر رقمي/كمي مهم يعكس بوضوح مدى النجاحات الفعلية في وجود التعليم الحكومي أو التراجعات فيه. فحسب إحصاءات الوزارة كانت مدارس الحكومة 195 مدرسة في العام الدراسي 2001 ـ 2002، لترتفع إلى 203 مدارس في العام 2005 ـ 2006، دون أن توضح هذه الإحصاءات نوعية المدارس ومبانيها وصلاحيتها وملاءمتها كمدارس، مقابل نمو أكبر للمدارس الخاصة حيث كان عددها 46 مدرسة في العام 2001 ـ 2002، لترتفع إلى 56 مدرسة في العام 2005 ـ 2006.

المؤشر الأوضح هو زيادة نسبة إقبال المواطنين على التعليم الخاص إذ كانت في العام الدراسي 2001 ـ 2002 في حدود (%18 لترتفع إلى %21) في العام الدراسي 2005 ـ 2006. وهي ظاهرة خطيرة ومقلقة لقادم السنوات، خصوصاً إذا كشفت هذه الإحصاءات بأن ما نسبتها (%42,7) من طلبة المرحلة الابتدائية هم أصلاً يدرسون في المدارس الخاصة، أي نصف الأطفال تقريباً، وأن (%18,6) من طلبة الإعدادية و(%14,1) من طلبة الثانوية هم في المدارس الخاصة.

إن خطورة ما سبق تتجلى في فقدان الثقة في التعليم الحكومي، وهو اتجاه يتم تشجيعه لتتخلص الدولة من أعباء توفير خدمة التعليم القوي، بل الخطورة الأشد تكمن في أن وزارة التربية وهي تتحمل تعليم نسب من أبناء البحرين وسكانها، أصبحت إمكانياتها غير قادرة على توفير المتطلبات الأساسية لهم، إضافةً إلى خطورة ثقافية حيث تتكون شريحتان من الطلبة، الأولى خريجو المدارس الخاصة ذات المناهج والتعليم الجيد بل الممتاز، والثانية خريجو المدارس الحكومية ذات المناهج والتعليم المتواضع. بيد أن الإيجابية التي تبرز هنا تكمن في أن أغلبية المدارس الخاصة مختلطةٌ بين الإناث والذكور، الأمر الذي يخفّف كثيراً من القيم السلبية المتعلقة بالجنس، ويعزّز من قيم التنوع والتسامح، في حين لا يوجد اختلاط في المدارس الحكومية، إنّما تقوم المدرسات بالتعليم في بعض مدارس البنين في المرحلة الابتدائية فقط.

(يتبع).

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 3957 - الأحد 07 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:57 ص

      الدين دين القييمه والدين معامله والغنى غنى النفس ولا مواطنه فالمرأة في الغربه وطن

      السماحه جوهر الدين عامل الناس مثل ما تحب أن يعاملوك. أما القيمة فالدين دين القيمه فالانسان قيمته أعلى قيمه في الوجود وإحترامه ليس من الواجبات وإنما من المقدسات ولا يعتدى عليها. والحدود والقواعد حددها الله وبينها رسله ولا تحتاج الا الى التذكير بها. الدين ليس صلاة وصيام وحج وعمره. متى ما ربيت فردا مسؤولا عن نفسه محترما وأمينا وصادقا على نفسه ان هذا طريق لبناء مجتمع غنى بالتسامح وليس للاستعلاء على البشر موضع هنا. فهل عند ما يقال أن هناك من يعلو على القانون صوته وعلى المجتمع كذلك تعني إسلام

    • زائر 4 | 3:10 ص

      العنوان جزئي لا يشمل كل المقال ولك كل الشكر أخي الصحفي الكريم

      على العموم التسامح بديرتنا ما يبغى ليه مداور وبحث إحنا نعرف ويش يعني تسامح وطنية وطن حاكم ( حق وواجب ) راعي ورعية .
      رغم الأسى وأنا أراجع لابنتي في الامتحانات كلما أوضح لها نقطة ردت وقالت لكن ماما هذا مو موجود لأن الحدث الفلاني ولأن فالكتب المطروحة تناقض ما يحدث بديرتنا إيه الصح بالكتب ودريتنا كانت فوق الصح وينضرب بيها المثل الحين الظلم الواقع على فئة من المطالبين بحقوقهم تخلي كلام الكتاب بجهة والواقع بجهة ثانية حسبنا الله وكفى

    • زائر 3 | 2:26 ص

      الكفاءات المطلوبة. ضعوا تحتها مليون خط

      مركز القياس والتقويم: المتوقع من هذا المركز أن يكون له دور محوري في جودة التعليم على مستوى التعليم في البحرين، غير أن أكبر المشكلات التي يعاني منها عدم وجود الكفاءات المطلوبة.
      لولا استبعاد النخبة من ذوي الكفاءات لما وصلت التربية لمستوى الحضيض الذي فاح وظهر على السطح رغم المحاولات المستميتمة لإظهار الوضع فيها على أنه على ما يرام ( سلمت إدارات مدارس لغير ذي الكفاءة والله شنجول شنخلي ألآعرف معلمات أوائل ما يناسبهم إلا مديرات يقودون مصائر بشر لكن اللعبة اللي أبعدت السمين وثبتت الغث )

    • زائر 2 | 2:19 ص

      وتشييد صفوف إلكترونية في الكثير من المدارس وتوفير عدد كبير من الحواسيب وتطبيق متطلبات التعليم الإلكتروني،

      احنا في مدرستنا حواسييييب كحيانة مليانة فايروسات قديمة ويوم كسرنا خاطرهم جابوا لنا حواسيب محمولة حدها عجااااااااااااااااااااااار قديمة بطيئة من إحدى المدارس استغنت عنها وحولوها علينا داتا شوا حبتين فقط فقط تشترك فيه المعلمات مع الإدارة
      مناكر ويقولون تعليم اكتروني
      بلا اكتروني بلا هرار كفاية لعبة وتلاعب أموال دولة ما يندرى وين تروح حرااااااام والله حرااااااااااام في ذمتكم يالتربية كفاية

اقرأ ايضاً